رصد حركة الإلكترونات فائقة السرعة يمنح 3 علماء «نوبل للفيزياء»

عبر نبضات «الأتوثانية»

رصد حركة الإلكترونات فائقة السرعة يمنح 3 علماء «نوبل للفيزياء»
TT
20

رصد حركة الإلكترونات فائقة السرعة يمنح 3 علماء «نوبل للفيزياء»

رصد حركة الإلكترونات فائقة السرعة يمنح 3 علماء «نوبل للفيزياء»

بين «الفيمتوثانية» و«الأتوثانية» فارق ضئيل للغاية في الزمن، لكنّ الاثنين قادا باحثين للفوز بجائزة «نوبل»؛ إذ منحت «الفيمتوثانية» (مليون مليار جزء من الثانية) العالم المصري أحمد زويل، جائزة «نوبل في الكيمياء» عام 1999، فيما فاز كل من الفرنسي بيار أغوستيني، والنمساوي المجري فيرينس كراوس، والفرنسية السويدية آن لويلييه بجائزة «نوبل للفيزياء» 2023، تقديراً «لطرقهم التجريبية التي تولّد نبضات ضوئية بأتوثانية (مليار من مليار جزء من الثانية) لدراسة ديناميكيات الإلكترون في المادة.

واخترع زويل ميكروسكوبا يُصور أشعة الليزر في زمن مقداره «فيمتوثانية»، وهكذا يمكن رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية. لكنّ العلماء الثلاثة الفائزين بـ«نوبل للفيزياء» «أثبتوا طريقة لإنشاء ومضات قصيرة للغاية من الضوء يمكن استخدامها لقياس العمليات السريعة التي تتحرك فيها الإلكترونات أو تُغير الطاقة»، وفق بيان الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، التي تمنح جائزة «نوبل للفيزياء».

وعلى مدى عقود، سمح البحث الذي أجراه الفائزون الثلاثة لهم بالتحقيق في العمليات التي كانت سريعة للغاية، لدرجة أنه كان من المستحيل متابعتها في السابق، وهذه التقنية الجديدة مهمة لفهم كيفية تصرف الإلكترونات في المادة والتحكم فيها.

وقالت إيفا أولسون، رئيسة لجنة «نوبل للفيزياء»، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن علم الأتوثانية يسمح لنا بمعالجة الأسئلة الأساسية» مثل النطاق الزمني للتأثير الكهروضوئي الذي حصل بسبب ألبرت أينشتاين على جائزة «نوبل في الفيزياء» عام 1921.

وأوضح أعضاء اللجنة أن «الأتوثانية قصيرة جدا لدرجة أن عددها في الثانية الواحدة هو عدد الثواني التي انقضت منذ ظهور الكون، قبل 13.8 مليار سنة»، مشيرين إلى أن «مساهمات الفائزين مكّنت من التحقيق في عمليات كانت سريعة للغاية، وكان من المستحيل متابعتها في السابق».

ماذا قدم الفائزون؟

وأغوستيني هو أستاذ بجامعة ولاية أوهايو في الولايات المتحدة، بينما يشغل كراوس منصب مدير في معهد ماكس بلانك في ألمانيا. أما لويلييه، وهي خامس امرأة تفوز بجائزة «نوبل للفيزياء» منذ 1901، فهي تعمل أستاذة في جامعة لوند في السويد.

الفرنسية السويدية آن لويلييه تتلقى مكالمة هاتفية بعد فوزها بالجائزة (صفحة جائزة نوبل على فيسبوك)
الفرنسية السويدية آن لويلييه تتلقى مكالمة هاتفية بعد فوزها بالجائزة (صفحة جائزة نوبل على فيسبوك)

أنتجت تجارب الفائزين بجائزة «نوبل للفيزياء»، نبضات ضوئية قصيرة جداً، بحيث تم قياسها بالأتوثانية، مما يدل على أنه يمكن استخدام هذه النبضات لتوفير صور للعمليات داخل الذرات والجزيئات.

واكتشفت آن لويلييه تأثيراً جديداً من تفاعل ضوء الليزر مع الذرات الموجودة في الغاز، فيما نجح بيار أغوستيني في إنتاج ودراسة سلسلة من نبضات الضوء المتتالية، حيث استمرت كل نبضة 250 أتوثانية فقط. في الوقت نفسه، كان فيرينك كراوس يعمل على نوع آخر من التجارب، ما جعل من الممكن عزل نبضة ضوئية واحدة تستمر لمدة 650 أتوثانية. وقد مكنت مساهمات الفائزين من التحقيق في العمليات التي كانت سريعة للغاية، وكان من المستحيل متابعتها في السابق، وفق بيان اللجنة.

وتعليقاً على الجائزة، قال بوب روزنر، رئيس الجمعية الفيزيائية الأميركية والأستاذ بجامعة كاليفورنيا: «لقد تمكن الفائزون من إنشاء ومضات ضوء تسمح لنا بمشاهدة تجميع الجزيئات، وكيف تتجمع الأشياء معاً لتكوين الجزيء». وأضاف روزنر لشبكة «سي إن إن» أن هذه الحركات «تحدث بسرعة كبيرة لدرجة أنه ليس لدينا عادة أي فكرة عن كيفية حدوثها فعلياً أو ما هو تسلسل الأحداث».

وتابع أن عمل الفائزين يعني أن العلماء يمكنهم الآن مراقبة كيفية حدوث هذه الحركات. وواصل حديثه: «تخيل بناء منزل. لديك الأساس والجدران والسقف وما إلى ذلك. هناك تسلسل لأي شيء مُعقد. وبالنسبة للجزيء، إذا لم تحصل على التسلسل الصحيح، فلن تتمكن من تجميعه».

من جانبه، قال مايكل مولوني، الرئيس التنفيذي للمعهد الأميركي للفيزياء: «تساعدنا هذه التقنيات في النظر داخل الذرات إلى مستوى الإلكترونات، التي كانت في السابق تتحرك بسرعة كبيرة للغاية، بحيث لا يمكننا رؤيتها. لم يكن لدينا ضوء قوي بالسرعة الكافية لرصد هذه الحركة»، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.

فيما أضاف ميتي أتاتوري، رئيس مختبر الفيزياء بجامعة كامبريدج البريطانية أن «السعي وراء نبضات قصيرة مكثفة على مدى عقود من الزمن سمح لنا بمعرفة كيف تتصرف المادة في فترات زمنية أقصر وأقصر. إنها بمثابة مقياس الدقة الأعلى لدينا لكيفية عمل العالم».

«الأتوثانية» وحركة الإلكترونات

و«الأتوثانية» أسرع 1000 مرة من «الفيمتوثانية» وهي أقصر مقياس زمني حققه العلماء على الإطلاق.

وبينما تُستخدم «الفيمتوثانية» لقياس أحداث سريعة للغاية مثل تفاعلات الضوء والمواد، كما أنها تستخدم في تقنيات الليزر المتقدمة، فإن «الأتوثانية» تستخدم لقياس أحداث تجري بوتيرة أسرع من «الفيمتوثانية»، مثل حركة الإلكترونات.

النمساوي - المجري فيرينس كراوس (صفحة جائزة نوبل على فيسبوك)
النمساوي - المجري فيرينس كراوس (صفحة جائزة نوبل على فيسبوك)

وتتحرك الإلكترونات، وهي الجسيمات الصغيرة التي تدور حول نواة الذرة، بسرعات عالية بشكل لا يُصدق، مما يجعل من الصعب مراقبتها. ومع ذلك، من خلال دراسة هذه الجسيمات في أجزاء من الثانية المعروفة باسم الأتوثانية، تمكّن الباحثون من الحصول على لمحة «ضبابية» عن سلوكها. يسمح هذا الاختراق باستكشاف تخصصات علمية جديدة، ولديه القدرة على التطبيقات العملية في مجالات مثل الإلكترونيات وتشخيص الأمراض، بحسب الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم.

ووفق بيان لجنة «نوبل»، فإن الأحداث سريعة الحركة تتدفق إلى بعضها بعضاً عندما يدركها الإنسان، تماماً كما يُنظر إلى الفيلم الذي يتكون من صور ثابتة على أنه حركة مستمرة. وإذا أردنا التحقيق في أحداث قصيرة جداً، فنحن بحاجة إلى تكنولوجيا خاصة. وفي عالم الإلكترونات، تحدث التغيرات في بضعة أعشار «الأتوثانية».

وأوضحت اللجنة أنه مثلما لا تستطيع العين البشرية المجردة تمييز الضربات الفردية لجناح الطائر الطنان، فإن العلماء حتى هذا الإنجاز لم يتمكنوا من مراقبة أو قياس الحركات الفردية للإلكترون. الحركات السريعة غير واضحة معاً، مما يجعل من المستحيل ملاحظة الأحداث القصيرة للغاية.

وقالت اللجنة: «كلما كان الحدث أسرع، زادت سرعة التقاط الصورة إذا أردنا التقاط اللحظة». و«ينطبق المبدأ نفسه على محاولة التقاط لقطة سريعة لحركات الإلكترونات».

تطبيقات مُحتملة

وأشار بيان نوبل إلى أن هناك تطبيقات محتملة لنبضات الأتوثانية في كثير من المجالات المختلفة. في الإلكترونيات، على سبيل المثال، من المهم فهم كيفية تصرف الإلكترونات في المادة والتحكم فيها. يمكن أيضاً استخدام نبضات الأتوثانية لتحديد الجزيئات المختلفة، كما هي الحال في التشخيص الطبي.

الفرنسية السويدية آن لويلييه (صفحة جائزة نوبل على فيسبوك)
الفرنسية السويدية آن لويلييه (صفحة جائزة نوبل على فيسبوك)

وقالت إيفا أولسون، إن عمل الفائزين الثلاثة سيمهد الطريق للتطبيقات المحتملة في مجالات تشمل الإلكترونيات والطب، مضيفة «يمكننا الآن أن نفتح الباب أمام عالم الإلكترونات. تمنحنا فيزياء الأتوثانية الفرصة لفهم الآليات التي تحكمها الإلكترونات. الخطوة التالية ستكون الاستفادة منها».

فيما قالت آن لويلييه، وهي المرأة الخامسة فقط من بين 225 من الحائزين على جائزة «نوبل للفيزياء»، إن الاستخدام العملي لأشعة ليزر الأتوثانية سيكون بمثابة أداة تصوير في صناعة أشباه الموصلات. وحققت لويلييه أول تقدم في سلسلة من الاكتشافات التي أدت إلى فيزياء الأتوثانية في جامعة باريس ساكلاي الفرنسية في عام 1987، وواصلت أبحاثها بعد انتقالها إلى السويد في التسعينات. وقالت: «الآن فقط نشهد ظهور التطبيقات. الأبحاث الأساسية مهمة جداً ويجب تمويلها».

وذكرت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، أن مختبر فيرينس كراوس «يتخذ الخطوات الأولى نحو التطبيقات البيولوجية». من خلال الجمع بين فيزياء الأتوثانية والبصريات ذات النطاق العريض، يقوم الباحثون بتطوير طرق جديدة لاكتشاف التغيرات في التركيب الجزيئي للسوائل البيولوجية، بما في ذلك الكشف عن الأمراض من عينات الدم.


مقالات ذات صلة

عروض مسرحية ومعارض فنية احتفاء بـ«أديب نوبل» نجيب محفوظ

يوميات الشرق نجيب محفوظ (وزارة الثقافة المصرية)

عروض مسرحية ومعارض فنية احتفاء بـ«أديب نوبل» نجيب محفوظ

من وحي «الحرافيش» و«زقاق المدق» و«الكرنك» و«ثرثرة فوق النيل» و«بداية ونهاية» و«أحلام فترة النقاهة» تظهر أعمال فنية جديدة ما بين مسرح ومعارض فنية وورش للكتابة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

نتنياهو: سنتذكّر دائماً دور الرئيس كارتر في اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر

غداة وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، بدور كارتر في إحلال السلام بين إسرائيل ومصر.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر (أ.ف.ب)

في تعليق نادر... «لجنة نوبل» تنعى كارتر: عمل بلا كلل من أجل السلام والديمقراطية

قالت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام، اليوم، إن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، يستحق الإشادة، لـ«جهوده التي استمرت عقوداً» لإيجاد حلول سلمية للصراعات.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية للمرة الأولى... لجنة «نوبل» تتواصل عبر الفيديو مع الإيرانية نرجس محمدي

للمرة الأولى... لجنة «نوبل» تتواصل عبر الفيديو مع الإيرانية نرجس محمدي

تحدثت لجنة نوبل للمرة الأولى مع الإيرانية نرجس محمدي، التي حازت جائزتها للسلام لعام 2023 وأُفرِج عنها موقتاً في بلادها لأسباب طبية.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)

خلايا مناعية تُضمّد الجروح بمادة لاصقة تحبس البكتيريا

خلايا الدم المتنوعة ومنها العدلات
خلايا الدم المتنوعة ومنها العدلات
TT
20

خلايا مناعية تُضمّد الجروح بمادة لاصقة تحبس البكتيريا

خلايا الدم المتنوعة ومنها العدلات
خلايا الدم المتنوعة ومنها العدلات

كشفتْ دراسة جديده لباحثين في كلية الطب بجامعة ييل في الولايات المتحدة، أن الخلايا المناعية على سطح الجلد تُنتج «ضمادات» خاصة بها لمنع البكتيريا الضارة من الانتشار من موقع الإصابة. ووجد الباحثون أن خلايا الدم البيضاء التي يُطلق عليها خلايا «العَدِلات» تكوّن حلقة من «المادة اللزجة» الغنية بالبروتين حول المناطق تعرّض فيها الجلد للاختراق بهدف لاحتجاز مسببات الأمراض.

حاجز لزج مضاد

ويُعرف عن خلايا العَدِلات أنها أول ما يستجيب لمواقع العدوى والإصابة، إذ تقتل المُمْرِضات بالتهامها أو بإفراز السموم. وتُبيّن الدراسة أنه عقب الهجمة الأولى تنتشر موجة ثانية من خلايا العَدِلات لتشكيل حاجز لزج.

وقال الدكتور ألاز أوزكان من كلية الطب بجامعة ييل وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة التي نُشرت في مجلة Nature في 19 مارس (آذار) 2025، أنه لطالما اعتُبرت الخلايا المتعادلة أو العدلات Neutrophils خلايا تُساعد على التغلب على العدوى وهي موجودة في بيئة الالتهاب. وأضاف: «وجدنا أن هذه ليست الحالة الوحيدة. فهي موجودة في الأنسجة السليمة وتُساهم أيضاً في الحفاظ على سلامة تلك الأنسجة».

وبالتعاون مع باحثين من ست دول مختلفة اكتشف الباحثون أن العدلات لدى الفئران لا تقتصر على وجودها في الجلد السليم غير المصاب بالعدوى فحسب، بل تُفرز أيضاً بروتينات المصفوفة matrix خارج الخلوية مثل الكولاجين collagen والفيبرونيكتين fibronectin. (والمكونات الرئيسية للمصفوفة خارج الخلية هي الغليكوبروتينات التي تفرزها الخلايا).

وتُشكل هذه البروتينات الشبكة الهيكلية التي تدعم خلايا الجلد وتحافظ على سلامته وهي وظيفة كانت تُعزى سابقاً إلى الخلايا الليفية فقط.

وقال الدكتور أندريس هيدالغو أستاذ علم المناعة في كلية الطب بجامعة ييل وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة إن العدلات أشبه بشخص متعدد المهارات، فهي بارعة جداً في القيام بمهام جديدة وفي الجلد تتمثل هذه المهمة في بناء المصفوفة.

وقد لاحظ الباحثون أيضاً إيقاعاً يومياً مثيراً للاهتمام في سلوك العدلات. حيث تزداد أعداد العدلات في الجلد خلال ساعات الاستيقاظ، مما يؤدي إلى مزيد من الصلابة والمرونة في الجلد. وفي المقابل تنخفض أعدادها خلال فترات الراحة ويصبح الجلد أكثر ليونة.

وقد تضاعفت صلابة الجلد تقريباً بين الليل والنهار لدى الفئران متبعةً نفس نمط تسلل العدلات. وهذا ما يوفر ميزة تطورية من خلال توفير جلد أكثر صلابة خلال ساعات النشاط ما قد يحمي من الأضرار البيئية.

ويعتقد الباحثون أن ظاهرة مماثلة تحدث على الأرجح لدى البشر حيث تتبع العدلات لدى البشر أيضاً نمطاً يومياً. وتدعم أدلة إنتاج العدلات البشرية للمصفوفة خارج الخلية هذه النظرية بشكل أكبر.

التئام الجروح ودرء العدوى

كما تسلط الدراسة الضوء أيضاً على أهمية العدلات في منع العدوى وتسهيل التئام الجروح. إذ تُشكل العدلات التي تُنتج بروتينات المصفوفة خارج الخلية حاجزاً مادياً يُعزز دفاعات الجلد ضد أنواع الميكروبات الغازية.

وفي التجارب التي شملت جروحاً صغيرة على آذان الفئران استجابت العدلات بسرعة بتعزيز المنطقة المصابة بالمصفوفة خارج الخلية، مما يمنع مسببات الأمراض من الدخول. وقد تتضاءل هذه الوظيفة الوقائية بالنسبة للأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة وانخفاض في مستويات العدلات، مما يؤدي إلى تأخر التئام الجروح وزيادة مخاطر العدوى. وأشار أوزكان إلى أنه من دون المصفوفة التي تنتجها العدلات يصبح الجلد أكثر ارتخاءً ونفاذية مما يزيد من قابليته للعدوى.

وتقدم هذه النتائج رؤى جديدة حول سبب معاناة الأفراد المصابين بقلة العدلات من بطء التئام الجروح وتكرار العدوى. وبناءً على ما تقوله نيكي موتسوبولوس أخصائية المناعة السريرية في المعاهد الوطنية للصحة بولاية ماريلاند في الولايات المتحدة التي لم تُشارك في البحث إلى أن الأشخاص المصابين بقلة العدلات يميلون إلى الإصابة بجروح فموية وقرح جلدية وتأخر التئام الجروح والتي كانت تُعزى سابقاً فقط إلى ضعف المناعة. ومع ذلك تشير هذه الدراسة إلى أن نقص إنتاج الكولاجين وعدم كفاية تكوين الحاجز قد يُسهمان أيضاً في هذه المشكلات.

إن اكتشاف هذا الدور الثانوي للعدلات يفتح آفاقاً محتملة لعلاجات تُعزز التئام الجروح وخاصةً للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. ويمكن أن تؤدي المزيد من الأبحاث إلى علاجات تُحاكي أو تُحفز قدرات العدلات على إنتاج الكولاجين، مما يُعزز دفاعات الجسم الطبيعية.

وأخيراً، تُذكّرنا الدراسة بقدرة الجسم المذهلة على حماية نفسه حتى أصغر الخلايا المناعية تعمل كبناة ومدافعين ومعالجين في آنٍ واحد.