مؤشرات حيوية «لاجينية» تتسبب في حدوث التجاعيد

ترتبط بتأثير السلوكيات والبيئة على الجينات

مؤشرات حيوية «لاجينية» تتسبب في حدوث التجاعيد
TT

مؤشرات حيوية «لاجينية» تتسبب في حدوث التجاعيد

مؤشرات حيوية «لاجينية» تتسبب في حدوث التجاعيد

لأول مرة، تمكن العلماء من تحديد مئات المؤشرات الحيوية، التي إما قد تسرّع من علامات الشيخوخة الجسدية، وإما تحمي منها، وهو اكتشاف يمكن أن يساعد في تطوير مستحضرات تجميل تستهدف مسببات التجاعيد وترهل الجلد المرتبط بالعمر.

مؤشرات «لاجينية»

وظل العلماء يبحثون في الماضي عن المؤشرات الحيوية اللاجينية لتقدير العمر البيولوجي للأعضاء، مثل الجلد (وتسمى هذه المؤشرات «مؤشرات علم التخلق أو علم ما فوق الجينات epigenetic biomarkers»)، وهي المؤشرات الناتجة عن تأثير السلوكيات والبيئات على طريقة عمل الجينات.

إلا أن باحثين في جامعة زغرب الكرواتية برئاسة كليمو فلاديمير الباحث في كلية الهندسة الكهربائية والكومبيوتر، وشركة «لايف نوم» للتكنولوجيا الحيوية في نيويورك، قالوا إن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه المؤشرات الحيوية هي التي تقود عملية الشيخوخة أم أنها نتيجة لها، ولذا دققوا في مجموعتين من البيانات المتوفرة؛ الأولى شملت نصف مليون مشارك في دراسة «بايوبنك» Biobank في المملكة المتحدة، سُئلوا عما إذا كان الناس يقولون عموماً إنهم يبدون أصغر مما هم عليه، أو أكبر سناً أو قريباً من أعمارهم. ثم تم ربط هذه النتائج بالمتغيرات الجينية للمشاركين لتقييم ما إذا كانت قد تؤثر على شيخوخة الوجه. أما مجموعة البيانات الثانية فقد ربطت هذه المتغيرات الجينية بالعلامات الحيوية اللاجينية في ما يقرب من 7000 شخص.

تأثيرات على الشيخوخة

وللتأكد من أنهم كانوا يكشفون عن كيفية تسبب المؤشرات الحيوية اللاجينية في ظهور علامات جسدية للشيخوخة، بدلاً من مجرد ارتباط بين الاثنين، أجرى الباحثون بعد ذلك تحليلاً يسمى» التوزيع العشوائي المندلي «Mendelian randomisation - وهو طريقة منسوبة إلى اسم عالم الوراثة النمساوي مندل - لقياس المتغيرات الجينية للتعرف على التأثيرات العابرة لنتاجاتها.

وفي الدراسة الموسومة «رؤية حول تأثيرات علم التخلق على شيخوخة الوجه المتصورة»، التي نشرت نتائجها في مجلة bioRxiv، كشف التحليل عن المئات مما يشتبه بأنها مؤشرات بيولوجية جينية، ربعها تقريباً قد يسبب علامات جسدية لشيخوخة الوجه. أما الثلاثة أرباع الباقية فقد ارتبطت بتسارع هذه الشيخوخة، وبتأخيرها، أو الحماية منها. ويُعتقد أن المؤشرات الحيوية تؤثر على البروتينات المشاركة في شيخوخة الجلد، مثل الإيلاستين.

وهذه هي الدراسة الأولى التي تكشف عن المؤشرات الحيوية اللاجينية التي تسبب شيخوخة الوجه، وفقاً للباحثين. ويُعتقد أن هذه المواد تؤثر على البروتينات المشاركة في شيخوخة الجلد، مثل الإيلاستين - الذي يمكّن الجلد من التمدد - والكولاجين، الذي يمنح البشرة البنية والقوة والمرونة الإضافية. كما قد تؤثر السلوكيات على الجينات التي تسبب تصبّغ الجلد المرتبط بالعمر.

ووفقاً للباحثين، يمكن أن تستهدف العلاجات المضادة للشيخوخة هذه المؤشرات الحيوية يوماً ما. وأضافوا أن «معرفة العلامات اللاجينية السببية سوف تستخدم لتطوير تقنيات جديدة لمكافحة الشيخوخة تستهدف الأسباب الجذرية لشيخوخة الوجه».

من جهته، يعتقد جيسي بواغانيك، الباحث بجامعة هارفارد، أن الدراسة تستند إلى بيانات ذاتية إلى حد ما؛ حيث أبلغ المشاركون في «بايوبنك» بأنفسهم كيف ينظر الناس إلى أعمارهم. إلا أن الموقع الإلكتروني لمجلة «نيو ساينتست» البريطانية نقل عنه أن استخدام التوزيع العشوائي المندلي لتحديد المؤشرات الحيوية التي قد يؤدي إلى ظهور التجاعيد وغيرها من علامات الشيخوخة، وهو نهج مبتكر يمكن أن يؤدي إلى تطوير علاجات أفضل.


مقالات ذات صلة

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»