اكتشاف مجموعة من فيروسات «كورونا الجديدة» في الخفافيش البريطانية

بعضها يرتبط بالمستقبلات البشرية بشكل أكثر كفاءة

الخفافيش البريطانية تحمل فيروسات من عائلة «كورونا» يمكن أن تنتقل للبشر (شاترستوك)
الخفافيش البريطانية تحمل فيروسات من عائلة «كورونا» يمكن أن تنتقل للبشر (شاترستوك)
TT

اكتشاف مجموعة من فيروسات «كورونا الجديدة» في الخفافيش البريطانية

الخفافيش البريطانية تحمل فيروسات من عائلة «كورونا» يمكن أن تنتقل للبشر (شاترستوك)
الخفافيش البريطانية تحمل فيروسات من عائلة «كورونا» يمكن أن تنتقل للبشر (شاترستوك)

ركز الباحثون الذين يدرسون فيروسات عائلة «كورونا»، على التهديدات الوبائية القادمة من الصين وجنوب شرقي آسيا، حيث تحمل الخفافيش البرية الفيروسات التي تنتمي لعائلة الفيروس المسبب لمرض «كوفيد-19»، لكن دراسة استقصائية لأنواع الخفافيش في المملكة المتحدة، نُشرت في 27 يونيو (حزيران) الماضي، بدورية «نيتشر كومينيكيشن»، تشير إلى أن الباحثين قد يرغبون في إلقاء شبكة أوسع، حيث كشفت عن فيروسات جديدة، وبعضها من نفس مجموعة الفيروس المسبب لـ«كوفيد-19».

وينتمي الفيروس المسبب لـ«كوفيد- 19»، إلى مجموعة من فيروسات «كورونا» تسمى «فيروسات الساربيك»، التي تنتشر في الخفافيش، لكن قبل الوباء ركزت الجهود المبذولة للعثور على هذه الفيروسات وتوصيفها على آسيا.

يقول فينسينت سافولاينن، عالم الوراثة التطورية في «إمبريال كوليدج لندن» الذي قاد الدراسة، في تقرير نشره موقع دورية «نيتشر» في 30 يونيو: «تم تجاهل أوروبا والمملكة المتحدة تماماً». وللمساعدة في سد هذه الفجوة، تعاون سافولاينن وزملاؤه مع المجموعات المشاركة في إعادة تأهيل الخفافيش والحفاظ عليها، لجمع 48 عينة براز من الخفافيش، تمثل 16 نوعاً من 17 نوعاً تتكاثر في المملكة المتحدة.

وكشف التسلسل الجيني عن تسعة فيروسات «كورونا»، بما في ذلك أربعة فيروسات «ساربيك» وواحد مرتبط بالفيروس التاجي المسؤول عن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، التي تنتقل بشكل دوري إلى الإبل والبشر.

ووجد الباحثون أن بعض الفيروسات الموجودة في الخفافيش البريطانية، كانت تحتوي على بروتين شائك (بروتين سبايك) قادر على إصابة الخلايا البشرية عن طريق الارتباط ببروتين يسمى «ACE2»، وهو نفس المستقبل الذي يستخدمه فيروس «كورونا» المستجد.

يقول تايلر ستار، عالم الأحياء التطوري الجزيئي بجامعة يوتا الأميركية، إن «فيروسات (الساربيك) التي تم تحديدها حتى الآن في أوروبا وأفريقيا، ربما تمثل قمة جبل الجليد عندما يتعلق الأمر بالتنوع الحقيقي للمجموعة والتوزيع الجغرافي، ولن نفاجأ إذا جاء فيروس (الساربيك) التالي الذي ينتقل إلى البشر من موقع أو فرع غير مسبوق من شجرة العائلة، فقد يكون التهديد الوبائي التالي في فناء منزلنا الخلفي!».

يقول محمد السيد، أستاذ الأمراض المشتركة بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة) لـ«الشرق الأوسط»، إن «نتائج هذه الدراسة، ربما تؤدي إلى تغيير الاعتقاد السائد بأن الخطر يأتي دوماً من الصين ودول آسيا».

وأظهرت الأبحاث السابقة أن أحد العوامل الرئيسية التي تدخل في انتقال الفيروسات من الحيوانات إلى البشر، هو التعدي البشري على الموائل الطبيعية، فعندما يقوم البشر بإزالة الغابات، تحاول بعض الحيوانات التي تعيش فيها التكيف من خلال تعلم العيش في البيئة الجديدة، ويؤدي هذا إلى تفاعلات بين الحيوانات البرية والحيوانات الأليفة والبشر، ويمكن أن تكون النتيجة انتقال فيروسات من الحيوانات إلى البشر.

ووفقاً لهذا المفهوم، حددت الأبحاث السابقة النقاط الساخنة المحتملة لقفز الفيروسات التاجية إلى البشر، بأنها تشمل الصين؛ إذ تأتي في المقدمة، كما تشمل أيضاً نقاطاً أخرى خارج الصين، ومنها جاوا بإندونيسيا، ومملكة بوتان جنوب آسيا، وشرق نيبال، وشمال بنغلاديش، وولاية كيرالا (الهند)، ولكن الدراسة الجديدة تدعو لضرورة توسيع دائرة الاشتباه.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.