دراسة جديدة: كثير من الوقت مع الذكاء الاصطناعي مرتبط بالوحدة والأرق

العمل المنعزل معه له آثار ضارة على الإنسان

دراسة جديدة: كثير من الوقت مع الذكاء الاصطناعي مرتبط بالوحدة والأرق
TT

دراسة جديدة: كثير من الوقت مع الذكاء الاصطناعي مرتبط بالوحدة والأرق

دراسة جديدة: كثير من الوقت مع الذكاء الاصطناعي مرتبط بالوحدة والأرق

قد لا يكون الذكاء الاصطناعي على وشك تدمير العالم أو الاستيلاء على جميع وظائفنا، لكن هذا لا يعني أن ليس لديه مزيد من الجوانب السلبية الضارة.

تشير دراسة جديدة نُشرت أخيرا في مجلة علم النفس التطبيقي Applied Psychology إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي مرتبط بزيادة الشعور بالوحدة، واضطرابات النوم، وحتى تناول مزيد من المشروبات بعد العمل.

عزلة العمل

هل سيزيد الذكاء الاصطناعي من عزلة العاملين؟ أجرى البحث الجديد أستاذ إدارة الأعمال بوك مان تانغ Pok Man Tang، الذي عمل سابقاً في الخدمات المصرفية الاستثمارية، وقضى كثيراً من الوقت في العمل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي. وقد ألهمته التجربة لجمع مجموعة من الزملاء ودراسة تأثيرات كثير من جوانب التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والإنسان.

العمل المنعزل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تكون له آثار غير مباشرة ضارة على حياة الموظفين الشخصية

لمعرفة كيف يمكن أن تؤثر هذه الأدوات على البشر الذين يستخدمونها، أجرى الفريق سلسلة من التجارب. فقد طلب من مجموعات من المهنيين مثل مهندسي البرمجيات والمستشارين العقاريين تجربة نظام ذكاء اصطناعي جديد، وقام برصد التأثيرات على مزاجهم وسلوكهم وقارنها بمزاج وسلوك عاملين مشابهين لم يستخدموا الأدوات.

وأظهرت النتائج أن العاملين الذين اعتمدوا بشكل كبير على نظم الذكاء الاصطناعي أبلغوا عن الشعور بالوحدة أكثر، كما أظهرت أيضاً حدوث حالات الأرق واستهلاك الكحول بعد العمل. وهذه النتائج هي علاقات رصد وملاحظة، ولا يمكن إثبات أنها ناتجة مباشرة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن الفريق اعتبرها مقلقة، لا سيما بالنظر إلى المستويات المرتفعة بالفعل لحالات الوحدة والعزلة التي يعاني منها كثير من العاملين.

وعلق تانغ: «البشر حيوانات اجتماعية، والعمل المنعزل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تكون له آثار غير مباشرة ضارة على حياة الموظفين الشخصية».

إيجابيات وسلبيات

كيف تحدث الموازنة بين إيجابيات وسلبيات نظم الذكاء الاصطناعي؟ في حين أن هذه الدراسة تثير احتمال أن تؤدي هذه النظم إلى تفاقم العزلة الاجتماعية وتأثيراتها السلبية، فإنها تلمح إلى إمكانات استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل كبير لمزاياه الكبيرة.

وجد تانغ وفريقه، على سبيل المثال، أن الموظفين الذين كانوا يستخدمون نظم الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، كانوا أكثر الموظفين استعداداً للتطوع لمساعدة الزملاء.

قد يكون هذا فقط لأن هؤلاء الموظفين كانوا يائسين ويرغبون في بعض التفاعل البشري. أو قد يكون ذلك بسبب أن نظم الذكاء كانت تسمح لهم بأداء عملهم بشكل أسرع، مما يوفر الوقت لتقديم يد المساعدة.

وتشير دراسة حديثة أخرى لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن الجانب الأخير صحيح جزئياً على الأقل، إذ وعندما أتاح الباحثون لمجموعة من العاملين في المكاتب إمكانية استخدام نظم الذكاء الاصطناعي تقلص الوقت الذي يستغرقه أداء المهام البسيطة إلى النصف تقريباً، كما وجد بحث سابق أنه عند منح هذه النظم إلى محامين للمساعدة في معالجة المستندات الروتينية أنهم أحبوا هذه «الروبوتات الجديدة المساعدة».

وبينما تشير الأدلة الأولية إلى وجود مكاسب إنتاجية حقيقية للغاية، ما دام أن الموظفين يفهمون ما يمكن لهذه الأدوات فعله وما لا يمكنها فعله، فإن الدراسة الأخيرة تشير أيضاً إلى أنه قد تكون هناك تكلفة بشرية لتلك الكفاءة المحسنة.

إذا كان فريقك يقضي وقتاً متزايداً في استخدام أدوات مثل ChatGPT، فقد ترغب في الانتباه إلى احتمالات زيادة العزلة واتخاذ خطوات لتجميع فريقك معاً للحصول على تواصل أكثر مع البشر.

*«فاست كومباني، خدمات تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.