رؤية لمستقبل الذكاء الاصطناعي في صفوف الدراسة

«الاستخدام المتنوّر للتقنية» في التعليم

رؤية لمستقبل الذكاء الاصطناعي في صفوف الدراسة
TT

رؤية لمستقبل الذكاء الاصطناعي في صفوف الدراسة

رؤية لمستقبل الذكاء الاصطناعي في صفوف الدراسة

في بداية الشهر الماضي، أحدثت أكاديمية خان غير الربحية موجة من الجدل عندما أعلنت أنّها طوّرت أداةً مدعومة ببرنامج «جي بي تي» أسمتها «خانميغو» للمساعدة في إرشاد الطلّاب في دراستهم (دون تمكينهم من الغشّ). وأكاديمية خان، التي تملك نحو 150 مليون مستخدم مسجّل، هي خدمة إلكترونية للتعليم الخاص تهدف لمساعدة الطلّاب في مساراتهم الأكاديمية.

مدرس «ذكي»

تعمل أداة «خانميغو» Khanmigo كمدرّس خاص مدعوم بالذكاء الاصطناعي يرشد الطلّاب في عملهم ويتحادث معهم. وفي بثّ مباشر عبر منصّة «إنستغرام»، حاورت تانيا رحمن، مديرة التواصل الاجتماعي في مجلّة «فاست كومباني» سال خان، مؤسس أكاديمية خان الذي سلّط الضوء على تداعيات الذكاء الاصطناعي والإمكانات التي يحملها للابتكار المستقبلي.

نستعرض لكم فيما يلي أبرز أربعة انطباعات استخلصناها من الحوار مع خان:

ماذا عن الحماس «لاستخدام متنوّر للتقنية»؟ يُعرف خان بحماسه لما يسمّيه «الاستخدام المتنوّر للتقنية» في التعليم. وهو يعتبر أنه من السهل جداً أن يتحمّس النّاس لأيّ تقنية جديدة، ولكن من الضروري أن يفكّروا أوّلًا في تداعياتها.

ويشرح خان خلال المقابلة أنّ «من الطبيعي لأيّ شخص يملك خلفيّة في الهندسة أو التكنولوجيا أن يُفتن بالتقنية، وأن يبحث عن مسألة ليحلّها باستخدام هذه التقنية، ولكن أعتقد أنّ الأمر لا يسير عادةً بشكلٍ جيّد. لذا، يجب دائماً أن نبدأ بالقول: (ما الذي تحاول حلّه؟) وألّا نسارع بعدها لحلّ المسألة العالقة بأية طريقة جديدة لافتة للنظر».

 

"خانميغو" المدرس "الذكي"

وفيما يتعلّق بالذكاء الاصطناعي، يشدّد خان على أنّ من الضروري عدم النظر إلى التقنية أوّلاً، بل يجب البدء بالنظر إلى المسألة، أي تطبيق المفهوم الذي أبصر النور مع أوّل تلميذٍ وأستاذ في التاريخ: الإسكندر الأكبر وأرسطو.

وهل سيحل «خانميغو» محلّ الأستاذ؟ يوضح خان أنّ «خانميغو» ليس مصمّماً للعب دور الأستاذ في غرفة الصف، بل لأداء مهمّة الأستاذ الخصوصي الذي يرشد الطالب في أداء فروضه المنزلية دون تزويده بالإجابات المباشرة. تخضع الخدمة الجديدة حالياً للاختبار في مدارس في نيوجيرسي وستتضمّن قريباً ميزة مخصصة لطلّاب السنة الثانوية الأخيرة لمساعدتهم في إجراء عصف ذهني للمقالات الجامعية.

ويكرّر خان أنّه «ليست هناك ميزة واحدة من هذه المزايا مصمّمة للتعدّي على دور المعلّمين في حياة الطلاب»، لافتاً إلى أنّه «في ظلّ الاضطراب الذي يسبّبه الذكاء الاصطناعي للقوى العاملة، أعتقد أنّ الوظيفة الأكثر أماناً في هذا العالم ستكون التعليم – لا أعتقد أنّ وظيفة التعليم البشري ستختفي يوماً. ففي أكاديمية خان، نقول دائماً إنّ التقنية قادرة على أداء بعض الأمور التي تخفّف من أعباء الأستاذ ليتمكّن من تخصيص المزيد من الوقت لكلّ تلميذ على حدة، ودعم الطلاب، وأداء كلّ ما يتقنه البشر ولا يمكن للتقنية أن تقوم به».

وبينما يقرّ بأحقيّة المخاوف المحيطة بالذكاء الاصطناعي وتسهيله الغش على الطلاب، يرى خان أن «خانميغو» قادرة حقاً على مساعدة الأساتذة والمعلّمين في معرفة الطلاب الذي لجأوا إلى الغشّ من خلال سؤال الأداة نفسها.

الجيل الجديد والابتكار

وماذا عن الجيل الجديد وضرورة تعلّم استخدام الذكاء الاصطناعي؟ وفي ظلّ التطوّر المتسارع الذي يشهده الذكاء الاصطناعي في عالمنا، يشدّد خان على أهمية لحاق الطلّاب بهذا الابتكار وتعلّمهم استخدام التقنية التي تشغّله. وأضاف: «أقول لكلّ شخصٍ يافعٍ ألتقيه، استخدموا هذه الأدوات واستخدموها بطرائق مبتكرة».

ولكنّ يلفت في المقابل إلى ضرورة عدم الاعتماد عليها بشكلٍ كامل.

وشدّد خان أيضاً على ضرورة ألّا يذهب النظام التعليمي إلى منع هذه الأدوات، بل يجب أن يسمح للجيل الجديد باستخدامها لأنّها حيوية جداً للمستقبل.

والذكاء الاصطناعي... إلى أين؟ في ظلّ تصاعد الأصوات التي تطالب بوضع قوانين ضابطة له، يعتبر خان أنّه يجب أوّلاً معرفة قدرات الذكاء الاصطناعي قبل المسارعة إلى وضع قوانين تخصّه.

ويلفت إلى أنّ «القوانين المنظّمة تصبح واجبة بعد ظهور الأضرار. عندها فقط، يمكن وضع القوانين الصحيحة، وإلّا فإنّ القوننة المسبقة لن تكون ناجعة عند بروز المشاكل، حتّى أنّها قد تكون سبباً في تثبيط الابتكار».

وأخيراً، يختتم خان بالقول إنّه يجب تنظيم الأمور التي ثبُت ضررها، كالتواصل الاجتماعي الذي بات سبباً في تأزّم الصحّة النفسية لدى المراهقين.

* «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

«ميتا» تكشف عن أداة ذكاء اصطناعي تنتج مقاطع صوت وصورة

تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» (أ.ف.ب)

«ميتا» تكشف عن أداة ذكاء اصطناعي تنتج مقاطع صوت وصورة

أعلنت شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، الجمعة، أنها أنشأت نموذج ذكاء اصطناعي جديداً أطلقت عليه اسم «موفي جين» يمكنه إنشاء مقاطع مصورة مصحوبة بالصوت لتبدو واقعية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق.

نسيم رمضان (لندن)
علوم نظّم يومك لتحقيق كفاءة الدماغ

نظّم يومك لتحقيق كفاءة الدماغ

مدى نجاح اليوم ليس بعدد الساعات؛ بل بجودة الإنتاج العقلي من حلول وأفكار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)

نظام ذكاء اصطناعي يجعلك تتكلم مع «ذاتك المستقبلية»!

يجري ذلك عبر محادثات عميقة وتأملية مع نفسك وأنت في عمر الستين.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي يفضح الأسرار المحرجة لاجتماعات رجال الأعمال

الذكاء الاصطناعي يفضح الأسرار المحرجة لاجتماعات رجال الأعمال
TT

الذكاء الاصطناعي يفضح الأسرار المحرجة لاجتماعات رجال الأعمال

الذكاء الاصطناعي يفضح الأسرار المحرجة لاجتماعات رجال الأعمال

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي في مكاتب وإدارات العمل القيام بالمهام من تلقاء نفسها... لكن المشكلة تكمن في جعلها تتوقف عن البوح بالأسرار!

لطالما كان مساعدو رؤساء ومديرو الشركات حراساً لمنع القيل والقال وتسريب أسرار الاجتماعات. لكن الآن، وعندما أخذ الذكاء الاصطناعي يتولى بعض مهامهم، فإنه يبدو أنه لا يشاركهم في ضرورة التكتم.

خدمة «أوتر» الذكية لتسجيل الاجتماعات

ذكاء اصطناعي ثرثار وخطير

وقد أشار الباحث والمهندس أليكس بيلزيريان، في تغريدة له على منصة «إكس»، الأسبوع الماضي، إنه وبعد اجتماع له عبر منصة «زووم» مع بعض مستثمري رأس المال الاستثماري، تلقى بريداً إلكترونياً آلياً من «أوتر إيه آي (Otter.ai)»، وهي خدمة نسخ خاصة بـ«مساعد اجتماعات بالذكاء الاصطناعي (AI meeting assistant)».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن بيلزيريان قوله إن «البريد الإلكتروني احتوى على نص الاجتماع – لكن الأمر الأخطر كان إيراد تلك الخدمة الذكية، جزء الحديث الذي دار بعد تسجيل خروجه (بيلزيريان) من الاجتماع، عندما ناقش المستثمرون الإخفاقات الاستراتيجية لشركتهم ومشاكل «توظيب وطبخ المقاييس» لديهم.

وأضاف بيلزيريان أن المستثمرين، الذين لم يذكر أسماءهم، اعتذروا «بشدة» بمجرد أن لفت انتباههم إلى الأمر. لكن الضرر كان قد حدث بالفعل. وقال إن تلك الدردشة بعد الاجتماع جعلته يقرر قتل الصفقة.

توسع الذكاء الاصطناعي في الأعمال

تضخ الشركات المصنعة أدوات الذكاء الاصطناعي في منتجات العمل في جميع المجالات. وحديثاً أعلنت Salesforce عن عرض ذكاء اصطناعي يسمى Agentforce، الذي يسمح للعملاء ببناء وكلاء افتراضيين مدعومين بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في المبيعات وخدمة العملاء. وتعمل مايكروسوفت على تكثيف قدرات «كوبايلوت إيه آي» عبر مجموعة منتجات العمل الخاصة بها، بينما كانت «غوغل» تفعل الشيء نفسه مع «جيمناي». وحتى أداة الدردشة في مكان العمل «سلاك» دخلت في اللعبة، مضيفة ميزات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها تلخيص المحادثات والبحث عن الموضوعات وإنشاء ملخصات يومية.

ولكن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع قراءة ما يدور في قاعة الاجتماع مثل البشر، إضافة إلى أن الكثير من المستخدمين لا يتوقفون للتحقق من الإعدادات المهمة أو التفكير فيما يمكن أن يحدث عندما تصل الأدوات الآلية إلى الكثير من حياتهم العملية.

هل يجب أن نثق بالذكاء الاصطناعي؟

ويقول الخبراء إن المستخدمين لديهم سيطرة كاملة على أذونات مشاركة أدوات الذكاء الاصطناعي في المحادثة ويمكنهم تغيير أو تحديث أو إيقاف أذونات المشاركة لمحادثة في أي وقت. وفي هذه الحالة المحددة، يتمتع المستخدمون بخيار عدم مشاركة النصوص تلقائياً مع أي شخص أو مشاركة المحادثات تلقائياً فقط مع المستخدمين الذين يشتركون في نفس نطاق العمل.

ويضيف الخبراء إن الجمع بين التسجيل المستمر والنسخ المدعوم بالذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تآكل الخصوصية في العمل ويفتح المجال أمام إقامة الدعاوى القضائية والانتقام والأسرار المسربة.