علماء فلك يكتشفون «أكبر» انفجار كوني يُسجل على الإطلاق

صورة من جامعة شيفيلد تظهر عرضاً فنياً لاضطراب المد والجزر في F01004-2237 التي تبعد 1.7 مليار سنة ضوئية عن الأرض (أ.ف.ب)
صورة من جامعة شيفيلد تظهر عرضاً فنياً لاضطراب المد والجزر في F01004-2237 التي تبعد 1.7 مليار سنة ضوئية عن الأرض (أ.ف.ب)
TT

علماء فلك يكتشفون «أكبر» انفجار كوني يُسجل على الإطلاق

صورة من جامعة شيفيلد تظهر عرضاً فنياً لاضطراب المد والجزر في F01004-2237 التي تبعد 1.7 مليار سنة ضوئية عن الأرض (أ.ف.ب)
صورة من جامعة شيفيلد تظهر عرضاً فنياً لاضطراب المد والجزر في F01004-2237 التي تبعد 1.7 مليار سنة ضوئية عن الأرض (أ.ف.ب)

أعلن علماء فلك، اليوم (الجمعة)، اكتشاف «أكبر» انفجار كوني تم تسجيله على الإطلاق، وهو عبارة عن كرة من الطاقة حجمها يفوق حجم نظامنا الشمسي بـ100 مرة، واشتعلت بصورة مفاجئة قبل 3 سنوات.

وبحسب «الصحافة الفرنسية»، فإنه رغم أن العلماء لديهم تفسير جديد لشرح سبب هذه الظاهرة، فإنهم يشددون على ضرورة مواصلة الأبحاث للتوصل إلى تفاصيل أوضح.

وهذه الظاهرة التي أُطلقت عليها تسمية «إيه تي 2021 إل دبليو إكس (AT2021lwx) » ليست الأكثر سطوعاً على الإطلاق. وتعود إلى انفجار أشعة «غاما» (انفجار هائل للطاقة خلال سقوط نجم) «جي آر بي 221009 إيه (GRB221009A)» التي تم اكتشافها في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، واعتُقد أنها «الأكثر سطوعاً على الإطلاق».

إلا أن هذا الانفجار الكوني الذي ذُكر في مجلة «مَنثلي نوتيسس» الشهرية التابعة لـ«الجمعية الملكية الفلكية البريطانية» يمكن وصفه بأنه «الأكبر»، لأنه أطلق في غضون 3 سنوات كمية طاقة غير محدودة تفوق ما ينجم عن انفجار أشعة «غاما»، بحسب معد الدراسة الرئيسي، فيليب وايزمان، وهو عالم فيزياء فلكية في جامعة ساوثهامبتن البريطانية.

وقال وايزمان في حديث لـ«الصحافة الفرنسية»، إن «إيه تي 2021 إل دبليو إكس» هو نتيجة «اكتشاف غير مقصود».

ورُصد الانفجار الكوني في عام 2020، من خلال المرصد الأميركي «زويكي ترانسيينت فاسيليتي» في كاليفورنيا، إلا أن رصد «إيه تي 2021 إل دبليو إكس» بقي غير مستخدم في قاعدة بيانات المرصد، بحسب وايزمان، قبل أن يلاحظه العلماء في العام التالي.

وأدت مراقبة مباشرة للظاهرة إلى تبديل الوضع، بينما أثبت تحليل للضوء أنه استغرق 8 مليارات سنة للوصول إلى التلسكوب.

لغز فعلي

لا يزال علماء الفلك يطرحون تساؤلات عن سبب هذه الظاهرة؛ إذ قد تكون عبارة عن مستعر أعظم، أي انفجار هائل لنجم في نهاية حياته. لكن السطوع الناجم عن «إيه تي 2021 إل دبليو إكس» أكبر بـ10 مرات مما ينتج عن المستعر الأعظم.

ويتمثل الاحتمال الثاني في أن يكون هذا الانفجار عبارة عن ظاهرة فلكية تتمثل في تمزُّق نجم بعد اقترابه بصورة كبيرة من ثقب أسود فائق الكتلة، لكن سطوع «إيه تي 2021 إل دبليو إكس» أكثر بـ3 مرات لإثبات سيناريو مماثل.

والسطوع الذي تم قياسه ليس مماثلاً سوى لسطوع النجوم الزائفة؛ فهذه المجرات تؤوي ثقباً أسود فائقاً يلتصق بالمادة عن طريق إصدار كمية هائلة من الضوء.

لكن الضوء المنبعث من النجوم الزائفة لامع، بينما في «إيه تي 2021 إل دبليو إكس» تفاقم الضوء فجأة قبل 3 سنوات. ويقول وايزمان: «لم نلاحظ ظاهرة مماثلة مطلقاً (...). يبدو أنها تأتي من عدم».

ولفريقه فكرة وردت في الدراسة، تتمثل في أن سحابة ضخمة من الغاز، بحجم مماثل لـ5 آلاف شمس، يلتهمها ثقب أسود هائل.

ونظراً لأن مبدأ العلم هو أنه «لا توجد نظريات مؤكدة»، يعمل الفريق على عمليات محاكاة جديدة، من خلال استخدام مجموعة من البيانات، بهدف اختبار «المعقولية الحتمية» لنظريته.

لكن المشكلة تكمن في الثقوب السوداء الهائلة التي يُفترض أن تكون في وسط المجرات، وفي أن حجم «إيه تي 2021 إل دبليو إكس» ينبغي أن يكون مماثلاً لحجم مجرة درب التبانة.

ولم يتوصل أحد حتى اليوم إلى اكتشاف مجرة في محيط الظاهرة المرصودة. ويقول وايزمان «إنه لغز فعلي».

ويتعين تالياً إجراء أبحاث في الفضاء، وفي قواعد بيانات ما تم رصده، ويُحتمل أن تساعد ظواهر مماثلة على توفير تفسيرات واضحة لـ«إيه تي 2021 إل دبليو إكس»


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً