«كاوست» تطور قطرات هلامية لتجديد خلايا البشر

حلول علاجية متقدمة للتعامل مع الجروح الطويلة الأمد والقُرح السكرية

«كاوست» تطور قطرات هلامية لتجديد خلايا البشر
TT

«كاوست» تطور قطرات هلامية لتجديد خلايا البشر

«كاوست» تطور قطرات هلامية لتجديد خلايا البشر

يعكف العلماء على استخدام طُرُقٍ عديدة من أجل استنبات أنسجة تتماثل مع أنسجة البشر، وذلك للاستفادة منها في العلاجات التجديدية. وهذا النوع من العلاج يَستخدِم الخلايا الجذعية لاستعاضة خلايا وأنسجة وأعضاء البشر وتجديدها لتنشيط آليات الإصلاح الذاتية للجسم، بهدف جَعْلها تعمل بطريقة طبيعية ودون أن تلفظها مناعة الجسم.

مواد هلامية

وفي هذا الإطار، أَعَدَّ فريقٌ بحثي من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) دراسة حول قطراتِ هُلام ميكرومترية الحجم يمكن أن تُوفِّر بنية خارج الخلية تحتاج إليها الخلايا كي تنمو وتتكاثر. وهذه القطرات الحاملة للخلايا والمؤلَّفة من ببتيداتٍ - أي سلسلة خطية من الأحماض الأمينية – تتسم بأنها فائقة القِصَر وذاتية التجميع وتُشكِّل شبكاتٍ داعمة من الألياف النانوية، ويمكن أن تُحقَن داخل نسيجٍ إقفاري، أي نسيج يفتقد إلى وصول الدم ويحتاج إلى عملية إحياءٍ بأوعيةٍ دموية جديدة.

وبنْيَة خارج الخلية هي شبكة من الجزيئات الكبيرة تقع خارج الخلايا وتتكون من البروتينات والمعادن والسوائل التي توفر مواقع التصاق للخلايا وتنقل الإشارات فيما بينها، وعادةً ما تُوَفِّر الدعم البنيوي للخلايا الحيوانية متعددة الخلايا.

أما المواد الهُلامية فعبارة عن شبكات بوليمر جزيئية ثلاثية الأبعاد منتفخة بواسطة مذيب مثل الماء في حالة الهُلاميات المائية. وعندما يتم تقليل حجمها إلى النظام الغرواني. يُشار إلى أن هذه المواد الهُلامية تعرف عادةً باسم «الهُلام النانوية» للأحجام الكلية التي تقل عن 100 نانومتر، و«الهُلام الميكروية» للأجسام الأكبر حتى نطاق الميكرون. (نانومتر - واحد من المليار، وميكرومتر - واحد من المليون من المتر).

قطرات فريدة

تقول البروفسورة شارلوت هاوزر عالمة الهندسة الحيوية ورئيسة القسم في «كاوست» والمشرفة على الدراسة: «قطراتُ الهُلام الميكروي التي نستخدمها فريدة من نوعها، فهي تتألف من أربعة أحماض أمينية فقط، وهو ما يجعلها أقصر ببتيد ذاتي التجميع استُخدم في تصنيع أنواع الهُلام الميكروية حتى وقتنا هذا. وتعمل هذه البِنْيَة فائقة القِصَر على خفض تكلفة تخليق الببتيد وتقليل الزمن المستغرَق في تلك العملية».

وأوضحت الدراسةُ أن الببتيدات فائقة القِصَر وذاتية التجميع لديها سمةٌ تُميِّزها عن المواد الأخرى، وهي قدرتها على التضافر لتشكيل بِنْيَة مشابِهَةٍ لتلك التي تدعم الخلايا في النسيج الحي، كما يمكن تنميتها من ببتيداتٍ مُصنَّعة كيميائيّاً، ولا تلفظها مناعة الجسم، ويسهُل تعديلها وتحسينها لأغراض الإنتاج على نطاق واسع.

كانت هاوزر وأعضاء فريقها قد عكفوا على تجريب أنواع الهُلام الميكروية من خلال الاستعانة ببتيدات فائقة القِصَر وذاتية التجميع، مُؤلَّفة من ثلاثة إلى ستة أحماض أمينية، غير أنهم واجهوا صعوباتٍ في تحسين عملية تَشَكُّل الهُلام التي تحفِّز شبكات الببتيد؛ كي تستحيل إلى قُطيراتٍ ذات حجم وشكل ملائِمَيْن.

استخدم الباحثون في تجاربهم ببتيداتٍ مصنوعة من أربعة أحماض أمينية. واستقروا على أن النوع الأنسب هو ذلك الببتيد الذي يمكن إنتاجه عن طريق الربط بين عددٍ من الأحماض الأمينية؛ ثم إضافة مجموعة أسيتيل إلى أحد طرفي الببتيد ومجموعة أميد إلى الطرف الآخر، ثم وضع العديد من تلك الببتيدات في محلول مائي حيث ترتبط معاً بطريقة محددة على نحوٍ يؤدي إلى تَشَكُّل شبكة ليفية في نهاية المطاف.

بعد ذلك، يُوضع هذا المحلول المشتمِل على ألياف في جهاز موائع دقيقة، يحتوي على زيت، وملح، ومُنظِّف. ومع تَحَرُّك المحلول عبر الجهاز، يتحول إلى هُلام وينقسم إلى قُطيرات. تتميز هذه القُطيرات بالصلابة والمرونة والقوة، كما أنها تمتلك القدرة على الاحتفاظ بشكلها وحجمها، حتى في حال خضوعها لعملية تعقيم أو تَعَرُّضها لأشعة فوق بنفسجية أو ارتجاج.

التئام الجروح

ونجح الفريقُ في استنباتِ خلايا بطانة الأوعية الدموية على أسطح تلك القُطيرات، وحَقْنِ هذا الهُلام الميكروي المُحمَّل بالخلايا داخل كتلةٍ من هُلام مائي مصنوع من الببتيدات فائقة القِصَر ذاتها التي تحتوي أيضاً على أَرومَات ليفية، وهي نوعٌ من الخلايا تلعب دوراً في التئام الجروح. بعد ذلك، بدأت الخلايا البِطَانية، الآخذة فعليّاً في التكاثر، تمتد مُتشعبةً من قُطيرات الهُلام الميكروي ومتفرعة إلى أوعية دموية أنبوبية.

من جانبه، يعلِّق طالب الدكتوراه جوستافو راميريز - كلاديرون على هذه التجربة قائلاً: «نعتزم إجراء المزيد من الاختبارات على قُطيرات الهُلام الميكروي التي أنتجناها من أجل تطوير حلول علاجية متطورة للتعامل مع الجروح طويلة الأمد والقُرح السكرية». تجدر الإشارة إلى أن تحقيق هذا الهدف سيتطلب الكثير من الأبحاث. فسيعكف الفريق على فحص مواد مختلفة من أجل التوصل إلى خواص جديدة للهُلام الميكروي، إلى جانب استكشاف سبلٍ لإضافة إشاراتٍ بيولوجية إلى قُطيرات الهُلام الميكروي يمكنها تحفيز عملية تَشَكُّل الأوعية الدموية، أو الألياف العصبية، أو الأنسجة العظمية. سيبحث الفريق كذلك الطُّرُقَ التي يتسنى لهم من خلالها جعل قطيرات الهُلام الميكروي أكثر ليونةً، بحيث تستطيع حَمْل الخلايا بداخلها. وختاماً يسعى الفريق إلى اختبار قُطيرات الهُلام الميكروي التي أمكن تخليقها في علاج الإقفار لدى الفئران.

الطب التجديدي

الطب التجديدي هو فرع من فروع الطب يركز على استعادة بنية ووظيفة الأنسجة والأعضاء التالفة أو المريضة. ولتحقيق هذا الهدف يستخدم الخلايا الجذعية، وهندسة الأنسجة، والعلاج الجيني، وغيرها من الأساليب لإصلاح أو استبدال أو تجديد الأنسجة والأعضاء التالفة أو المريضة.

يمكن إرجاع مفهوم الطب التجديدي إلى الحضارات القديمة، مثل المصريين والإغريق الذين استخدموا مواد طبيعية مثل العسل والنباتات لتعزيز التئام الجروح.

ومع ذلك، لم يتم إحراز تقدم كبير في هذا المجال حتى القرن العشرين، لا سيما مع اكتشاف الخلايا الجذعية. وفي الستينيات، حدد الباحثون وجود الخلايا الجذعية المكونة للدم والمسؤولة عن إنتاج خلايا الدم. ومنذ ذلك الحين، أدى التقدم في الأبحاث إلى تحديد وعزل أنواع أخرى من الخلايا الجذعية، مثل الخلايا الجذعية الوسيطة والخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات. وفي التسعينيات، ظهرت هندسة الأنسجة كمجال يمكن أن يساعد في تجديد الأنسجة والأعضاء، ويتضمن ذلك الجمع بين الخلايا والسقالات وعوامل النمو لإنشاء أنسجة وأعضاء وظيفية.

استمر مجال الطب التجديدي في التقدم بسرعة، مع إجراء العديد من التجارب السريرية لتقييم سلامة وفعالية العلاجات التجديدية المختلفة. في حين لا تزال هناك تحديات يجب التغلب عليها، مثل الحاجة إلى فهم أفضل للآليات المتضمنة في تجديد الأنسجة وتطوير طرق توصيل أكثر فعالية، فإن الطب التجديدي يحمل وعوداً كبيرة لمستقبل الرعاية الصحية.



دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».