كيف يقود الشعر حركة الأسماك... والسمع عند البشر؟

اكتشاف قاسم مشترك قد يفك شيفرة داء الصمم

كيف يقود الشعر حركة الأسماك... والسمع عند البشر؟
TT

كيف يقود الشعر حركة الأسماك... والسمع عند البشر؟

كيف يقود الشعر حركة الأسماك... والسمع عند البشر؟

من خلال اكتشاف كيفية استخدام أسماك الزرد خلايا شعرها بهدف اكتشاف الحركة البعيدة، وجد فريق من علماء جامعة «كيس ويسترن ريزيرف» الأميركية، طريقا ربما يساعد في تفسير فقدان السمع البشري، وتم الإعلان عن تفاصيل ذلك في دراسة نشرت 13 أبريل (نيسان) 2023 بدورية «كرنت بيولوجي».
ورغم أنه يبدو أنه لا يوجد شيء مشترك بين الكائنات المائية الصغيرة والبشر، فإن بنية ووظيفة خلايا الشعر على جلد الزرد تتطابق تقريبا مع خلايا شعر القوقعة الموجودة في الأذن الداخلية للإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك كل من مستقبلات الخلايا البشرية والأسماك نوعا من البروتين يُعرف باسم «القناة الأيونية»، الذي يحول الموجات التي تكتشفها الخلايا إلى نبضات كهربائية تحمل معلومات مفيدة.
يقول بريان ماكديرموت، الأستاذ المشارك في طب الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب بجامعة «كيس ويسترن ريزيرف»، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، إن «خلايا الشعر في البشر مغطاة بأقسى عظام في الجسم ولا يمكن الوصول إليها عندما تستجيب الأذن للصوت، لذا فإن هذا البحث، باستخدام خلايا شعر أسماك الزرد التي يسهل الوصول إليها، سيساعد بالتأكيد في فهمنا للسمع البشري والصمم».
ويضيف «يمكننا الآن أن نقول بثقة إن الأسماك تستخدم قنواتها الأيونية للهروب من ملاحقة الحيوانات المفترسة بطرق تشبه الطرق التي تتناغم بها آذان الإنسان مع الترددات المختلفة».
وكان العلماء فهموا بالفعل كيف تعمل خلايا الشعر من الناحية الفسيولوجية للسمع، ولكن بدرجة أقل على المستوى الجزيئي، لكنهم تأكدوا في الدراسة الجديدة أنها تتكون من حزمة من قضبان استشعار الحركة ذات الارتفاعات المتزايدة.
علاوة على ذلك، فإن النتائج تعزز فهم «قناة النقل الميكانيكي في الكائنات الحية»، حيث وجدوا أنها تقوم بتحويل المحفزات الميكانيكية إلى إشارات كهربائية يتم إرسالها إلى الدماغ.
يقول ماكديرموت إن فريقه البحثي كانت لديه «لحظة حقيقية» عندما اكتشفوا، باستخدام أداة تعديل الجينات (كريسبر – كاس 9)، أن مجموعات من خلايا الشعر في أسماك الزرد لديها عدم تناسق، حيث تسمح هذه الخاصية غير المتوقعة لخلايا الشعر باكتشاف الحركة من مؤخرة السمكة بحساسية أكبر من الجبهة.
ويضيف «هذا يدل على أن الأسماك لديها خلايا شعر مضبوطة بالفعل لاستشعار اتجاهات المياه المختلفة. ولدى البشر، تحتوي قوقعة الأذن على خلايا شعرية مضبوطة بالمثل لتكون قادرة على سماع ترددات مختلفة، وهذا هو السبب في أن هذا العمل يمكن أن يلعب دورا في فهم السمع والصمم بشكل أفضل لدى البشر».
ويعد هذا الاستخدام هو الأحدث لسمكة الزرد في الأبحاث ذات الطابع الطبي، حيث أصبحت تلك السمكة تروق للعلماء في الأبحاث الطبية لعدة أسباب، منها أنها من الفقاريات، لذلك تتشابه مع الإنسان في كثير من الصفات، بل إن بعض الأبحاث وجدت بعد تشريح دقيق لها أنها تتقاسم مع الإنسان جزءا كبيرا من الحمض النووي، كما أنها شفافة، بما يساعد العلماء على متابعة تأثير التعديل الجيني والعلاجات الدوائية، كما تتميز بالنضج المبكر، حيث يفقس بيضها بعد يومين فقط من الإخصاب، وتكون العديد من الوظائف الأساسية للأجنة قد اكتملت بعد حوالي خمسة أيام، ما يسمح للباحثين بإجراء فحص سريع ومفيد للتغيرات أثناء النمو التي قد تكون لها في النهاية آثار في إحباط الأمراض التي تصيب الإنسان.


مقالات ذات صلة

«غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

تكنولوجيا «Google Vids» هي أداة بسيطة لإنشاء فيديوهات احترافية تدعم العمل الجماعي والذكاء الاصطناعي لإعداد المخططات وإضافة الصور تلقائياً (غوغل)

«غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

تستهدف هذه الخدمة الشركات التي تتطلع إلى إنتاج محتوى مرئي احترافي بكفاءة وسرعة دون الحاجة للخبرة الفنية العميقة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تتيح «فينغيج» قوالب وأدوات تخصيص سهلة بينما تستخدم «نابكن إيه آي» الذكاء الاصطناعي لتحويل النصوص إلى تصميمات جذابة (فينغيج)

أدوات مميزة لتحويل أفكارك إلى تصميمات مرئية جذابة

تخيل أن بإمكانك تصميم إنفوغرافيك أو تقرير جذاب بسهولة!

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يتطلب «واي فاي 7» بنية تحتية متقدمة ودعماً لمعدلات بيانات أعلى (أدوبي)

خاص كيف يدعم «واي فاي 7» التحول الرقمي وشبكات القطاعات الحيوية؟

يعزز «واي فاي 7» الاتصال عالي السرعة ويدعم التحول الرقمي في القطاعات الحيوية مع تحسين الأمان وكفاءة استهلاك الطاقة لتحقيق الاستدامة.

نسيم رمضان (دبي)
الاقتصاد جناح «الوطنية للإسكان» في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (حساب الشركة على «إكس»)

اتفاقية استثمارية بين «الوطنية للإسكان» السعودية و«نيفر كلاود» الكورية بـ532 مليون دولار

وقّعت «الشركة الوطنية للإسكان» السعودية اتفاقية استثمارية مبدئية للتفاهم مع شركة «نيفر كلاود» الكورية بقيمة ملياري ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا حذّرت شركة «فورتينت» من تهديدات سيبرانية متزايدة استهدفت انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أدوبي)

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

بيّن التقرير تسجيل أكثر من 1000 نطاق وهمي جديد يحمل محتوى انتخابياً منذ بداية عام 2024، يستهدف خداع الناخبين.

نسيم رمضان (لندن)

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
TT

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)

في عصر تزداد فيه الحاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية في مجالات الصحة والطاقة، لا يزال كثير من المختبرات الحديثة تعتمد بشكل كبير على العمل اليدوي، ما يحد من سرعة ودقة التجارب العلمية.

لكن تحولاً جذرياً قد تشهده مختبرات العلوم في مجالات الكيمياء، والكيمياء الحيوية، وعلوم المواد؛ بفضل التقدم في التشغيل الآلي للروبوتات والذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام المتكررة في المختبرات.

وتُمكّن الأتمتة، الروبوتات من إجراء التجارب بدقة وتناسق عالٍ دون تعب؛ ما يسرع من وتيرة البحث بشكل كبير ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتعامل مع المواد الخطرة.

يمكن الاعتماد على الروبوتات في تنفيذ المهام المتكررة بالمختبرات (جامعة نورث كارولينا)

ويحرر هذا التحول العلماء من الأعمال الروتينية؛ ما يسمح لهم بالتركيز على أسئلة بحثية أكثر تعقيداً، ويعزّز من سرعة وفاعلية الاكتشافات العلمية في مجالات مثل الطب والطاقة والاستدامة.

5 مراحل

يعمل باحثون في قسمي علوم الكومبيوتر والكيمياء بجامعة نورث كارولاينا الأميركية على دراسة كيفية دمج الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الروتينية في المختبرات، باستخدام روبوت متحرك لأتمتة مهام مختبر الكيمياء.

ويشير الباحثون، في الدراسة المنشورة بدورية «ساينس» في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن هذه الخطوة لا تعزز الكفاءة فحسب، بل تمثل أيضاً تحولاً جذرياً في طريقة إجراء الأبحاث العلمية، ما يتيح تحقيق نتائج مذهلة بشكل أكثر أماناً وموثوقية.

أوضح الباحثون أن أتمتة المختبرات تمر بـ5 مراحل تبدأ بالمساعدة في المهام البسيطة وتنتهي بالتشغيل الآلي الكامل. في المرحلة الأولى، يتم تنفيذ مهام فردية كالتعامل مع السوائل لتخفيف العبء الروتيني، ثم في المرحلة الثانية، ينفّذ الروبوت خطوات متتالية مع بقاء العاملين من البشر للإعداد والإشراف.

أتمتة المختبرات قد تحدث تحولاً جذرياً في طريقة إجراء الأبحاث العلمية (جامعة نورث كارولينا)

وفي المرحلة الثالثة، يدير الروبوت التجارب بالكامل مع تدخل بشري عند الظروف الطارئة، بينما في الرابعة يصبح الروبوت قادراً على التعامل مع هذه الظروف بمرونة أكبر.

أما في المرحلة الخامسة، فتعمل الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل تماماً؛ ما يمكّن المختبرات من العمل المستمر دون تدخل بشري، ويعزز سرعة الاكتشافات العلمية والابتكار.

فوائد وتحديات

يقول الدكتور رون ألتيروفيتز، الباحث في الروبوتات الطبية بجامعة نورث كارولاينا، إن تطوير جزيئات ومواد كيميائية جديدة يتطلب جهوداً بشرية مكثفة، تشمل تصميم التجارب وتوليف المواد وتحليل النتائج، فيما يمكن لأتمتة المهام الروتينية أن تسرّع هذه العمليات وتزيد دقتها، عبر تنفيذ الخطوات بتناسق أعلى وتقليل الأخطاء، ما يعزز إمكانية إعادة إنتاج النتائج.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الروبوتات يمكن أن تساهم في نقل العينات وإجراء القياسات وتقليل المخاطر المرتبطة بالمواد الخطرة؛ ما يعزز سلامة الباحثين. كما يمكنها تحليل كميات ضخمة من بيانات التجارب، واكتشاف الأنماط والرؤى غير الملحوظة للبشر، خصوصاً في التجارب التي تتطلب مراقبة مستمرة أو إنتاج كميات كبيرة من البيانات، مثل الفحص عالي الإنتاجية المستخدم في اكتشاف الأدوية.

ووفق شركة «يونايتد روبوتيكس غروب» المتخصصة في تطوير الروبوتات وحلول الأتمتة، فإن الروبوتات توفر فائدة مالية رئيسية تتمثل في زيادة الكفاءة والإنتاجية؛ إذ يمكن لأتمتة أنظمة المختبرات الأساسية تقليل خطوات المعالجة اليدوية بنسبة تصل إلى 86 في المائة، ما يعزز الكفاءة ويخفض تكاليف العمالة.

يمكن للروبوتات تحليل كميات ضخمة من بيانات التجارب واكتشاف الأنماط والرؤى غير الملحوظة للبشر

في السياق نفسه، كشفت مؤسسة «مايو كلينيك» الطبية الأميركية أن الأتمتة أدت إلى زيادة حجم العمل اليومي لـ10 أضعاف في بعض المختبرات، ما يرفع الإنتاجية ويتيح التعامل مع الطلب المتزايد في الأبحاث الطبية والعلمية.

وفي مجال الكيمياء المناعية، وهي تقنية مخبرية تستخدم لتحديد توزيع البروتينات والجزيئات داخل الأنسجة، ساعدت الأتمتة في معالجة المزيد من شرائح الأنسجة بزمن أقل، مما خفض زمن المعالجة بنسبة 15.22 في المائة والتكلفة لكل شريحة بنسبة 37.27 في المائة، وفق «يونايتد روبوتيكس غروب».

ولا تقتصر الفوائد على تقليل الزمن والتكلفة، بل تشمل تحسين الدقة وتقليل الأخطاء، وهو أمر حيوي في مجالات حساسة كعلم الجينوم واكتشاف الأدوية، وفق الباحثين.

وأظهرت تجربة، بمستشفى «إلبلاند كلينيكوم مايسن» في ألمانيا عام 2023، كيف تسهم الروبوتات في تحسين كفاءة المختبرات وتقليل عبء العمل، خصوصاً مع نقص الكوادر.

وفيما يتعلق بالتحديات، أشار ألتيروفيتز إلى أن الأتمتة تُنفذ حالياً في مهام محدودة بالمختبرات، ولتحقيق التنفيذ الكامل، يتطلب الأمر تطوير مهارات في الروبوتات وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ضخ استثمارات في البنية التحتية وبرامج التدريب، ما قد يشكل عبئاً مالياً كبيراً. كما يتطلب تعاوناً بين الباحثين والمهندسين وعلماء الكومبيوتر لتحقيق الفائدة الكاملة من هذه التقنية.