الصورة السلبية للجسد تهدد مراهقي العالم

55 % من المراهقين غير سعداء بمظهرهم

الصورة السلبية للجسد تهدد مراهقي العالم
TT

الصورة السلبية للجسد تهدد مراهقي العالم

الصورة السلبية للجسد تهدد مراهقي العالم

كشفت دراسة حديثة نُشرت في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في مجلة «أكاديمية التغذية والنظم الغذائية Journal of the Academy of Nutrition and Dietetics» عن شيوع صورة سلبية للجسد Negative Body Image بين المراهقين في العالم كله بشكل أصبح يهدد الصحة العضوية والنفسية لهم بمخاطر كبيرة، إذ أعرب معظم المراهقين الذين شملتهم الدراسة عدم رضائهم عن مظهرهم بغض النظر عن السمنة والنحافة.

دراسة دولية

الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة واترلو University of Waterloo بكندا، وشملت أكثر من 21 ألف مراهق تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً من عدة دول مثل أستراليا وكندا وشيلي والمكسيك والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أوضحت أن نسبة بلغت 55 في المائة تقريباً من المراهقين الذين شملتهم الدراسة غير سعداء بمظهر جسدهم ولديهم تحفظات كثيرة على الشكل الخارجي للجسد سواء الذكور أو الإناث. ولكن كانت نسبة الفتيات أكثر بالطبع وقال ثلث المشاركين تقريباً إن شكل جسدهم أكثر سمنة من الجسد «المثالي»، بينما قال خمس المشاركين إن شكل الجسد أنحف من «المثالي» أيضاً.

نماذج رسوم شكل الجسد

قام الباحثون باستخدام نموذج عبر الإنترنت يشمل رسوماً لثمانية نماذج تمثل شكل الجسد تتدرج من النحافة الشديدة إلى السمنة المفرطة لمعرفة ما يمكن أن يمثل شكل الجسد المثالي بالنسبة للمراهقين. وطلب من كل مشارك على المنصات المختلفة أن يختار رسماً يعبر عن شكله، وأيضاً رسماً آخر يعبر عن شكل الجسد الذي يتمنى الوصول له أو ما يُعد مثالياً بالنسبة لتصوره. وشملت هذه الرسومات نماذج لفتيان وفتيات أيضاً لمعرفة المقاييس المثالية في تصور الجنسين.

المعاناة من منصات التواصل الاجتماعي

وجد الباحثون أن المنصات التي يشارك فيها المستخدمون بوضع صور أو فيديوهات لهم كانت هي أكثر المواقع التي يعاني المراهقون فيها من نظرة سلبية لصورة الجسد بينما كانت مواقع التواصل الأخرى التي لا توجد بها إمكانية وضع فيديوهات وصور وتعتمد بشكل أساسي على الكتابة مثل (منصة «إكس» أو «تويتر» سابقاً) أقل حدة في التعامل مع صورة الجسد وقام الباحثون بتقدير الوقت الذي يقضيه المراهق على كل موقع.

وقال الباحثون إن الأمر يعتمد على كيفية استخدام وسائل التواصل المختلفة في الصورة الذهنية لشكل الجسم بالنسبة للفتيات والفتيان وكلما قضى المراهق وقتاً أطول على مواقع الفيديوهات المصورة مثل (اليوتيوب) كلما كان غير راضٍ عن شكل جسده مقارنة بالذين يقضون وقتاً أقل. وعدم الرضا تمثل بشكل مختلف تبعاً لاختلاف البلد والفئة العمرية والجنس والعرق والتنمر على شكل الجسد.

عدم رضا الفتيان والفتيات

عدم الرضا لم يرتبط بالوزن بشكل أساسي. وبشكل عام كانت البدانة الواضحة مرفوضة من معظم المشاركين في كل البلدان. وقد ارتبط عدم الرضا بالتصور العام للمراهقين في كل مجتمع خاصة مع ظهور نماذج مختلفة من المشاهير شكل جسدهم متنوع بين النحافة والامتلاء.

وعلى سبيل المثال معظم الذكور قالوا إنهم أكثر نحافة من المفروض وذلك تبعاً لمقاييس الفيديوهات التي تصور فتياناً لهم عضلات مفتولة وقوية وأجساد تتميز بالضخامة. وفي المقابل كان معظم الفتيات في كل الدول يشعرن بضخامة أجسداهن أكثر من المفروض ومعظمهن وصفن شكل جسدهن بالبدين.

أوضح الباحثون أن الصورة السلبية للجسد يمكن أن تؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية على المستوى العضوي والنفسي مثل اضطرابات تناول الطعام سواء بالإفراط في التناول أو الامتناع التام عن تناوله، ويمكن أن يتسبب ذلك في حساسية من بعض الأطعمة بالإضافة إلى الاكتئاب والقلق نتيجة التعرض للتنمر.



الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال