الذكاء الاصطناعي لمكافحة سرطان البروستاتا

يساعد في تحسين رعاية الرجال المصابين بطرق محدودة لكنها فعالة

الذكاء الاصطناعي لمكافحة سرطان البروستاتا
TT

الذكاء الاصطناعي لمكافحة سرطان البروستاتا

الذكاء الاصطناعي لمكافحة سرطان البروستاتا

أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) أخيراً كلمة شائعة الاستخدام في العديد من جوانب حياتنا، لكنه يُستخدم إلى حد ما في مجال الرعاية الصحية منذ فترة من الزمن.

تشخيص وعلاج البروستاتا

أحد مجالات الرعاية الصحية التي حقق فيها الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً هو تشخيص وعلاج سرطان البروستاتا.

يقول الدكتور ديفيد يانغ، اختصاصي الأورام الإشعاعية في مستشفى «بريغهام والنساء» التابع لجامعة هارفارد ومعهد «دانا فاربر» للسرطان: «نحن فقط على قمة جبل الجليد من استخدام الذكاء الاصطناعي لعلاج سرطان البروستاتا. حتى الآن، ثبت أنه يساعد في تحسين رعاية الرجال المصابين بسرطان البروستاتا بطرق محدودة ولكنها فعالة».

يُشير مصطلح الذكاء الاصطناعي هنا إلى الأنظمة أو الحواسيب القادرة على محاكاة العمليات العقلية البشرية لحل المشكلات.

ومع سرطان البروستاتا، يُستخدم الذكاء الاصطناعي بصفة أساسية من خلال البرمجيات الحاسوبية التي تطبق خوارزميات الحوسبة المعقدة لتحسين الدقة والكفاءة في التشخيص والعلاج والإدارة.

نظرة فاحصة على الوسائل الذكية

إليكم نظرة فاحصة على 3 طرق يُستخدم بها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

• تسريع فحص الخزعات. قد يخضع الرجال الذين يُشتبه في إصابتهم بسرطان البروستاتا - بناء على مستويات عالية أو مرتفعة من مستضد البروستاتا النوعي (PSA) prostate-specific antigen في الدم - للبحث عن السرطان.

عادة ما يتم سحب عينات الأنسجة من العديد من المواقع في البروستاتا ثم فحصها تحت المجهر من قبل اختصاصي علم الأمراض. يجب على اختصاصي علم الأمراض تحديد ما إذا كانت العينة تحتوي على خلايا سرطانية من عدمه، وإذا كان الأمر كذلك، يجب تعيين درجة «غليسون» Gleason score للإشارة إلى مدى عدوانية الخلايا السرطانية. يمكن أن يكون هذا الأمر صعباً ومستهلكاً للوقت، سيما عندما تكون هناك كمية صغيرة فقط من السرطان. كما أن تقييم وتحديد درجة «غليسون» ذاتياً بصفة جزئية، يمكن أن يختلف من اختصاصي إلى آخر في علم الأمراض.

برنامج ذكاء اصطناعي مدرّب

قد يساعد الذكاء الاصطناعي في تسريع هذه العملية وزيادة دقة تشخيص السرطان. يُعد برنامج «بيج بروستات - Paige Prostate» أول برنامج قائم على الذكاء الاصطناعي معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية لهذا الاستخدام.

ومثل العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، «تعلم» هذا النموذج كيفية اكتشاف وجود سرطان البروستاتا من خلال التدريب على العديد من عينات البروستاتا التي أشار فيها اختصاصي علم الأمراض إلى وجود سرطان من عدمه.

يقوم البرنامج بتحليل نسخة رقمية لشرائح خزعة البروستاتا. ثم يحدد المناطق ذات الاحتمال الأعلى لاحتواء السرطان، حتى يتمكن اختصاصي علم الأمراض من مراجعتها.

يقول الدكتور يانغ: «يمكن أن يساعد هذا اختصاصي علم الأمراض من خلال وضع علامة على المناطق التي يجب أن ينظر إليها بمزيد من التفصيل ويقلل من الوقت اللازم للعثور على هذه المناطق أثناء المراجعة الأولية. إنه مثل وضع علامة مميزة على العينات بحيث تظهر بعض الأجزاء». يمكن لهذا النموذج من الذكاء الاصطناعي أيضاً تقديم درجة «غليسون» أولية لكي يراجعها اختصاصي علم الأمراض، وقد يساعد في تقليل بعض الجوانب الذاتية في تحديد درجة «غليسون».

الذكاء الاصطناعي مع نظم التصوير

• تكامل العمل بالتصوير بالرنين المغناطيسي. يبدأ استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً جنباً إلى جنب مع التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد سرطان البروستاتا بصورة أكثر دقة. يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي كأداة تشخيصية لتحديد المناطق داخل البروستاتا التي قد تحتوي على السرطان. يمكن بعد ذلك سحب خزعة مباشرة من هذه المناطق.

يعمل تكامل الذكاء الاصطناعي والتصوير بالرنين المغناطيسي على النحو التالي: بعد اكتمال فحص التصوير بالرنين المغناطيسي، يتم تشغيل الصور الناتجة من خلال برنامج الذكاء الاصطناعي الذي يقيس حجم غدة البروستاتا ويحدد الآفات المشبوهة. ثم يقوم البرنامج بتقييم الميزات المرئية، مثل السطوع والظلال، وكذلك تلك غير المرئية للعين البشرية.

عند الانتهاء، يُنشئ البرنامج «خريطة» على الصورة توضح مكان وجود السرطان المحتمل. ويوفر درجة نظام تقارير وبيانات تصوير البروستاتا «PI-RADS» للإشارة إلى مدى احتمال أن تكون المنطقة المشتبه بها تحتوي على سرطان ذي أهمية إكلينيكية.

تتراوح درجات نظام PI-RADS) Prostate Imaging Reporting and Data System) من 1 (الأرجح ليس سرطاناً) إلى 5 (مشتبه به للغاية). يؤكد اختصاصي الأشعة تفسير الذكاء الاصطناعي قبل أن يصبح متاحاً للأطباء والمرضى الآخرين.

يقول الدكتور يانغ: «ميزة هذا النوع من الذكاء الاصطناعي أنه يساعد اختصاصي الأشعة في تحديد مناطق السرطان المحتملة بصورة أكثر دقة وسرعة أكبر.

إضافة إلى النتائج المستخلصة من خزعات البروستاتا، يمكن لهذا المستوى من المعلومات التفصيلية المساعدة في تحديد درجة السرطان وخيارات العلاج المحتملة. ويمكن أن يستمر الرجل المصاب بسرطان منخفض الخطورة في الخضوع للمراقبة النشطة، فيما قد يستفيد الرجل المصاب بسرطان البروستاتا متوسط أو مرتفع الخطورة من العلاج الإشعاعي أو الجراحة».

علاج السرطان متوسط الخطورة

• العلاج بالحرمان من الأندروجين (ADT). الرجال الذين يعانون من سرطان البروستاتا متوسط الخطورة الذين يختارون العلاج الإشعاعي لعلاج الأورام الموضعية قد يستفيدون أيضاً من الذكاء الاصطناعي. عادة ما يُنصح هؤلاء الرجال بإضافة دورة قصيرة من العلاج بالحرمان من الأندروجين (ADT) لتقليل مستويات هرمون التستوستيرون لديهم.

يقول الدكتور يانغ: «مع ذلك، لا نعرف أي المرضى الذين يعانون من سرطان البروستاتا متوسط الخطورة هم الأكثر احتمالاً للاستفادة من (ADT) وأي المرضى يمكن أن يتم تجنيبهم آثاره الجانبية بأمان».

تُستخدم أداة ذكاء اصطناعي تُسمى «أرتيرا إيه آي بروستات - ArteraAI Prostate» لتحليل شرائح رقمية لأمراض البروستاتا للمساعدة في تحديد المرضى الأكثر احتمالاً للاستفادة من «ADT».

يقول الدكتور يانغ: «لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لضمان دقة تنبؤات نموذج الذكاء الاصطناعي هذا، ولكن بصورة أولية، إنه أداة محتملة مثيرة، سوف تساعدنا في تقديم توصيات علاجية أكثر تخصيصاً".

حتى مع وجود معلومات طبية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في متناول اليد، لا يزال يتعيّن على الأطباء تفسير النتائج وتقديم توصياتهم لمرضاهم. يقول الدكتور يانغ: «لا يزال الأمر متروكاً للطبيب لتحديد ما إذا كانت النتيجة (س) أو (ص) هي التشخيص الصحيح وأفضل خيار للعلاج. سيظل الذكاء الاصطناعي أداة قيمة، لكنه لن يحل محل العنصر البشري في توجيهك خلال عملية التشخيص والعلاج والتحكم في سرطان البروستاتا لديك».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل» - خدمات «تريبيون ميديا».



اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.