في زمن الاحتباس الحراري... ما الآثار الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟

ما العوارض الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟ (رويترز)
ما العوارض الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟ (رويترز)
TT

في زمن الاحتباس الحراري... ما الآثار الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟

ما العوارض الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟ (رويترز)
ما العوارض الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟ (رويترز)

يعاني نحو 280 مليون شخص في العالم الاكتئاب، وأصبح تلقي العلاج بتناول الأدوية المضادة للاكتئاب أمراً شائعاً.

وفي الولايات المتحدة، يتناول نحو 1 من كل 10 أشخاص مضادات الاكتئاب، وأكثرها شيوعاً هو مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، والتي توصَف لعلاج الاكتئاب والقلق واضطراب الهلع.

لكن في زمن التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، ما العوارض الجانبية الخطيرة لمضادات الاكتئاب؟

وفي حين يمكن أن تكون هذه الأدوية، مثل «زولوفت» و«بروزاك»، منقذة للحياة، إلا أنه يمكن أن تمنع الجسم أيضاً من تنظيم درجة حرارته بشكل صحيح، وتقليل تحمل الحرارة، وفق تقرير لشبكة «سي إن إن».

وأشار التقرير إلى أن ذلك هو أحد الآثار الجانبية المثيرة للقلق التي لا يزال الأطباء والعلماء يحاولون فهمها بالكامل، خصوصاً مع ارتفاع درجة حرارة العالم، وزيادة تكرار موجات الحر القاسية المطولة.

وقال الدكتور لورانس وينرايت، المُحاضر في جامعة أكسفورد الذي يبحث التأثيرات الصحية العقلية لتغير المناخ، لشبكة «سي إن إن»، إن «مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية تفعل فوائد هائلة. لقد كانت ثورية في الطب النفسي، لكن كما هي الحال مع أي دواء، هناك مجموعة من الآثار الجانبية، لذلك فإن الأمر يتعلق بالحصول على نسبة التكلفة والفائدة الصحيحة».

تعمل أدوية الاكتئاب هذه عن طريق منع إعادة امتصاص الدماغ للسيروتونين - وهي مادة كيميائية طبيعية تنظم وظائف الجسم، بما في ذلك الحالة المزاجية. من خلال زيادة مستوى السيروتونين في الدماغ، يمكنها المساعدة في تخفيف أعراض القلق والاكتئاب.

لكن مع تعديلها المواد الكيميائية في الدماغ، يمكن لأدوية الاكتئاب أيضاً العبث بقدرة الجسم على الحفاظ على برودته، ويمكنها التأثير على منطقة تحت المهاد، وهي بِنية صغيرة في الدماغ تعمل بصفتها منظم حرارة للجسم، حيث تستشعر تغيرات درجة الحرارة، وتُحفّز عمليات مختلفة للحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية عند نحو 98.6 درجة فهرنهايت، أو 37 درجة مئوية.

وأوضح الدكتور بوب موزلي، وهو طبيب وباحث في العلوم الطبية الحيوية بجامعة ولاية أريزونا، أنه «عندما تضيف مزيداً من السيروتونين إلى المزيج، يصبح (تحت المهاد) أقل حساسية. عندما يغمره السيروتونين، يصبح أقل فعالية في إرسال الإشارات الضرورية».

يمكن أن يؤثر ذلك على الأدوات التي يستخدمها الجسم لتبريد نفسه، بما في ذلك التعرق - آلية التبريد الرئيسية - التي تنقل الحرارة من الجلد إلى الهواء أثناء تبخرها.

كما أن التعرق المفرط هو أحد الآثار الجانبية الشائعة لمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، والتي يمكن أن تؤدي إلى الجفاف، ومن المفارقات، ارتفاع درجة حرارة الجسم.

ومع ذلك أشار موزلي إلى أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية يمكن أن تسبب انخفاضاً في التعرق لدى أشخاص آخرين، وهذه أيضاً مشكلة حيث يفقد الجسم عملية حيوية للتخلص من الحرارة.

وهناك طرق أخرى، إذ يمكن أن تجعل مثبطاتُ استرداد السيروتونين الانتقائية الناسَ معرَّضين لخطر الجفاف. وقال موزلي إنها يمكن أن تنشط هرموناً يجعل الناس يتبولون أكثر، وهناك أدلة على أنها يمكن أن تغير تصور الناس للعطش، مما يعني أنهم لا يشربون ما يكفي لتعويض السوائل المفقودة.

ويعرِّض الجفاف الناس لخطر الإجهاد الحراري، وفي الحالات الشديدة بشكل خاص، ضربة الشمس، وهي خطيرة، وربما مميتة.

لا يزال العلماء والأطباء يحاولون فك العلاقة المعقدة بين مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية والحرارة. وقال وينرايت: «ما يصدمني حقاً هو مدى قلة فهمنا لهذا الأمر».

وهذا هو السبب جزئياً وراء عدم تحدث المتخصصين الطبيين دائماً عن الحرارة عندما يصفون مضادات الاكتئاب هذه.

ووفق وينرايت، فإن المجتمع الطبي والمرضى لا يدركون تماماً أن هذه مشكلة.

وفي حين أن حساسية الحرارة هي واحدة من عدد من الآثار الجانبية المُدرَجة في نشرات المعلومات المقدَّمة مع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، فإن الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية، غالباً ما لا يقرأونها لأنها تزيد قلقهم.

وقالت الدكتورة جوديث جوزيف، طبيبة نفسية معتمَدة وباحثة وطبيبة، لـ«سي إن إن»، إن الأطباء لا يذكرون غالباً الآثار الجانبية للحرارة؛ لأن الآثار الجانبية الأخرى أكثر شيوعاً، مثل زيادة الوزن.

وأضافت أن هناك تدابير بسيطة يمكن للناس اتخاذها لحماية أنفسهم، بما في ذلك تجنب الخروج في الهواء الطلق، خلال الجزء الأكثر سخونة من اليوم، وشرب كثير من السوائل، وتجنب الكافيين والكحول، مما قد يؤدي إلى مزيد من الجفاف. والنوم مهم أيضاً حيث توجد علاقة قوية جداً بين قلة النوم وتفاقم الاكتئاب والقلق.

تنصح جوزيف الناس بمراقبة تقارير الطقس، والبحث عن دعم إضافي إذا أمكن، أثناء الطقس الحار جداً.

ونبه موزلي إلى أن الناس يجب أن يكونوا منتبهين للعلامات التي قد يعانون منها، مثل التبول المتكرر، والتعرق الزائد، وكلها إشارات لشرب المزيد.

يمكن أن تشير أعراض مثل الغثيان وتشنجات العضلات وتسارع النبض والدوخة الخفيفة إلى الإجهاد الحراري. وقالت جوزيف إن هذه الإشارات هي التي تدفعك إلى البحث عن مكان بارد، والراحة، وشرب السوائل، وحتى استخدام أكياس الثلج على بشرتك.

وتشمل الأعراض الأكثر خطورة لارتفاع درجة الحرارة الإغماءَ، والتقيؤ، وسرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، والصداع الشديد، وصعوبة التنفس، وهي علامات محتملة لضربة الشمس. وقالت: «هذا يتطلب منك الذهاب إلى غرفة الطوارئ».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
بيئة تغير المناخ جعل ارتفاع درجات الحرارة أكثر ترجيحاً بمختلف أنحاء العالم (رويترز)

تغيّر المناخ أضاف 41 يوماً من الحرارة الخطيرة بمختلف أنحاء العالم عام 2024

ذكرت مجموعة من العلماء أن البشر في جميع أنحاء العالم عانوا من متوسط 41 يوماً إضافياً من الحرارة الخطيرة، هذا العام؛ بسبب تغير المناخ الناجم عن الإنسان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون في أحد الشوارع خلال موجة حر في العاصمة التونسية تونس 11 أغسطس 2021 (رويترز)

صيف تونس الماضي سجّل رابع أشد حرارة في البلاد منذ عام 1950

سجّل صيف 2024 في تونس رابع أشد حرارة صيف عرفته البلاد منذ عام 1950. وبلغ متوسط الحرارة في صيف هذا العام 29.5 درجة بفارق 1.5 درجة عن المتوسط العادي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق أملٌ ببطاطا صامدة (أدوب ستوك)

بطاطا ضدَّ ارتفاع الحرارة

يُطوِّر العلماء بطاطا من شأنها تحمُّل موجات الحرّ، وذلك لمساعدة المحاصيل على النمو في مستقبل يتأثّر بالتغيُّر المناخي.

«الشرق الأوسط» (إلينوي (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق أشجار متجمدة في أوبر رايفنبرج بالقرب من فرنكفورت بألمانيا (أ.ب)

أوروبا تشهد عدداً أقل من الأيام شديدة البرد... ماذا يعني ذلك؟

دراسة أشارت إلى أن التغير المناخي تسبب بتسجيل فصول شتاء أكثر حرّاً في أوروبا تحديداً، مع ارتفاع عدد الأيام التي تكون فيها الحرارة أعلى من صفر درجة مئوية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

دراسة: تناول الشاي أو القهوة يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان

الكافيين في القهوة والشاي يُحسّن صحة القلب (جمعية القلب الأميركية)
الكافيين في القهوة والشاي يُحسّن صحة القلب (جمعية القلب الأميركية)
TT

دراسة: تناول الشاي أو القهوة يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان

الكافيين في القهوة والشاي يُحسّن صحة القلب (جمعية القلب الأميركية)
الكافيين في القهوة والشاي يُحسّن صحة القلب (جمعية القلب الأميركية)

قال موقع «ساينس أليرت» إن دراسة جديدة خلُصت إلى أن تناول الشاي أو القهوة يوميّاً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطاني الفم أو الحلق.

ووفقاً للدراسة، فإن تناول كوب القهوة يومياً قد يوفر بعض الحماية ضد أنواع السرطان الشائعة التي تُصيب الفم والحلق والحنجرة.

وجمع الباحثون في الولايات المتحدة تحليل 14 دراسة سابقة، لتحديد ما هو بارز في الأنظمة الغذائية للأفراد، الذين يعانون من أورام مختلفة في الرأس والرقبة.

وتُشير النتائج إلى أن تناول أكثر من 4 أكواب من القهوة يومياً قد يقلل من احتمالات إصابتك بسرطان الرأس والرقبة بنسبة تصل إلى 17 بالمائة.

وبالنسبة لأولئك الذين لا يحبون الكافيين، أو يفضلون بدء يومهم بوجبة مع الشاي، فهناك أيضاً بعض الأخبار الجيدة لهم لأنه مفيد مثل القهوة.

ولفتت الدراسة، التي نشرت في مجلة «كانسر» إلى أنه ثبت أن ما نتناوله يمكن أن يؤدي إلى حدوث طفرات مسببة للأورام في طريقها إلى المعدة والرئتين، فأولئك الذين يتعاطون منتجات التبغ معرضون لخطر الإصابة بالسرطان بنسبة 10 مرات أكبر وكذلك الكحول.

من ناحية أخرى، تحتوي المشروبات مثل الشاي والقهوة على مواد قوية مضادة للسرطان ومضادة للالتهابات، والتي قد تحمي شاربيها من بعض آثار المواد المسرطنة.

فنجان قهوة (أ.ب)

وكانت الأبحاث حول هذا الموضوع مختلفة؛ حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن مستويات متوسطة إلى عالية من استهلاك القهوة كل يوم قد يكون لها بعض التأثيرات الوقائية، على النقيض من دراسات أخرى فشلت في رؤية تأثير كبير على منع السرطانات في منطقة الفم والحلق.

وبالمثل، ارتبط الشاي أيضاً بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة في بعض الدراسات.

وباستخدام مجموعة محدثة من الحالات والضوابط، وتجميع عدد أكبر من السجلات، لتشمل أكثر من 9500 حالة من سرطان الرأس والرقبة، هدف الباحثون إلى تأكيد العلاقة الدقيقة بين استهلاك القهوة والشاي والسرطانات.

ووفقاً للدراسة، كان مستوى الخطر لدى أولئك الذين شربوا 4 أكواب أو أكثر من القهوة أقل بنسبة 30 في المائة للإصابة بالسرطان في الفم، وأقل بنسبة 22 في المائة للحلق، كما أن تناول نحو 3 إلى 4 أكواب يومياً يقلل من فرص الإصابة بالسرطان في الأجزاء السفلية من الحلق بنحو 40 في المائة.

وأضافت أن القهوة لا تحتاج إلى احتوائها على الكافيين للحصول على أي نوع من الفوائد، فقد ارتبط شرب القهوة منزوعة الكافيين بانخفاض بنسبة 25 في المائة في الإصابة بسرطان تجويف الفم.

وارتبط الشاي بانخفاض بنسبة 30 في المائة تقريباً في الإصابة بسرطان الجزء السفلي من الحلق، على الرغم من أن تناول كوب ثانٍ أو ثالث من الشاي قد يقلب الاحتمالات إلى فرصة أكبر بنسبة 38 في المائة للإصابة بسرطان الحنجرة.

والسبب وراء حدوث هذا الانعكاس غير واضح، على الرغم من أن الأبحاث السابقة وجدت أن درجة حرارة مشروبك قد تلعب دوراً في إحداث تغييرات سرطانية، ما يعني أن العلاقة بين المشروبات الساخنة الشعبية وصحتنا معقدة بسبب عوامل تتجاوز التركيب الكيميائي.

كيس من الشاي (أ.ف.ب)

وقالت مؤلفة الدراسة عالمة الأوبئة بجامعة يوتا الأميركية، يوان تشين إيمي لي: «في حين كانت هناك أبحاث سابقة حول استهلاك القهوة والشاي، وتقليل خطر الإصابة بالسرطان، سلطت هذه الدراسة الضوء على تأثيراتهما المتنوعة على مواقع فرعية مختلفة من سرطان الرأس والرقبة، بما في ذلك الملاحظة التي تُفيد بأن القهوة منزوعة الكافيين لها بعض التأثير الإيجابي».

وأضافت أن «عادات تناول القهوة والشاي معقدة إلى حد ما، وتدعم هذه النتائج الحاجة إلى مزيد من البيانات ومزيد من الدراسات حول التأثير الذي يمكن أن تحدثه القهوة والشاي في تقليل خطر الإصابة بالسرطان».