تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

مضاعفاته أكثر نتيجة اختلاف الأعراض لديهم

تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال
TT

تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

رغم أن التعرض للشمس ودرجات الحرارة المرتفعة يمر، في الأغلب، من دون مشكلات صحية كبرى، فإن بعض عواقبه يمكن أن تكون وخيمة وتؤدي إلى الوفاة في البلدان التي تتميز بجو حار وشمس ساطعة لشهور طويلة في الصيف خاصة مع ممارسة الرياضة.

ويكفي أن نعرف أن الوفاة نتيجة الأعراض الجانبية المتعلقة بارتفاع درجة الحرارة Heat illness تُعد ثالث أهم سبب للوفاة لدى الرياضيين في المدارس الثانوية الأميركية. وفي عام 2022 توفي 33 طفلاً في الولايات المتحدة بسبب ضربة الشمس.

اختلاف أعراض الأطفال

تختلف حدة الأعراض السريرية في الأطفال اختلافاً كبيراً عنها في البالغين حيث يكونون أكثر عرضة لحدوث المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تنتهي بضربة الشمس heat stroke الكاملة. والسبب في ذلك أن نسبة مساحة سطح الجسم إلى كتلة الجسم في الأطفال أكبر من البالغين، كما أنهم ينتجون حرارة أكبر لكل كيلوغرام من وزن الجسم مقارنة بالبالغين أثناء النشاط الرياضي مما يزيد من درجة سخونة الجسم، بجانب أن معدل التعرق عند الأطفال أقل من البالغين كما أن درجة الحرارة التي يحدث عندها التعرق تكون أعلى.

تكمن المشكلة في التعرض للجو الحار (بعيداً عن خطورة التعرض لأشعة الشمس المباشرة) في حدوث الجفاف، ما يؤثر سلبياً على المخ. وهناك عدة عوامل تساعد على حدوث الجفاف أسرع في الأطفال وأهمها أن الأطفال يحتاجون وقتاً أطول للتأقلم مع الأجواء الحارة والرطبة كما يعاني الأطفال أيضاً من ضعف الاستجابة للإحساس بالعطش مقارنة بالبالغين وهو الأمر الذي يجعلهم لا يتناولون الكميات الكافية من السوائل أثناء أو بعد ممارسة الرياضة لمنع الجفاف.

أعراض الإجهاد الحراري

في الأغلب تكون الأعراض بسيطة مثل الشعور بالتعب والدوار والصداع وشحوب لون الجلد وسخونته مع زيادة عدد مرات التنفس وضربات القلب والشعور بالعطش وفرط التعرق مع حدوث تقلصات ناتجة عن الحرارة muscle cramps والتي تُعد من أشهر الأعراض التي تشير إلى الإجهاد الحراري، وتحدث عادةً في حالة الجفاف الخفيف وفقدان الملح (كلوريد الصوديوم) من الجسم مما يؤثر على عضلات الساق وأوتار الركبة (يمكن أن تحدث في الذراعين أيضاً) وتؤدي إلى حدوث الألم.

يمكن التغلب على هذه الأعراض بسهولة عن طريق تدليك العضلة وتناول السوائل وبعض المشروبات والمأكولات التي تحتوي على الصوديوم (يمكن زيادة ملح الطعام بنسبة بسيطة في حالة التعرض لدرجات الحرارة العالية عند ممارسة الرياضة) في الصيف.

في بعض الأحيان يمكن حدوث إغماء Heat syncope نتيجة للزيادة الكبيرة في درجات الحرارة مع ممارسة التمارين الرياضية العنيفة لفترة طويلة. وفي الأغلب يحدث ذلك نتيجة لخلل في التوافق بين الجهاز الحركي والأوعية الدموية poor vasomotor tone ويحدث التحسن بعد وضع الطفل بعيداً عن الشمس في مكان بارد مستلقياً على ظهره مع تناول كمية كافية من السوائل.

ولا يحتاج معظم الأطفال أكثر من 30 دقيقة حتى يتخلصوا من أعراض الإجهاد ويشمل العلاج الانتقال إلى بيئة باردة في غرفة مكيفة أو بها تيارات هوائية بعيداً عن الرطوبة، إذ كلما زادت رطوبة الجو قلت فرص التعرق مما يساهم في رفع درجة حرارة الجسم.

ويجب تبريد الجسم بالمراوح وإزالة أي ملابس زائدة كما يجب عمل كمادات من الثلج ووضعها على الفخذ وتحت الإبطين وفي حالة إذا كان الطفل غير قادر على تناول المشروبات عن طريق الفم يمكن الحصول على السوائل المختلفة عن طريق الوريد ويجب مراقبة درجة حرارة الطفل باستمرار بما في ذلك درجة حرارة المستقيم في الأطفال الأصغر عمراً.

الأطفال يحتاجون وقتاً أطول للتأقلم مع الأجواء الحارة والرطبة

مضاعفات ضربة الشمس

في حالة استمرار الأعراض وعدم ظهور أي علامات للتحسن لفترة أطول من نصف ساعة وفي حالة ظهور أعراض معينة على الطفل مثل عدم التركيز والتلعثم أو التصرف بسلوك غير معتاد وتغير مستوى الوعي يجب أخذه إلى المستشفى بشكل عاجل لأن هذه الأعراض تشير إلى حدوث ضربة شمس.

يجب على المدربين الحرص على أن تكون التمرينات الرياضية، مهما كانت بسيطة، قبل العاشرة صباحاً في فترة الصيف أو مباشرة قبل الغروب حتى يمكن تجنب درجات الحرارة المرتفعة والسخونة المباشرة من الشمس. ويجب أن يتناول الأطفال كميات كبيرة من السوائل في حالة خروجهم من المنزل في أوقات الحرارة. ويفضل أن يتناول الأطفال الذين يمارسون الرياضة بانتظام الأطعمة الخفيفة التي تحتوي على كميات كبيرة من الأملاح والمعادن ويمكن زيادة الملح بشكل طفيف حتى يمكن تجنب تقلصات العضلات.

ضربة الشمس هي مرض شديد جداً تحدث فيه اضطرابات للجهاز العصبي المركزي مع احتمال تلف الأنسجة في المخ وهي حالة طوارئ طبية ومعدل الوفيات فيها يصل إلى 50 في المائة. وتتميز ضربة الشمس المرتبطة بالرياضة بالتعرق الغزير نتيجة للمجهود المكثف في حين أن ضربة الشمس (التقليدية) ترتبط بالجلد الجاف والساخن وتكون أبطأ (عدة أيام). وعادة ما تكون درجة حرارة المستقيم أكبر من 40 درجة مئوية وتحدث أضرار جسيمة في القلب والمخ والكبد والكلى والعضلات مع عواقب مميتة محتملة إذا لم يتم علاجها فوراً عن طريق التبريد الكامل للجسم عن طريق الغمر في الماء البارد مع مراقبة مجرى الهواء والدورة الدموية ودرجة الحرارة وحالة الجهاز العصبي المركزي باستمرار. ويجب أن يتوقف التبريد السريع عندما تصل درجة الحرارة إلى 38 درجة.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

أعراض انسحاب إدمان التكنولوجيا شبيهة بتلك الخاصة بالهيروين

تكنولوجيا أعراض الانسحاب التي يعاني منها مدمنو التكنولوجيا تشبه تلك التي يعاني منها مدمنو المخدرات (رويترز)

أعراض انسحاب إدمان التكنولوجيا شبيهة بتلك الخاصة بالهيروين

قال متخصص إدمان بريطاني إن أعراض الانسحاب، التي يعاني منها مدمنو التكنولوجيا، تشبه تلك التي يعاني منها مدمنو المخدرات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك لدى الإنسان عُمران: زمني وبيولوجي (رويترز)

«ثلاثية صحية» تبطئ الشيخوخة وتخفض خطر الإصابة بالسرطان

أظهرت دراسة حديثة أن هناك «ثلاثية صحية» يمكن أن تبطئ الشيخوخة وتقلل من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 61 في المائة.

«الشرق الأوسط» (بيرن)
صحتك وجبة الإفطار من أهم الوجبات في اليوم (أ.ف.ب)

وجبة إفطار غنية بالسعرات تقي مرضى القلب من الاكتئاب

كشفت دراسة أجريت في الصين أن تناول وجبة إفطار غنية بالسعرات الحرارية ربما يساعد على حماية مرضى القلب من الإصابة بالاكتئاب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك هناك تغييرات في النظام الغذائي يمكن أن تساعد في التحكم بمستويات الكولسترول (جامعة هارفارد)

4 أطعمة تساعدك في خفض مستويات الكولسترول

تعد مادة الكولسترول أمراً حيوياً لجسم الإنسان، ولكن المستويات المرتفعة من الكولسترول «الضار» يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالذبحة الصدرية أو الأزمة القلبية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يستخدم الكثير منا العسل بشكل يومي في مختلف الأشياء (رويترز)

هل العسل مفيد بالفعل لصحتك؟

تحدثت صحيفة «التلغراف» البريطانية مع عدد من الخبراء بشأن الفوائد الصحية للعسل، وما إذا كان هناك بعض الأشخاص الممنوعين من تناوله.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ثلاثية صحية» تبطئ الشيخوخة وتخفض خطر الإصابة بالسرطان

لدى الإنسان عُمران: زمني وبيولوجي (رويترز)
لدى الإنسان عُمران: زمني وبيولوجي (رويترز)
TT

«ثلاثية صحية» تبطئ الشيخوخة وتخفض خطر الإصابة بالسرطان

لدى الإنسان عُمران: زمني وبيولوجي (رويترز)
لدى الإنسان عُمران: زمني وبيولوجي (رويترز)

أظهرت دراسة جديدة أن هناك «ثلاثية صحية» يمكن أن تبطئ الشيخوخة وتقلل من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 61 في المائة.

وهذه الثلاثية تشمل تناول أحماض «أوميغا3»، وفيتامين «د»، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وفق ما نقلته صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه «الثلاثية الصحية الفائقة» لا تطيل العمر فقط، بل تعزز أيضاً من جودة الحياة عبر تقليل مخاطر المشكلات الصحية المرتبطة بالعمر، وتحسين الرفاهية العامة لكبار السن.

ومعروف أن لدى الإنسان عمرين؛ العمر الزمني الذي يحدَّد بالسنوات، والبيولوجي الذي يحدَّد بمدى حيوية الجسم وخلاياه.

وهذا يعني أن شخصين وُلدا في اليوم نفسه قد يكون لديهما عمران بيولوجيان مختلفان بشكل كبير مع مرور الوقت، اعتماداً على صحتهما وأسلوب حياتهما وجيناتهما.

وأجريت الدراسة الجديدة على 777 مشاركاً تبدأ أعمارهم من 70 عاماً فما فوق، من 5 دول أوروبية.

وتلقى المشاركون؛ إما دواءً وهمياً، أو «أوميغا3»، أو فيتامين «د»، أو مارسوا الرياضة، فيما جمع عدد منهم بين تناول «أوميغا3» وفيتامين «د» وممارسة التمارين الرياضية.

وفي حين لا توجد طريقة مثالية لحساب العمر البيولوجي، فقد جمع الباحثون عينات الدم في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد 3 سنوات. وحُللت العينات باستخدام 4 تقنيات وراثية تتتبع العمر البيولوجي عبر التغيرات في مثيله بالحمض النووي.

ووجد الباحثون أن تأثير أحماض «أوميغا3» في إبطاء الشيخوخة كان أقوى من تأثير تناول فيتامين «د» أو ممارسة الرياضة، إلا إن الجمع بين الأساليب الثلاثة كان له التأثير الأعمق.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن كبار السن الذين تناولوا غراماً واحداً من أحماض «أوميغا3» وألفي وحدة دولية من فيتامين «د» يومياً، جنباً إلى جنب مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، تباطأت الشيخوخة البيولوجية لديهم بمقدار ما بين 3 و4 أشهر على مدار 3 سنوات.

ووجد الباحثون أيضاً أن هذا المزيج خفض خطر الإصابة بالوهن المبكر لدى المشاركين بنسبة 39 في المائة، والسرطان بنسبة 61 في المائة.

وقالت هيكي بيشوف فيراري، الباحثة الرئيسية في الدراسة والأستاذة بجامعة زيوريخ، في بيان: «أظهرت دراسات سابقة أن أحماض (أوميغا3) وفيتامين (د) وممارسة التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالعدوى، والسقوط، والسرطان، والوهن. وقد ألهمتنا هذه النتائج لقياس التأثير المباشر لهذه الأساليب الثلاثة على عملية الشيخوخة البيولوجية».

ولفت الباحثون إلى أن أكثر ما يميز هذه «الثلاثية الصحية» هو أنها ميسورة التكلفة وآمنة.

يذكر أن من أهم مصادر «أوميغا3» وفيتامين «د» الأسماك والبيض واللبن وزيت بذور الكتان وزيت فول الصويا. وتعدّ أشعة الشمس أول مصادر فيتامين «د».