طريقة جديدة واعدة لعلاج السرطان لدى الأطفال

تجمع بين الاختبارات الجينية وتجربة الدواء فردياً على الأورام

طريقة جديدة واعدة لعلاج السرطان لدى الأطفال
TT

طريقة جديدة واعدة لعلاج السرطان لدى الأطفال

طريقة جديدة واعدة لعلاج السرطان لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت علاج الأنواع العنيفة من سرطانات الأطفال عن طريقة جديدة لعلاج كل حالة بشكل فردي personalized treatments، بحيث تجمع الطريقة الحديثة بين الاختبارات الجينية وتجربة الدواء بشكل فردي على عينات الورم.

وهذا ما يعني بالضرورة عدم اتباع البروتوكولات المعتادة في علاج نوع معين من السرطانات تناسب كل الأطفال الذين يصابون بنفس المرض. ومن خلال التجارب السريرية تمت تجربة بعض أنواع الأدوية ليست لعلاج السرطان في الأساس، ولكنها أثبتت كفاءة في العلاج.

أورام منتكسة ومميتة

الدراسة قام بها فريق بحثي من جامعة فلوريدا بالولايات المتحدة بقيادة الدكتورة ديانا عزام ذات الأصول العربية الأستاذة المساعدة في الكيمياء الحيوية، ونُشرت في مجلة «نتشر ميديسن» Nature Medicine في مطلع شهر أبريل (نيسان) الحالي، واستهدفت الأطفال الذين عانوا من الأورام المنتكسة relapsed والمميتة، والتي يصعب علاجها، ونجحت الطريقة الجديدة في إظهار تحسن على 83 في المائة من الأطفال الذين شملتهم التجارب.

معالجة الأورام مختبرياً

اعتمدت الطريقة الجديدة على أخذ عينات صغيرة من الأورام الأصلية، ومعالجتها في المختبر بحيث تتم تغذيتها، ومساعدة الورم على النمو بطريقة تشبه إلى حد كبير نفس الطريقة التي ينمو بها عادة في الجسم. وبعد ذلك يتعرض الورم الذي تم نموه في المختبر إلى التأثير الكيميائي لأكثر من 120 دواء معتمداً من إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA، سواء كانت هذه الأدوية مضادة للسرطان، أو أدوية عادية تستخدم في أغراض عامة، مثل عقاقير الستاتين statins التي تستخدم لخفض مستويات الكوليسترول في الدم، وكذلك بعض أنواع أدوية الحساسية، ومن خلال قدرة هذه الأدوية على تدمير الورم يتم اختيار أنسب «دمج للأدوية» للعلاج. وتستغرق هذه الطريقة نحو أسبوع.

علاجات شخصية موجهة

أوضحت الدراسة أن نظرية العلاج الموحد لمرض معين يمكن أن تكون فعالة في العديد من الأمراض العادية، ولكن في الأورام الأمر يختلف إلى حد كبير، لأن التطور يحدث بشكل مفاجئ. وفي الأغلب يخضع للعديد من الطفرات. كما أن نفس العلاج المضاد للورم يمكن أن ينجح في علاج مريض، بينما يخفق تماماً في علاج مريض آخر، مما يستدعي أن يكون العلاج شديد الخصوصية تبعاً لحالة كل طفل.

رغم أن العلاج عن طريق دراسة الجينوم (تحليل الحمض النووي لسرطان المريض) يُعد من الطرق الجيدة للعلاج، فإنه يستغرق عدة أسابيع. وحتى بعد هذه الفترة الطويلة لا يستفيد من هذه الطريقة أكثر من 10 في المائة من المرضى الذين يعانون من الأنواع المتقدمة.

دراسة جينات الأورام المعالَجة

وفي هذه الدراسة قام الباحثون بالاعتماد على الجينوم أيضاً، ولكن الأمر المختلف هو توظيف الجينات لمعرفة كيفية استجابة الخلايا السرطانية الحية من عينة الورم لاختبارات الأدوية المكثفة. والجدير بالذكر أن فريق مختبر الدكتورة ديانا يُعد أول فريق بحثي ينجح في السيطرة على الأنواع المتقدمة من السرطان عن طريق استخدام العلاج الشخصي مع الجينوم.

أوضح الباحثون أن هذه الطريقة في العلاج تسمى بالطب الوظيفي المحدد functional precision medicine التي توفر الوقت والتجارب في علاج الأورام، وتقوم بتحديد العلاج الملائم لكل حالة حتى لو كان العقار غير متعارف عليه في علاج السرطان، لأن الاختبارات على العينة في المختبر سريعة، وعامل الوقت مهم جداً في علاج الأطفال. بجانب أنها لا تسبب أي مشاكل للطفل بعكس تجربة علاج معين يمكن أن تكون له آثار جانبية على الجسم.

طريقة واعدة للتعافي السريع

قالت الدكتورة ديانا إن هذه الطريقة تمنح الأمل للعديد من الأطفال المرضى بأورام عنيفة، خاصة أن فرص النجاة في حالات الانتكاس تكون قليلة جداً، وسرعة التوصل إلى العلاج الأمثل من دون إنهاك جسد الطفل المتعب بالفعل تُعد نوعاً من الإنقاذ.

وعلى سبيل المثال في التجارب السريرية التي قام الباحثون بها، كان هناك طفل مصاب باللوكيميا تم علاجه بالطريقة التقليدية في 5 شهور، ثم حدثت له انتكاسة بعد عامين فقط، وتم علاجه بالطريقة الجديدة، وتعافى في غضون 33 يوماً فقط، وما زال بصحة جيدة حتى الآن. وفي النهاية أعرب الباحثون عن أملهم في أن تكون طريقة العلاج الوظيفي المحدد هي بداية التعامل مع المرضى، ولا يتم التعامل معها كنوع من الاختيار الأخير للعلاج.


مقالات ذات صلة

روبوت يُجري جراحة لمريض سرطان

يوميات الشرق فوجئ بالشعور الجيّد بعد الجراحة (موقع الروبوت)

روبوت يُجري جراحة لمريض سرطان

ابتكر علماء روبوتاً جديداً قادراً على إجراء جراحات لمرضى السرطان يُستخدم حالياً في نورفولك بشرق إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان يزود الجسم بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام (غيتي)

تحسين الكولسترول والوقاية من السرطان... فوائد هائلة لتناول الرمان يومياً

بتناول حبات الرمان يومياً تضمن أن تزود جسمك بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بسرطان الثدي (رويترز)

تقرير: النساء الشابات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من الرجال

تمثل حالة الأختين رورك ظاهرة منتشرة في الولايات المتحدة، وهي تشخيص المزيد من النساء الشابات بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا كيت ميدلتون زوجة الأمير البريطاني ويليام (أ.ف.ب)

كيت ميدلتون تكشف أنها في مرحلة الشفاء من السرطان

كشفت كيت ميدلتون، زوجة الأمير البريطاني ويليام، الثلاثاء، إنها في مرحلة الشفاء من مرض السرطان الذي تعاني منه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك توصي جمعية القلب الأميركية بالحصول على ما لا يقل عن 30 غراماً من الألياف يومياً (رويترز)

«الارتباط المباشر» بين تناول الألياف وتأثيرات مكافحة السرطان - أي الأطعمة هي الأفضل؟

تؤكد دراسة جديدة أجريت في كلية الطب بجامعة ستانفورد الأميركية على أهمية الألياف الغذائية، حيث قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان بتغيير نشاط الجينات.


التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.