3 تحديات أمام العلماء لزراعة دماغ إنسان

3 تحديات أمام العلماء لزراعة دماغ إنسان
TT

3 تحديات أمام العلماء لزراعة دماغ إنسان

3 تحديات أمام العلماء لزراعة دماغ إنسان

كان جراح الأعصاب سيرجيو كانافيرو قد أعلن عام 2015 أنه قد يكون قريبًا قادرًا على إجراء أول عملية زرع رأس بشري في العالم. وهذا يعني أنه سيكون من الممكن إزالة رأس شخص ما وزرعه فوق رقبة وأكتاف شخص آخر. لكن حتى الآن، لم يتم تنفيذ هذا إلا على الجثث وليس على البشر الأحياء.

ولنفترض أن الشخص أراد الاحتفاظ بوجهه الذي لديه بالفعل أو قد سئم منه؛ فهل يمكن أن يكون من الممكن تبديل العقول بين الأجسام بدلاً من ذلك؟ فما مدى جدوى إجراء عملية زرع دماغ؟ وما هي الإجراءات العملية الأكثر تحديًا التي تم تصورها على الإطلاق؟ وفق ما يذكر تقرير نقله «ساينس إليرت» عن «The Conversation» العلمي المرموق.

التحدي الأول: الدخول والخروج

يمتلك الدماغ الحي نسيجًا ناعمًا من مادة بلانكمانج، وهو محمي من الأذى بواسطة الجمجمة.

وعلى الرغم من صعوبة كسرها، إلا أن العظم ربما يكون أسهل هيكل يمكن التفاوض عليه.

وتستخدم تقنيات جراحة الأعصاب الحديثة مناشير بضع القحف لإزالة قطعة من الجمجمة والوصول إلى الدماغ تحتها.

ومن الجدير بالذكر أنه ليس كل عمليات جراحة الأعصاب تصل إلى الدماغ بهذه الطريقة؛ حيث تقع الغدة النخامية بقدر حجم حبة البازلاء على قاعدة الدماغ، خلف أحد الجيوب الأنفية مباشرة في الجزء الخلفي من التجويف الأنفي.

في هذه الحالة، من المنطقي استخدام الأنف بدلاً من جراحة الغدة النخامية.

وعلى الرغم من أن الأنف لن يكون كبيرًا بما يكفي لإدخال دماغ جديد من خلاله، إلا أنه من المؤكد أنه يمكن أن يكون بمثابة طريق لإزالة واحد؛ ولو على شكل قطع.

يذكر أنه أثناء عملية التحنيط، قام المصريون القدماء، الذين اعتبروا الدماغ غير مهم، بإزالة أجزاء منه عبر الممرات الأنفية. فبعد الجمجمة، تصل إلى قماط الدماغ (ثلاثة أغشية واقية، أو السحايا. الأول، الجافية، صعب. والثاني، المسمى بالعنكبوتية، يشبه شبكة العنكبوت، في حين أن بيا، الثالث، رقيق بشكل غير مرئي)؛ هذه الهياكل هي التي تلتهب في التهاب السحايا. إذ توفر هذه الأغشية الاستقرار وتمنع الدماغ من التحرك. كما تقوم أيضًا بفصل أحشاء الجمجمة إلى أجزاء؛ الأول يوفر كفة سائلة وقائية حول الجزء الخارجي من الدماغ يُعرف باسم السائل النخاعي (CSF)، وهو يتكون من الدم المفلتر وهو عديم اللون. فتقوم السحايا أيضًا بإنشاء قنوات بين الدماغ والجمجمة؛ هذه هي الطرق التي يتم من خلالها إرجاع الدم والسائل الدماغي الشوكي من الرأس إلى القلب.

وعند فتح الجمجمة والسحايا، سيكون هناك ما يكفي من النافذة لإزالة الدماغ. وهذا من شأنه أن يكون الجزء الأكثر مباشرة من العملية.

التحدي الثاني: ربط الدوائر

حان الوقت الآن لإدخال الدماغ الجديد. وهنا تتعقد الأمور. إذ يتلقى الدماغ المعلومات الحسية من جميع أنحاء الجسم ويرسل التعليمات إليه، ما يجعل العضلات تنقبض وينبض القلب وتفرز الغدد الهرمونات.

وتتطلب إزالة الدماغ قطع 12 زوجًا من الأعصاب القحفية التي تنطلق مباشرة منه، وكذلك الحبل الشوكي. فتدخل المعلومات وتخرج من الدماغ من خلال كل هذه الهياكل.

الأعصاب لا تتحد معًا ببساطة. وبمجرد قطعها، فإنها تبدأ عادةً في التفكك والموت، على الرغم من أن بعضها أكثر مرونة في مواجهة الضرر من البعض الآخر. فتقوم مجموعات البحث في جميع أنحاء العالم بتجربة كيفية تعزيز إعادة نمو الخلايا العصبية بعد تعرضها للتلف لتجنب الأعراض العصبية. إن الأفكار التي يمكن تحقيقها حول هذا الأمر متعددة ولكنها تشمل استخدام المواد الكيميائية أو التطعيم في الخلايا التي تحفز تعافي الخلايا العصبية.

من أجل ذلك، اقترح الباحثون أيضًا أنه يمكن استخدام غراء بيولوجي خاص من أجل لصق طرفي العصب المقطوع أو الحبل الشوكي معًا مرة أخرى.

وستتطلب إزالة الدماغ القديم أيضًا قطع الشرايين التي تزود الدم. وسيؤدي هذا أيضًا إلى قطع الأكسجين والتغذية الضرورية، الأمر الذي سيتطلب أيضًا إعادة الاقتران.

التحدي الثالث: العواقب

الفترة الأخيرة والأكثر غموضا هي الفترة التي تعقب ذلك. وقائمة التكهنات لا تنتهي؛ هل سيستعيد الشخص وعيه؟ هل سيكون قادرا على التفكير؟ هل سيتحرك؟ سيتنفس؟ كيف سيتفاعل الجسم مع الدماغ الجديد؟

وتتطلب معظم جراحات زرع الأعضاء متبرعين متطابقين مع المتلقين، لأن رد فعل الجسم الطبيعي تجاه الأنسجة غير المعروفة هو رفضها؛ فيرسل جهاز المناعة قوة من خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة للهجوم والتدمير، مقتنعًا بأن هذا الوجود الجديد يعني الضرر.

وعادةً ما تتم حماية الأدمغة من هذا الهجوم بواسطة درع آخر يسمى الحاجز الدموي الدماغي. فإذا لم تتم إعادة بنائه بشكل صحيح أثناء العملية، فقد يكون دماغ المتبرع مفتوحًا للهجوم. ومن المهم أيضًا التفكير في كيفية تفاعل الدماغ مع موطنه الجديد.

وفي الختام، إن الجدوى وفقًا لعلم التشريح وعلم وظائف الأعضاء الأساسيين تجعل تطوير مثل هذا الإجراء المعقد غير مرجح. لكن هل المزيد من الوقت والأدوات والتقنيات والخبرة وبالطبع المال، سيجعله قابلا للتطبيق؟


مقالات ذات صلة

السعودية تستعد لنمو قطاع الأدوية 7.6% سنوياً حتى 2030

الاقتصاد خلال إحدى النسخ السابقة لـ«سي بي إتش أي الشرق الأوسط» (الموقع الرسمي للمعرض)

السعودية تستعد لنمو قطاع الأدوية 7.6% سنوياً حتى 2030

قطاع الأدوية في السعودية يشهد تغيراً جذرياً، حيث بلغت قيمته نحو 12.6 مليار دولار في العام الماضي ومن المتوقع أن يسجل نمواً سنوياً مركباً قدره 7.6 في المائة.

زينب علي (الرياض)
أفريقيا أشخاص يتلقون جرعات من اللقاح المضاد لـ«الكوليرا» في جنوب السودان (أرشيفية - منظمة الصحة العالمية)

«أطباء بلا حدود»: انتشار «سريع» للكوليرا في جنوب السودان

حذّرت منظمة «أطباء بلا حدود»، في بيان اليوم (الجمعة)، من أن وباء الكوليرا «ينتشر سريعاً» في شمال جنوب السودان الذي يضم آلاف اللاجئين.

«الشرق الأوسط» (جوبا)
صحتك الأزمة القلبية حالة طارئة تتطلب علاجاً فورياً (جامعة أكسفورد)

6 علامات تشير لمشكلة صحية في القلب

ست علامات يجب أن تكون على دراية بها لمعرفة إذا كانت هناك خطورة على عضلة قلبك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الزنك... وهرمون الذكورة

الزنك... وهرمون الذكورة

في رسالة إلكترونية وصلت إلى بريد «استشارات» في «الشرق الأوسط»، سأل القارئ عبد الإله يقول: «نصحني أحدهم بتناول حبوب الزنك من الصيدلية واستخدامها بشكل يومي

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك المضاد الحيوي... البديل الأفضل في علاج التهاب الزائدة الدودية

المضاد الحيوي... البديل الأفضل في علاج التهاب الزائدة الدودية

منذ اعتماد المضادات الحيوية في علاج التهاب الزائدة الدودية البسيطة، التي لا تصاحبها المضاعفات، بديلاً للجراحة العاجلة، لم يحسم حتى الآن الجدل الكثير...

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

العلاج العظمي للأطفال في فرنسا يلاقي إقبالاً من الأهالي... ويقلق الأطباء

تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)
تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)
TT

العلاج العظمي للأطفال في فرنسا يلاقي إقبالاً من الأهالي... ويقلق الأطباء

تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)
تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)

على جدران أقسام الولادة في المستشفيات الفرنسية، تتكاثر الملصقات التي تنصح الآباء الجدد بأخذ أطفالهم المولودين حديثاً إلى معالج عظمي عندما يعانون عدداً من الأعراض، لكنّ كثيراً من العاملين في القطاع الصحي ينتقدون هذه الدعوات، ويرون عدم جدوى هذه الاستشارات، لا بل خطورتها، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال، بين الإمساك والمغص والانتفاخ وصعوبات الرضاعة والبكاء أثناء الليل، لكنّ هذه الأعراض عادية جداً ومألوفة، وخصوصاً إذا كان الأطفال حديثي الولادة.

وقالت طبيبة الأطفال والناطقة باسم جمعية «طب الأطفال الفرنسية»، كريستيل غرا لو غين: «هذه المعاينات عديمة الفائدة، إذ إن كل هذه الأعراض فيزيولوجية وتزول بصورة طبيعية بعد أربعة أشهر».

وتحظى مقاطع الفيديو التي تُظهر معالجي عظام يعاينون أطفالاً بإقبال كبير على شبكات التواصل الاجتماعي.

فعلى «تيك توك»، شوهدت نحو 40 مليون مرة مقاطع فيديو دافيد يعيش، المعروف باسم «موسيو بروت» Monsieur Prout في إشارة إلى كونه «يحرر الطفل من الغازات».

ويبدو الطفل مرتاحاً، ووالداه راضيين، مع أن رئيسة المجلس الوطني لنقابة المدلكين وأخصائيي العلاج الطبيعي، باسكال ماتيو، أكدت أن ما فعله المُعالِج ليس معجزة، بل هو تقنية معروفة.

وشرحت أنه «مجرّد تدليك للبطن، تفرضه الفطرة السليمة، نشرحه للأم في جناح الولادة. ليست هناك حاجة للجوء إلى استشارة تكلف 60 يورو في المتوسط لإراحة طفل من الغازات».

واتهمت «أخصائيي تقويم العظام الذين يوفرون هذه الجلسات» بأنهم «يسعون فقط إلى تعزيز حجم عملهم من خلال استغلال قلق الوالدين».

ليست تشخيصاً طبياً

في فرنسا، لا يُعد مقوّمو العظام متخصصين في مجال الصحة، ولا يغطي التأمين الصحي معايناتهم، ولكن بعض المؤسسات التعاونية تغطيها.

وفي حالة الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر، يُحظر تماماً المساس بالجمجمة والوجه والعمود الفقري من دون شهادة طبية بعدم وجود موانع.

لكنّ هذا الشرط «لا يطبق على الإطلاق عملياً»، بحسب رئيس جمعية مقوّمي العظام في فرنسا، دومينيك بلان، الذي عزا ذلك إلى أن «الأطباء لا يرغبون في تحمل المسؤولية» عن هذا الأمر.

ولاحظ مع ذلك أن الأهل «يحضرون أطفالهم قبل بلوغهم ستة أشهر»، مؤكداً أن «أي مشكلة على الإطلاق لم تسجَّل».

إلاّ أنّ طبيبة الأطفال كريستيل غرا لوغين شدّدت على أن بعض ما ينفذه مقوّمو العظام قد يكون خطيراً، مشيرة إلى حالات عدة لأطفال تعرضوا لتوعكات صحية «خلال جلسات العلاج العظمي أو بعدها».

وشددت المفتشية العامة للشؤون الاجتماعية في فرنسا في تقريرها الأخير عن العلاج العظمي على ضرورة إنشاء «سجلّ للحوادث الجسيمة الناجمة عن هذه الممارسات».

وأكّد بعض معالجي تقويم العظام للأطفال، على مواقعهم الإلكترونية، أنهم قادرون على علاج متلازمة Kiss syndrome التي تتجلى في البكاء المتكرر ووضعية مقوسة، مرتبطة بانسداد في الرقبة.

لكنّ طبيبة الأطفال والرئيسة السابقة للجمعية الفرنسية لطب الأطفال الخارجي، فابيين كوشير، أكدت: «هذه المتلازمة غير موجودة. إنها ليست تشخيصاً طبياً... يطلقون تسمية متلازمة لأعراض مألوفة عند الرضّع».

«تأثير الدواء الوهمي»

في ظل بعض التجاوزات في المهنة، ذكّرت الأكاديمية الفرنسية للطب هذا الأسبوع بأن ممارسات العلاج العظمي الحشوية والجمجمية لا تستند «إلى أي أساس علمي مثبت»، ولم يثبت أنها فاعلة وآمنة.

وفيما يتعلق بانتحال الرأس، وهو تَشوُّه في رأس الرضيع ومن أبرز أسباب استشارة مقوّمي العظام، أكدت الأكاديمية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «البيانات العلمية لا تتيح التوصية بالعلاج العظمي».

ونددت الأكاديمية الفرنسية للطب التي ليس لآرائها أي صفة قانونية ولكن لها قيمة مرجعية طبية، «بالإعلانات» التي تروج لهذه الممارسات في أقسام الولادة.

وقالت رئيسة المجلس الوطني لنقابة المدلكين وأخصائيي العلاج الطبيعي، باسكال ماتيو: «إذا كان الطفل يتمتع بصحة جيدة، فهو لا يحتاج إلى معالج عظام، وإذا كان يعاني مرضاً ما، فهو يحتاج إلى أخصائي صحي».

ورغم عدم وجود أدلة على فاعلية العلاج العظمي، فهو يشهد إقبالاً كبيراً في فرنسا. ويصل عدد الممارسين الحصريين إلى 15 ألفاً، مقارنة بأقل من 6 آلاف في المملكة المتحدة.

ورأى دومينيك بلان في ذلك دليلاً «على رضا» الأهل الذين يراجعون المعالجين العظميين، وعلى تزايد عدد هذه الاستشارات.

غير أن فابيين كوشير رأت أن هذا «النجاح» هو قبل كل شيء نتيجة لاتساع ما وصفته بـ«الصحارى الطبية».

وقالت: «لدينا نقص في المتخصصين في مجال الصحة الذين يعتنون بالأطفال، في حين أن الأهل القلقين بشكل متزايد يلجأون إلى معالجي العظام، لكنّ معاينات هؤلاء أشبه بتأثير دواء وهمي».