جرثومة المعدة لدى الأطفال... المخاطر والمضاعفات

يمكن الإصابة بها من خلال اللُّعاب وسوائل الجسم الأخرى

جرثومة المعدة لدى الأطفال... المخاطر والمضاعفات
TT

جرثومة المعدة لدى الأطفال... المخاطر والمضاعفات

جرثومة المعدة لدى الأطفال... المخاطر والمضاعفات

على الرغم من حداثة المعرفة بتشخيص الجرثومة الحلزونية الخاصة بالتهاب المعدة (هيليكوباكتر بيلوري Helicobacter pylori) فإنها أصبحت تمثل هاجساً للكثيرين، وذلك لكثرة المعلومات الخاطئة المتداولة عنها، ما سبَّب حالة من الخوف الشديد للآباء حين علمهم بتشخيص أحد أبنائهم بجرثومة المعدة.

جرثومة المعدة

والحقيقة أن هذه الجرثومة تُعد من الميكروبات الشائعة المسؤولة عن العديد من أمراض الجهاز الهضمي، مثل التهاب الجدار المبطن للمعدة (gastritis) والقرحة (peptic ulcer) سواء في المعدة أو في الأمعاء الدقيقة أو المريء، ويمكن علاجها في فترة بسيطة. وتجدر الإشارة إلى أن احتمالية الإصابة بالسرطان بسبب للجرثومة نادرة جداً في الأطفال وذلك لارتفاع مناعتهم.

لم تكن الإصابة بالجرثومة شائعة في الأطفال، ولكن في السنوات الأخيرة بدأت الإصابات تتزايد خاصة في مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة. وتحدث الإصابة عادة من الطعام أو الماء أو أدوات الأكل الملوثة، وتنتشر في المناطق المزدحمة التي تفتقر للمعايير الصحية مثل المياه النظيفة أو أنظمة صرف صحي جيدة، ويمكن الإصابة بها أيضاً من خلال اللعاب وسوائل الجسم الأخرى.

وتقوم الجرثومة بإضعاف الطبقة المبطنة لجدار المعدة والأمعاء الدقيقة (هذه الطبقة تحمى المعدة من حمض الهيدروكلوريك HCL الموجود فيها)، وفي حالة عدم علاجها يصل الحمض الموجود في المعدة إلى الجدار نفسه، مما يسبب حدوث ألم حرقة المعدة، ومع الوقت تحدث تقرحات.

خلافاً لتصور معظم الأمهات، ففي الأغلب لا تسبب الإصابة بجرثومة المعدة فقط الآلام في البطن (إلا إذا تسببت في حدوث قرحة)، ولكن الميكروب نفسه لا يسبب مغصاً أو ألماً في الجزء الأعلى من المعدة. وفي حالة حدوث ألم في الأغلب يكون نتيجة لأسباب أخرى مثل عسر الهضم والعدوى بالفيروسات المختلفة، فضلاً عن التوتر والقلق (المعدة من أكثر الأعضاء التي تتأثر بالأعراض النفسية - الجسدية). وأيضاً يجب التفكير في التهاب الزائدة الدودية، خاصة إذا كان الألم في الجانب الأيمن.

اكتشاف الجرثومة

وفي الأغلب يتم اكتشاف جرثومة المعدة بالصدفة عند إجراء تحليل بعد الاشتباه في الإصابة بها، في حالة عدم تحسن الأعراض الخاصة بالجهاز الهضمي، سواء الحموضة (burning) التي لا تستجيب للأدوية المضادة للحموضة، أو آلام القرحة بعد أسبوعين من تناول العلاج.

إذا تسببت البكتيريا في حدوث أعراض فهي عادة إما أعراض التهاب المعدة وإما القرحة، وقد تشمل الأعراض الشعور بالغثيان والقيء، خاصة عند تناول أدوية مسكنة أو أطعمة يمكن أن تسبب تهيجاً في جدار المعدة، مثل الأطعمة الحارة بالفلفل أو التي تم قليها بالزيت، وأيضاً بعض المشروبات الحمضية مثل عصير البرتقال. وفي الأغلب يحدث انتفاخ وألم في المنطقة أسفل الضلوع وأعلى المعدة.

في حالة عدم استجابة قرحة المعدة للعلاج يمكن أن يحدث نزيف، سواء من الجزء العلوي للجهاز الهضمي على شكل (قيء دموي) يكون بني اللون أشبه بالقهوة المطحونة، أو بعد أن يكون قد اختلط بالعصارة المعدية وينزل على شكل براز أسود اللون (البراز). وهذه الأعراض تحتاج للعرض الفوري على الطبيب لوصف العلاج الملائم للحالة من أدوية توقف النزيف بجانب أدوية أخرى لعلاج بطانة المعدة، وتعويض الجسم عن كمّ السوائل التي تم فقدانها جراء القيء والبراز المدمم، والعلاج يجب أن يتم في المستشفى وليس في المنزل.

يتم تشخيص جرثومة المعدة من خلال إجراء تحليل للكشف عن الأجسام المضادة لوجودها في البراز. والأجسام المضادة هي بروتينات خاصة يقوم الجهاز المناعي للجسم بتكوينها لمحاربة الميكروبات، وفي الأغلب تبقى في الجسم في حالة استعداد لمحاربة الميكروب نفسه مرة أخرى، بعد أن تكون قد تعرفت على تركيبته الكيميائية.

هناك احتياطات خاصة يجب أن يلتزم بها الأطفال الذين أُصيبوا بقرحة في المعدة سابقاً مثل عدم تناول المسكنات، خاصة من عائلة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبيروفين، ويمكن تناول الباراسيتامول بديلاً عنه، ويجب الامتناع عن تناول كميات كبيرة من المشروبات المهيجة للمعدة مثل المشروبات الغازية بشكل عام، خاصة الكولا، والكافيين خاصة القهوة، والأطعمة التي تحتوى على كميات كبيرة من الفلفل الأحمر، وكذلك الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون، وأيضاً الكميات الكبيرة من الشوكولاته.

تضعف الجرثومة الطبقة المبطنة لجدار المعدة والأمعاء الدقيقة

نصائح للمرضى

يُنصح المرضى بتناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والبقوليات، وقليلة الدهون مثل الأسماك واللحوم الخالية من الدهون، والمشروبات غير الغازية مثل العصائر الطبيعية غير الحمضية، وبشكل عام يفضل تناول مشروبات خالية من الكافيين تماماً للأطفال حتى الذين لا يعانون من التهاب المعدة أو مرضى بالجرثومة المعدية حتى القهوة يمكن تناولها خالية من الكافيين.

يتم علاج جرثومة المعدة عن طريق المضادات الحيوية المناسبة لها، وفي الأغلب يقوم الطبيب باستخدام مجموعة من عدة عائلات للمضادات، وذلك لأن مقاومة الجرثومة لعمل المضادات تُعد من أهم العوامل التي تعوق الشفاء وتطيل فترة العلاج، ويجب أيضاً أن يتناول الطفل الأدوية المثبطة للحموضة بجانب الأدوية التي تقوم ببناء جدار المعدة مجدداً، وتمنع حدوث القرحة مرة أخرى.

للمساعدة في تهدئة آلام البطن يفضل اتباع جدول معين لتناول وجبات الطعام بحيث لا تبقى معدة الطفل فارغة لفترات طويلة، ويكون من الأفضل أن يقوم الطفل بتناول 5 أو 6 وجبات صغيرة كل يوم، بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة، ويجب أن يأخذ بعض الوقت للراحة بعد كل وجبة، ويجب على الأمهات التنبيه على أطفالهن بالالتزام بالنظافة العامة مثل غسل اليدين جيداً، خاصة بعد استخدام الحمام وقبل تناول الطعام.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
TT

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضةً للوفاة المبكرة.

وكتب باحثون في «المجلة الطبية البريطانية» أن الحالتين الشائعتين بين النساء مرتبطتان بمخاطر أكبر مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، لكن تأثيرهما على احتمال الوفاة قبل سن السبعين لا يزال غير واضح، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وتتبعت الدراسة نحو 110 آلاف امرأة كانت أعمارهن تتراوح بين 25 و42 عاماً في عام 1989، ولم يكن لديهن تاريخ في استئصال الرحم أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان. وعانت حوالي 12 ألف امرأة من بطانة الرحم المهاجرة، وهي حالة مزمنة تسبب ألماً نتيجة نمو نسيج مشابه لبطانة الرحم خارج الرحم، بينما عانت 21 ألفاً و600 حالة من أورام ليفية، وهي أورام غير سرطانية تتكون في جدار الرحم.

وتوفيت 4356 امرأة قبل بلوغ سن السبعين على مدى الثلاثين عاماً التالية.

وكانت المعدلات السنوية للوفاة المبكرة بأي سبب، حالتي وفاة من بين كل ألف امرأة مصابة ببطانة الرحم المهاجرة و1.4 من كل ألف امرأة لم تكن مصابة بهذه الحالة.

وبعد احتساب عوامل الخطر مثل العمر ومؤشر كتلة الجسم والنظام الغذائي والنشاط البدني والتدخين، ارتبطت بطانة الرحم المهاجرة بارتفاع خطر الوفاة المبكرة بنسبة 31 بالمائة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السرطانات النسائية.

وارتبطت الأورام الليفية الرحمية بازدياد خطر الوفاة المبكرة من السرطانات النسائية، لكن ليس بمعدل أعلى من الوفاة لأي سبب.

وخلص الباحثون إلى أن «هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية أن يأخذ مقدمو الرعاية الأولية هذه الاضطرابات النسائية في الاعتبار عند تقييمهم صحة المرأة».