محاكاة حاسوبية تُظهر سلالات متحولة من كورونا استجابة للسلوك البشري !

محاكاة حاسوبية تُظهر سلالات متحولة من كورونا استجابة للسلوك البشري !
TT

محاكاة حاسوبية تُظهر سلالات متحولة من كورونا استجابة للسلوك البشري !

محاكاة حاسوبية تُظهر سلالات متحولة من كورونا استجابة للسلوك البشري !

باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والنمذجة الرياضية، كشفت مجموعة بحثية بقيادة جامعة ناغويا أن السلوك البشري، مثل عمليات الإغلاق وإجراءات العزل، يؤثر على تطور سلالات جديدة من فيروس كورونا. فقد تطور فيروس SARS-CoV-2، الذي يسبب مرض كوفيد-19، ليصبح أكثر قابلية للانتقال في وقت مبكر من دورة حياته.

وتوفر نتائج الدراسة الجديدة المنشورة بمجلة «Nature Communications» المرموقة، رؤى جديدة حول العلاقة بين سلوك الناس والعوامل المسببة للأمراض، وذلك وفق ما ذكر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.

وكما هو الحال مع أي كائن حي آخر، تتطور الفيروسات بمرور الوقت؛ إذ ان التي تتمتع بمزايا البقاء تصبح المهيمنة في مجموعة الجينات.

وتؤثر العديد من العوامل البيئية على هذا التطور؛ بما في ذلك السلوك البشري. فمن خلال عزل المرضى واستخدام عمليات الإغلاق للسيطرة على تفشي المرض، قد يغير البشر تطور الفيروس بطرق معقدة.

ويعد التنبؤ بكيفية حدوث هذه التغييرات أمرًا حيويًا لتطوير العلاجات والتدخلات التكيفية. وأن أحد المفاهيم المهمة في هذا التفاعل هو الحمل الفيروسي، والذي يشير إلى كمية أو تركيز الفيروس الموجود لكل مليلتر من سوائل الجسم.

وفي SARS-CoV-2، يؤدي ارتفاع الحمل الفيروسي في إفرازات الجهاز التنفسي إلى زيادة خطر انتقال العدوى عبر القطيرات. فيما يرتبط الحمل الفيروسي بإمكانية نقل الفيروس إلى الآخرين؛ على سبيل المثال، يتمتع فيروس مثل الإيبولا بحمل فيروسي مرتفع بشكل استثنائي، في حين أن نزلات البرد لديها حمل فيروسي منخفض. ومع ذلك، يجب على الفيروسات إجراء عملية موازنة دقيقة، حيث أن زيادة الحد الأقصى للحمل الفيروسي يمكن أن يكون مفيدًا، ولكن الحمل الفيروسي المفرط قد يتسبب في إصابة الأفراد بمرض شديد بحيث لا يمكنهم نقل الفيروس إلى الآخرين.

وفي هذا الاطار، حددت مجموعة البحث بقيادة البروفيسور شينغو إيوامي بكلية الدراسات العليا للعلوم بجامعة ناغويا، الاتجاهات باستخدام النمذجة الرياضية مع عنصر الذكاء الاصطناعي للتحقيق في البيانات السريرية المنشورة مسبقًا. ووجدوا أن متغيرات SARS-CoV-2 التي كانت الأكثر نجاحًا في الانتشار كانت لها ذروة سابقة وأعلى في الحمل الفيروسي. ومع ذلك، مع تطور الفيروس من متغيرات ما قبل ألفا إلى متغيرات دلتا، كانت مدة الإصابة به أقصر.

كما وجد الباحثون أيضًا أن انخفاض فترة الحضانة وزيادة نسبة الإصابات بدون أعراض مسجلة مع تحور الفيروس أثر أيضًا على تطور الفيروس. كما أظهرت النتائج فرقا واضحا. ومع تطور الفيروس من سلالة ووهان إلى سلالة دلتا، وجد الباحثون زيادة بمقدار 5 أضعاف في الحد الأقصى للحمل الفيروسي وزيادة بمقدار 1.5 ضعف في عدد الأيام قبل وصول الحمل الفيروسي إلى ذروته.

ويشير إيوامي وزملاؤه إلى أن التغيرات السلوكية البشرية استجابة للفيروس، المصممة للحد من انتقال العدوى، كانت تزيد من الضغط الانتقائي على الفيروس. وقد تسبب هذا في انتقال فيروس SARS-CoV-2 بشكل رئيسي خلال فترات عدم ظهور الأعراض وما قبل الأعراض، والتي تحدث في وقت مبكر من دورته المعدية. ونتيجة لذلك، تقدمت ذروة الحمل الفيروسي إلى هذه الفترة لتنتشر بشكل أكثر فعالية في المراحل السابقة قبل ظهور الأعراض.

وعند تقييم استراتيجيات الصحة العامة استجابةً لكوفيد-19 وأي مسببات أمراض محتملة تؤدي لجائحة في المستقبل، من الضروري النظر في تأثير التغيرات في السلوك البشري على أنماط تطور الفيروس.

وخلصت الدراسة الى القول «ان السلوك البشري يمكن أن يساهم أيضًا في تطور الفيروس بطريقة أكثر تعقيدًا»، مشيرة الى الحاجة لإعادة تقييم تطور الفيروس لاحتمال تطور سلالات جديدة من فيروس كورونا بسبب التفاعل المعقد بين الأعراض السريرية والسلوك البشري.

بدورهم، يأمل الباحثون الى أن تؤدي أبحاثهم لتسريع إنشاء أنظمة اختبار للعلاج التكيفي والفحص الفعال واستراتيجيات العزل.


مقالات ذات صلة

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

صحتك المكسرات أطعمة غنية بالطاقة وبالعناصر الغذائية والمركبات المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة (أرشيفية - رويترز)

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

وجدت دراسة أجريت على أكثر من 50 ألف مشارك في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يتناولون حفنة من المكسرات كل يوم قد يخفضون من خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

توصل باحثون من آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية تؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
صحتك مزارع يقطف محصول فاكهة العنب من إحدى المزارع في منطقة الباحة (واس)

تجربة لاختبار مركب كيميائي في العنب الأحمر قد يقي من سرطان الأمعاء

أطلق علماء بريطانيون تجربة علمية تهدف إلى تقييم فاعلية «الريسفيراترول»، وهو مركب كيميائي موجود بالعنب الأحمر، في الوقاية من سرطان الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي ولو لمدة قصيرة مساءً له فوائد صحية جمّة (رويترز)

من بينها التصدي لسرطان الأمعاء والسكري... الفوائد الصحية للمشي مساءً

كشفت مجموعة من الدراسات العلمية أن المشي ولو لمدة قصيرة مساءً، له فوائد صحية جمّة، من تحسين عملية الهضم إلى تنظيم نسبة السكر في الدم والتصدي للسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

توصّلت دراسة حديثة إلى أن النظام المناعي يتأثر بالساعة الداخلية في جسم الإنسان، وهو ما يؤثر بدوره في عملية اختزان الدهون وضبط درجة حرارة الجسم. ويرى باحثون أن هذا الاكتشاف ينطوي على أهمية بالغة بالنسبة إلى من يعملون وفق ساعات عمل متغيرة، وعلى العادات الغذائية بوجه عام، وعلى تغيير أنماط النوم الناجمة عن متطلبات الحياة العصرية التي يعيشها الإنسان في الوقت الحالي.

وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق بحثي في آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية التي توجد داخل الأنسجة الدهنية في الجسم، ويُطلق عليه اسم «إنترلوكين - 17 إيه» (IL17- A)؛ يؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون، وهو ما يفسح المجال أمام بحث علمي جديد لعلاج مشكلات صحية مختلفة، مثل: السمنة، ومنع هدر المغذيات، وتخفيف آثار اضطرابات الأيض.

ويرى الباحثون أنه من خلال استهداف جزيئات الخلايا المناعية المذكورة يمكن تطوير أدوية مجدية لعلاج مثل هذه المشكلات الصحية.

وأوضح باحثون أن النظام اليوماوي للجسم الذي اصطُلح على تسميته «الساعة البيولوجية»، يضمن تنفيذ وظائف حيوية رئيسية داخل الجسم في أوقات معينة على مدار اليوم، ويساعد في إيجاد شكل من أشكال التزامن بين الوظائف الحيوية ومتغيرات البيئة الخارجية، مثل اختلاف ساعات الليل والنهار على سبيل المثال، ولعل أهم نموذج لوظيفة هذا النظام هو دورة النوم والاستيقاظ التي تتواكب مع الحركة الطبيعية للشمس.

ويعمل النظام المناعي وفق إيقاع الساعة البيولوجية للجسم؛ حيث يحفّزه على مقاومة العدوى في أوقات معينة من النهار، وتوصلت دراسات حديثة إلى وظيفة إضافية للمناعة، وهي الحفاظ على سلامة الأنسجة ووظائفها، لا سيما في الجهاز الهضمي حيث تتلقى خلايا مناعية متخصصة إشارات الأيض وتزيد من فاعلية عملية الامتصاص في أوقات التغذية. وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية «ناتشر»، تقول الباحثة ليديا لينش، من كلية «الكيمياء الحيوية وعلم المناعة» بجامعة «ترينيتي» في دبلن إن الخلايا المناعية الرئيسية التي تُعرف باسم الخلايا «تي» تفرز جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» التي تتجاوب بشكل واضح مع الجينات المسؤولة عن الساعة البيولوجية. وتلعب هذه الجينات دوراً رئيسياً في آلية اختزان الدهون.

وأضافت -في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية- أن فئران التجارب التي تفتقر إلى هذه الجينات تضطرب لديها منظومة معالجة الدهون واختزانها. كما أن تحليل عملية الأيض لدى هذه الفئران أظهر اضطراباً في النظام اليوماوي واختلالاً في منظومة حفظ حرارة الجسم.

وكانت دراسات سابقة قد أثبتت زيادة في معدلات دوران جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» في الجسم لدى البشر والفئران بعد تناول الغذاء، وهو ما يعني أن الأنسجة الدهنية تتجاوب مع سلوكيات الغذاء حيث تتمدّد في أوقات التغذية وتنكمش مع الصوم على سبيل المثال. وقد حرص الباحثون خلال التجربة على قياس مدى تأثر الخلايا المناعية بالسلوكيات الغذائية في حالة تغيير أوقات تناول الغذاء في عكس مواعيد الساعة البيولوجية للجسم عن طريق تغذية مجموعة فئران في الفترة من السابعة صباحاً إلى السابعة مساء، وتغذية مجموعة أخرى من السابعة مساء وحتى السابعة صباحاً على مدار ثلاثة أسابيع.

وتأكد من هذه التجربة وجود صلة بين جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» وتوقيت التغذية، وتبيّن أيضاً أن الفئران التي تتناول الغذاء في غير الأوقات المعتادة تتناول كميات أقل بنسبة 50% من السعرات الحرارية، مقارنة بالفئران التي كانت تتغذّى في الأوقات المعتادة.

وتوضح لينش -وهي أيضاً أستاذة علوم الأحياء على مستوى الجزيئات في مركز «لودفيج» لأبحاث السرطان، التابع لجامعة «برينستون» الأميركية- أنه «في كثير من الأحيان، تؤدي الحياة العصرية إلى اضطراب أنماط النوم الطبيعية لأسباب؛ من بينها: تباين أوقات نوبات العمل، أو التعرض لفترات مطولة للإضاءة الزرقاء التي تنبعث من شاشات الكومبيوتر أو الاتصال الدائم بشبكات الهاتف الجوال، وعلى الرغم من الشعور بالإرهاق، تجد الكثيرين يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي في ساعات الليل».

وأضافت: «لقد توصلنا إلى أن جزيئات الخلايا المناعية داخل الأنسجة الدهنية في الجسم والمسؤولة عن ضبط عملية اختزان الدهون تؤدي دوراً محورياً بصفة خاصة، ومن الممكن أن توفّر وسائل علاجية لمشكلات السمنة وأمراض اضطراب الأيض، لا سيما في أوساط الأشخاص الذين يعملون بنظام النوبات المختلفة في مواعيد غير ثابتة». وأكدت لينش أن «السمنة هي مشكلة تنتشر بشكل متزايد، ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم، كما تشكل عبئاً على أنظمة الرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية».

ومن جانبه، يرى اختصاصي الكيمياء الحيوية وأمراض المناعة في معهد الأبحاث الطبية والحيوية التابع لجامعة «ترينيتي»، أرون دوغلاس، أن «هذا الاكتشاف العلمي يفسح المجال أمام مزيد من الأبحاث العلمية في مجالات شتى»، مضيفاً أن «السؤال الرئيسي يكمن في ما إذا كانت الخلايا المناعية (تي) يمكنها ضبط إيقاع النظام اليوماوي في أنسجة أخرى لدى الجسم، وما إذا كان هذا التشابه يؤثر في إيقاع أنسجة الجسم المختلفة». وأشار إلى أن «الأمر اللافت هو أن الخلايا (تي) تقع بالقرب من المخ، وربما تؤثر أنشطتها بشكل ملموس في وظائف أعلى مثل التعلم والذاكرة، ومن الممكن أن تؤثر أيضاً في مناطق في المخ تتعلّق بنظام الأيض في الجسم بأسره وضبط درجات حرارته».