هل تتسبب أدوية الكوليسترول فعلاً في فقر الدم؟

قد تؤثر على استقلاب الحديد لدى المرضى

هل تتسبب أدوية الكوليسترول فعلاً في فقر الدم؟
TT

هل تتسبب أدوية الكوليسترول فعلاً في فقر الدم؟

هل تتسبب أدوية الكوليسترول فعلاً في فقر الدم؟

الاستخدام الواسع للأدوية الخافضة للكوليسترول في الدم المعروفة بـ«الستاتين» يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، بما يصل إلى 5.04 مرة. وبناءً عليه، لا بد من مراقبة مستويات الحديد بعناية لدى المرضى الذين يتناولون هذه الأدوية.

أدوية الستاتين statins، هي مجموعة من الأدوية التي يمكن أن تساعد في خفض مستوى كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) في الدم، والذي غالباً ما يُشار له باسم «الكوليسترول الضار». وتقلل أدوية الستاتين من إنتاج البروتين الدهني داخل الكبد، وتعمل على إعاقة إنزيم يحتاجه الكبد لإنتاج الكوليسترول.

وحسب بيانات خدمة الصحة الوطنية البريطانية NHS فإن عدد من يتناولها يقدر بنحو 7 إلى 8 ملايين شخص بالغ في المملكة المتحدة. وهناك أنواع مختلفة من الستاتين، أكثرها شيوعاً: أتورفاستاتين Atorvastatin، وسمفاستاتين Simvastitin، وروزوفاستاتين Rosuvastatin. وتوصف أدوية الستاتين في جميع أنحاء العالم لمعالجة الانتشار المتزايد لمستويات عالية بشكل غير طبيعي من الكوليسترول.

تأثيرات ضارة محتملة

ونُشرت دراسة جديدة في كوريا الجنوبية في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في مجلة «ساينس أدفانس» Science Advances وقادها جوهي أهان من قسم علوم الصحة العامة، جامعة سيول الوطنية، وزملاؤه، حول ارتباط استخدام الستاتين بظهور آثار ضارة مختلفة بما في ذلك آلام العضلات، وسمّية الكبد، ومرض السكري من النوع الثاني، وحتى مرض باركنسون. وهذا ما يؤثر على التزام المرضى بعلاج الستاتين بسبب المخاوف المتعلقة بهذه العوامل. ورغم أن الدراسات السابقة قد استكشفت آثار الستاتين على أمراض معينة إلا أنها تجاهلت التأثيرات الضارة المحتملة الأخرى.

استخدمت الدراسة نهجاً خالياً من الفرضيات لتحديد الآثار الضارة المرتبطة باستخدام الستاتين حسب نوع المرض، مع الأخذ في الاعتبار استخدام الستاتين اعتماداً على مدة العلاج في عدد كبير من السكان، مجموعه 7847 مستخدماً للستاتين في التحليل النهائي. وتوصلت إلى التحقق من صحة معظم المخاطر المقدرة، بما في ذلك المخاطر التي تم الإبلاغ عنها مسبقاً.

وشملت النتائج الأولية زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وقرحة الجهاز الهضمي، بما يتوافق مع الأبحاث السابقة. بالإضافة إلى ذلك وجدت الدراسة علاقة محتملة بين استخدام الستاتين وفقر الدم بسبب نقص الحديد، وهي نتيجة جديدة. وعللت ذلك بأن الستاتين قد يؤثر على استقلاب metabolism الحديد لدى المرضى، مما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والالتهابات.

إضافة إلى ذلك، حددت الدراسة 10 آثار جانبية معروفة أخرى مرتبطة بالستاتين، مثل: الصداع النصفي، واضطرابات النوم، وإعتام عدسة العين، والاضطرابات الدهليزية في الأذن، والارتجاع المعدي المريئي، والنقرس، على الرغم من أن هذه الارتباطات كانت ضعيفة نسبياً.

علاقة محتملة بين استخدام الستاتين وفقر الدم بسبب نقص الحديد

الستاتين وفقر الدم

بالإضافة إلى ذلك، افترضت الدراسة وجود صلة محتملة بين استخدام الستاتين وفقر الدم بسبب نقص الحديد (IDA) Iron deficiency anaemia في حين لم تجد دراسة سابقة في المملكة المتحدة، برئاسة ليام سميث أستاذ علم الأوبئة السريرية ومدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائي وزملائه، نشرت في مجلة Br J Clin Pharmacol في يناير (كانون الثاني) 2009، ارتباطاً كبيراً بين التغيرات في تركيزات الحديد في الدم ومدة العلاج بالستاتين.

لكن الدراسة الجديدة أشارت إلى أن خطر الإصابة بنقص الحديد يزداد بمرور الوقت، أي مدة استخدام الدواء. وتمت مناقشة تأثيرات الستاتين متعددة المظاهر، بما في ذلك على استقلاب الحديد، وربما يكون استخدامه قد ساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) من خلال انخفاض مستويات الحديد؛ حيث كشفت دراسة سابقة أجراها باحثون بجامعة «إمبريال كوليدج» بلندن نشرت في 15 ديسمبر (كانون الأول) 2011 في دورية «Thorax» عن أن نقص مستوى الحديد بالدم يزيد من خطر الإصابة بالجلطات الدموية، وأنه من أحد أهم العوامل الرئيسية المسببة لحدوثها، وخصوصاً لدى بعض مرضى فقر الدم الذين يعانون من نقص في مستوى الحديد بالدم.

كما عدَّت الدراسة الجديدة تأثير الستاتين على أمراض الجهاز الهضمي سبباً لنقص الحديد. ورغم أن نتائجها اقتصرت على السكان الكوريين فقط، فإنها تشير إلى الحاجة إلى مراقبة منتظمة لمستويات الحديد لدى المرضى الذين يتلقون علاج الستاتين.


مقالات ذات صلة

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أحد حمامات الصين (أرشيفية - أ.ف.ب)

كم مرة يجب عليك التبول يومياً وفقاً للخبراء؟

هل هناك عدد محدَّد لمرات التبول في اليوم؟ وماذا ينصح الخبراء الصحيون في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك مسافرون  بمطار هامبورج، مع بدء إجازة عيد الميلاد (د.ب.أ)

نشاط واحد قد يعزز من صحة عقلك بشكل كبير... ما هو؟

الخبراء يقولون إن هناك ترابطاً بين الإجازات والفوائد الصحية المؤثرة على صحتك الإدراكية والعقلية، إليك كيف يمكن للسفر أن يحسِّن من صحة دماغك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)
تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)
TT

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)
تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)

تمكن باحثون من معهد كارولينسكا في السويد من تطوير طريقة للكشف المبكر عن العوامل التي تسهم في تسارع شيخوخة الدماغ، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأوضح الباحثون، أن الطريقة تعتمد على تحليل صور الدماغ لتقييم صحة الأوعية الدموية ودورها في التأثير على سرعة شيخوخة الدماغ. ونُشرت الدراسة، الجمعة، في دورية «Alzheimer's & Dementia».

ووفق الدراسة، يُصاب أكثر من 20 ألف شخص في السويد سنوياً بأنواع مختلفة من الخرف، حيث يمثل مرض ألزهايمر نحو ثلثي هذه الحالات. وتُعد شيخوخة الدماغ عملية طبيعية تحدث مع التقدم في العمر؛ إذ تشهد بنية الدماغ ووظائفه تراجعاً تدريجياً. ومن بين هذه التغيرات تقلص حجم الدماغ وضعف كفاءة الاتصال بين الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تدهور القدرات المعرفية مثل الذاكرة والتركيز. لكن النتائج كشفت أن عوامل مثل الالتهابات، وارتفاع مستويات السكر في الدم، وأمراض الأوعية الدموية، يمكن أن تسهم في تسارع شيخوخة الدماغ. وعلى النقيض، فإن اتباع عادات صحية كالحفاظ على مستويات مستقرة للسكر في الدم وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن يساعد ذلك في الحفاظ على شباب الدماغ لفترة أطول.

وشملت الدراسة 739 مشاركاً، بينهم 389 امرأة، من مدينة غوتنبرغ السويدية. وتم تحليل نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغة المشاركين باستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي متطورة طورها الفريق لتقدير العمر البيولوجي للدماغ. بالإضافة إلى ذلك، أُخذت عينات دم لقياس مستويات الدهون، والسكر، ومؤشرات الالتهابات، وأُجريت اختبارات معرفية لقياس الأداء العقلي.

وأظهرت النتائج أن المصابين بالسكري، والسكتات الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ، كان لديهم أدمغة تبدو أكبر سناً من أعمارهم الحقيقية. على الجانب الآخر، أظهرت أدمغة الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة صحياً مظاهر أكثر شباباً مقارنة بأعمارهم.

وأكد الباحثون أن الأداة التي طُورت تُظهر دقة كبيرة، ويمكن أن تُستخدم كوسيلة بحثية واعدة، مع إمكانية توسيع تطبيقاتها لتشمل الدراسات السريرية المستقبلية، مثل أبحاث الخرف.

كما لاحظ الفريق البحثي وجود اختلافات بين الرجال والنساء في العوامل التي تؤثر على شيخوخة الدماغ، مما يشير إلى أن الجنس قد يلعب دوراً في كيفية بناء المرونة الدماغية.

وأوضح الباحثون أنهم يخططون لدراسة هذه الفروقات بشكل أعمق من خلال التركيز على عوامل بيولوجية مثل الهرمونات، بالإضافة إلى التأثيرات الاجتماعية والثقافية.

ويعمل الباحثون حالياً على إطلاق دراسة جديدة العام المقبل لفهم تأثير عوامل مثل الانخراط الاجتماعي، والدعم النفسي، والنوم، ومستويات التوتر، على مرونة الدماغ، مع التركيز بشكل خاص على صحة الدماغ لدى النساء.

وأشار الفريق إلى أن هذه الدراسة تشكل خطوة نحو تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز فهم صحة الدماغ، وفتح آفاق جديدة للحفاظ على مرونة الدماغ، والتصدي لتحديات الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.