أظهرت دراسة أسترالية أنّ عقاراً مضاداً للقلق يمكن أن يحسّن فعالية علاجات الورم الأرومي الدبقي، وهو سرطان الدماغ الأكثر شيوعاً وفتكاً. وأكدت الدراسة، التي نُشرت نتائجها، الأربعاء، في دورية «ساينس أدفانسيس»، أنّ عقّار «ترايفلوبيرازين» (Trifluoperazine)، وهو دواء مضادّ للقلق يُستخدم منذ خمسينات القرن الماضي، يمكن أن يعيد حساسية خلايا الورم الأرومي الدبقي للعلاجات القياسية.
ووفق الدراسة، يولَد الورم الأرومي الدبقي على هيئة نمو للخلايا في الدماغ أو الحبل النخاعي، وينمو سريعاً ويمكنه غزو أنسجة الجسم السليمة وتدميرها. وتقتل سرطانات الدماغ عدداً أكبر من الأطفال والبالغين تحت سنّ الأربعين، مقارنة بأي سرطان آخر؛ لأنها مقاوِمة للعلاجات القياسية، التي ربما تكون فعالة ضدّ أنواع السرطان في أماكن أخرى من الجسم.
و«قد يكون السائل النخاعي، وهو شفاف يتدفّق حول السطح الدماغي والحبل الشوكي لحماية الدماغ، أحد العوامل التي تجعل سرطانات الدماغ مقاوِمة للعلاج»، وفق الباحثين.
واختبر الفريق البحثي تأثير السائل النخاعي البشري في نمو الخلايا السرطانية التي جُمعت من 25 مريضاً مصاباً بالورم الأرومي الدبقي. ومن النتائج التي توصلوا إليها أن «الخلايا السرطانية غيّرت هويتها بسرعة، وأصبحت أكثر مقاومة للعلاج الإشعاعي، ودواء (تيموزولوميد) نوع من العلاجات الكيميائية الأساسية لعلاج الورم الأرومي الدبقي».
من خلال التحقيق في الأساس الجزيئي لهذه التغييرات، وجد الفريق البحثي أنّ «خلايا الورم الأرومي الدبقي المعرّضة للسائل النخاعي كانت أكثر مقاومة للتصلّب الحديدي، وهو شكل من أشكال موت الخلايا الناجم عن العلاج». والأهم أنهم وجدوا أنّ عقار «ترايفلوبيرازين» يمكن أن يعيد حساسية خلايا الورم الأرومي الدبقي لكلا العلاجين القياسيين للورم.
في المقابل، وجد الباحثون أنّ «ترايفلوبيرازين» لا يضر خلايا الدماغ السليمة، وخلصوا إلى أن الجمع بين هذا الدواء والعلاجات القياسية قد يحسّن معدلات بقاء المريض على قيد الحياة.
من جانبه، يقول الباحث الرئيسي في الدراسة من «معهد جنوب أستراليا للبحوث الصحية والطبية» و«جامعة فلندرز»، الدكتور سيدريك باردي، إنّ «سر مقاومة السرطانات الموجودة في الجهاز العصبي المركزي للعلاجات القياسية، ربما يعود إلى طبيعة البيئة الدقيقة للدماغ البشري المكوّنة من السائل النخاعي، والتي ثبت أنها تُحفّز مرونة الخلايا السرطانية ومقاومتها للعلاج».
يضيف، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن أثبتت نتائج دراستنا قدرة عقّار (ترايفلوبيرازين) على تعزيز استهداف أورام سرطان الورم الأرومي الدبقي المقاوِمة للعلاجات القياسية، وأمانه على الخلايا العصبية البشرية، نتطلّع إلى إجراء تجربة سريرية؛ لرصد فعالية الجمع بين (ترايفلوبيرازين) والعلاج الإشعاعي والكيميائي في تحسين فرص بقاء مرضى سرطان الدماغ على قيد الحياة».