بعد 25 عاماً من طرح «فياغرا»... محاولات متواصلة لفهم «اختلال الانتصاب»

أدوية معالجة الضعف الجنسي غيرت أسلوب التعامل الطبي

بعد 25 عاماً من طرح «فياغرا»... محاولات متواصلة لفهم «اختلال الانتصاب»
TT

بعد 25 عاماً من طرح «فياغرا»... محاولات متواصلة لفهم «اختلال الانتصاب»

بعد 25 عاماً من طرح «فياغرا»... محاولات متواصلة لفهم «اختلال الانتصاب»

تتفق المصادر الطبية على أن دخول «فياغرا» عالم المعالجات الطبية قبل 25 عاماً، قد أحدث تغييراً كبيراً في المواقف الطبية والفردية تجاه حالات «الاختلال الوظيفي للانتصاب» (Erectile Dysfunction) لدى الرجل. وذلك ليس فقط في فهم هذه الحالات من الخلل الوظيفي للانتصاب، ولا في تسهيل الحديث عنها مع الطبيب، وفي البحث عن أسبابها وطريقة معالجتها فحسب، بل حتى في إعادة وضع ضوابط لتسمية هذه الحالة، ووضع أُطر لتعريف «ضعف الانتصاب» نفسه.

«فياغرا» وضعف الانتصابوبالرغم من تأكيد كثير من المصادر الطبية العالمية، على أن الاختلال الوظيفي للانتصاب يجدر ألا يتم اعتباره «بشكل عام» وبـ«طريقة تلقائية»، جزءاً طبيعياً من التقدم في العمر لكل منْ يشكو منه، فإن ثمة تساؤلات طبية كثيرة، مبنية على شواهد وأسباب كثيرة، مفادها: هل يُمكن في بعض الحالات اعتباره علامة طبيعية؛ بل ومرحّباً بها في بعض الأحيان، للشيخوخة الصحية، وليس كاضطراب مرضي ذي أسباب بيولوجية عضوية؟

والمُلاحظ لدى المراقبين الطبيين أن ما جعل «فياغرا» من أهم الأدوية في إثارة اهتمام شريحة واسعة من الناس في العالم أجمع، هو عوامل كثيرة لا يُمكن إغفالها. من ذلك أن «فياغرا» بالأصل تعاملت مع حالة «شائعة» في جميع أنحاء العالم، وتأثيرات هذه الحالة لا تمس طبقة من الذكور فقط في مراحل من سنهم، بل تمس أيضاً شريكات حياتهم، وكذلك تمس راحتهم النفسية، وتبعات ذلك.

كما أن «فياغرا» تعاملت مع تلك الحالات «الشائعة» بطريقة خففت كثيراً من الحرج في الحديث عنها من قبل الشخص مع طبيبه. وما جعلها قادرة على أن تُخفف من ذلك الحرج، هو ببساطة أنها قدمت حلاً أثبت فاعليته؛ إذْ لم تجعل من حديث الرجل عن معاناته تلك مجرد إحراج لا طائل من ورائه، ولا يُقدم حلاً ممكناً.

والعامل الثالث -وهو الأهم- أنها قدمت فائدة مباشرة، وسريعة، وغير مكلفة. وفي كثير من الأحيان، كانت «فياغرا» قريبة جداً، عندما يريد الرجل الاستفادة منها للتغلب على مشكلة الاختلال الوظيفي للانتصاب لديه.

فهم الاختلال الوظيفي للانتصابوبالرغم من أن «فياغرا» لم تقدم وسيلة علاجية تزيل مشكلة الاختلال الوظيفي للانتصاب «من أصلها» لدى الرجل، فإن هذه هي بالفعل حال كثير من الأدوية في دورها «العلاجي». ومن ذلك أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم التي لا تُزيل المشكلة؛ بل مطلوب من المريض تناولها بشكل يومي للحصول على ضبط ارتفاع ضغط الدم في كل يوم، وكذلك أدوية علاج السكري، وارتفاع الكولسترول، وأمراض مزمنة أخرى كثيرة.

ونتيجة لهذه النجاحات ولغيرها، طورت «فياغرا» فهم الأوساط الطبية لحالات الاختلال الوظيفي للانتصاب في جوانب التسمية والتعريف الطبي لها، بعد أن كان اسمها في «العموم» هو «العجز الجنسي» (Impotence). كما طورت طريقة البحث عن أسباب هذه الحالات، وربطتها في جوانب كثيرة منها بحالة الشرايين في الجسم، وخصوصاً الشرايين المغذية للعضو الذكري؛ ذلك أن «فياغرا»، وببساطة شديدة، تعمل بالأصل على توسيع الشرايين، وعلى تنشيط عمل الشرايين المغذية للعضو الذكري.

من ثم، تبين أن وجود الاختلال الوظيفي للانتصاب قد يكون علامة تحذيرية مبكرة لمشاكل محتملة في شرايين أعضاء أخرى في الجسم، ولعل من أهمها شرايين القلب، وهو ما تعبّر عنه كثير من المصادر الطبية بقولها: «وبالتالي، قد يكون الاختلال الوظيفي للانتصاب بمثابة علامة تحذيرية للحالات الطبية التي تحتاج إلى علاج». كما تبين أن الاضطرابات المرضية المتسببة في تداعيات سلبية على الشرايين في الجسم بالذات، هي التي تحتاج إلى اهتمام أكبر، مثل: أمراض السكري، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، وتقلبات عمل الغدة الدرقية، وغيرها.

تطوير تاريخي لـ«الفياغرا»والمُلاحظ كذلك لدى المراقبين الطبيين أن «فياغرا» فتحت الباب على مصراعيه لدخول أدوية أخرى من فئتها نفسها، تقوم تقريباً بعملها نفسه على مستوى الشرايين المغذية للعضو الذكري، ولكن تختلف عنها في طول مدة المفعول، ومدى الاستجابة، ومستوى الرضا من قبل المُستخدم.

كما أن الأوساط الطبية لم تقف عند استخدام «فياغرا» في معالجة الاختلال الوظيفي للانتصاب، بل تعدتها إلى حالات اعتمدت «فياغرا» في معالجتها بوصفها دواء أساسياً.

وجاءت «فياغرا» في عام 1998، عندما وافقت «إدارة الغذاء والدواء» (FDA) على استخدام هذا العقار، بوصفه دواء يؤخذ عن طريق الفم لعلاج الاختلال الوظيفي للانتصاب. وخلال فترة زمنية قياسية، بكل المعايير، أصبح أسرع دواء يصل إلى محطة «تحقيق مبيعات بمقدار مليار دولار» في سوق الدواء العالمية.

و«السيلدينافيل» الاسم الكيميائي لـ«فياغرا»، هو مركب اصطناعي من فئة أدوية «مثبطات الفسفوديستراز خمسة» (PDE5)، التي تقوم بمعالجة الاختلال الوظيفي للانتصاب من خلال تعزيزها لتأثير أكسيد النتريك. وأكسيد النتريك مادة كيميائية طبيعية ينتجها الجسم لإرخاء العضلات في الأوعية الدموية للقضيب؛ ما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم إليه، وتكوين الانتصاب فيه استجابة للإثارة الجنسية.

وفي الأصل، أُنتجت «فياغرا» بوصفها دواء محتمل الفائدة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والذبحة الصدرية الناجمة عن أمراض شرايين القلب. وعلى الرغم من أن الدواء كان له تأثير ضئيل على الذبحة الصدرية، فإنه وُجد أنه يمكن أن يحفز انتصاب القضيب، عادة في غضون (30- 60) دقيقة. وثمة قصة طريفة تذكرها بعض المصادر الطبية، وهي مُلاحظة طاقم التمريض أن المتطوعين في تجارب استخدام هذا العقار الجديد آنذاك، كانوا ينامون على بطونهم، وحينما سألهم طاقم التمريض عن سبب ذلك، ذكروا تسبب الدواء في الانتصاب.

ونظراً لفرصة الاستفادة الإكلينيكية من مثل هذا التأثير الكيميائي الحيوي، قررت الشركة المنتجة تسويق الدواء لعلاج الاختلال الوظيفي للانتصاب. وتم تسجيل براءة اختراع «السيلدينافيل» في عام 1996.

واللافت للنظر أنه وبعد عامين فقط، وهي فترة قصيرة بشكل مذهل مقارنة بالأدوية الأخرى، جرت الموافقة عليه من قبل «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» لاستخدامه في علاج «الاختلال الوظيفي للانتصاب»، وهو الاسم الإكلينيكي الجديد لـ«العجز الجنسي». وفي ذلك الوقت، لم يكن الاختلال الوظيفي للانتصاب حالة معترفًا بها بوصفها «حالة دوائية» (Medication Condition).

أدوية علاج الضعف الجنسيوفي عام 2003، وافقت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» على دواءين آخرين، هما: «ليفيترا» و«سيالس»، وأصبحا عقارين يتنافسان مع «فياغرا». وهذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها، على الرغم من أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها؛ لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة، وهو الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل: مدى سرعة ظهور مفعول الدواء، وسرعة اختفاء مفعوله، والآثار الجانبية المحتملة.

وفي عام 2005، وافقت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» على المركب نفسه لعلاج مرض في القلب يسمى «ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي» (Pulmonary Hypertension)، الذي يحدّ من تدفق الدم إلى الرئتين، ويؤثر على الرجال والنساء على حد سواء. والدواء يباع الآن أيضاً تحت اسم «ريفاتيو» (Revatio)، لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي.

الاختلال الوظيفي للانتصاب... أسباب متعددة

يلخص المتخصصون في «مايو كلينك» تعريف الاختلال الوظيفي للانتصاب بأنه «عدم القدرة على الوصول إلى الانتصاب أو الحفاظ عليه بما يكفي لممارسة الجنس». ويضيفون: «إن وجود مشكلة في الانتصاب من حين لآخر لا يمثل بالضرورة سبباً يستدعي القلق.

ومع ذلك، إذا كان ضعف الانتصاب مشكلة مستمرة، فإنها قد تسبب الضغط النفسي، وتؤثر على ثقتك بنفسك، وتسهم في نشوب مشكلات في العلاقات. كما يمكن أن تكون مشكلات الوصول إلى الانتصاب، أو الحفاظ عليه، بمثابة مؤشر على وجود حالة مرضية كامنة تحتاج إلى العلاج، وأحد عوامل الخطورة المرتبطة بالإصابة بمرض القلب. فإذا كنت تشعر بالقلق بشأن ضعف الانتصاب؛ تحدث مع طبيبك، حتى إذا كنت تشعر بالحرج. وفي بعض الأحيان، يكون علاج الحالات المرضية الكامنة كافياً لعلاج ضعف الانتصاب. وفي حالات أخرى، قد يلزم الحصول على أدوية أو علاجات مباشرة أخرى».ويوضحون أن «الإثارة الجنسية في الذكور تمضي وفق عملية معقدة يشترك فيها الدماغ، والهرمونات، والمشاعر، والأعصاب، والعضلات، والأوعية الدموية. وقد يسبب وجود مشكلة في أي من هذه العوامل ضعف الانتصاب. وقد يسبب الإجهاد ومشكلات الصحة العقلية كذلك ضعف الانتصاب، أو تفاقم الحالة. وأحياناً يسبب مزيج من المشكلات الجسدية والنفسية ضعف الانتصاب. فمثلاً، قد يؤدي مرض بدني بسيط يبطّئ استجابتك الجنسية، إلى شعورك بالقلق بشأن الحفاظ على الانتصاب. ومن شأن هذا القلق الناتج أن يؤدي إلى ضعف الانتصاب أو تفاقم الحالة».

وذكروا من الأسباب الجسدية للاختلال الوظيفي للانتصاب كلاً من:

· مرض القلب.

· انسداد الأوعية الدموية (تصلب الشرايين).

· ارتفاع الكولسترول.

· ارتفاع ضغط الدم.

· السكري.

· السمنة.

· متلازمة التمثيل الغذائي، وهي حالة مَرَضية تتضمن ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات الإنسولين، وتراكم دهون الجسم حول منطقة الخصر، وارتفاع مستوى الكولسترول.

· مرض باركنسون (مرض عصبي).

· التصلُّب المتعدد (مرض عصبي).

· بعض الأدوية المقررة بوصفة طبية (وتشمل: مضادات الاكتئاب، ومضادات الهيستامين للحساسية، والأدوية التي تُعالج ارتفاع ضغط الدم، أو الألم، أو أمراض البروستاتا).

· تعاطي منتجات التبغ.

· اضطرابات النوم.

· انخفاض هرمون التستوستيرون.

ويُذكّرون بأن «أفضل طريقة للوقاية من ضعف الانتصاب هي اتخاذ خيارات نمط حياة صحي، والسيطرة على أي حالات مرضية موجودة. فعلى سبيل المثال:

· تعاون مع الطبيب المعالج لك للسيطرة على مرض السكري، أو أمراض القلب، أو الحالات المرضية المزمنة الأخرى.

· راجع الطبيب المعالج لك لإجراء فحوصات منتظمة، واختبارات فحص طبية.

· توقف عن التدخين، وقلل من تناول الكحوليات أو تجنبها، ولا تستخدم العقاقير المحظورة.

· مارس التمارين الرياضية بانتظام.

· اتخذ خطوات لتقليل التوتر.

· احصل على المساعدة في حالة القلق، أو الاكتئاب، أو غير ذلك من مشكلات الصحة العقلية».


مقالات ذات صلة

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول
TT

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

المغنيسيوم والنوم

• ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

- هذا ملخص أسئلتك. والواقع أن إحدى الدراسات الطبية الواسعة النطاق قد كشفت أن تناول المغنيسيوم بكميات صحية يرتبط بنوم عدد طبيعي من الساعات. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول المغنيسيوم بكميات أقل ارتبط إما بمدة نوم أقصر أو أطول من الطبيعي.

ولكن تجدر ملاحظة أن الجرعة المثلى من المغنيسيوم للنوم تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العمر والأمراض المصاحبة التي قد تكون لدى الشخص.

وبالأساس، ووفقاً للمبادئ التوجيهية الطبية الحديثة، يوصى بتناول ما بين 310 و360 مليغراماً يومياً من المغنيسيوم للنساء، وما بين 400 و420 مليغراماً للرجال. وتحتاج النساء الحوامل إلى ما بين 350 و360 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً.

وأشارت إحدى الدراسات الإكلينيكية إلى أن تناول 500 مليغرام يومياً من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم، لمدة 8 أسابيع، يزيد من مدة النوم (Sleep Duration)، ويقلل من زمن فترة «كمون بدء النوم» (Sleep Latency)، وذلك لدى كبار السن. وتُعرّف فترة «كمون بدء النوم» بأنها الفترة الزمنية اللازمة للانتقال من حالة اليقظة التامة إلى حالة النوم وفقدان الوعي.

ومع ذلك، يجدر أيضاً ملاحظة أن هناك أنواعاً مختلفة من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم في الصيدليات، بما في ذلك أكسيد المغنيسيوم، وسترات المغنيسيوم، وهيدروكسيد المغنيسيوم، وغلوكونات المغنيسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وأسبارتات المغنيسيوم. وكل نوع من هذه الأنواع من مكملات المغنيسيوم له معدل امتصاص مختلف.

ولذا يُنصح كبار السن (وفق ما تسمح به حالتهم الصحية والأمراض المرافقة لديهم) الذين يعانون من الأرق، بتناول ما بين 320 و729 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً من نوع أكسيد المغنيسيوم أو سترات المغنيسيوم. وهذا يمكن التأكد منه عبر سؤال الصيدلي.

وللتوضيح، استخدمت العديد من الدراسات مؤشر جودة النوم في بيتسبرغ (PSQI) كمقياس أساسي للنوم لتقييم تأثير مكملات المغنيسيوم المختلفة. وتمت مقارنة تأثيرات أنواع أكسيد المغنيسيوم وكلوريد المغنيسيوم وسترات المغنيسيوم وأسبارتات المغنيسيوم، على جودة النوم.

وأشارت هذه الدراسات إلى أنه من بين جميع مكملات المغنيسيوم، تعمل أقل جرعة من أكسيد المغنيسيوم على تحسين جودة النوم. وعلى النقيض من ذلك، لم يُظهر كلوريد المغنيسيوم أي تحسن كبير في النوم. ويمكن لمكملات حبوب أسبارتات المغنيسيوم أن تعزز النوم فقط عند تركيز مرتفع للغاية يبلغ 729 مليغراماً.

كما يجدر كذلك ملاحظة أنه ليس من الضروري الحصول على المغنيسيوم من خلال تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم فقط؛ لأنه أيضاً موجود في أنواع مختلفة من الأطعمة، وبكميات وفيرة تلبي حاجة الجسم وزيادة. ولذا يمكن أن يلبي الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالمغنيسيوم المتطلبات اليومية. وعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة غير الحامل البالغة من العمر 40 عاماً تلبية توصيات تناول المغنيسيوم اليومية، بتناول كوب واحد من الكينوا المطبوخة أو كوب واحد من السبانخ المطبوخة أو نحو 30 غراماً من مكسرات اللوز.

ورابعاً، تجدر ملاحظة ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول مكملات المغنيسيوم، لسببين رئيسيين. الأول: أن تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم قد يتفاعل مع أدوية أخرى. وعلاوة على ذلك، فإن تناول جرعة عالية من مكملات المغنيسيوم يمكن أن يسبب الغثيان والإسهال والتشنج العضلي لدى بعض الأشخاص. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول كميات أكبر من المغنيسيوم من مصادر غذائية يعد آمناً إلى حد كبير لأنه يتم هضمه ببطء أكبر ويفرز الزائد منه عن طريق الكلى.

ولا توجد إجابة محددة حتى اليوم لتفسير ذلك الدور الدقيق للمغنيسيوم في تنظيم النوم. وعلى الرغم من أن الأمر غير مفهوم بشكل جيد، فقد اقترح العلماء كثيراً من الآليات التي يمكن من خلالها التأثير على النوم. ومن ذلك الدور النشط للمغنيسيوم في «ضبط» مدى استثارة الجهاز العصبي المركزي. وتحديداً دوره في «خفض» استثارة الجهاز العصبي عبر تأثير المغنيسيوم على النوم من خلال مشاركته في تنظيم نظام جابا (GABA) في الدماغ.

وأيضاً الدور النشط للمغنيسيوم في تحفيز استرخاء العضلات من خلال خفض تركيز الكالسيوم داخل خلايا العضلات. وكذلك تأثيره على مناطق تشابك الأعصاب بالعضلات.

كما يُطرح علمياً تأثير المغنيسيوم على تنظيم الساعة البيولوجية وعلى إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون النوم الذي يفرزه الدماغ بكميات متصاعدة من بعد غروب الشمس وانخفاض تعرّض الجسم للضوء. وقد أظهرت دراسات أن نقص المغنيسيوم يقلل من تركيز الميلاتونين في البلازما، ما قد يعيق سهولة الخلود إلى النوم.

كما أشارت الأبحاث الحالية إلى أن مكملات المغنيسيوم تقلل من تركيز الكورتيزول في الدم (هرمون التوتر)، وبالتالي تُهدئ الجهاز العصبي المركزي وتتحسن جودة النوم.

عدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

• تناولت دواء خفض الكوليسترول، وتسبب لي بالتعب وآلام العضلات... بمَ تنصح؟

- هذا ملخص أسئلتك عن تناولك أحد أنواع أدوية خفض الكوليسترول من فئة أدوية الستاتين، وتسببه لك بآلام عضلية. وأول جانب من النصيحة هو التأكد من وجود هذه المشكلة المرتبطة بأدوية الستاتين بالفعل؛ لأن من المهم تناول أدوية خفض الكوليسترول وعدم التوقف عنها، إلا لضرورة.

ولذا لاحظ معي أن أدوية فئة ستاتين (مثل ليبيتور أو كرستور) تُعد الخط الأول لمعالجة ارتفاع الكوليسترول. إلا أن بعض المرضى قد يعانون من آثار جانبية، إما أن تمنعهم من استخدام أحد أدوية الستاتين على الإطلاق، أو تحد من قدرتهم على تحمل الجرعة اللازمة منها لخفض الكوليسترول كما هو مطلوب ومُستهدف علاجياً. وهو ما يُطلق عليه طبياً حالة «عدم تحمّل الستاتين».

ووفق ما تشير إليه الإحصاءات الطبية، فإن «عدم تحمّل الستاتين» قد يطول 30 في المائة من المرضى الذين يتناولون أحد أنواع هذه الفئة من أدوية خفض الكوليسترول. وعدم تحمل الستاتين يشير إلى مجموعة من الأعراض والعلامات الضارة التي يعاني منها المرضى وتتخذ عدة مظاهر. والشكوى الأكثر شيوعاً هي أعراض: إما آلام (دون اللمس والضغط) أو أوجاع (عند اللمس والضغط) أو ضعف أو تشنجات عضلية مختلفة. وتؤثر عادةً على مجموعات العضلات المتناظرة (على الجانبين) والكبيرة والدانية في القرب إلى منتصف الجسم.

وقد يرافق ذلك ارتفاع أنزيم العضلات أو عدم حصول ذلك. كما قد يتسبب بمشاكل في الكلى، أو لا يتسبب بذلك.

ولذا يحتاج الأمر تشخيص وجودها والتعامل الطبي معها لدى مريض ما، وأيضاً تنبه المرضى إلى «بوادر» ظهورها ووضوح في كيفية تعاملهم معها.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تم تحديد عوامل خطر الإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، بما في ذلك التقدم في السن، والجنس الأنثوي، والتاريخ العائلي للإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، وتعاطي الكحول، والأمراض الروماتيزمية، ونقص فيتامين دي المُصاحب. كما أن بعض الأدوية يمكن أن تزيد من المخاطر: الكولشيسين (مضاد التهابات)، فيراباميل أو ديلتيازيم (أدوية قلبية)، الفايبريت (لخفض الدهون الثلاثية)، كلاريثروميسين والإريثروميسين (مضادات حيوية).

ولكن التشخيص الإكلينيكي لهذه الحالة قد يَصعُب على الطبيب. ومع ذلك قد يكون ارتفاع مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) مشيراً إلى وجود هذه المشكلة. إلا أنه عادة ما يكون مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) طبيعياً؛ أي دون وجود التهاب وتحلل في الخلايا العضلية. وهنا يلجأ الطبيب إلى مدى وجود العوامل التي ترجح التشخيص الإكلينيكي للاعتلال العضلي المرتبط بالستاتين، والتي منها:

· ألم أو ضعف في العضلات الكبيرة القريبة، يتفاقم بسبب ممارسة الرياضة.

· تبدأ الأعراض بعد 2 إلى 4 أسابيع من بدء تناول الستاتين.

· زوال الأعراض خلال أسبوعين من التوقف.

· تعود الأعراض خلال أسبوعين بعد إعادة تناول الستاتين.

· ظهور الأعراض عند تعاقب تناول نوعين مختلفين أو أكثر من الستاتينات؛ حيث يتم وصف واحدة منها على الأقل بأقل جرعة.

ووفق عدة مُعطيات، يتعامل الطبيب المتابع لحالة الشخص المعين مع هذه المشكلة لكل مريض على حدة.