لا يزال الاهتمام المعطى لمعالجة حالات العدوى الناجمة عن الفطريات في جميع أنحاء العالم أقل من المستوى المطلوب، رغم تسببها بكثير من الوفيات... ويتنامى هذا الخطر خصوصاً بفعل ازدياد مقاومة هذه الفطريات للعلاجات المتوافرة حالياً.
وفي تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يتم في المركز المرجعي الوطني للفطريات الغازية ومضادات الفطريات في معهد باستور في باريس، فحص الفطر بدقة شديدة.
ويجري الباحثون في المركز تحاليل لنحو 800 عينة كل عام، تشمل سلالات الخميرة أو الفطريات الخيطية (العفن) المزروعة، خصوصاً تحت المجهر، لتحديد أنواعها ومقاومتها المحتملة للعلاجات.
وتقول فاني لانترنييه، وهي متخصصة في الأمراض المعدية في مستشفى «نيكر»، ومسؤولة في المركز المرجعي التابع لمعهد باستور، إن «الفطريات موجودة في كل مكان، سواء كانت مرئية أم لا». ويطلق المعهد في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) عمليته السنوية لجمع الهبات المخصصة لتمويل المشروعات البحثية.
ويعتقد علماء الفطريات بأنّ هناك ما لا يقل عن مليون نوع من الفطر على الأرض.
تتكاثر الفطريات عن طريق نشر الجراثيم المجهرية. وغالباً ما توجد هذه الجراثيم في الهواء والتربة، ويمكن استنشاقها أو تناولها مع الطعام.
وتُعدّ بعض الخمائر جزءاً من الكائنات الحية الدقيقة، وتوجد على الجلد وفي الجهاز الهضمي.
كما أن بعض الالتهابات الفطرية الشائعة تكون خفيفة وسهلة العلاج بشكل عام، مثل مرض القلاع الفموي، أو الالتهابات المهبلية، أو عدوى الخميرة، أو عدوى الخميرة الجلدية وفروة الرأس.
وعلى الرغم من أن غالبية الجراثيم الموجودة على الجلد، أو التي يتم استنشاقها في الرئتين ليست لها أي عواقب على الأشخاص الأصحّاء، فإنها من المحتمل أن تسبب التهابات حادة لدى المرضى الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.
توسع متزايد
وتشير إلى أن السنوات الأخيرة شهدت ازدياداً في بعض الالتهابات الفطرية؛ بسبب الاستخدام المتزايد للعلاجات المثبطة للمناعة لعلاج أمراض أخرى.
وفي العام الماضي، نشرت منظمة الصحة العالمية قائمة تضم 19 نوعاً من الفطريات تجب دراستها بوصفها أولوية، قائلة إنها تشكّل «تهديداً كبيراً للصحة العامة».
ومن بين الأنواع المسببة للمشكلات بشكل خاص، بحسب المنظمة، «كريبتوكوكوس نيوفورمانس (Cryptococcus neoformans)»، الذي يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى التهاب السحايا، أو «كانديدا أوريس (Candida auris)»، الذي يمكن أن يسبب التهابات في أعضاء مختلفة، وخصوصاً الدماغ، أو «أسبرجيلوس فوفيغاتيس (Aspergillus fumigatus)»، الذي قد يسبب أمراضاً رئوية.
وترتبط هذه العدوى بمعدلات وفيات عالية جداً تصل إلى 60 في المائة لدى البعض.
ويتوسع انتشار الأمراض الفطرية المتوطنة ونطاقها الجغرافي، الذي كان يقتصر على مناطق معينة، في جميع أنحاء العالم؛ نتيجة للاحترار المناخي وزيادة السفر.
مقاومة أكبر للعلاجات
ولا تزال فرنسا متأثرة قليلاً بهذه المشكلة. لكن لمنع توطن وانتشار هذه الخميرة في المستشفيات الفرنسية، يُوصى منذ هذا الصيف بإجراء فحص لمستوى انتشارها على المرضى الذين يدخلون بعد العلاج في مستشفيات خارج البلاد.
على الرغم من المخاوف المتزايدة، فإن الالتهابات الفطرية لا تحظى إلا بقليل جداً من الاهتمام والموارد، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ومن الشائع، على نحو كبير، أن تكون مسبّبات الأمراض أكثر مقاومة للعلاجات، مثل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
وتوضح سارة ديليير، وهي عالمة فطريات في مستشفى سانت لويس في باريس، وباحثة في معهد باستور: «نستخدم مضادات للفطريات (أدوية) لعلاج المرضى، ولكن أيضاً في الحقول لمنع بعض الفطريات من الفتك بالمحاصيل».
مع مرور الوقت، «تصبح بعض الفطريات مثل الرشاشيات (Aspergillus) مقاومة لمضادات الفطريات، ويتبين أن علاج المرضى الذين يصابون بها يصبح أكثر تعقيداً»، وفق ديليير.
وقد برزت هذه المقاومة بشكل خاص في هولندا، حيث انتشرت كميات كبيرة من مضادات الفطريات في حقول التوليب.