علماء يؤكدون لأول مرة نجاح زراعة كليتي خنزير في إنسان

علماء يؤكدون لأول مرة نجاح زراعة كليتي خنزير في إنسان
TT

علماء يؤكدون لأول مرة نجاح زراعة كليتي خنزير في إنسان

علماء يؤكدون لأول مرة نجاح زراعة كليتي خنزير في إنسان

منذ أكثر من قرن والعلماء يحاولون زرع كلى الحيوانات في البشر؛ إلّا ان جميع المحاولات في جعل تلك الأعضاء تعمل قد فشلت. والآن، يدّعي باحثون في جامعة ألاباما ببرمينغهام أنهم أخذوا كليتي خنزير معدل وراثيا وزرعوهما بنجاح في مريض ميت دماغيا بإذن من عائلته.

ولقد جرب العلماء هذا من قبل مع بعض النجاح. لكن ما يميز العمل الحالي هو أن كلى الخنازير سرعان ما تفرز البول وتطهر جسم المريض من الكرياتينين. والكرياتينين هو جزء مفكك من نفايات تنتجها بشكل أساسي خلايا عضلاتنا ولا يمكن إزالته من أجسامنا إلا عن طريق الكلى من خلال البول؛ لذلك فهذه مقاييس حاسمة لوظيفة الكلى المطلوبة لاستمرار الحياة. ولم ينجح أحد في توفير قياسات موثوقة لكليهما من قبل. وعندما تُزرع أعضاء أحد الأنواع في نوع آخر، يُعرف ذلك باسم «زرع الأعضاء الخارجية».

وتاريخياً، فشلت هذه العمليات في الغالب، لأن جهاز المناعة البشري يهاجم الأنسجة الغريبة، حتى باستخدام الأدوية المثبطة للمناعة. لكن إذا تم تعديل هذا العضو الحيواني وراثيًا لخداع جهاز المناعة البشري لقبوله، فيمكن للعلماء نظريًا منع الرفض. وهذا الدليل على المبدأ تم تنفيذه الآن بالمستشفى بنجاح مذهل. ووفقًا للدكتور توبي كوتس العالم السريري بجامعة أديلايد الذي لم يكن مشاركًا في الحالة الحالية، فإن «عملية زرع الأعضاء الجديدة نجحت باستخدام تقدم رئيسي في التعديل الوراثي». مضيفا «ان إزالة أربعة جينات للخنازير وإدخال ستة جينات بشرية ساعدا في منع التخثر وإضفاء الطابع الإنساني على كلية الخنازير»، وذلك حسبما نقل موقع «ساينس إليرت» العلمي عن مجلة «JAMA Surgery» العلمية الطبية.

وكانت كلى الخنازير الشبيهة بكلى الإنسان تعمل لمدة أسبوع في جسم المريض، لكن يحتاج الباحثون الآن إلى اختبار ما إذا كانت هذه الكليتين بمثابة «جسور» مؤقتة أو «علاجات مقصودة» لأولئك المصابين بأمراض الكلى في المرحلة النهائية؛ بمعنى أن أيا من السيناريوهين سيكونان موضع ترحيب كبير.

واليوم، في الولايات المتحدة، يموت ما يقرب من 40 في المائة من المرضى الذين ينتظرون عملية زرع الكلى في غضون خمس سنوات من إدراجهم في القائمة. وكل عام، يتلقى 25000 شخص فقط عملية زرع كلى، ومع ذلك؛ فإن الأمة هي موطن لأكثر من 800000 مريض يعانون من مرض الكلى في مراحله الأخيرة. ولسوء الحظ، لا تكفي عملية زرع أجنبي ناجحة واحدة لإعلان أن هذا الحل آمن أو فعال.

وقبل بضع سنوات، عندما نقل بعض العلماء نفسهم كليتين من خنزير مع 10 تعديلات جينية إلى مريض آخر ميت دماغًا، لم تسر الأمور على ما يرام. فلم يرفض جسم المريض الأعضاء، لكن الكلى لم تنضح بما يكفي من الكرياتينين لتقليل المستويات في دم المريض أو الكشف عنه في البول. وأيضًا، لا يزال بعض العلماء متشككين في أن عمليات زرع الأعضاء في المرضى الذين ماتوا دماغًيا ستترجم إلى مرضى أحياء. إلّا ان تمديد هذه التجارب لتشمل المجموعة الأخيرة لا يزال مثيرًا للجدل إلى حد كبير؛ فإذا بدأ العلماء في القيام بذلك، فسيكون زرع الكلى هو الرهان الأكثر أمانًا؛ حيث يمكن إزالة هذه الأعضاء من الجسم دون التسبب في الوفاة في حال بدأ الرفض المناعي.

ويجادل المدافعون عن أبحاث زرع الأعضاء أنه يجب علينا أن نتعامل بحذر. ولكن هذه خطوات قد تكون منقذة للحياة تستحق أن تتخذ.

وفي هذا الاطار، يقول كوتس «على الرغم من أن هذه الدراسة تجريبية وفي المرحلة المبكرة لكنها توفر الأمل لأكثر من 15000 أسترالي يخضعون لغسيل الكلى والذين يمكن أن يستفيدوا من زراعتها. وربما تساعد في التغلب على النقص بكلى المتبرعين من البشر».


مقالات ذات صلة

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أحد حمامات الصين (أرشيفية - أ.ف.ب)

كم مرة يجب عليك التبول يومياً وفقاً للخبراء؟

هل هناك عدد محدَّد لمرات التبول في اليوم؟ وماذا ينصح الخبراء الصحيون في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك مسافرون  بمطار هامبورج، مع بدء إجازة عيد الميلاد (د.ب.أ)

نشاط واحد قد يعزز من صحة عقلك بشكل كبير... ما هو؟

الخبراء يقولون إن هناك ترابطاً بين الإجازات والفوائد الصحية المؤثرة على صحتك الإدراكية والعقلية، إليك كيف يمكن للسفر أن يحسِّن من صحة دماغك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً
TT

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

كشفت دراسة جديدة لعلماء من السويد ونُشرت في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA Network Open، عن احتمالية وجود ارتباط بين استئصال اللوزتين tonsillectomy، وكذلك إزالة اللحمية adenoidectomy وخطر الإصابة باضطرابات نفسية مرتبطة بالقلق في وقت لاحق من الحياة. وقال الباحثون إن الانتشار الواسع لهذه العمليات الجراحية يتطلب فهماً أفضل لمضاعفاتها العضوية والنفسية. وتشير التقديرات الحالية إلى إجراء ما يقرب من 13 ألف عملية استئصال للوزتين في السويد كل عام.

دور اللوزتين المناعي

من المعروف أن اللوزتين تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على المناعة؛ لأنها تشارك في إنتاج الأجسام المضادة التي تقاوم الميكروبات المختلفة، وبذلك توفر الحماية من البكتيريا والفيروسات التي يتم استنشاقها عبر الجهاز التنفسي. وعند إجراء الاستئصال يصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، سواء المعدية نتيجة لضعف المناعة أو بعض الأمراض الأخرى مثل التهاب البلعوم المتكرر، وهو من المشاكل المعروفة لعملية استئصال اللوزتين.

وقد ربط بعض الدراسات بين استئصال اللوزتين والإصابة بالتهاب القولون العصبي وأيضاً زيادة احتمالية حدوث جلطات في القلب، وفي الدراسة الحالية حاول الباحثون فَهم هذا الارتباط.

أكد الباحثون أن عملية الاستئصال ضرورية في الكثير من الأحيان؛ كونها نوعاً من علاج التهاب اللوزتين المتكرر وتكرار حدوث خُرّاج حول اللوزتين peritonsillar abscess. وبالنسبة للبالغين يتم الاستئصال في الأغلب لعلاج اضطرابات التنفس الناجمة عن انسداد الجهاز التنفسي العلوي أثناء النوم بسبب كبر حجم اللحمية. لكن العلماء حذّروا من اعتبار الجراحة الخط العلاجي الأول؛ لأن أضرار إزالتها يمكن أن تفوق فوائدها في الأطفال الذين لا يعانون بشدة تكرار الالتهاب.

شملت الدراسة الحالية بيانات السجل الصحي والتعداد السكاني الوطني السويدي لجميع الأفراد الذين وُلدوا في الفترة بين بداية يناير (كانون الثاني) 1981 ونهاية ديسمبر (كانون الأول) 2016، وحلل الباحثون مجموعتين من السكان الذين لديهم تاريخ مَرضي لاستئصال اللوزتين أو اللحميتين (الأشخاص المعرضون exposed) ومقارنتهم بالأشخاص الذين لم يقوموا بإجراء جراحي (غير المعرضين unexposed).

تمت مقارنة أفراد المجموعة الأولى الذين خضعوا للجراحة بأفراد آخرين لم يجروها (غير معرّضين)، ومتطابقين معهم في العمر والجنس، لكن لا يوجد بينهم صلة قرابة، بمتوسط عمر 14.4 عام. كما تم فحص المجموعة الثانية من السكان وعمل المقارنة نفسها بين مجموعة من الذين أجروا الجراحة وأشقائهم غير المعرّضين وكان متوسط أعمارهم 13.3 عام. ومعروف أن الأشقاء من الأب والأم يتقاسمون في المتوسط 50 في المائة من عواملهم الوراثية والكثير من العوامل البيئية أثناء تربيتهم.

اضطرابات القلق

وثبَّت العلماء العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤدي إلى القلق بعيداً عن الجراحة مثل التعرض للمعاملة السيئة أو وجود تاريخ مَرضي لمرض نفسي سابق أو التعرض للتنمر في محيط المدرسة أو العمل.

وجد الباحثون أن الأشخاص في المجموعة الأولى المتطابقة (في العمر والجنس والحالة النفسية) الذين خضعوا لعملية جراحية لإزالة اللوزتين أو اللحميتين كانوا الأكثر عُرضة لخطر الإصابة باضطرابات (القلق) بنسبة بلغت 43 في المائة مقارنة بالأفراد الآخرين الذين لم يخضعوا لإجراء الجراحة. وكان الخطر مرتفعاً بشكل خاص لإصابتهم باضطراب (كرب ما بعد الصدمة PTSD) الذي زاد بنسبة 55 في المائة. وتكرر الأمر نفسه مع مجموعة الأشقاء بنسبة 34 في المائة و41 في المائة على التوالي؛ ما يوضح الأثر النفسي للجراحة على الطفل حتى لو كانت جراحة بسيطة.

ارتبط خطر الإصابة بالقلق في المقام الأول بالعمليات الجراحية لاستئصال اللوزتين واللحميتين في الأطفال، وكذلك العمليات الجراحية التي أُجريت للبالغين لتصحيح مشاكل الجهاز التنفسي، خصوصاً استئصال اللحمية. وكان الخطر الأكبر من نصيب الأفراد الذين كانوا أكبر سناً في وقت الجراحة (من تعدّوا فترة المراهقة وبداية البلوغ).

وظل هذا الخطر متزايداً بعد تثبيت العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى المشاكل النفسية والقلق على وجه التحديد، وبعد تثبيت الجنس والعمر في وقت إجراء الجراحة وأيضاً الوقت المنقضي منذ العملية.

وقال الباحثون إن العمليات الجراحية في الأغلب ترتبط بآثار نفسية سلبية مؤقتة سواء نتيجة لمضاعفات الجراحة أو لمجرد التواجد في المستشفى، خاصة إذا كان عمر الطفل صغيراً وكان هناك ضرورة لحجزه. وفي الأغلب يغادر الطفل المستشفى بعد أن تزول آثار التخدير في اليوم نفسه، لكن في بعض الأحيان النادرة ربما يحتاج الطفل إلى أن يظل تحت الملاحظة في المستشفى لفترة قصيرة.

وكل هذه العوامل يمكن أن تساهم في توتر الطفل لفترة قصيرة، لكن تبعاً للدراسة استمرت المخاطر المتزايدة للإصابة لاحقاً بالقلق لمدة تصل إلى 20 عاماً بعد الجراحة.

وهناك نظريات تحاول تفسير زيادة خطر الاضطرابات النفسية بعد استئصال اللوزتين منها حدوث التهاب مزمن في الأنسجة الليمفاوية المرتبطة بالغشاء المخاطي في تجويف الفم، حيث تشير بعض الدراسات إلى زيادة خطر القلق والاكتئاب في وجود التهابات مزمنة في الرقبة، لكن هذه النظريات غير مؤكدة علمياً.

في النهاية، أوضح الباحثون أن الآثار النفسية السلبية المرتبطة بعملية استئصال اللوزتين يمكن أن تكون طفيفة، لكن ملحوظة على المدى البعيد. لذلك؛ يجب أن يكون الإجراء الجراحي هو الخيار الأخير للعلاج بعد فشل العلاج الدوائي في منع تكرار الالتهاب. وفي حالة الاضطرار إلى عمل العملية يُفضَّل أن يتم إجراؤها في عمر صغير حتى يمكن تجنب الآثار النفسية لاحقاً.

* استشاري طب الأطفال