الصداع المتكرر... علامة على التنمر

عرض شائع لدى المراهقين المتعرضين له

الصداع المتكرر... علامة على التنمر
TT

الصداع المتكرر... علامة على التنمر

الصداع المتكرر... علامة على التنمر

على الرغم من أن الصداع يعُد من الأعراض الشائعة في المراهقين، لكن تكراره بشكل متقارب يجب أن يلفت النظر إلى احتمالية وجود أسباب نفسية مسؤولة عن حدوثه بعيداً عن الجانب العضوي. وحسب أحدث دراسة قام بها باحثون من جامعة كاليغاري بكندا University of Calgary in Canada نُشرت على الإنترنت في مجلة الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب journal of the American Academy of Neurology في بداية شهر أغسطس (آب) من العام الحالي، فإن هناك ارتباطا كبيرا بين تعرض المراهق لنوبات متكررة من الصداع واحتمالية تعرضه للتنمر وتفكيره أو إقدامه بالفعل على محاولة الانتحار.

أعراض الصداع

تتبع الباحثون بيانات ما يزيد على مليونين من المراهقين يتراوح متوسط أعمارهم حول 14 عاماً تقريباً، قاموا جميعاً بالإجابة عن استبيانات حول عرض الصداع الذي يعانون منه. وتم سؤالهم بالتفصيل عن مدى تكراره في آخر 6 أشهر سابقة للدراسة، ولأي مدى يمكن وصف حدوثه (متكرر- نادر - لم يحدث قط)، وإذا كان يحدث مرة واحدة في الشهر تقريباً أو مرة واحدة في الأسبوع أو أكثر من مرة في الأسبوع أو معظم الأيام. وكذلك تم سؤالهم عن مدى شدة الألم وكم من الوقت يستمر وميعاد حدوثه في أول النهار أو منتصفه أو قبل النوم مباشرة وهل يمكن تحمل الألم من دون تناول أقراص مسكنة؟

أجاب المشاركون أيضاً عن أسئلة عن مكان حدوث الصداع في مقدمة الجبهة، أو يشمل جانبا واحدا فقط، أو في مؤخرة الرأس، وإذا كان هناك ارتباط بين الإحساس بالصداع وحدوث أعراض أخرى عضوية مثل الغثيان والرغبة في القيء وألم في العضلات وأسفل الظهر والتعرض لإجهاد بدني، وكذلك ارتباطه بحدوث أعراض نفسية؛ مثل الخوف والقلق والرغبة في البكاء أو أذية النفس.

وأيضاً تم سؤالهم عن تاريخ الصحة النفسية لهم وإذا كانوا قد شخصوا قبل الدراسة بأي اضطرابات في المزاج والاكتئاب أو القلق المرضي وأي مرض نفسي آخر.

تم سؤال المشاركين أيضاً عن التنمر، وهل تعرضوا له في العام الماضي بأي وسيلة سواء بشكل مباشر من الأقران في المدرسة أو النادي أو من خلال وسائل التواصل المختلفة؟ وهل وصلتهم رسائل نصية تحمل سخرية أو تهديد من عدمه وبأى معدل. وهل كان التنمر فرديا من قبل شخص معين أو كان يتم بشكل جماعي من جميع المحيطين بهم، وهل كان التنمر من المراهق نفسه أو من بيئته وعرقه وانتمائه؟

وأخيراً تم سؤالهم عن الأفكار الانتحارية، وهل قام أحدهم بالتفكير في التخلص من حياته أو الإقدام على محاولة الانتحار وهل كان التفكير مجرد مرة واحدة أو باستمرار وذلك في العام السابق للدراسة؟

مظاهر التنمر

أوضحت نسبة من المشاركين بلغت 11 في المائة من العينة أنهم يعانون من صداع متكرر. وتم تعريف لفظ متكرر بأنه الصداع الذي يحدث أكثر من مرة في الأسبوع. وكانت هناك نسبة بلغت ربع العينة تقريباً ذكروا أنهم تعرضوا للتنمر بشكل صريح بوسائل مختلفة شملت طرقا مباشرة؛ مثل الإهانة اللفظية وإطلاق أسماء ساخرة عليهم والتعرض للتهديد فعلياً وصولاً للإيذاء البدني المقصود.

وكان هناك طرق غير مباشرة مثل الاستبعاد والتجنب والإهمال. وكانت هناك نسبة بلغت 17 في المائة أفادوا بأنهم ضحايا للتنمر المتكرر نتيجة لعلاقة معينة relational bullying سواء بالأصدقاء أو علاقات عاطفية أو عائلية وتضمنت نشر إشاعات عنهم واستبعادهم وكذلك نشر معلومات خاصة بهم يمكن أن تهدد سلامتهم، وأيضاً نشر صور مسيئة لهم على الإنترنت. وقال 17 في المائة من المشاركين إنهم فكروا في الانتحار، وبعضهم قام بالإقدام على محاولة الانتحار فعلياً.

وجد الباحثون ارتباطاً وثيقاً بين الصداع بوصفه عرضا عضويا والتنمر، حيث كان هؤلاء الذين عانوا من الصداع المتكرر أكثر عرضة بـ3 مرات تقريباً للتعرض للتنمر من أقرانهم، والعكس صحيح أيضاً، حيث كان المراهقون الذين تعرضوا للتنمر أو لديهم ميول انتحارية هم الأكثر عرضة للإصابة بالصداع المتكرر بمقدار الضعف مقارنة بأقرانهم. بينما كان أولئك الذين يعانون من اضطرابات المزاج والقلق أكثر عرضة بنسبة بلغت 50 في المائة و74 في المائة، على التوالي، للإصابة بالصداع.

وحسب دراسة سابقة في عام 2019 يعُد الصداع أكثر الأعراض العضوية التي يعاني منها المراهقون الذين يتعرضون للتنمر بشكل مستمر بالمقارنة مع بقية الأعراض، مثل آلام العضلات وأسفل الظهر وآلام المعدة.

هناك ارتباط وثيق بين الصداع بوصفه عرضا عضويا والتنمر، والذين عانوا من الصداع المتكرر كانوا أكثر عرضة بـ3 مرات تقريباً للتعرض للتنمر من أقرانهم.

قام الباحثون بتثبيت بقية العوامل التي يمكن أن تؤثر في النتيجة مثل الجنس والحالة الاجتماعية للأسرة ومعاملة الوالدين والتعرض لأمراض عضوية معينة تؤدي إلى الصداع، ووجدوا أن ثلث المراهقين الذين يعانون من الصداع المتكرر أفادوا بأنهم ضحايا للتنمر نتيجة للعلاقات relational bullying مرة واحدة على الأقل شهرياً، وأيضاً كان ثلث المراهقين الذين يعانون من الصداع المتكرر لديهم أفكار انتحارية، وبعضهم قد قام بالإقدام على المحاولة مرة واحدة على الأقل.

أكد الباحثون أن نتائج الدراسة لا تعني بالضرورة أن التنمر يسبب الصداع أو العكس، ولكن تعني وجود علامات عضوية للآلام النفسية الناتجة عن التعرض للتحقير والعزلة والاعتداء من الآخرين سواء أكانوا من الأقران في المرحلة العمرية نفسها أو المدرسين والمدربين، وفي بعض الأحيان أفراد الأسرة، وحذر الباحثون من عدم التعامل بجدية مع الأعراض مهما كانت بسيطة طالما كان المراهق سليماً عضوياً؛ لأنها في الأغلب تكون انعكاسا لألم نفسي يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

كشف المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ»، عن تأثير مقاومة «الوباء الصامت» على الاقتصاد.

إبراهيم القرشي (جدة)

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن
TT

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة، أجراها مستشفى هيوستن ميثوديست، أن استهداف العصب، الذي غالباً ما يكون مبهماً، يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد، والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن، والتي تعمل على توسيع نطاق العلاجات التي تُغير قواعد اللعبة، لتشمل أقلية من المرضى الذين لم تساعدهم هذه العلاجات، في السابق.

وأظهرت الدراسة، التي نُشرت بمجلة «لارينجوسكوب إنفيستيغاتيف أوتولارينجولوجي (Laryngoscope Investigative Otolaryngology)»، أن العلاجات التي قام بها الأطباء المتابعون بعلاج العصب الأنفي الخلفي posterior nasal nerve (PNN)، وهو عصب مخفي لدى بعض الأشخاص بسبب الاختلافات التشريحية من شخص لآخر، في العيادات الخارجية التي تكون حرارة الغرفة فيها محكمة، قد أفادت المرضى الذين لم يستجيبوا لعلاجات أخرى.

ويقول الدكتور عمر أحمد، طبيب أنف وأذن وحنجرة بمستشفى هيوستن ميثوديست والباحث الرئيسي في الدراسة: «لم نتمكن فحسب من تحسين معدل نجاح الإجراءات بشكل كبير، بل أصبحنا، الآن، قادرين على تقديم هذه العلاجات الأكثر أماناً والأقل تدخلاً، كبديل للخيارات الجراحية، التي نلجأ إليها غالباً للمرضى الذين يعانون نسبة مرتفعة من أعباء أعراض التهاب الأنف المزمن».

تقنيات العلاج بالتبريد

وخلال السنوات الخمس الماضية، برزت تقنيات العلاج بالتبريد «ClariFix®» والعلاج بالترددات الراديوية «RhinAer™» بوصفها خيارات فعالة وغير جراحية لكثير من الأفراد الذين يعانون سيلان الأنف «الرعاف» المتكرر، والتنقيط الأنفي الخلفي، والاحتقان، والعطس، والسعال، والحكة الأنفية. وشكلت هذه الإجراءات نقطة تحول لدى 70 في المائة من المرضى الذين استجابوا بشكل إيجابي، في حين أن 30 في المائة من المرضى الذين خضعوا للعلاج لم يلحظوا أي تحسن في أعراضهم.

ويقول الدكتور أحمد إن باحثي الدراسة توقعوا أن يروا تراجعاً تدريجياً في الفوائد، لكن في هذه الدراسات المبكرة كان الأمر أشبه بخيارين؛ إما أن العلاج ناجح، أو أن المرضى لم يخضعوا للعلاج على الإطلاق. والأمر الذي لفت انتباههم في هذه النتائج، كان واقع اختلاف التكوين التشريحي «anatomy» للمرضى، مما يعني أن هناك طريقة أفضل لتحقيق النتائج والفائدة المرجوّة.

وخلال محاولتهم فهم سبب فشل العلاج، أجرى الدكتور أحمد، والدكتور ماس تاكاشيما، رئيس قسم طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة بمستشفى هيوستن ميثوديست، دراسات أولية ركزت على المرضى الذين لم يستجيبوا للإجراءات سابقاً. ويقول الدكتور أحمد: «ما اكتشفناه هو اختلاف كبير في التكوين التشريحي للمرضى الذين لم تنجح علاجاتهم».

وعليه، بات العصب الأنفي الخلفي الهدف الرئيس في هذه الإجراءات، والذي غالباً ما يجري تجاهله لأنه يقع خلف المحارة الأنفية الوسطى، وهي بنية عظمية في تجويف الأنف. وتستهدف الأساليب التقليدية الأعصاب الموجودة أمام هذه البنية، مما يؤدي إلى علاج غير مكتمل لدى بعض المرضى.

ومن خلال استخدام فحوصات التصوير المقطعي المحوسب «CT scans»، تمكّن الباحثون من تحديد هذه الاختلافات التشريحية، وخاصة في ارتباط المحارة الوسطى بالثقب الوتدي الحنكي sphenopalatine foramen (SPF)، وهي الفتحة التي يدخل منها العصب الأنفي الخلفي إلى تجويف الأنف.

ومن ثم قام فريق البحث بتعديل تقنيتهم ​​الجراحية لمراعاة هذه الاختلافات التشريحية، وعلاج كل من الجزأين الأمامي والخلفي من المحارة الأنفية الوسطى. وأكدت النتائج اللاحقة أهمية تخصيص أساليب العلاج بناءً على التشريح الفردي، وإجراء دراسات متابعة عند فشل العلاجات.

وكان الدكتور أحمد والدكتور تاكاشيما وفريهم البحثي قد قدموا نتائج دراستهم لأول مرة، في اجتماع الجمعية الأمريكية لطب الأنف عام 2022. ومنذ ذلك الحين، اكتسب عملهم اعترافاً وطنياً على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تَواصل الأطباء من جميع أنحاء البلاد مع الفريق للحصول على إرشادات حول كيفية تعديل تقنيتهم.