صفقة تبادل بين باريس وطهران تعيد «دبلوماسية الرهائن» إلى الواجهة

الإفراج عن فرنسيين بعد 3 سنوات ونصف... وإيرانية تصل إلى سفارتها

صورة تظهر جاك باريس وسيسيل كولر اللذين كانا محتجزَيْن في إيران منذ أكثر من 3 سنوات (أ.ف.ب)
صورة تظهر جاك باريس وسيسيل كولر اللذين كانا محتجزَيْن في إيران منذ أكثر من 3 سنوات (أ.ف.ب)
TT

صفقة تبادل بين باريس وطهران تعيد «دبلوماسية الرهائن» إلى الواجهة

صورة تظهر جاك باريس وسيسيل كولر اللذين كانا محتجزَيْن في إيران منذ أكثر من 3 سنوات (أ.ف.ب)
صورة تظهر جاك باريس وسيسيل كولر اللذين كانا محتجزَيْن في إيران منذ أكثر من 3 سنوات (أ.ف.ب)

أعادت صفقة تبادل للسجناء بين طهران وباريس «دبلوماسية الرهائن» إلى الواجهة، في لحظة توتر حاد بين الغرب والإيرانيين بعد تفعيل آلية «سناب باك»، وانتهاء صلاحية الاتفاق النووي.

وأفرجت السلطات الإيرانية عن الفرنسيين سيسيل كولر (41 عاماً) وجاك باريس (72 عاماً)، بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف سنة من الاحتجاز بتهم التجسس لصالح الاستخبارات الفرنسية والإسرائيلية، وهي التهم التي نفتها عائلاتهما بشدة.

وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، أن الإفراج جاء بكفالة، وأن الفرنسيين سيظلان تحت المراقبة حتى «المرحلة القضائية المقبلة»، دون توضيح موعد هذه المرحلة.

وأُخذ الفرنسيان على الفور إلى مقر البعثة الفرنسية في طهران بانتظار السماح لهما بمغادرة البلاد، وهو ما كان متوقعاً يوم الأربعاء. وقال السفير الفرنسي في طهران، بيار كوشار، لإذاعة «RTL» الفرنسية، إنهما تحدثا، صباح الأربعاء، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر الفيديو، واصفاً المكالمة بأنها «مؤثرة جداً بالنسبة لهما وللرئيس، وقد شكراه على التزامه بتأمين إطلاق سراحهما».

زيارة سياحية لإيران

يعدّ كولر وباريس آخر مواطنين فرنسيين محتجزين رسمياً في إيران بعد سلسلة اعتقالات طالت الفرنسيين على مدى السنوات الماضية. فقد أُلقي القبض عليهما في مايو (أيار) 2022 في أثناء زيارة سياحية لإيران، وأصدر القضاء الإيراني في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حكماً بالسجن 20 عاماً على كولر و17 عاماً على باريس.

وخلال الاحتجاز، تعرض الفرنسيان لظروف وصفت بـ«اللاإنسانية»، شملت الإضاءة المستمرة على مدار الساعة، وقصر مدة الخروج من الزنزانة على 30 دقيقة مرتين أو ثلاثاً أسبوعياً، ومكالمات هاتفية معدودة، وتحت رقابة صارمة، مع العائلة، إضافة إلى عدد محدود جداً من الزيارات القنصلية. كما أُجبرا على تقديم اعترافات بثتها القنوات الرسمية الإيرانية بعد أشهر على توقيفهما.

وأعرب محامو الفرنسيين عن «ارتياحهم العميق» لخروجهما من السجن بعد 1277 يوماً من الاحتجاز، مؤكدين في الوقت ذاته أن موكليهما «ليسا حُرَّين بالكامل» بعد.

وقال والدا سيسيل كولر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما يشعران بارتياح كبير؛ لأن ابنتيهما خرجتا من السجن ولم تعودا عرضة للمعاملة اللاإنسانية.

في المقابل، أعلنت إيران أن مواطنتها مهدية إسفندياري (41 عاماً)، التي أوقفت في فرنسا في فبراير (شباط) الماضي بتهمة الترويج للإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي، تم نقلها إلى سفارتها في باريس، في خطوة اعتبرت بمثابة جزء من صفقة تبادل غير رسمية.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن إسفندياري «أصبحت الآن حرة وهي في سفارتنا، ونأمل أن تعود بعد انتهاء محاكمتها المقررة في يناير (كانون الثاني) المقبل».

امرأة تمرّ أمام ملصقات لسيسيل كولر وجاك باريس المحتجزَين بإيران أمام «الجمعية الوطنية» في باريس مايو 2025 (رويترز)

دبلوماسية الرهائن

يشير مراقبون إلى أن هذا الإفراج يعكس استراتيجية متكررة لطهران، تقوم على استخدام مواطنين غربيين كأوراق ضغط دبلوماسية للحصول على تنازلات سياسية، أو الإفراج عن إيرانيين محتجزين في الخارج.

وقد احتجزت إيران خلال العقد الماضي عشرات المواطنين الغربيين، خصوصاً الفرنسيين، من بينهم أوليفييه غروندو ومواطن آخر لم يُكشف عن اسمه أُفرج عنهما في مارس (آذار) الماضي، إضافة إلى لينارت مونتيرلوس الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والألمانية وأُطلق سراحه مطلع أكتوبر (تشرين الأول).

وجاء الإفراج عن الفرنسيين بعد محادثات دبلوماسية مكثفة بين باريس وطهران استمرت شهوراً، وسط تأكيد الرئيس الفرنسي ماكرون، الثلاثاء، على «ارتياحه الشديد» لهذه الخطوة، واصفاً الفرنسيين الذين تم الإفراج عنهم بأنهما «رهينتا دولة» سابقاً.

وأضاف ماكرون أن الحوار مستمر مع السلطات الإيرانية لضمان عودتهما إلى فرنسا في أسرع وقت ممكن. من جانبه، رحب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بوصول كولر وباريس سالمين إلى مقر البعثة الفرنسية في طهران، مؤكداً أنهم في انتظار الإفراج النهائي.

ويذكر أن محاكمة إسفندياري ستبدأ في يناير المقبل، وستواجه خلالها تهم الترويج والتحريض عبر الإنترنت على الإرهاب، فضلاً عن تهم الكراهية العنصرية والتآمر الجنائي، بعد تحقيق طال قناة على تطبيق «تلغرام»، تحت اسم «محور المقاومة».

وقد أشار محاميها الفرنسي نبيل بودي إلى أن الإفراج عنها جاء رغم معارضة النيابة العامة الفرنسية التي كانت تخشى احتمال هروب موكلته.


مقالات ذات صلة

ترمب «منفتح» على النظر في طلب إيران رفع العقوبات الأميركية

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى (رويترز)

ترمب «منفتح» على النظر في طلب إيران رفع العقوبات الأميركية

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن إيران طلبت رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، معرباً عن انفتاحه على مناقشة الأمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

عراقجي لا يرى ممر «زنغزور» تهديداً لإيران

شدَّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على رفض حكومة بلاده «أي تغيير في الحدود أو في الجغرافية السياسية للمنطقة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية غروسي خلال مقابلة صحافية في نيويورك (أ.ب)

إيران تُخرج «الصواريخ» من المفاوضات

أخرجت إيران برنامجها الصاروخي من قائمة الملفات المطروحة للتفاوض مع الغرب والولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أميركا اللاتينية زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث على هامش مشاركتها في منتدى الأعمال الأميركي (أ.ف.ب) play-circle

زعيمة المعارضة الفنزويلية: مادورو أصدر 10 آلاف جواز سفر لأعضاء بـ«حزب الله»

قالت زعيمة المعارضة الفنزويلية، الأربعاء، إن حكومة الرئيس مادورو أصدرت أكثر من 10 آلاف جواز سفر لأعضاء في «حزب الله» اللبناني، في إطار تعاون وثيق مع إيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية غروسي خلال مقابلة صحافية في نيويورك (أ.ب)

غروسي يحث طهران على تجنب «المواجهة» مع الغرب

حث المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرّية»، رافاييل غروسي، إيران على التعاون مع المفتّشين بصورة جدّية لتجنب حافة المواجهة مع الغرب.


ترمب «منفتح» على النظر في طلب إيران رفع العقوبات الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى (رويترز)
TT

ترمب «منفتح» على النظر في طلب إيران رفع العقوبات الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى (رويترز)

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن إيران طلبت رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، معرباً عن انفتاحه على مناقشة الأمر.

وقال ترمب خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى: «بصراحة، إيران كانت تسأل عن إمكانية رفع العقوبات عنها. هناك عقوبات أميركية شديدة مفروضة على إيران، وهذا ما يُصعّب الأمر عليها»، مضيفاً: «أنا منفتح على سماع ذلك، وسنرى ما الذي سيحدث، لكنني سأكون منفتحاً على الأمر».

وترزح طهران المتهمة من قبل واشنطن والغرب بالسعي لصنع أسلحة نووية، تحت وطأة عقوبات دولية منذ سنوات، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي.

وفي منتصف يونيو (حزيران)، شنت إسرائيل حملة قصف غير مسبوقة على إيران، حيث انضمت إليها الولايات المتحدة لفترة وجيزة لضرب المواقع النووية الإيرانية.

ودفعت الحرب مع إسرائيل التي استمرت 12 يوماً، بإيران إلى الرد بضربات صاروخية وطائرات مسيرة، ما أدى إلى تعطيل المحادثات النووية بين طهران وواشنطن التي كانت قد بدأت في أبريل (نيسان).

وصرح ترمب بأن إيران كانت في السابق«بلطجي الشرق الأوسط»، لكنها لم تعد تملك «إمكانية امتلاك أسلحة نووية».

وأكد الرئيس الجمهوري الذي عاد إلى منصبه في يناير (كانون الثاني)، أن الضربات قضت على البرنامج النووي الإيراني، لكن الحجم الكامل للأضرار لا يزال مجهولا.

وفي سبتمبر (أيلول)، أعادت الأمم المتحدة فرض العقوبات على طهران بموجب آلية الزناد بعد تفعيلها من قبل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وتحظر هذه الإجراءات التعاملات المرتبطة بأنشطة طهران النووية والصاروخية البالستية.

ودعت عُمان التي استضافت جولات عدة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية، كلا الجانبين إلى العودة لطاولة المفاوضات.

وكانت المحادثات تهدف إلى التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه الحد من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات عن إيران.


تحقيق جديد ضد زعيم المعارضة التركية بتهمة «إهانة إردوغان»

مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)
مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)
TT

تحقيق جديد ضد زعيم المعارضة التركية بتهمة «إهانة إردوغان»

مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)
مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)

فتح مكتب المدعي العام في إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بتهمتي «إهانة رئيس الجمهورية» و«إهانة مسؤول عام في أثناء أداء واجبه».

في الوقت ذاته، أطلقت السطات تحقيقاً مع 6 صحافيين معارضين بارزين، في إطار التحقيقات مع رئيس بلدية إسطنبول المحتجز منذ مارس (آذار) الماضي، بأمر من المدعي العام لاتهامهم بـ«نشر معلومات كاذبة علناً»، و«مساعدة منظمة إجرامية». وألقي القبض على 5 منهم، فجر الخميس.

اتهامات للمدعي العام بإسطنبول

فتح المدعي العام في إسطنبول، أكين غورليك، تحقيقاً فورياً ضد أوزيل عقب انتهاء خطاب ألقاه في تجمع جماهيري في منطقة عمرانية في إسطنبول، ليل الأربعاء إلى الخميس، بتهمتي «إهانة رئيس الجمهورية» رجب طيب إردوغان، و«إهانة موظف عام في أثناء تأدية واجبه».

وخلال الخطاب الذي ألقاه في التجمّع الـ66 في إطار التجمعات التي يُنظّمها حزب «الشعب الجمهوري»، والتي بدأت عقب اعتقال المرشح الرئاسي للحزب رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في إطار تحقيقات في شبهات فساد في البلدية في مارس الماضي، خاطب أوزيل إردوغان قائلاً: «أنظر في عينيك مباشرة وأقول لك: من الآن فصاعداً، أُحذّر من حولك (...) ومن يزعجوننا».

أوزيل خلال خطاب أمام تجمع من أنصار حزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)

وكشف أوزيل خلال التجمع الذي شارك فيه المئات من أنصار «الشعب الجمهوري» وأحزاب أخرى، عن وثائق تزعم تقاضي المدعي العام لإسطنبول راتباً شهرياً بوصفه عضواً في مجلس إدارة في شركة للمناجم في لوكسمبورغ، على مدى 9 أشهر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 وحتى أغسطس (آب) 2025، فيما قال إنها مخالفة للقانون التركي الذي يمنع عمل القضاة ومدعي العموم في أي وظيفة أخرى.

وتوجه أوزيل بسؤال إلى إردوغان ووزير العدل والمجلس الأعلى للقضاة ومدعي العموم، عما إذا كان غورليك يتولى منصباً في الشركة بعلمهم أم أنهم لا يعلمون بذلك، قائلاً إنه يجب التحقيق معه أو عزله أو تقديم استقالته.

تحقيقات انتقامية

وتعليقاً على فتح التحقيق ضده، قال أوزيل في تصريحات، الخميس، إن «ما يجب فعله في دولة يسودها القانون رداً على هذه الفضيحة هو فتح تحقيق فوري وعزل الجاني، لكن بدلاً من ذلك ذهبوا وفتحوا تحقيقاً ضدي».

زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل يواجه تحقيقاً جديداً بتهمة إهانة رئيس الجمهورية (حساب الحزب في إكس)

وجدّد أوزيل اتّهامه بتسييس الحكومة للسلطات القضائية، قائلاً إن «هناك عصابة في القضاء»، تواصل «مطاردة» عائلة رئيس بلدية إسطنبول المحتجز، إلى حد التحقيق مع والده حسن إمام أوغلو، ونجله محمد سليم، اللذين استُدعيا للإدلاء بإفادتهما في مديرية أمن إسطنبول، الأربعاء، وسؤالهما عن مصادر أموالهما.

وتابع أن «هذه السلطة التي تمعن في الانتقام فرضت حظراً على حسابات والد إمام أوغلو في البنوك، وكذلك على راتبه التقاعدي. وتابع: «فمنعت ديليك، زوجة إمام أوغلو، من السفر إلى خارج البلاد، وصادرت جواز سفرها الدبلوماسي، الذي تحمله بوصفها فرداً من عائلة رئيس بلدية إسطنبول كما يقضي القانون بذلك».

في الوقت ذاته، أعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول، الخميس، توقيف مشتبه به، يُزعم أنه مسؤول تكنولوجيا المعلومات في حزب «الشعب الجمهوري»، لاتهامه بمشاركة البيانات الشخصية لملايين من مواطني إسطنبول مع وكالات استخبارات أجنبية. وسبق أن تم توجيه تهمة «التجسس» إلى إمام أوغلو وصحافيَّين ممن أداروا حملته الانتخابية في 2019.

اعتقال صحافيين معارضين

في السياق ذاته، أصدر المدعي العام في إسطنبول طلبات استدعاء إلى 6 صحافيين بارزين محسوبين على المعارضة في إطار التحقيقات مع إمام أوغلو، بتهمتي «نشر معلومات كاذبة علناً»، و«مساعدة منظمة إجرامية».

والصحافيون الستة هم: سونار يالتشين، وشعبان سيفينتش، وياووز أوغان (الذي عمل منسقاً للاتصالات في حزب «الشعب الجمهوري»)، وباطوهان تشولاك وروشان شاكر الذين تم القبض عليهم، فجر الخميس، واقتيادهم إلى مديرية أمن إسطنبول للتحقيق، بينما لم يُلق القبض على الصحافية المعروفة، أصلي أيدينطاش باش، لوجودها خارج تركيا.

الصحافية التركية أصلي أيدينطاش باش (إكس)

وانتقدت أحزاب المعارضة التركية القبض على الصحافيين، معتبرة أنها استمرار لممارسات قمع حرية الصحافة والتعبير، وتكريساً للهيمنة السياسية على القضاء في تركيا.

في غضون ذلك، أظهر متوسط 13 استطلاعاً للرأي، أجريت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ونشرت نتائجها الخميس، استمرار تقدم حزب «الشعب الجمهوري» على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة إردوغان. واحتلّ «الشعب الجمهوري» المرتبة الأولى بنسبة 32.2 في المائة، بينما حلّ «العدالة والتنمية» ثانياً بنسبة 31.3 في المائة، وحزب «الديمقراطية المساواة للشعوب» المؤيد للأكراد ثالثاً بنسبة 9.1 في المائة.

وحصل حزب «الحركة القومية»، المتحالف مع «العدالة والتنمية» على 7.8 في المائة في المرتبة الخامسة، وحزب «الجيد»، القومي، على 5.7، وحزب «النصر» القومي على 4.5 في المائة.


عراقجي لا يرى ممر «زنغزور» تهديداً لإيران

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)
TT

عراقجي لا يرى ممر «زنغزور» تهديداً لإيران

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

شدَّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على رفض حكومة بلاده «أي تغيير في الحدود أو في الجغرافية السياسية للمنطقة»، في إشارة إلى الممر البري المثير للجدل المعروف باسم ممر «زنغزور»، الذي يربط أذربيجان بمنطقة نخجوان عبر جنوب أرمينيا.

وأضاف عراقجي، في كلمة بمدينة همدان الإيرانية، الخميس، أن إيران على اتصال مباشر مع جميع الأطراف المعنية بممر زنغزور، وقد تم التأكيد لها «أن لا تهديد سيطول إيران»، مشيراً إلى أن طهران تواصل مراقبة الوضع بدقة.

ما مشروع «زنغزور»؟

يعدّ ممر زنغزور مشروعاً حيوياً لأذربيجان؛ إذ يهدف إلى إنشاء طريق وسكة حديد تربط أراضيها الرئيسية بمنطقة نخجوان مباشرة عبر أراضٍ أرمنية، من دون الحاجة إلى المرور بإيران.

وينظر إلى الممر من منظور اقتصادي وجيوسياسي واسع، حيث يوفر لأذربيجان فرصة لتعزيز صادرات الطاقة وربط خطوط الغاز والنفط بالموانئ التركية، بما يسهل وصولها إلى الأسواق الأوروبية والشرق أوسطية.

ويمثل المشروع جزءاً من رؤية موسعة لإعادة ربط العالم التركي الممتد من تركيا إلى آسيا الوسطى؛ ما يمنح أنقرة نفوذاً استراتيجياً إضافياً، ويتيح لها ما يُعرف لدى الأتراك بـ«خط توران».

وحسب خبراء إيرانيين، فإن المشروع قد يخلق تغييرات ملموسة في خرائط الطاقة العالمية. ولتخفيف المخاطر المحتملة على إيران، اقترحت طهران إنشاء الطريق بعيداً عن حدودها المباشرة، وضمان عدم تعطيل حركة الشحنات الإيرانية عبر أرمينيا، وبناء ثلاثة جسور منفصلة للطرق البرية، والسكك الحديدية، وأنابيب الطاقة والكابلات الكهربائية، مع إبقاء الاتصالات داخل الأراضي الأرمنية تحت الولاية القضائية لأرمينيا، وفق ما نشره موقع «إذاعة أرمنستان».

ووقَّع رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، في أغسطس (آب) 2025، اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي أعيد تسميته لاحقاً «الممر الترانزيتي لدونالد ترمب من أجل السلام والازدهار الدولي».

ومنح الاتفاق الولايات المتحدة حق إدارة واستغلال الممر لمدة 99 عاماً؛ ما أثار قلق طهران التي عدَّت المشروع تهديداً لأمنها القومي ومصالحها في جنوب القوقاز.

وعلق علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، على الاتفاق بالقول إن الممر «سيتحوّل مقبرةً لمرتزقة ترمب»، معبراً عن رفض إيران القاطع للخطوة التي تراها تجاوزاً مباشراً على مصالحها الجيوسياسية.

الرئيس الأميركي ورئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكون باشينيان خلال توقيع الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا بالبيت ألأبيض (إ.ب.أ)

شراكات استراتيجية

إلى ذلك، أكد عراقجي أن إيران تسعى للحفاظ على شراكات استراتيجية قوية مع روسيا والصين في مواجهة محاولات بعض القوى لإضعاف هذه التحالفات.

وقال الوزير الإيراني إن «العدو يريد أن يُضعف اتحادنا وتماسكنا ويكسره»، مضيفاً أن القضايا الصغيرة يمكن أن تتحول انقسامات كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر.

وأكد أن إيران لا تثق بأي دولة، سواء في الشرق أو الغرب، لكنها تحافظ على علاقات استراتيجية مع بعض الدول، بما يشمل روسيا والصين، وستواصل سياساتها في هذا الإطار.

ويأتي موقف إيران في وقت يشهد جدلاً حول دور روسيا في المنطقة، خاصة بعد مفاوضات وقف إطلاق النار التي أعقبت حرب ناغورنو كاراباخ الثانية عام 2020، ودورها في تسهيل الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا.

وأخفق الكرملين في التدخل لمنع إنشاء الممر، بينما بقيت طهران مراقبة من كثب؛ إذ ترى أن الممر قد يقلل من أهميتها الجغرافية ويزيد من نفوذ تركيا والولايات المتحدة في منطقة تعدّها جزءاً من عمقها الاستراتيجي.

ويشير محللون إلى أن الممر البالغ طوله نحو 40 كيلومتراً يمكن أن يعيد رسم خرائط النقل والطاقة في المنطقة، ويحوّل الدول المجاورة أطرافاً مركزية في التجارة الإقليمية والدولية؛ ما يفرض على إيران إعادة تقييم استراتيجياتها للتكيف مع واقع جيوسياسي جديد، وسط ضغوط متزايدة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والأمنية.