ارتفعت وتيرة التحركات والاجتماعات في إطار عملية السلام مع الأكراد في تركيا على خلفية إعلان حزب العمال الكردستاني خطوة «أحادية» جديدة تهدف إلى تمهيد الطريق لإتمام هذه العملية وإقرار اللوائح القانونية والسياسية اللازمة، وفي مقدمتها قانون «التكامل الديمقراطي»، وضمان حرية زعيمه عبد الله أوجلان.
ووسط انتقادات من الجانب الكردي لتباطؤ الدولة والحكومة في اتخاذ الخطوات اللازمة لدفع «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، عقدت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكلها البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني، الخميس، اجتماعها الـ16.
واستمعت اللجنة إلى وزيري الخارجية والعدل، هاكان فيدان ويلماظ تونتش، حول آخر المستجدات على الأرض، والخطوات التي تتخذ على الصعيدين السياسي والقانوني في إطار العملية التي تطلق عليها أنقرة «مبادرة تركيا خالية من الإرهاب»، بعد إغلاق الاجتماع أمام وسائل الإعلام؛ نظراً لحساسية الموضوعات التي ستطرح فيه وارتباطها بالأمن القومي.
تحركات جديدة
وقال رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، الذي يترأس اللجنة أيضاً، في كلمة خلال افتتاح الاجتماع، إن «عمل اللجنة شارف على الانتهاء وستقدم، قريباً، إلى الأمانة العامة للبرلمان تقريرها النهائي، شاملاً إطاراً يحدد الخطوات الواجب اتخاذها بعد التأكد من حل المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) ذاتياً».

وأضاف أن التصريحات الصادرة عن «إيمرالي» (في إشارة إلى السجن المحتجز به أوجلان في غرب تركيا)، التي تفيد بحل الحزب نفسه وتوقف جميع عناصره عن مواصلة أنشطتها التنظيمية، وصلت إلى مرحلة متقدمة، لا سيما مع البيان الصادر في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، وفي رأيي أنه تم تجاوز عتبة مهمة.
وتابع كورتولموش أنه «بمجرد أن تحدد قوات الأمن في بلدنا وتوثق تصفية المنظمة لأصولها على الأرض، سيطبق البرلمان اللوائح القانونية التي تتطلبها هذه العملية». وأعلن حزب العمال الكردستاني، في مؤتمر صحافي في جبل قنديل الأحد الماضي، سحب جميع مسلحيه من تركيا إلى شمال العراق بهدف منع وقوع اشتباكات أو استفزازات وتمهيد الأرضية لـ«عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».
وأكد كورتولموش، مجدداً، أن اللجنة البرلمانية ليس من مهامها إعداد النصوص التشريعية أو تعديل الدستور، وإنما اقتراح إطار عام للعملية وتقديمه إلى البرلمان.

وعقدت اللجنة اجتماعها قبل ساعات من لقاء الرئيس رجب طيب إردوغان مع وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، والمعروف إعلامياً بـ«وفد إيمرالي»، والمؤلف من نائبي الحزب، بروين بولدان ومدحت سانجار، الذي يتولى الاتصالات مع أوجلان والحكومة والبرلمان وباقي أطراف العملية. وكان هذا اللقاء هو الثالث لإردوغان مع الوفد بعد لقاءين سابقين في 10 أبريل (نيسان) و7 يوليو (تموز) الماضيين.
إطلاق سراح «أوجلان»
وبالتوازي، تواصلت انتقادات الجانب الكردي للتحرك البطيء من جانب الحكومة والبرلمان التركيين في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواكبة الخطوات التي يتخذها حزب العمال الكردستاني.
ووصف أحد قادة الحزب البارزين، مصطفى كاراصو، خطوة سحب القوات التابعة له من تركيا بأنها تعكس إرادته لإكمال عملية السلام وبناء مجتمع ديمقراطي، مطالباً بتنفيذ وعد رئيس حزب «الحركة القومية»، الشريك الأساسي لحزب «العدالة والتنمية الحاكم» في «تحالف الشعب»، الذي أطلقه في 22 أكتوبر 2024 عند إعلان مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، حيث وعد بتطبيق «الحق في الأمل» على أوجلان (إطلاق سراحه بعدما أمضى أكثر من 25 عاماً بالسجن بموجب مبدأ أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014) حال توجيهه نداء لحل حزب العمال الكردستاني ونزع أسلحته.

وقال كاراصو إن هذه الخطوة اتخذت «بشكل أحادي» ومهدت الطريق أمام الحكومة لاتخاذ المزيد من الإجراءات، مضيفاً: «بالطبع، كانت لدينا قوات من الكريلا (مسلحي العمال الكردستاني) في تركيا، وكان هناك خطر نشوب صراع في بعض المناطق، لذلك، رأينا من المناسب سحبها».
انتقادات للحكومة والبرلمان
واتهم الدولة التركية والحكومة بعدم الإقدام على نهج مشجع أو باعث على الأمل حتى الآن، مضيفاً أننا بهذه الخطوة نشجع كلاً من الحكومة والدولة على القيام بدورهما في هذا المسعى واتخاذ خطوات عملية.

وقال كاراصو إن «هناك فجوة بين الأكراد والجمهورية التركية منذ 100 عام، والأكراد لا يعتبرون أنفسهم جزءاً من الدولة، وإن القوانين التي يسميها أوجلان بـ(التكامل الديمقراطي) ستسد هذه الفجوة وتُنشئ تركيا يُمكن للأكراد العيش فيها بهويتهم وثقافتهم». كما انتقد اللجنة البرلمانية، قائلاً إنها فشلت حتى في تحديد المشكلة، والتأكيد على أن هناك مشكلة كردية يتعين حلها.

بدوره، دعا الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان، إلى سن قوانين المرحلة الانتقالية و«قانون التكامل الديمقراطي»، وإزالة العوائق، وضمان الحريات والحقوق.
وقال باكيرهان، في كلمة خلال اجتماع «الحقوق والمعتقدات» في كارص، شمال شرقي تركيا، الخميس: «ليس لدينا أي مشكلة مع الجمهورية التركية، وإن الحجج الأساسية للحكومة قد دُحضت بعد الخطوات التي اتخذها حزب العمال الكردستاني استجابة لنداء أوجلان، والمسؤولية الآن تقع على الجميع، سواء الحكومة أو مؤسسات الدولة أو المجتمع بشكل عام».






