كشف صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره جاريد كوشنر، والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الكواليس التي سبقت التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وذلك في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة» على شبكة «سي بي إس» الإخبارية أذيعت أمس (الأحد).
وتحدث كوشنر، خلال المقابلة، عن مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وجهود إحلال السلام، بعد عقود مما وصفه بـ«ألعاب الكلمات الغبية» في المنطقة.
وتناول كوشنر وويتكوف عن دورهما في التوصل إلى الاتفاق بين إسرائيل و«حماس» بعد حرب استمرت عامين. ووصفت مقدمة البرنامج، ليزلي ستال، أسلوبهما التفاوضي بأنه يعتمد على «أساليب شخصية مكثفة شبيهة بعالم الصفقات العقارية»، تتضمن «وعوداً رئاسية بالحماية أو العقاب»، بدلاً من الطرق الدبلوماسية التقليدية.
ووصل ويتكوف وكوشنر صباح الاثنين، إلى إسرائيل، بحسب ما أكد متحدث باسم سفارة واشنطن الاثنين، بهدف إجراء محادثات مع مسؤولين إسرائيليين حيال الوضع في غزة. وتأتي الزيارة غداة غارات إسرائيلية على قطاع غزة، بعدما اتهمت الدولة العبرية «حماس» بخرق وقف إطلاق النار الساري منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما نفته الحركة الفلسطينية.
«ألعاب الكلمات الغبية»
وقال كوشنر لستال إن «القضايا كانت في جوهرها بسيطة»، موضحاً أن الصعوبة كانت ناتجة عن «ألعاب الكلمات الغبية» التي ينتهجها الدبلوماسيون.
وتابع: «كنّا نريد إطلاق سراح الرهائن. أردنا وقفاً حقيقياً لإطلاق النار يلتزم به الطرفان. كما كنا بحاجة إلى طريقة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان. ثم اضطررنا إلى صياغة كل هذه العبارات المعقدة للتعامل مع خمسين عاماً من ألعاب الكلمات الغبية التي اعتاد عليها الجميع في تلك المنطقة. الطرفان أرادا تحقيق الهدف، وكان علينا فقط إيجاد طريقة لمساعدتهما على الوصول إليه».

وأضاف كوشنر في رده على سؤال حول تضارب المصالح: «ما يسميه الناس تضارب مصالح، نسميه نحن الخبرة والعلاقات الموثوقة التي بنيناها حول العالم. لو لم تكن لدينا هذه العلاقات العميقة، لما تمكنا من إنجاز الاتفاق الذي أفضى إلى تحرير الرهائن. لدينا علاقات موثوقة في العالم العربي وحتى في إسرائيل، حيث أجرينا أعمالاً في الماضي. وهذا يعني أنهم يثقون بنا، ونحن نفهم ثقافاتهم وطريقتهم في العمل، ونستطيع توظيف هذه المعرفة والمهارات لتحقيق ما يساهم في تقدم العالم».
«تحسين جودة حياة الفلسطينيين»
وأكد كوشنر أن على إسرائيل أن تبدأ بمساعدة الفلسطينيين وتحسين جودة حياتهم إذا كانت ترغب في الاندماج الكامل في الشرق الأوسط. وقال: «الرسالة الأهم التي نحاول إيصالها للقيادة الإسرائيلية الآن هي أنه بعد انتهاء الحرب، إذا أرادت إسرائيل الاندماج مع الشرق الأوسط الأوسع، فعليها إيجاد طريقة لمساعدة الشعب الفلسطيني على الازدهار وتحسين أوضاعه»، مؤكداً أن «العمل على إيصال هذه الرسالة إلى إسرائيل ما زال في بدايته».
وفيما يتعلّق برؤيته لمستقبل الفلسطينيين، أوضح كوشنر أن الولايات المتحدة تركّز على خلق واقع من الأمن المشترك والفرص الاقتصادية للإسرائيليين والفلسطينيين «ليعيشوا جنباً إلى جنب بطريقة مستقرة ودائمة».
وأضاف: «ما سيسمّونه في نهاية المطاف، سنتركه للفلسطينيين ليحددوه بأنفسهم»، في إشارة إلى مسألة إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلاً.

نية حسنة
وأعرب كوشنر عن اعتقاده بأن حركة «حماس» تبحث فعلاً عن جثث الرهائن القتلى، ولا تتعمّد تأخير تسليمهم لإسرائيل. ولدى سؤاله عن التباين في الروايات والدور الأميركي في التوسط بين الطرفين، أوضح كوشنر أن هناك «جهداً مكثفاً تبذله غرفة التنسيق المشتركة مع إسرائيل والوسطاء، من أجل نقل أي معلومات تملكها إسرائيل عن أماكن وجود الجثث إلى الوسطاء و(حماس)، بهدف استعادتها»، وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول «حثّ الطرفين على التحرك الإيجابي لإيجاد حل بدل تبادل الاتهامات بالعرقلة». وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن الحركة «تتصرف بنية حسنة وتبحث بجدية عن الجثث»، أجاب قائلاً: «بحسب ما وصلنا من الوسطاء حتى الآن، فإنهم يفعلون ذلك. هذا قد يتغير في أي لحظة، لكن في الوقت الراهن نراهم يحاولون الالتزام بالاتفاق».

لقاء مباشر مع «حماس»
وعن كواليس التوصل لاتفاق وقف النار خلال المفاوضات الأخيرة في شرم الشيخ، قال ويتكوف إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان «مرتاحاً للغاية» لفكرة لقائه هو وجاريد كوشنر، صهر ترمب ومستشاره، مباشرةً مع «حماس» من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وأفادت التقارير الأسبوع الماضي أن الرجلين التقيا مباشرةً بالمسؤول البارز في «حماس»، خليل الحية، وقادة آخرين في فندق بمدينة شرم الشيخ، في مصر، لتجنب أي تعثر في المفاوضات وإبرام اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار.
وفي حديثه حول عملية ترتيب اللقاء مع قادة «حماس»، قال المبعوث الأميركي الخاص إنه تواصل مع ترمب، برفقة كوشنر، ليسأله إن كان الرئيس «مرتاحاً للسماح لنا بالذهاب والاجتماع مع (حماس)» إذا كان ذلك سيؤدي إلى اتفاق.

وأضاف ويتكوف: «كان هذا هو السؤال الذي طرحناه عليه وعلى جميع أعضاء فريق السياسة الخارجية. وجاء الجواب: (إذا كنتم تشعرون بإمكانية التوصل إلى اتفاق، بالطبع. فلماذا لا أشجعكم على الدخول إلى تلك الغرفة وإنجازه؟)».
ووصف ويتكوف قرار الرئيس الأميركي بالسماح بعقد الاجتماع بأنه «شجاع».
اعتذار نتنياهو خطوة محورية
ومن جهة أخرى، قال ويتكوف إن اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن الغارة الإسرائيلية في الدوحة يوم 9 سبتمبر (أيلول) كان «خطوة حاسمة» في العملية نحو وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
واتصل نتنياهو برئيس الوزراء القطري أثناء زيارته لترمب في البيت الأبيض في 29 سبتمبر (أيلول)، للاعتذار عن استهداف اجتماع للقيادة السياسية لحركة «حماس» في الدوحة، كانت تستضيفه قطر لبحث مساعي التهدئة بقطاع غزة.
وفي حين أكدت «حماس» نجاة كبار مسؤوليها من الهجوم، قُتل خمسة من أعضائها، إضافةً إلى عنصر في قوات الأمن القطرية.
وصرح ويتكوف بأن اعتذار نتنياهو لرئيس الوزراء القطري كان «خطوة محورية وحاسمة نحو وقف إطلاق النار في غزة. فقد كان حجر الزاوية الذي أوصلنا إلى المرحلة التالية من التفاوض، حيث أصدر ترمب خطته لإنهاء الحرب. كان من المهم جداً أن يحدث ذلك».
وعندما سُئل عما إذا كان ترمب قد دفع نتنياهو للاعتذار، قال كوشنر إن رئيس الوزراء الإسرائيلي «لم يكن ليفعل أي شيء، أو يقول أي شيء، أو يوافق على أي شيء لا يشعر بالارتياح تجاهه»، وأنه كان يعلم أن الاعتذار «هو ما كان يجب فعله في تلك اللحظة لتحقيق السلام».
وأضاف: «كان لا بد من الاعتذار، وقد حدث بالفعل. لم نكن لنتقدم دون ذلك الاعتذار».
وخلال المقابلة، وصف ويتكوف لحظة تواصله مع القيادي في «حماس»، خليل الحية، حول تجربتهما المشتركة في فقدان الابن.
وكان نجل الحية، همام، قد قتل في الغارة الإسرائيلية في الدوحة، في حين أن أندرو، نجل ويتكوف، توفى بسبب جرعة زائدة من المواد الأفيونية.
وتحدث ويتكوف عن لقائه مع الحية في مصر في وقت سابق من هذا الشهر، قائلاً إنه عندما دخل الغرفة لحضور الاجتماع مع وفد «حماس»، وجد نفسه جالساً بجوار الحية مباشرةً.

وأضاف: «لقد أعربنا له عن تعازينا في فقدان ابنه، وأخبرته أنني فقدت ابناً أيضاً، وأنه أمر سيئ جداً أن يدفن الآباء أبناءهم».
ويُتوقع أن يزور ويتكوف الشرق الأوسط الأسبوع المقبل لمتابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
ودخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، بضغط من الرئيس الأميركي، بعد حرب مدمرة تواصلت لأكثر من سنتين.






