تركيا ستشارك في البحث عن جثث رهائن في غزة

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 16 أكتوبر 2025 (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 16 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

تركيا ستشارك في البحث عن جثث رهائن في غزة

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 16 أكتوبر 2025 (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 16 أكتوبر 2025 (رويترز)

أفادت مصادر في وزارة الدفاع التركية، الخميس، بأن أنقرة ستشارك في البحث عن جثث رهائن بين أنقاض المباني في قطاع غزة عبر إرسال فريق من الاختصاصيين.

وسيقوم بهذه العملية مسعفون من «أفاد»، الوكالة التركية لإدارة الكوارث والحالات الطارئة، علماً بأنه تمت تعبئة 81 من عناصرها.

وأفادت صحيفة «فاينانشال تايمز»، اليوم الخميس، بأن إسرائيل سمحت لعمال إنقاذ أتراك بدخول قطاع غزة للمساعدة في الوصول لجثث محتجزين إسرائيليين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين إسرائيل وحركة «حماس».

ونقلت الصحيفة عن مصادر القول إن الخطوة حظيت بموافقة إسرائيل رغم التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين إدارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأوضحت الصحيفة أن أنقرة سترسل فرق الإنقاذ إلى غزة للمساعدة في جهود الاستجابة الطارئة، وإجراء عمليات بحث وإنقاذ، بما في ذلك البحث عن جثث الرهائن الإسرائيليين.

وتسلّمت إسرائيل هذا الأسبوع رفات تسعة من الأسرى في غزة، من بين إجمالي 28 جثة، وتقول إن الجثث المتبقية لا تزال محتجزة في القطاع.

وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أمس الأربعاء، إن تسليم ما تبقى من جثث للرهائن الإسرائيليين يحتاج إلى جهد كبير، ومعدات خاصة.

وذكر موقع «أكسيوس» الإخباري، أمس، أن المسؤولين الإسرائيليين يُقرّون بالفعل بصعوبة تحديد مكان عدد قليل من الجثث، لكنهم يزعمون إمكانية إعادة ما بين 15 و20 جثة بسرعة.

صورة عامة لخيام لاجئين فلسطينيين في خان يونس جنوب قطاع غزة 16 أكتوبر 2025 (رويترز)

تعيين منسق للمساعدات الإنسانية بغزة

إلى ذلك، قال مصدر في وزارة الخارجية التركية إن تركيا عينت رئيساً سابقاً لإدارة الكوارث مسؤولاً عن مساعداتها لغزة، في إشارة إلى اعتزامها تكثيف دورها بعدّها ضامناً لوقف إطلاق النار الجديد بعد أن كانت قد انسحبت من جولات دبلوماسية سابقة.

وانضم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وهو أحد منتقدي الهجوم الإسرائيلي على غزة، إلى الوسيطين منذ فترة طويلة، قطر ومصر، هذا الأسبوع، في التوقيع على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب، بعد أن ابتعد إلى حد كبير عن المفاوضات خلال العامين الماضيين.

وقال المصدر إنه تم تعيين الرئيس السابق لإدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) محمد جول أوغلو، وهو سفير سابق أيضاً، منسقاً للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وسافر إلى المنطقة، أمس الأربعاء.

وأشار المصدر إلى أن «تركيا تحشد جميع مواردها لإيصال المساعدات بسرعة إلى غزة، وإنشاء مناطق إيواء مؤقتة، وإعادة إعمار غزة».

وأضاف المصدر أن جول أوغلو سيجري جولات للتعرف على مواد الإغاثة اللازمة في غزة، وتحديد الأولويات بالنسبة لها، والتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة، وضمان إيصال المساعدات من تركيا دون عوائق، والتشاور مع المسؤولين المصريين والأردنيين بشأن نقل المساعدات، والعمل على إجلاء الجرحى، وتكثيف الدعم الطبي التركي لغزة.

وقالت أنقرة إنها ستشارك في قوة عمل دولية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، على الرغم من أن التفاصيل لم يتم الانتهاء منها بعد. وقالت وزارة الدفاع التركية إن قواتها المسلحة مستعدة للمشاركة في قوة العمل بصفة عسكرية أو مدنية، وفق الحاجة.


مقالات ذات صلة

وزيرَا خارجية مصر وتركيا يؤكدان أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة (إ.ب.أ)

وزيرَا خارجية مصر وتركيا يؤكدان أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة تطورات الأوضاع بقطاع غزة، وشددا على أهمية تثبيت اتفاق السلام.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
العالم العربي عمال في مدينة غزة يرفعون الركام يوم الثلاثاء من قصر الباشا التاريخي الذي دمره الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

«قوة استقرار غزة»... مساع لـ«توافقات» دون المساس بـ«الثوابت الفلسطينية»

مناقشات غير رسمية تتواصل في أروقة مجلس الأمن الدولي في نيويورك، بشأن مشروع قرار أميركي يتضمن نشر قوات استقرار في قطاع غزة، وسط تأكيد مصري على وجود ملاحظات.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي أطفال يحملون قطعاً من الخشب عبر أنقاض المباني المدمرة في مخيم الشاطئ للاجئين بشرق غزة (أ.ف.ب)

المشاركة العربية في القوات الدولية بغزة... تردد بانتظار تفاهمات

لا يزال الجدل مستمراً بشأن المشاركة العربية في قوات الاستقرار الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة مع حديث إماراتي باحتمال عدم المشاركة فيها في ظل عدم وضوح تفاصيلها

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله الوفد الروسي برئاسة سيرغي شويغو يوم الاثنين (المتحدث باسم رئاسة الجمهورية)

محادثات مصرية - روسية تناقش تعزيز العلاقات وتحقيق «استقرار إقليمي»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تقدير مصر لعلاقتها الوثيقة مع روسيا وما تشهده من تطور وزخم تم تتويجه بتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون نازحون يسيرون بين أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس (أ.ب) play-circle

قتيلان أحدهما طفل في قصف إسرائيلي شرق خان يونس

قُتل فلسطينيان؛ أحدهما طفل، ظُهر اليوم الاثنين، في قصفٍ شنته طائرة مُسيرة تابعة للجيش الإسرائيلي شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تركيا: إمام أوغلو يطالب ببث محاكمته على الهواء مباشرة

تجمع لأنصار حزب الشعب الجمهوري في منطقة عمرانية في إسطنبول 5 نوفمبر للمطالبة بإطلاق سراح أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
تجمع لأنصار حزب الشعب الجمهوري في منطقة عمرانية في إسطنبول 5 نوفمبر للمطالبة بإطلاق سراح أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: إمام أوغلو يطالب ببث محاكمته على الهواء مباشرة

تجمع لأنصار حزب الشعب الجمهوري في منطقة عمرانية في إسطنبول 5 نوفمبر للمطالبة بإطلاق سراح أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
تجمع لأنصار حزب الشعب الجمهوري في منطقة عمرانية في إسطنبول 5 نوفمبر للمطالبة بإطلاق سراح أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

طالب رئيس بلدية إسطنبول المعارض المحتجز أكرم إمام أوغلو ببث محاكمته في الاتهامات الموجهة إليه ضمن تحقيقات شبهات الفساد في البلدية على الهواء مباشرة عبر تلفزيون الدولة الرسمي (تي آر تي).

وقال إمام أوغلو إن لائحة الاتهام التي أعلنها المدعي العام لإسطنبول أكين غورليك، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بُنيت على أكاذيب ملفقة. وأضاف: «لائحة الاتهام التي كتبتها هي أكاذيب لفّقتها بتهديد الناس واحتجازهم رهائن والضغط عليهم لتشويه سمعتي».

وتابع إمام أوغلو، عبر حساب «مكتب المرشح الرئاسي» على «إكس» الذي يستخدمه عقب حظر حسابه الشخصي بقرار قضائي: «قلت بثوا جلسات المحاكمة على الهواء مباشرة عبر تلفزيون الدولة (تي آر تي) ليرى الجميع أكاذيبكم وافتراءاتكم».

ورأى أن حزب الشعب الجمهوري كان مستهدفاً كما ظهر من لائحة الاتهام الموجهة ضده.

حملة سياسية

بدوره، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، عقب زيارته إمام أوغلو في سجن سيليفري، المحتجز به منذ اعتقاله في 19 مارس (آذار) الماضي في إطار تحقيقات حول شبهات فساد ورشوة وتلاعب بالمناقصات في بلدية إسطنبول الأربعاء: «لقد ظلوا 237 يوماً لا يعرفون ماذا يكتبون في لائحة الاتهام، ثم تمخضت عقولهم عن لائحة من 3 آلاف و900 صفحة بُنيت على إفادات لشهود سريين، يقولون فيها سمعت، أو يبدو ذلك، أو بلغني هذا، دون تقديم دليل ملموس أو ذكر قرش واحد تم إنفاقه في أوجه الفساد على الرغم من إعلان وسائل الإعلام القريبة من الحكومة أن حجم الفساد في بلدية إسطنبول بلغ 560 مليار ليرة تركية».

أوزيل متحدثاً للصحافيين عقب زيارة إمام أوغلو في سجن سيليفري 12 نوفمبر (حساب حزب الشعب الجمهوري في إكس)

وطالب أوزيل بإطلاق سراح إمام أوغلو وباقي المحتجزين وإعادتهم إلى عملهم، وإجراء المحاكمة على الهواء مباشرة، كما طالب بذلك منذ اليوم الأول، قائلاً إن هذه اللائحة هي تتويج لمحاولة الانقلاب المدني القضائي على حزب الشعب الجمهوري.

وأضاف: «أقول للرئيس رجب طيب إردوغان لا تخف لن يهرب مرشحنا الرئاسي (إمام أوغلو) إذا أخرجتموه من السجن، أنت لا تخاف من أن يهرب، بل تخاف من أن يهزمك في الانتخابات».

ووجَّه المدعي العام لإسطنبول 142 اتهاماً لإمام أوغلو، الذي وصفه في لائحة الاتهام بـ«زعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية» وطالب بسجنه لمدة 2430 سنة؛ لاتهامه بالفساد وتقديم رشى والتلاعب في مناقصات، وتزوير الانتخابات وتسريب معلومات ملايين الناخبين.

آلاف الأتراك تجمعوا أمام مجمع محاكم تشاغلايان بإسطنبول 26 أكتوبر الماضي دعماً لإمام أوغلو خلال الإدلاء بإفادته في اتهامه بالتجسس (إ.ب.أ)

كما ذكر المدعي العام أنه سيرسل إخطاراً إلى محكمة النقض للمطالبة بإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية لإغلاق حزب «الشعب الجمهوري» لمخالفته أحكام المادتين 68 و69 من الدستور، وممارسة أنشطة تجارية بالمخالفة للقانون.

وعدّ أوزيل أن ذكر المدعي العام عبارة أن «المنظمة الإجرامية في بلدية إسطنبول تطورت كأذرع الأخطبوط» خلال هذه العملية، يوضح من يقف وراء محاولة إبعاد إمام أوغلو عن الساحة، في إشارة إلى تصريحات إردوغان المتكررة، التي قال فيها إن هناك شبكة فساد تغلغلت في إسطنبول وتمددت كأذرع الأخطبوط.

وقال المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري دنيز يوجال، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن عبارة «أذرع الأخطبوط» وما شابهها من عبارات تُثبت أن لائحة الاتهام «وثيقة سياسية تستهدف الهوية المؤسسية لحزب الشعب الجمهوري وكيانه القانوني».

وتنفي الحكومة أي تدخل لها في الحملة القضائية التي تستهدف حزب الشعب الجمهوري وبلدياته، وتؤكد أن القضاء يعمل سلطةً مستقلةً.

إردوغان متحدثاً خلال فعالية لحزب العدالة والتنمية 12 نوفمبر (الرئاسة التركية)

ولم يُدلِ الرئيس رجب طيب إردوغان بأيّ تصريحٍ مُباشرٍ بشأن لائحة الاتهام، لكنه واصل انتقاد بلديات المعارضة بشدة، قائلاً في خطاب تزامن مع نشر اللائحة: «في المدن التي تحكمها المعارضة أصبح الإهمال وانعدام الرؤية مصير مدننا».

المعارضة تنتقد

وانتقدت أحزاب المعارضة لائحة الاتهام والإشارة إلى الإخطار بطلب إغلاق حزب الشعب الجمهوري، وقال رئيس حزب «الجيد»، موساوات درويش أوغلو: «لقد خرج حزب الشعب الجمهوري لتوه من أزمة قضية بطلان مؤتمره العام في 2023، ومن الطبيعي أن يتم جره إلى أزمة جديدة اليوم».

داود أوغلو متحدثاً في البرلمان التركية (حزب المستقبل - إكس)

وانتقد رئيس حزب «المستقبل» رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو المدعي العام لإسطنبول قائلاً: «هل تسخرون من عقول هذه الأمة، من خلال الإعلان عن إخطار لرفع دعوى لإغلاق حزب الشعب الجمهوري، ثم قولكم: (لم نكن نريد الإغلاق؟)، هذا أمر غير مقبول».

في السياق، أكد ولفت خبير القانون الدستوري، الدكتور كوركوت كاناد أوغلو، إلى وجود غموض بشأن بيان المدعي العام لإسطنبول بشأن الإخطار الذي سيقدمه إلى مكتب المدعي العام لمحكمة النقض، حيث لم يذكر أنه قدم أي طلب محدد لإغلاق حزب الشعب الجمهوري، فضلاً عن أن الجهة الوحيدة المخولة الأمر هي مكتب المدعي العام لمحكمة النقض التي تراقب أعمال مختلف الأحزاب وتقرر رفع قضايا الإغلاق.


أميركا تصدر عقوبات مرتبطة بإيران تشمل 32 فرداً وكياناً

وزارة الخزانة الأميركية (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية (رويترز)
TT

أميركا تصدر عقوبات مرتبطة بإيران تشمل 32 فرداً وكياناً

وزارة الخزانة الأميركية (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية (رويترز)

فرضت الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء)، عقوبات على أفراد وكيانات في عدة دول مرتبطة بدعمهم إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الإيرانية، في أحدث محاولة للضغط على طهران.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، إن عقوبات اليوم تستهدف ما مجموعه 32 فرداً وكياناً، في إيران والإمارات وتركيا والصين وهونغ كونغ والهند وألمانيا وأوكرانيا، مشيرة إلى أنهم يديرون شبكات مشتريات متعددة.

وقالت الوزارة، في بيانها: «تشكل هذه الشبكات تهديداً للأفراد من الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، وللشحن التجاري في البحر الأحمر».

وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وإسرائيل طهران باستخدام برنامجها النووي ستاراً لإخفاء جهود تطوير القدرة على إنتاج أسلحة. وتقول إيران إن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط.


فرنسا تسعى لدعم خطة ترمب ووضعها في سياق «حل الدولتين»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لدى وصوله الثلاثاء إلى قصر الإليزيه (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لدى وصوله الثلاثاء إلى قصر الإليزيه (د.ب.أ)
TT

فرنسا تسعى لدعم خطة ترمب ووضعها في سياق «حل الدولتين»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لدى وصوله الثلاثاء إلى قصر الإليزيه (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لدى وصوله الثلاثاء إلى قصر الإليزيه (د.ب.أ)

تسعى فرنسا إلى البناء على الدور الكبير الذي لعبته مع المملكة العربية السعودية في إنجاح مؤتمر «حلّ الدولتين» في نيويورك في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي والتأييد الواسع الذي حصل عليه، وتعمل بقوة لجعل مخرجاته هدفاً دائماً.

وتواكب مؤتمر «حلّ الدولتين»، مع إطلاق «خطة العشرين بنداً» للرئيس الأميركي دونالد ترمب الهادفة إلى إنهاء الحرب في غزة والتي بابت محل اهتمام؛ غير أن باريس لم تتخلّ عن أهدافها وما زالت تريد أن تكون حاضرة بقوة في هذا الملف.

وتستهدف التحركات الفرنسية، التي كان آخرها الزيارة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولقاؤه الرئيس إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، الثلاثاء، تأكيد أمرين: الأول أن مؤتمر نيويورك مهّد الطريق لمبادرة ترمب التي استقت منه الكثير، والآخر إعلان أن هدفها اليوم كما تؤكده مصادرها يكمن «بطبيعة الحال» في دعم «خطة ترمب»، ومواكبتها والاستفادة منها من أجل الدفع باتجاه الهدف النهائي، وهو إقامة الدولة الفلسطينية التي تعي صعوبات تحقيقها.

ترجمة الوعود

ويصعب فهم أهمية ومعنى الزيارة التي قام بها، ولقائه ماكرون، والبروتوكول «الرئاسي» الذي استُقبل به للمرة الأولى بعد أن اعترفت فرنسا بالدولة الفلسطينية، بمعزل عن الإطار الذي تمت فيه الزيارة.

وتريد باريس أن تمسك بيد أبو مازن، وأن تساعده على ترجمة وعوده التي تضمنتها رسالته الشهيرة في شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى ماكرون، وإلى وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى وقائع. والهدف التمكّن من تقديم «حزمة متكاملة» للرئيس الأميركي تتناول التوصل إلى تصور متكامل حول القضايا الأساسية والحساسة مثل: إصلاح السلطة الفلسطينية، وإنشاء قوة الاستقرار الدولية ودور قوات الأمن الفلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وإبعادها عن حكم غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

الرئيسان الفرنسي والفلسطيني خلال مؤتمر صحافي في قصر الإليزيه مساء الثلاثاء (رويترز)

في هذا السياق، يُنظر إلى اتفاق الطرفين على إقامة لجنة مشتركة فلسطينية - فرنسية من مهماتها توفير المساعدة التقنية للسلطة من أجل صياغة مقترحات لدستور جديد وإعادة تنظيم المؤسسات ومساعدتها على تحقيق الإصلاحات الموعودة التي تضمنها إعلان نيويورك، وكذلك خطة ترمب.

عودة إلى غزة... ووحدة الدولة

وتريد باريس أن تساعد السلطة على العودة إلى قطاع غزة بما تعنيه من المحافظة على وحدة الدولة المرتقبة في إطار قانوني موحّد.

وليس سرّاً أن إسرائيل تعارض عودتها إلى غزة، كما أن الجانب الأميركي، وإن كانت خطة ترمب تشير في بندها التاسع عشر إلى أفق لإقامة الدولة الفلسطينية؛ فإنها تُراكم في وجهها الشروط المسبقة.

وأهمية الإطار القانوني أنه سيكون المرجع للجنة التقنية التي ستتولى الإدارة الانتقالية في غزة؛ أي إن باريس تريد مواكبة ودعم وترسيخ السلطة الفلسطينية في عودتها إلى غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية وزوال «الخط الأصفر» الذي يعني بقاؤه تشطير القطاع، بحيث تبقى إسرائيل في النصف الشرقي من القطاع و«حماس» في نصفه الغربي.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

كذلك تتمسك فرنسا بإبقاء الأضواء مسلطة على ما يحصل في الضفة الغربية من تسعير الاستيطان وخطط الضم.

ويبرز في هذا السياق تحذير الرئيس ماكرون من اجتياز ما وصفه بـ«الخط الأحمر»، وما يمكن أن يستدعيه من ردود فعل فرنسية وأوروبية لم يشأ الخوض في تفاصيلها. وتريد باريس أيضاً التركيز على المستقبل الاقتصادي والمالي والنقدي للسلطة التي «تخنقها» التدابير الإسرائيلية.

تسهيل الطريق مع هدف أبعد

الفلسفة الكامنة وراء الحراك الفرنسي تتمحور حول توفير «حزمة» متكاملة يمكن أن تُدرج في سياق تسهيل الطريق لإنجاح الخطة الأميركية، ولكن في الوقت عينه إدراجها في إطار هدف أبعد هو السعي لبناء الدولة الفلسطينية.

وترى باريس أن الصعوبة الكبرى في غزة تكمن في نزع سلاح «حماس» التي ترفض السير في خطوة كهذه قبل انسحاب كامل القوات الإسرائيلية من القطاع، فيما ترفض إسرائيل الانسحاب ما دام سحب سلاح «حماس» لم يُنجَز، لذا ترى باريس أن هذه المسألة «بالغة التعقيد».

وخلال قمة الإليزيه، حثّ ماكرون رئيس السلطة الفلسطينية على تعميق الحوار الفلسطيني - الفلسطيني حول هذا الملف.

من جهته، أكّد أبو مازن أكثر من مرة، خلال إقامته الباريسية، سواء في المؤتمر الصحافي المشترك مع ماكرون أو في حديثه إلى صحيفة «لوموند» المنشور الأربعاء، أنه لن تكون في غزة إلا القوات الأمنية الفلسطينية التي رأى أنها «جاهزة» لمهمة حفظ الأمن في غزة، وأنها ستحظى بدعم قوة الاستقرار الدولية التي يناقش تشكيلها في مجلس الأمن منذ أسابيع. وحتى اليوم، لم يتوافر بعد مقترح واضح حول مهماتها وحول الانتداب الذي سيوكل إليها، فضلاً عن الدول التي ستسهم بها.

عودة إلى القوة الدولية

وترى فرنسا أنه سيتعيّن على القوة الدولية، من جهة، أن تُشكّل فاصلاً بين القوات الإسرائيلية وسكان غزة، ومن جهة أخرى أن تقوم بدور الداعم للقوات الأمنية الفلسطينية التي ستكون مهمتها الأولى المحافظة على الأمن والنظام في القطاع، كذلك سيكون من مهمات القوة الدولية الإشراف على المعابر.

وتؤكد باريس استعدادها لزيادة حضورها في إطار القوة الأوروبية الموجودة منذ سنوات على هذه المعابر، وأشار ماكرون إلى أن بإمكان بلاده إرسال ما لا يقل عن مائة جندي لهذه المهمة، ولكن أيضاً للمساهمة في تدريب وتجهيز القوات الأمنية الفلسطينية، وإعادة فتح المعابر.

تعي باريس أنه من غير الانخراط الأميركي سوف يتجمّد، الوضع إن لم يكن يسير نحو الأسوأ، ومن هنا تحرص على ما تعده «التكامل» مع «خطة ترمب» والتأكيد، لدى كل مناسبة، دوام ديناميتها؛ كونها الطريق -ربما الوحيد- للخروج من ديمومة الحرب، ووضع حد للنزاع المزمن.