إسرائيل ماضية في تقطيع أوصال الضفة الغربية

مشروع استيطاني جديد يقوّض فرص حل الدولتين

وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش يستعرض خريطة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش يستعرض خريطة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل ماضية في تقطيع أوصال الضفة الغربية

وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش يستعرض خريطة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش يستعرض خريطة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

بينما يزداد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الحرب في غزة والدفع باتجاه «حل الدولتين»، تواصل حكومتها السعي لوأد الفكرة بالعمل الدؤوب على تقطيع أوصال الضفة الغربية.

فقد أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروعاً استيطانياً جديداً من شأنه فصل شمال الضفة عن جنوبها، غير آبهة بتحذيرات المجتمع الدولي من أنه سيقوض فرص إقامة دولة فلسطينية متصلة مستقبلاً.

وتباهى وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بأن المشروع «سيمحو» فكرة الدولتين، في حين أدانت السلطة الفلسطينية الخطة قائلةً إنها ستقطع أوصال الضفة وستحوّلها إلى «سجون منفصلة».

وتدعو الخطة إلى إقامة نحو 3400 وحدة سكنية في المنطقة «إي 1»، وهي مساحة من الأرض بين القدس الشرقية ومستوطنة معاليه أدوميم.

وتعتبر المنطقة التي تبلغ مساحتها نحو 12 كيلومتراً مربعاً واحدة من أكثر المناطق حساسية في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

كان سموتريتش قد أعلن هذا الاقتراح الأسبوع الماضي، قائلاً إن هذه الخطوة «تدفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد».

شرطيان إسرائيليان يقفان بمنطقة «إي1» قرب مستوطنة معاليه أدوميم خارج القدس في الضفة الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال، الأربعاء، معلقاً على مصادقة الحكومة على مخطط «إي 1» لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية التي تفصل الضفة الغربية عن القدس الشرقية إن الدولة الفلسطينية «لا تُمحى بالشعارات؛ بل بالأفعال».

وأضاف: «هذه خطوة كبيرة تمحو عملياً وهم الدولتين، وترسخ سيطرة الشعب اليهودي على قلب أرض إسرائيل. والدولة الفلسطينية تم محوها من الطاولة، ليس بالشعارات وإنما بالأفعال».

واستطرد: «حان الوقت لاستكمال العملية، والتوقف عن التأجيل، وفرض سيادة إسرائيلية كاملة الآن في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). وحان الوقت لأن نزيل للأبد فكرة تقسيم البلاد والتأكد من أنه حتى سبتمبر (أيلول) لن يكون للزعماء المنافقين في أوروبا ما يمكن الاعتراف به»، في إشارة إلى الموعد الذي تعتزم عدة دول الاعتراف فيه بالدولة الفلسطينية.

خطة تقسيم

يذكر أن «مجلس التخطيط الأعلى» في الجيش الإسرائيلي، والذي امتنع طيلة 20 سنة عن المصادقة على خطة البناء الاستيطاني في المنطقة «إي 1» وسط معارضة أميركية ودولية، رضخ لإرادة المستوطنين وصدَّق عليها لتشمل بناء أكثر من 3400 وحدة سكنية، إضافةً إلى إقامة مستوطنة جديدة باسم «عشآهل» وتشمل إقامة 342 وحدة سكنية ومبانٍ عامة.

ومن شأن هذا البناء أن يؤدي عملياً إلى تقسيم الضفة الغربية إلى قسمين: شماليٍّ وجنوبيٍّ، مما يجعل من الصعب بشكل كبير، إن لم يكن مستحيلاً، تشكيل دولة فلسطينية متصلة جغرافياً.

كان سموتريتش قد أيَّد الأسبوع الماضي، خطط البناء في هذه المنطقة الحساسة الواقعة بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم.

سموتريتش يتوجه لحضور مؤتمر صحافي بشأن توسيع المستوطنات بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية المحتلة 14 أغسطس 2025 (رويترز)

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن بناء مستوطنات إسرائيلية في المنطقة سيقضي على فرص حل الدولتين الرامي إلى إنهاء النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، سواء تلك التي أقرتها الحكومة، أو العشوائية منها.

ويعيش في الضفة الغربية نحو ثلاثة ملايين فلسطيني بالإضافة إلى نحو 500 ألف مستوطن إسرائيلي.

إدانات عربية وأجنبية

قالت السلطة الفلسطينية إن القرار الإسرائيلي يستدعي سرعة الاعتراف بفلسطين كدولة.

وأصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بياناً قالت فيه إن القرار «يكرس تقسيم الضفة المحتلة إلى مناطق وكنتونات معزول بعضها عن بعض غير متصلة جغرافياً، لتصبح أشبه ما تكون بسجون حقيقية يتعذر التنقل بينها إلا عبر حواجز الاحتلال، ووسط إرهاب ميليشيات المستوطنين المسلحة المنتشرة في عموم الضفة».

ورأت الوزارة أن القرار «اعتراف إسرائيلي رسمي، وتورط في جرائم الاستيطان والضم التدريجي للضفة، في إطار جرائم الإبادة والتهجير لشعبنا ومحاولة تصفية قضيته وحقوقه».

وطالب البيان بـ«تدخل دولي حقيقي وفرض عقوبات على الاحتلال لإجباره على وقف تنفيذ مخططاته والانصياع للإجماع الدولي على حل القضية الفلسطينية ووقف الإبادة والتهجير والضم».

وفي الأردن، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، رفض بلاده خطة الاستيطان الإسرائيلية، مشدداً على أنه لا بديل عن حل الدولتين.

وأفاد بيان صادر عن الديوان الملكي بأن الملك عبد الله أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، «رفض الأردن التصريحات الإسرائيلية حول رؤية إسرائيل الكبرى، وخطط ترسيخ احتلال غزة، وتوسيع السيطرة العسكرية عليها، والإجراءات أحادية الجانب في الضفة الغربية، ومنها خطة الاستيطان بمنطقة (إي 1)».

وشدد الملك على أن «السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة هو حل الدولتين»، مشيراً إلى «أهمية نية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية كخطوة في سبيل تقديم مزيد من الدعم للشعب الفلسطيني والعمل على تحقيق الاستقرار في الإقليم».

كما انتقد وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، الموافقة على خطط بناء مستوطنات إسرائيلية في منطقة شديدة الحساسية في الضفة الغربية المحتلة.

وعلى هامش زيارة للعاصمة الإندونيسية جاكرتا، قال فاديفول للصحافيين: «مثل هذه المشاريع ستكون، إذا نفذت، مخالفة للقانون الدولي، وستجعل حل الدولتين مستحيلاً»، مشدداً على أن الحكومة الألمانية تؤيد حل الدولتين، وقال: «لهذا ننصح بشدة بعدم المضيّ قدماً في هذا الطريق».

أصوات من الداخل الإسرائيلي

قالت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية إن التصديق على البناء الاستيطاني في «إي 1» تمت بسرعة قصوى، وشددت على أن هذا مخطط «قاتل لاحتمال سلام، ولمستقبل دولتين للشعبين، لأنها تقسم الضفة الغربية إلى قسمين»، وتقطع التواصل الجغرافي العربي بين رام الله والقدس الشرقية وبيت لحم.

صورة لجزء من مستوطنة معاليه أدوميم الإسرائيلية في الضفة الغربية 14 أغسطس 2025 (رويترز)

وأشارت الحركة إلى أن المشروع ينضم إلى آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية التي صدَّقت عليها الحكومة الإسرائيلية في العام الجاري، وتقف حجر عثرة أمام حل الدولتين. فمنذ بداية العام، أقرت الحكومة بناء 24338 وحدة سكنية استيطانية، من ضمنها مشروع «إي 1».

وفي الأسبوع الماضي، قالت «السلام الآن» إن أعمال البنية التحتية في منطقة «إي 1» قد تبدأ في غضون بضعة أشهر، في حين من المتوقع أن يبدأ بناء المساكن خلال نحو عام.

وقال أفيف تترسكي، الباحث في منظمة «عير عميم» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان: «الموافقة اليوم تُظهر مدى إصرار إسرائيل على المضي فيما وصفه الوزير سموتريتش بأنه برنامج استراتيجي لدفن إمكانية قيام دولة فلسطينية، وضم الضفة الغربية فعلياً».

وأضاف: «هذا خيار إسرائيلي واعٍ لتطبيق نظام فصل عنصري»، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لمواجهة هذا التحرك.

اعتداءات المستوطنين

ومع هذه الخطوات الاستيطانية، تزداد اعتداءات المستوطنين على عشرات البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية.

وكشفت مصادر أمنية أن جهات استيطانية تخطط لتنفيذ سلسلة اعتداءات، وأن الجيش قرر تعزيز قواته في الضفة الغربية قُبيل الأعياد اليهودية، خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول).

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن هذه المصادر قولها: «المعلومات التي وصلت إلى الجيش تفيد بأن عشرات وربما مئات الآلاف من المستوطنين يستعدون لتنظيم أنشطة استيطانية في الضفة الغربية خلال أعياد رأس السنة اليهودية وسائر أعياد الخريف، مما دفع قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي إلى إصدار أوامر انتشار واسعة للوحدات العسكرية، تشمل تعزيزات تمتد من جنوب الخليل حتى شمال نابلس».

لكنَّ صحيفة «يديعوت أحرونوت» شككت في قدرة الجيش على صد هذه الاعتداءات، وعزت ذلك إلى النقص الحاد في الجنود والاحتياط. وقالت إن المستوطنين اعتادوا على تنفيذ اعتداءات كبيرة مع موسم قطف الزيتون. وأضافت الصحيفة أن إعلان وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الأسبوع الماضي، إبقاء كتيبتين داخل مخيمَي جنين وطولكرم، اللذين «تمت السيطرة عليهما العام الماضي»، جاءت في إطار مواجهة هذا التحدي.

وأشارت إلى أن إبقاء هذه القوات يعني إلقاء أعباء إضافية على جيش يعاني أصلاً نقصاً شديداً في القوى البشرية. وحسب التقرير، يعود هذا النقص إلى فقدان الجيش نحو 12 ألف جندي، معظمهم من الوحدات القتالية، إضافةً إلى تراجع نسبة الاستجابة في صفوف قوات الاحتياط إلى ما بين 60 و70 في المائة فقط، بعد نحو عامين من الحرب المتواصلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن نصف القوات المنتشرة اليوم في الضفة والأغوار هي من الجيش النظامي، بعد أن كان معظمها قوات احتياط منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتم سحب وحدات المظليين من غزة الشهر الماضي لنشرها في الضفة، لكن هذا التوازن قد يتغير مجدداً مع الأعياد والخطط الخاصة باجتياح مدينة غزة.

في السياق، لفتت الصحيفة إلى أن الجيش أجرى هذا الأسبوع مناورة مفاجئة حاكت سيناريو حرب متعددة الجبهات تبدأ من الضفة، عبر هجمات مسلحة من عدة محاور على الحدود الأردنية، إلى جانب إطلاق صواريخ من إيران.

وأظهرت المناورة، حسب التقديرات الأولية، صعوبات في تحريك القوات بسرعة إلى مناطق بعيدة على الحدود الشرقية الطويلة الممتدة من الجولان السوري المحتل حتى إيلات، كما شملت السيناريوهات استهداف مطار «رامون» في النقب بطائرات مسيَّرة.


مقالات ذات صلة

«السبت» لا يردع هجمات المستوطنين في الضفة الغربية

المشرق العربي فلسطيني من سكان قرية ترقوميا بالضفة الغربية يتجادل مع مستوطنين إسرائيليين خلال احتجاج على مصادرةٍ للأراضي في المنطقة (أسوشييتد برس)

«السبت» لا يردع هجمات المستوطنين في الضفة الغربية

تعهد بن غفير بالعمل على منع التحقيق مع الجنود الذي يقتلون فلسطينيين، والعمل على إلغاء هذا الإجراء بوصفه «مشوهاً»، فيما يواصل المستوطنون هجماتهم على الضفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم جنود إسرائيليون يقومون بدورية في شوارع مدينة طوباس بالضفة الغربية المحتلة خلال عملية عسكرية في 26 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دول أوروبية تدعو إسرائيل إلى حماية الفلسطينيين

دعت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا إسرائيلَ في بيان مشترك، الخميس، إلى الالتزام بالقانون الدولي وحماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي صورة التقطت بتاريخ 30 سبتمبر 2025 تظهر مستوطنة «معاليه أدوميم» الإسرائيلية شرق القدس (أ.ف.ب)

مشروع استيطاني إسرائيلي يراه فلسطينيون خنقاً لبلدتهم الحيوية شرق القدس

تعمل السلطات الإسرائيلية على المشروع الاستيطاني «إي وان» الذي يراه فلسطينيون خنقاً لبلدتهم العيزرية وهي بلدة حيوية شرق القدس.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقفون حراساً في الخليل بالضفة الغربية يوم 22 نوفمبر 2025 (رويترز)

القوات الإسرائيلية تقتل فلسطينياً اتهمته بمهاجمة مستوطنة في الضفة الغربية

قُتل شاب فلسطيني، الثلاثاء، قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، برصاص القوات الإسرائيلية التي اتهمته بقتل مستوطن خلال هجوم نفَّذه في صيف 2024.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي طفلة فلسطينية تتفقد موقع قصفه الجيش الإسرائيلي السبت في وسط غزة (رويترز) play-circle

«حماس» تندد بـ«تطهير عرقي» مع استمرار القصف الإسرائيلي على غزة

قُتل 3 فلسطينيين اليوم (الاثنين) بنيران الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة وخان يونس في جنوب قطاع غزة، على ما أفاد «الدفاع المدني» ومصادر طبية فلسطينية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.


إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.