خامنئي يظهر بعد 23 يوماً من الغياب... وإسرائيل تكشف تفاصيل محاولة اغتياله

مسؤول إيراني: استهداف المرشد سيشعل الرد في أميركا وخمس قارات

خامنئي يشارك في مراسم عاشوراء بمقر حسينية مكتبه بمنطقة باستور وسط طهران (موقع المرشد)
خامنئي يشارك في مراسم عاشوراء بمقر حسينية مكتبه بمنطقة باستور وسط طهران (موقع المرشد)
TT

خامنئي يظهر بعد 23 يوماً من الغياب... وإسرائيل تكشف تفاصيل محاولة اغتياله

خامنئي يشارك في مراسم عاشوراء بمقر حسينية مكتبه بمنطقة باستور وسط طهران (موقع المرشد)
خامنئي يشارك في مراسم عاشوراء بمقر حسينية مكتبه بمنطقة باستور وسط طهران (موقع المرشد)

أثار أول ظهور علني للمرشد الإيراني علي خامنئي في طهران، السبت، للمرة الأولى بعد غيبة دامت 23 يوماً، ردوداً متباينة بين التيارات السياسية الداخلية، بما في ذلك خصومه وأنصاره، فيما لا يزال يسود الترقب بشأن تماسك وقف إطلاق النار الذي بدأ قبل نحو أسبوعين.

ولم يظهر خامنئي علناً منذ أن شنت إسرائيل قبل ثلاثة أسابيع أولى ضرباتها العسكرية على المواقع النووية الإيرانية. وقُتل في الساعات الأولى عدد من كبار القادة العسكريين، خصوصاً في جهاز «الحرس الثوري» والعلماء النوويين.

ودخل وقف إطلاق النار بين البلدين حيّز التنفيذ في 24 يونيو (حزيران). ولم يشارك خامنئي، الأسبوع الماضي، في مراسم تشييع القادة العسكريين في إيران، كما لم يؤمّ صلاة الجنازة.

وذكرت قنوات «تلغرام» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن مقاتلات من طراز «ميغ-29» التابعة لسلاح الجو الإيراني قامت بتأمين أجواء طهران ليلة ظهور خامنئي علناً.

«الظهور وما قبله»

وأظهر مقطع مصور نشرته وسائل إعلام رسمية عشرات الأشخاص وهم يشاركون في مراسم إحياء يوم عاشوراء، وظلوا يهتفون، بينما دخل خامنئي قاعة حسينية مجاورة لمكتبه، حيث يظهر في مناسبات وفعاليات ويستقبل فيها أنصاره ومسؤولين حكوميين.

وهتف أنصار خامنئي رافعين قبضاتهم: «دماء عروقنا فداء قائدنا»، وفق لقطات أعاد بثها التلفزيون الرسمي نقلاً عن موقع المرشد الإيراني.

خامنئي يتحدث إلى منشده الخاص بالمناسبات الدينية محمود كريمي خلال مراسم إحياء ذكرى عاشوراء في حسينية مكتبه وسط طهران (موقع المرشد)

ويظهر في أحد الفيديوهات المتداولة، خامنئي وهو يطلب من المنشد الديني محمود كريمي، المحسوب على مكتبه، أن يردد أنشودة «يا إيران» التي أخذت طابعاً دينياً مؤخراً، بعدما كانت تُردّد في المناسبات الوطنية.

وجاء ظهور خامنئي بعد حملة أطلقتها وسائل إعلام إيرانية على مدى أيام، تتمحور حول إشرافه على العمليات العسكرية وإدارة البلاد في ذروة الأزمة، بينما شاعت تكهنات حول مصيره.

ولأسباب أمنية على ما يبدو، كان خامنئي يكتفي بتوجيه رسائل مسجلة مسبقاً خلال الحرب التي اندلعت في 13 يونيو، وتجنب الظهور العلني.

وفي 26 يونيو، قال خامنئي في تصريحات مسجلة بثها التلفزيون الرسمي، إن إيران لن تستسلم رغم دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ولم يظهر خلال الحرب سوى في رسالتين مصورتين مسجّلتين مسبقاً، وقال إن بلاده ستردّ على أي هجوم أميركي مستقبلاً بضرب قواعد عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.

«محاولة اغتيال»

في اليوم نفسه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن «إسرائيل سعت إلى تنفيذ عملية اغتيال للمرشد الإيراني في إطار عملية (الأسد الصاعد)، لكنها لم تجد فرصة سانحة». وأضاف في مقابلة مع قناة 13 الإسرائيلية: «لو كان في مرمى بصرنا، وتوفرت فرصة عملياتية لاغتياله، لكنا استهدفناه... وفي الوقت نفسه، فإننا لم نكن نضع إسقاط النظام الإيراني هدفاً لنا خلال الحرب».

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 27 يونيو إنه سيدرس قصف إيران مجدداً. وأضاف: «كنت أعلم تماماً مكان وجود خامنئي، ولم أسمح لإسرائيل أو القوات المسلحة الأميركية بالقضاء عليه».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى أوتشوبي بفلوريدا الأسبوع الماضي (رويترز)

وكان آخر ظهور علني للمرشد، الذي يتولى المنصب منذ عام 1989، يعود إلى 11 يونيو عندما استقبل أعضاء في البرلمان.

حماية أمنية مشددة

وذكرت وكالة «مهر» الحكومية أن غياب خامنئي لأكثر من ثلاثة أسابيع مرده أن «وسائل الإعلام الغربية بالتعاون مع إسرائيل ووسائل الإعلام الفارسية المعارضة سعت إلى استغلال الشائعات وتتبع مكان وجود المرشد لتنفيذ مخططاتها الخبيثة».

وقالت إن «في ظروف الحرب، الحفاظ على حياة المرشد يمثل أولوية قصوى، ويجب أن تبنى جميع الخطط والبرامج على هذا الأساس. للأسف، في مراحل زمنية مختلفة، أدى تجاهل المبادئ المهنية إلى إلحاق أضرار بالثورة والبلاد».

وقال رحيم بور أزغدي، عضو في «المجلس الأعلى للثورة الثقافية» الخاضعة للمرشد الإيراني: «في حال اغتيال المرشد، سننفذ عمليات اغتيال في خمس قارات من العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها، ضد مصالح أميركا وحلفائها»، وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «الكلام هنا عن مئات الآلاف من القوات (الاستشهادية) المنتشرة في جميع أنحاء العالم».

وأضاف: «معارك مثل هذه، بحسب تعبير بريجنسكي، ستكون بداية لحرب عالمية ثالثة تمتد من 20 إلى 30 عاماً».

«دعم واسع داخلي»

وسارع كبار المسؤولين السياسيين الحاليين والسابقين في إيران للتعبير عن موقفهم الداعم للمرشد. وقال علي أكبر ولايتي عبر منصة «إكس» المحجوبة في إيران: «جاء مرشدنا مرة أخرى، فعادت البلاد إلى الحياة».

أما القيادي في «الحرس الثوري»، محسن رضائي، فقد قال: «الليلة الماضية، عندما وقعت الأنظار على المرشد، أدرك الجميع أن عمود هذا البيت قوي وثابت، ولا عاصفة يمكنها أن تقتلع هذه الخيمة من مكانها»، وأضاف: «أميركا لا تقوى على زحفة».

الدخان يتصاعد من مصفاة نفط إثر غارة إسرائيلية على طهران في 17 يونيو (أ.ف.ب)

وكتب وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، على منصة «إكس»: «الحضور الشجاع لقائد الثورة في مراسم العزاء العامة وضع حداً لأوهام بثّها الدجالون المرتزقة». وخاطب من وصفهم بـ«أعداء إيران»، قائلاً: «لقد حان وقت الاستيقاظ والاعتراف بأن الإيرانيين لا يستسلمون أبداً، قفوا في الجانب الصحيح من التاريخ»، واستخدم عبارته الشهيرة: «لا تهددوا الإيرانيين أبداً».

«تفاعل شعبي ورسمي»

وفي تعليق على ظهور خامنئي، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: «حسينية (إيران) خالدة وثابتة إلى الأبد. في روحي ووجداني ستبقى يا وطني».

وبدوره، قال نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، عبر منصة «إكس»: «بقلب وصوت واحد، وبالتماسك الاجتماعي، لن نسمح بتحقيق أحلام أعداء إيران».

خامنئي يشارك في مراسم عاشوراء بمقر حسينية مكتبه بمنطقة باستور وسط طهران (موقع المرشد)

وقال وزير الخارجية عباس عراقجي: «أجمل صورة رأيتها بعد وصولي إلى البرازيل (للمشاركة في قمة دول البريكس). معك يمكن للمرء أن يغامر ويخوض البحر».

أما الناطق الإعلامي باسم مكتب خامنئي، مهدي فضائي، فقد قال: «حسينية الخميني انفجرت مع قدوم المرشد، وأمواج هذا الانفجار ستجتاح تل أبيب والبيت الأبيض».

وكتب محمد علي أبطحي، الناشط السياسي الإصلاحي والمقرّب من الرئيس الأسبق محمد خاتمي، على «إكس»: «جاء المرشد، وجاءت معه إيران. في ذروة الألعاب النفسية للعدو، كان وجوده ورؤيته أكثر ما يبعث على الطمأنينة».

«انتقادات من المعارضة»

على نقيض المسؤولين الإيرانيين، واصل المعارضون انتقاداتهم لإدارة خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في المؤسسة الحاكمة.

وفي هذا الصدد، وجّهت المحامية شيرين عبادي، الحائزة على جائزة «نوبل» للسلام، انتقادات لاذعة للمرشد الإيراني. وانتقدت أداءه خلال الحرب.

ضربة إسرائيلية على طهران مطلع الأسبوع الماضي (رويترز)

ورأت عبادي أن الحرب الأخيرة «كانت نتيجة لأكثر من أربعة عقود من السياسات الخارجية للنظام الإيراني، التي بنيت على (آيديولوجيا تدمير إسرائيل)، وهي ما وفرت الذريعة للهجوم الإسرائيلي». ولفتت عبادي إلى أن باكستان، الدولة المجاورة لإيران، رغم امتلاكها للسلاح النووي وعدم اعترافها بإسرائيل، لم تتعرض أبداً لهجوم.

«وراثة القيادة المقبلة»

والشهر الماضي، نقلت «رويترز» عن خمسة مصادر مطّلعة على مناقشات مكثفة لاختيار خليفة خامنئي، أن أبرز مرشحيْن هما نجله مجتبى (56 عاماً) وحسن خميني (53 عاماً)، حفيد المرشد المؤسس (الخميني).

ولا يُعد طرح اسمي مجتبى خامنئي وحسن خميني مفاجئاً، إذ ارتبطا باحتمال خلافة خامنئي منذ عشر سنوات على الأقل.

وينظر إلى حسن خميني بأنه المرشح المفضل لدى التيار الإصلاحي، بينما يحظى مجتبى خامنئي بتأييد قيادة «الحرس الثوري».

تحول محتمل مقبل

في إسرائيل، قالت صحيفة «إسرائيل هيوم» إن خامنئي «كان في عزلة بسبب مخاوف من احتمال استهدافه من قبل سلاح الجو الإسرائيلي. وجاء ظهوره بعد أسبوع كامل من الصمت، ما أطلق شائعات في الداخل والخارج حول وضعه الصحي».

وأضافت أن اختيار خامنئي الظهور في يوم عاشوراء «يحمل رمزية قوية، حيث يقدم إيران في صورة (المظلوم) في مواجهتها مع إسرائيل والولايات المتحدة».

وذكر تحليل نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» أن حملة إسرائيل ضد إيران «لا تزال غير مكتملة بسبب بقاء خامنئي حياً والخلل الذي رافق ضرب منشأة فوردو».

وعدّ التحليل أن أحد أخطاء الحملة الأخيرة «فشل القوات الإسرائيلية في تصفية خامنئي وابنه مجتبى، الذي يُعتقد أنه الخليفة المحتمل له»، وأضاف: «تحييد القيادة العليا لم يؤدِ إلى سقوط النظام فوراً، لكنه كان سيسهم بشدة في إضعافه».

أما الخطأ الآخر، فقد أشار تحليل «جيروزاليم بوست» إلى مشاركة القوات الأميركية في توجيه الضربة لمنشأة فوردو، وأضاف: «التحرك الأميركي أسفر عن تحييد أقل فاعلية لمنشأة فوردو النووية المحصنة».

قنّاص متمركز على سطح مبنى يشرف على شارع تمر فيه جنازة القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين الذين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية بطهران (رويترز)

وتطرّق إلى التقارير الاستخباراتية التي «أظهرت أن الاتصالات المعترضة بين مسؤولين إيرانيين بعد الضربة كشفت عن ارتياح مفاجئ بسبب ضعف فاعلية الهجوم الأميركي».

ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش والحكومة الإسرائيلية القول بأن إسرائيل «كانت لديها خطة جاهزة لاستهداف فوردو، بل إن بعض العناصر التي كانت ستشارك في تنفيذها استخدمت بدلاً من ذلك لتقييم نتائج ضربة سلاح الجو الأميركي على الموقع».

وأضافت أن «الرئيس ترمب، في تصريح عفوي، أشار إلى وجود قوات إسرائيلية على الأرض فحصت الموقع في جزء من تقييم الأضرار».

بدورها، ذكرت مجلة «نيوزويك» أن عودة خامنئي إلى الظهور العلني تُشير إلى «تحوّل محتمل في موقف إيران في أعقاب صراع مدمّر شهد قصف القوات الأميركية لثلاثة مواقع نووية رئيسية».

وتابعت أن «قرار خامنئي الخروج مما تصفه المصادر بـ(الاختباء في المخبأ)، يعكس إما تنامي ثقته في الإجراءات الأمنية المحيطة به، وإما الشعور بالحاجة السياسية لإظهار القوة أمام شعبه في مناسبة دينية ذات أهمية بالغة».


مقالات ذات صلة

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».


إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.