إيران تبحث عن حلفاء في «بريكس» وسط توترات إقليمية

«توازنات دقيقة» تعوق تماسك المجموعة الناشئة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

إيران تبحث عن حلفاء في «بريكس» وسط توترات إقليمية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في أكتوبر 2024 (رويترز)

في ظل عزلة وتوترات متصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، تتجه إيران إلى مجموعة «بريكس» الناشئة بحثاً عن موطئ قدم دبلوماسي يعزز موقفها في مواجهة الضغوط الغربية المتصاعدة.

مع انطلاق قمة «بريكس» في مدينة ريو دي جانيرو، الأحد، تنضم إيران رسمياً باعتبار أنها عضو جديد في التكتل الطموح الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إلى جانب دول منضمة حديثاً.

وتأتي مشاركة طهران في وقت حرج، بعد نحو أسبوعين على ضربات عسكرية إسرائيلية وأميركية استهدفت مواقع داخل إيران، على خلفية برنامجها النووي. ورغم إصدار «بريكس» بياناً أعربت فيه عن «قلق بالغ» إزاء تلك الهجمات، واعتبارها «انتهاكاً للقانون الدولي»، فإن البيان خلا من أي إدانة صريحة للولايات المتحدة أو إسرائيل، ما كشف عن انقسامات داخل المجموعة بشأن كيفية التعاطي مع التصعيد في الشرق الأوسط.

وينظر في طهران إلى التحاقها بمجموعة «بريكس» على أنه إنجاز رمزي في توقيت بالغ الحساسية، خاصة في ظل محاولاتها المستمرة للالتفاف على العقوبات الدولية، وتأكيد حضورها على الساحة الدولية.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، أنّ «الانضمام إلى (بريكس) يحمل رمزية كبيرة لإيران في هذا الوقت».

لكن ثمة تحديات تتعلق بتماسك المجموعة، إذ فشلت دولها حتى الآن في تبني موقف موحد بشأن الضربات الأخيرة على إيران.

ويرى محللون أن التوسع السريع لـ«بريكس» ضاعف من حدة التباين في الرؤى، لا سيما في ملفات ساخنة مثل الملف النووي الإيراني.

ويقول باولو نوجويرا باتيستا جونيور، نائب الرئيس السابق لبنك تنمية «بريكس»، إنه «كلما زاد عدد الدول حول الطاولة، زادت صعوبة الوصول إلى توافق».

الرئيسان الصيني والروسي خلال قمة «بريكس» في أكتوبر 2024 (أ.ب)

صعوبات متزايدة

منذ تأسيسها عام 2009، سعت «بريكس» إلى تقديم بديل للنظامين المالي والسياسي العالميين المهيمن عليهما من قبل القوى الغربية، لكنها ظلت حتى اليوم أقرب إلى تحالف رمزي من كونها كتلة سياسية فاعلة.

وتراهن إيران على القمة الحالية للحصول على دعم أقوى في البيان الختامي، إلا أن مصادر مطلعة تشير إلى تباينات حادة خلف الكواليس بشأن كيفية صياغة هذا البيان، وفق «نيويورك تايمز».

ويقول أوليفر ستوينكل، الأستاذ المساعد في مؤسسة «غيتوليو فارغاس» في البرازيل: «لا يوجد أي توافق حول إيران، لذا جاء البيان بلغة ناعمة وغير مؤذية».

مواقف متباينة

تعكس المواقف الرسمية للدول الأعضاء توازنات دقيقة بين المصالح الاقتصادية والسياسية. فروسيا، التي تواجه بدورها عزلة غربية منذ غزوها لأوكرانيا، وصفت الضربات على إيران بأنها «عدوان غير مبرر»، فيما دعت الصين إلى «التحلي بضبط النفس».

أما البرازيل، المضيفة للقمة، فقد أدانت الهجمات، لكنها سعت في الوقت ذاته لعدم الإضرار بعلاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ثاني أكبر شريك تجاري لها بعد الصين. وهو موقف مماثل لما اتخذته الهند التي ترتبط كذلك بعلاقات وثيقة مع واشنطن. ويضيف ستوينكل: «البرازيل لا تبحث عن مشكلات. فهي أقرب إلى الولايات المتحدة من إيران، ولا يوجد لديها سبب للدخول في هذا الصراع».

غيابات بارزة

تشهد القمة هذا العام غياباً لافتاً لبعض أبرز قادة دول «بريكس». فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيشارك عبر تقنية الاتصال المرئي، بسبب مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، والتي تعتبر البرازيل من أعضائها.

كما سيغيب الرئيس الصيني شي جينبينغ، ويمثله رئيس الوزراء لي تشيانغ. ويأمل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجموعة هذا العام، في توظيف القمة لتعزيز مكانة البرازيل بوصف أنها وسيط يسعى إلى نظام عالمي أكثر عدالة.

غير أن مراقبين يرون أن الانقسامات الداخلية، وتداعيات الصراع الإيراني قد تحدّ من فرص تحقيق اختراق حقيقي. ويقول باولو باتيستا: «آمل فقط ألا يتم التراجع عن التقدم الذي تحقق العام الماضي».


مقالات ذات صلة

ترمب يهدد «بريكس» مجدداً

الاقتصاد ترمب أثناء توقيع مشروع قانون لتشريع العملات المشفرة في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

ترمب يهدد «بريكس» مجدداً

جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده بفرض رسوم جمركية على الدول الأعضاء في مجموعة «بريكس» وقال إنها «ستنهار سريعاً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ) play-circle 02:10

ترمب: مجموعة «بريكس» ستنهار «سريعاً» إذا شكلت يوماً أي كيان فاعل

جدد الرئيس الأميركي تهديده، الجمعة، بفرض رسوم جمركية على الدول الأعضاء في مجموعة «بريكس» وقال إنها «ستنهار سريعا» إذا حاولت يوما تشكيل كيان فاعل له شأن حقيقي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع صورة جامعة للقادة المشاركين في قمة "البريكس" الأخيرة بالبرازيل (بريكس برازيل)

ماذا ينتظر مجموعة «البريكس» في حقبة دونالد ترمب؟

بينما تطرح علامات على مستقبل التجاذبات داخل مجموعة «البريكس»، ينشط رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على صعيد العلاقات الخارجية، فخلال أقل من شهر، زار أكثر من

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
شمال افريقيا رئيس الوزراء الماليزي يلقي كلمته خلال الجلسة العامة لقمة «آسيان» في كوالالمبور (د.ب.أ)

الجزائر تنضم إلى معاهدة رابطة «آسيان» بعد تعثر الانضواء في «بريكس»

وضعت الجزائر، منذ 5 سنوات على الأقل، هدفاً استراتيجياً وعملت بقوة على تحقيقه، يتمثل في الالتحاق بالتكتلات الإقليمية والدولية الناشئة، سعياً لأدوار دبلوماسية…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد دونالد ترمب خلال اجتماع مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض 7 يوليو 2025 (أ.ب)

ترمب يُشعل جولة جديدة من الحرب التجارية عبر رسائل رسمية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الاثنين، فرض ضريبة بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من اليابان وكوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب شمال إيران

مبنى متضرر جراء زلزال سابق ضرب إيران (أرشيفية - رويترز)
مبنى متضرر جراء زلزال سابق ضرب إيران (أرشيفية - رويترز)
TT

زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب شمال إيران

مبنى متضرر جراء زلزال سابق ضرب إيران (أرشيفية - رويترز)
مبنى متضرر جراء زلزال سابق ضرب إيران (أرشيفية - رويترز)

قال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إن زلزالاً بلغت شدته 5.6 درجة ضرب شمال إيران. وأضاف المركز أن الزلزال وقع على عمق ثلاثة كيلومترات.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز»، فقد عدّل المركز في وقت لاحق قوة الزلزال من 5.6 إلى 5.2 درجة.