ترمب يتمسك بمطالبه... وطهران: الحوار ليس وشيكاً

إيطاليا تعرض الوساطة... وإيران تتكتم على هوية قائد العمليات الجديد

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى أوتشوبي بفلوريدا لحضور افتتاح مركز احتجاز مؤقت للمهاجرين يُعرف باسم «ألكاتراز التماسيح» (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى أوتشوبي بفلوريدا لحضور افتتاح مركز احتجاز مؤقت للمهاجرين يُعرف باسم «ألكاتراز التماسيح» (رويترز)
TT

ترمب يتمسك بمطالبه... وطهران: الحوار ليس وشيكاً

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى أوتشوبي بفلوريدا لحضور افتتاح مركز احتجاز مؤقت للمهاجرين يُعرف باسم «ألكاتراز التماسيح» (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى أوتشوبي بفلوريدا لحضور افتتاح مركز احتجاز مؤقت للمهاجرين يُعرف باسم «ألكاتراز التماسيح» (رويترز)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن بلاده ستنال كل ما تريده من إيران، في حين أعربت طهران عن شكوكها إزاء استئناف قريب للمحادثات مع واشنطن، مشددة على أن استئناف الحوار مشروط بالحصول أولاً على ضمانات أميركية بعدم تكرار الهجمات العسكرية ضدها.

وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة بعد ضربات عسكرية استهدفت منشآت نووية، وسط تمسك طهران بشروط للعودة إلى التفاوض، وتخوف دولي من تفاقم الأزمة وتأثيرها على أمن المنطقة واستقرارها.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن ‏«مواقعنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة، وقد أكدت عدة جهات رسمية حجم الخسائر التي لحقت بها».

‏وأضافت مهاجراني في مؤتمر صحافي أن ‏«المفاوضات النووية لم تتوقف منذ تولّي حكومة مسعود بزشكيان مهامها في أغسطس (آب) الماضي»‏، رغم ما وصفته بـ‏«التناقضات والهجوم خلال فترة التفاوض»‏، مؤكدة تمسك إيران بـ‏«المسار الدبلوماسي وحل الخلافات»‏. وقالت: ‏«بحسب ما أعلنه وزير الخارجية عباس عراقجي، لم يُحدد أي موعد للمفاوضات، ومن المحتمل ألا يكون ذلك في المستقبل القريب».‏

ويعتزم ترمب مناقشة الوضع في غزة وإيران عندما يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، الاثنين المقبل.

وقال ترمب، الثلاثاء، إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض، الاثنين، ستكون بمثابة «احتفال كبير» بالضربات التي نُفّذت ضد إيران، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وكان ترمب قد أكد، الجمعة، أن طهران ترغب في عقد لقاء بعد الضربات الأميركية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، مطلع الأسبوع الماضي، محذراً من شن ضربات جديدة على إيران إذا قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات تسمح لها بحيازة السلاح النووي.

ورفض مجلس الشيوخ الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون، الجمعة، محاولة من الديمقراطيين لمنع الرئيس دونالد ترمب من استخدام المزيد من القوة العسكرية ضد إيران.

وقال ترمب، الاثنين، إنه ‏«لا يعرض شيئاً»‏ على إيران، وهو ‏«لا يتحاور معها»‏.

وسخر ترمب اليوم مجدداً من تساؤلات أثارها مشرعون ديمقراطيون وآخرون حول مدى تأثير العمليات في تأخير برنامج إيران النووي، معتبراً تلك التساؤلات إهانة للطيارين الأميركيين الذين نفذوا ضربات على ثلاث منشآت نووية رئيسية. وقال: ‏«ينبغي أن نحتفل بهؤلاء الأبطال»‏، مؤكداً أن واشنطن «ستحصل على كل ما تريده من إيران».

الضمانات شرط الحوار

ورداً على ترمب، قال عراقجي لشبكة ‏«سي بي إس»‏ الأميركية، إن ‏«البدء بأي مفاوضات جديدة يتطلب أولاً التأكد من أن الولايات المتحدة لن تستهدفنا عسكرياً خلال فترة التفاوض»‏، مؤكداً أن ‏«أبواب الدبلوماسية لن تُغلق»‏.

وأوضح عراقجي أن ‏«اتخاذ قرار بالعودة إلى المفاوضات يستدعي أولاً ضمانات بعدم التعرض لهجوم عسكري أميركي في أثناء المحادثات»‏، وزاد: ‏«مع كل هذه الاعتبارات، ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الوقت»‏. ومع ذلك، قال عراقجي إن إيران ستدافع عن نفسها في حال تعرضها لأي اعتداء، وقال: ‏«أثبتنا خلال الحرب قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا، وسنواصل هذا الدفاع إذا وقع أي عدوان جديد»‏.

جانب من اللقاء الوزاري الأوروبي - الإيراني في جنيف أمس (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن بلاده تسعى لاستئناف الحوار بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي، مقترحاً روما موقعاً محتملاً للمحادثات، كما جرى سابقاً بوساطة سلطنة عُمان.

وأجرت الولايات المتحدة وإيران منذ أبريل (نيسان) محادثات غير مباشرة بهدف إيجاد حل دبلوماسي جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني. وجرت جولتان من أصل خمس جولات في مقر السفارة العمانية بالعاصمة الإيطالية.

وأضاف تاياني: ‏«نعمل دائماً على الحوار لضمان أمن إسرائيل، وفي الوقت نفسه، لضمان عدم تمكن إيران من بناء قنبلة ذرية، مع تمكينها في الوقت ذاته من العمل على أبحاث الطاقة النووية المدنية»‏، مشدداً على ضرورة سماح طهران بزيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تباين في التقديرات

وأثيرت شكوك بشأن مدى تأثير القصف الأميركي على البرنامج النووي الإيراني.

وقال ترمب، الأحد، في حديث مع ‏«قناة فوكس»‏ إن مواقع نووية رئيسية في إيران تم محوها بشكل لم يسبق له مثيل. وأضاف: ‏«وهذا يعني نهاية طموحاتهم النووية، على الأقل لفترة من الزمن»‏.

وفي اليوم نفسه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في مقابلة تلفزيونية، إن إيران قد تنتج اليورانيوم المخصب في غضون أشهر قليلة.وأضاف: ‏«بصراحة، لا يمكن للمرء أن يدعي أن كل شيء اختفى، وأنه لا يوجد شيء هناك»‏.

صورة بالأقمار الاصطناعية لمحيط منشأة فوردو النووية الإيرانية عقب الضربات الأميركية (رويترز)

وقال عراقجي: ‏«لا يمكن القضاء على التكنولوجيا والمعرفة النووية بالقصف»‏، مشيراً إلى أن ‏«توفر الإرادة من جانبنا كفيل بإصلاح الأضرار وتعويض الوقت الضائع بسرعة»‏. وأضاف: ‏«إذا كانت لدينا إرادة لإحراز تقدّم جديد في هذا المجال، وهذه الإرادة موجودة، فسنتمكن من إصلاح الضرر بسرعة وتعويض الوقت الضائع»‏.

قيود الاتفاق النووي

بموجب اتفاق 2015، مُنعت إيران من تخصيب اليورانيوم فوق 3.67 في المائة ومن استخدام منشأة فوردو لمدة 15 عاماً. إلا أن ترمب انسحب من الاتفاق في 2018، وأعاد فرض العقوبات، ما دفع طهران إلى رفع مستوى التخصيب تدريجياً حتى بلغ 60 في المائة عام 2021. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه ‏«لا يوجد بلد آخر خصب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي دون إنتاج أسلحة نووية»‏.

وفي تقرير نشرته الوكالة في 31 مايو (أيار)، أكدت أن إيران تملك ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة لصناعة تسع قنابل نووية إذا ما تم تخصيبه أكثر. وفي يونيو (حزيران)، قالت الوكالة إنها غير قادرة حالياً على تأكيد سلمية البرنامج الإيراني بشكل تام، وهو ما عزز القلق الدولي.

مخاوف من التصعيد

وأتى تصريح عراقجي غداة إعلان نائبه مجيد تخت روانجي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية ‏«بي بي سي»‏ أنه لا يمكن استئناف المحادثات الدبلوماسية مع واشنطن إلا إذا استبعدت الأخيرة تنفيذ ضربات جديدة على بلاده.

وقال تخت روانجي، في المقابلة التي بُثّت مساء الأحد: ‏«نسمع أن واشنطن تريد التحدث معنا»‏، مضيفاً: ‏«لم نتفق على تاريخ محدد. ولم نتفق على الآليات»‏. وقال: ‏«نسعى للحصول على إجابة عن هذا السؤال: هل سنشهد تكراراً لعمل عدواني ونحن منخرطون في حوار؟»‏، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ‏«لم توضح موقفها بعد»‏.

وأوضح تخت روانجي أن طهران أُبلغت بأنّ واشنطن لا تريد ‏«الانخراط في تغيير للنظام في إيران»‏ عبر استهداف المرشد الإيراني علي خامئني، لافتاً إلى تمسك طهران بمواصلة تخصيب اليورانيوم. لكنه أبدى انفتاح طهران للتنازل عن المستوى العالي لتخصيب اليورانيوم، قائلاً: ‏«يمكن مناقشة المستوى، ويمكن مناقشة القدرة، ولكن القول... يجب أن يكون مستوى التخصيب لديكم صفراً، وإذا لم توافقوا فسوف نقصفكم، فهذه هي شريعة الغاب»‏.

حرب الأيام الـ12

وقال ترمب، الجمعة، إنه أنقذ خامنئي من الاغتيال ووجه انتقادات حادة له اتّهمه فيها بالجحود، بعدما قال خامنئي إن بلاده وجهت صفعة للولايات المتحدة.

وأطلق ترمب على النزاع بين إسرائيل وإيران اسم ‏«حرب الأيام الـ12»‏. وبدأت الحرب فجراً في 13 يونيو، بعدما شنت إسرائيل ما وصفته ‏«هجوماً استباقياً»‏ على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، مستهدفة أيضاً العشرات من القادة العسكريين والعلماء النوويين، في إطار ما وصفته تل أبيب بمحاولة منع طهران من امتلاك القنبلة النووية.

وردت إيران بإرسال وابل من الصواريخ على مواقع عسكرية وبنية تحتية ومدن إسرائيلية. ودخلت الولايات المتحدة الحرب في 22 يونيو بقصف ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية في فوردو، ونطنز، وأصفهان. وبعد 12 يوماً من الحرب، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل في 24 يونيو.

وأفادت صحيفة ‏«كيهان»،‏ المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، الثلاثاء، بأن السلطات الإيرانية امتنعت عن إعلان اسم القائد الجديد لعمليات هيئة الأركان، أو ما يعرف بمقر ‏«خاتم الأنبياء»‏، وسط تصاعد التوترات الأمنية مع إسرائيل.

وذكرت الصحيفة في افتتاحية بقلم حسن رشوند، وهو شخصية أمنية بارزة مقربة من ‏«الحرس الثوري»‏، أن ‏«العدو الصهيوني»‏ سعى لاستهداف قيادات عليا في إيران، لكنه لم ينجح في تنفيذ مخططه.

وقتل اللواء علي شادماني، بعد أقل من 72 على توليه منصب قيادة العلميات في هيئة الأركان المشتركة بين ‏«الحرس الثوري»‏ والجيش النظامي، بعد مقتل غلام علي رشيد، في الساعة الأولى من الهجوم. وأكدت السلطات الإيرانية مقتل شادماني بعد أسبوع من نفي تقارير إسرائيلية باستهدافه.

وحذر الجنرال رحيم صفوي، كبير مستشاري المرشد الإيراني في الشؤون العسكرية، من رد قوي على أي ‏«خطأ»‏ أميركي أو إسرائيلي، مضيفاً أن ‏«الحرس الثوري»‏ مستعد للتحرك، وأن إيران لن تتنازل عن دماء قتلاها، مضيفاً أن الرد سيكون ‏«أقسى من المتوقع»‏ إذا تصاعدت التهديدات.

ونقلت وسائل إعلام ‏«الحرس الثوري»‏ عن صفوي، مساء الاثنين: ‏«لدينا مواقعهم ضمن قاعدة بيانات أهدافنا، وإذا حدث أي تجاوز جديد، فسنرد بشدة تحت قيادة المرشد»‏.

ومن جهته، حذر الجنرال أحمد وحيدي، مستشار قائد «الحرس الثوري»، من أن إيران ستستخدم إمكانيات واسعة للرد في حال تعرضها لهجوم جديد، مشيراً إلى أن القدرات الصاروخية الإيرانية في «أفضل حالاتها»، وأن «التحضيرات العسكرية للرد على العدو الصهيوني اكتملت».


مقالات ذات صلة

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو على هامش مؤتمر صحافي مشترك في منتجع مار-إيه-لاغو بولاية فلوريدا (أ.ف.ب)

الرئيس الإيراني يرد على ترمب: رد قاسٍ ورادع على أي هجوم

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الثلاثاء، إن رد بلاده على أي هجوم سيكون «قاسياً ورادعاً»، فيما بدا أنه رد مباشر على تحذير أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

مستشار خامنئي: أي اعتداء سيقابَل برد قاسٍ وفوري

قال علي شمخاني المستشار السياسي للمرشد الإيراني إن القدرة الصاروخية والدفاعية لإيران لا يمكن احتواؤها، ولا تحتاج إلى إذن من أحد لتطويرها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أرشيفية - رويترز)

الرئيس الإيراني: سنتخذ إجراءات لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الاثنين إن الحكومة وضعت على جدول أعمالها إجراءات أساسية لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي في البلاد.

«الشرق الأوسط» (طهران)

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
TT

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى، في وقت تزامن فيه الحراك مع إجراءات أمنية وتحذيرات رسمية، وخطوات حكومية اقتصادية طارئة وإعلانات عن تعطيل مؤسسات عامة.

وبينما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الإنصات للمحتجين عبر الحوار، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات استغلال التطورات، وسط تفاعلات داخلية وخارجية رافقت أحدث موجة من الاحتجاجات، عكست حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد.

وفي تطور لافت، برز انضمام طلاب الجامعات إلى الحراك الاحتجاجي. وأفادت وكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن مظاهرات طلابية نُظّمت في عدد من الجامعات بطهران، إضافة إلى مدينة أصفهان وسط البلاد. وحسب الوكالة، شملت التحركات جامعات «بهشتي، وخواجة نصير، وشريف، وأمير كبير، وجامعة العلوم والثقافة، وجامعة العلوم والتكنولوجيا» في طهران، إلى جانب جامعة التكنولوجيا في أصفهان.

كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات ومسيرات طلابية تضامناً مع الاحتجاجات على الغلاء والأزمة الاقتصادية، فيما رددت شعارات احتجاجية مناهضة لنظام الحكم، في بعض الجامعات، وفق ما نقلته قنوات طلابية على تطبيق «تلغرام». وفي مقطع فيديو نُشر من تجمع احتجاجي في شارع ملاصدرا بطهران، يظهر محتجون يرددون شعار: «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران».

طهران تستعد للذكرى السادسة لمقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية يناير 2020 في بغداد (إ.ب.أ)

وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في طهران بأن معظم المتاجر والمقاهي في العاصمة كانت مفتوحة كالمعتاد، صباح الثلاثاء، على امتداد جادة ولي عصر، التي تمتد لمسافة 18 كيلومتراً من شمال العاصمة إلى جنوبها، رغم استمرار الاحتجاجات في مناطق أخرى. وأضافت الوكالة أن شرطة مكافحة الشغب كانت تراقب الساحات الرئيسية في وسط المدينة، من دون الإشارة إلى مواجهات واسعة النطاق خلال ساعات النهار.

في المقابل، أظهرت صور ومقاطع فيديو من مناطق أخرى، من بينها ميدان شوش، استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين، إضافة إلى دخول قوات أمنية إلى بعض الأسواق وتهديد التجار بإعادة فتح محالهم.

إلى جانب طهران وأصفهان، أفادت تقارير إعلامية بوقوع تجمعات احتجاجية في مدن أخرى، من بينها كرمانشاه، وشيراز، ويزد، وهمدان وأراك، فضلاً عن كرج وملارد وقشم خلال اليومين السابقين. وفي سياق امتداد التحركات إلى مدن أخرى، أظهرت الصور وجوداً كثيفاً لقوات الأمن ومكافحة الشغب في مشهد، ثاني كبريات المدن في البلاد، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية وشبكات اجتماعية.

بالتزامن مع الاحتجاجات، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن مدارس ومصارف ومؤسسات عامة ستغلق في طهران و19 محافظة أخرى، الأربعاء، بسبب موجة البرد ولتوفير الطاقة. وأوضحت السلطات أن هذا القرار لا يرتبط بالاحتجاجات، مشيرة إلى أن المراكز الطبية والإغاثية، والوحدات الأمنية، وفروع البنوك المناوبة، مستثناة من التعطيل.

حسب مصادر محلية، جاءت الاحتجاجات رداً على الغلاء المتزايد، والتضخم المرتفع، وتراجع القدرة المعيشية. وسجل الريال الإيراني، وفق سعر السوق السوداء غير الرسمي، مستوى قياسياً جديداً مقابل الدولار، الأحد، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1.4 مليون ريال، مقارنة بنحو 820 ألف ريال قبل عام، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

إيرانية تمر من دار صرافة بينما تظهر أسعار العملة الثلاثاء (رويترز)

ورغم تسجيل تحسُّن طفيف في قيمة العملة، الاثنين، فإن تقلبات سعر الصرف المستمرة أدت إلى تضخم مرتفع وتقلبات حادة في الأسعار، حيث ترتفع بعض أسعار السلع من يوم لآخر.

انطلقت التحركات، الأحد الماضي، من أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، حيث أغلق تجار محالهم بشكل عفوي احتجاجاً على الركود الاقتصادي وتدهور القدرة الشرائية، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوسعت الاحتجاجات لتشمل مناطق أوسع من وسط العاصمة، حيث واصل التجار إغلاق محالهم ونظموا تجمعات محدودة، تعبيراً عن استيائهم من الانخفاض السريع لقيمة الريال تحت وطأة العقوبات الغربية.

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن عدداً من التجار فضلوا تعليق أنشطتهم «لتجنب خسائر محتملة»، في وقت ترددت فيه شعارات احتجاجية داخل بعض الأسواق.

وفق مركز الإحصاء الإيراني الرسمي، بلغ معدل التضخم في ديسمبر (كانون الأول) نحو 52 في المائة على أساس سنوي. غير أن وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة «اعتماد»، أشارت إلى أن هذه النسبة لا تعكس بالكامل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين قوله: «لم يدعمنا أي مسؤول أو يسعَ لفهم كيف يؤثر سعر صرف الدولار على حياتنا»، مضيفاً: «كان يجب أن نظهر استياءنا».

الحكومة وخيار الحوار

في وقت متأخر الاثنين، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين. وقال بزشكيان، في منشور على منصة «إكس» نقلته وكالة «إرنا»: «طلبت من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها».

كما أشار إلى أن «معيشة الناس» تشكل هاجسه اليومي، مؤكداً أن الحكومة تضع «إجراءات أساسية لإصلاح النظام النقدي والمصرفي والحفاظ على القوة الشرائية» على جدول أعمالها.

وقالت المتحدثة باسم ‌الحكومة، ⁠فاطمة ​مهاجراني، إنه ‌سيتم إطلاق آلية حوار تشمل إجراء محادثات مع قادة الاحتجاجات.

وحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية، التقى بزشكيان، الثلاثاء، مسؤولين نقابيين، واقترح عدداً من الإجراءات الضريبية المؤقتة التي يفترض أن تساعد الشركات لمدة عام، في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية.

ولم تورد الوكالة تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه الإجراءات أو آلية تنفيذها.

وقالت مهاجراني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إن الحكومة «ستستمع بصبر حتى لو واجهت أصواتاً حادة». ونقلت «رويترز» قولها في هذا الصدد: «نتفهم الاحتجاجات... نسمع أصواتهم وندرك أن هذا نابع من الضغط الطبيعي الناجم عن الضغوط المعيشية على الناس». وأضافت أن الحكومة «تعترف بالاحتجاجات»، وتؤكد «حق التجمعات السلمية المعترف به في دستور الجمهورية الإسلامية».

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» من ثاني أيام احتجاجات البازار (أ.ب)

وكانت إيران قد شهدت خلال الأعوام الماضية احتجاجات واسعة لأسباب اقتصادية واجتماعية، من بينها موجة 2022 التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني، وتعاملت معها السلطات بإجراءات أمنية مشددة.

وأشارت مهاجراني إلى أن الحكومة تعمل على «إعداد برنامج للظروف الطارئة»، موضحة أن اجتماعاً للفريق الاقتصادي عُقد لوضع برنامج لإدارة الوضع الاقتصادي على المدى القصير، ضمن إطار زمني يقارب 15 شهراً، بهدف تحقيق الاستقرار.

وكانت الحكومة قد أعلنت، الاثنين، استبدال حاكم البنك المركزي. وقال مهدي طباطبائي، مسؤول الإعلام في الرئاسة الإيرانية، في منشور على منصة «إكس»: «بقرار من الرئيس، سيتم تعيين عبد الناصر همتي حاكماً للبنك المركزي».

ويعود همتي إلى هذا المنصب بعد أن كان البرلمان قد عزله في مارس (آذار) الماضي من منصبه كوزير للاقتصاد، بسبب فشله في معالجة المشاكل الاقتصادية في ظل الانخفاض الحاد لقيمة الريال، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

يواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات متراكمة جراء عقود من العقوبات الغربية، التي ازدادت وطأتها بعد إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب انهيار الترتيبات المرتبطة بالاتفاق النووي. وحسب تقارير اقتصادية، ساهمت هذه العقوبات في تقييد التجارة الخارجية، والضغط على العملة الوطنية، ورفع معدلات التضخم.

تحذيرات البرلمان

في المقابل، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من مخاطر «استغلال التظاهرات لبث الفوضى والاضطرابات».

وأعلن قاليباف أن النواب عقدوا اجتماعاً مغلقاً لبحث التطورات الأخيرة، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول جدول الأعمال أو مخرجات الجلسة.

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

وقال قاليباف، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إن «الأعداء» يسعون إلى جر مطالب الناس إلى الفوضى، مضيفاً أن الشعب «سيمنع انحراف الاحتجاجات».

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا» إن تقلبات سوق العملة والذهب ترتبط أساساً بالأجواء السياسية وتصريحات قادة دوليين ومحليين، لا بتطورات اقتصادية فعلية، مؤكدة أن تصاعد الحديث عن الحرب أو صدور خبر واحد كفيل بدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وأضافت مقصودي: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعال نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة. إذا تحدث نتنياهو بكلمة واحدة، فترتفع الأسعار».

في الداخل، أفاد عدد من مستخدمي الهواتف المحمولة بتلقي رسائل نصية تحذيرية من جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني، تحذرهم من المشاركة في تجمعات وصفت بأنها «غير قانونية»، حسبما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي.

ردود داخلية وخارجية

على الصعيد السياسي، أصدر حزب «نهضت آزادى (حركة الحرية)» رسالة مفتوحة انتقد فيها أداء الحكومة، معتبرة أن «تجاوز التحديات من دون إصلاح بنيوي لن يكون سوى وهم». وقالت الحركة إن سجل الحكومة خلال العام ونصف العام الماضيين «غير قابل للدفاع عنه إلى حد كبير، ولا ينسجم مع مطالب الشعب».

كما وصف مصطفى تاج زاده، السجين السياسي ونائب وزير الداخلية السابق، الاحتجاجات بأنها «حق» للمواطنين، معتبراً أن جذور الأزمة تعود إلى «البنية السياسية الحاكمة»، حسبما نقلت منصات إعلامية معارضة.

في الخارج، عبّر رضا بهلوي، نجل آخر شاه لإيران، عن دعمه العلني للاحتجاجات، معتبراً أن تدهور الأوضاع الاقتصادية سيستمر «ما دام هذا النظام في السلطة». وفي رسالة نشرها على منصة «إكس»، دعا بهلوي مختلف فئات المجتمع إلى الانضمام للاحتجاجات، كما وجه نداءً إلى القوات الأمنية والعسكرية بعدم الوقوف في وجه المحتجين، لصالح «نظام في طور الانهيار».

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابها الناطق بالفارسية على منصة «إكس»، دعمها لما وصفته بـ«صوت الشعب الإيراني»، معتبرة أن الاحتجاجات تعكس حالة السخط الواسع من «السياسات الفاشلة وسوء الإدارة الاقتصادية».

ودعت الوزارة السلطات الإيرانية إلى احترام الحقوق الأساسية للمواطنين والاستجابة لمطالبهم المشروعة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تتابع التطورات عن كثب. وفي منشورات لاحقة، نشرت الخارجية الأميركية مقاطع مصورة من مدن إيرانية عدة، مشددة على أن موقف واشنطن ينسجم مع دعمها المعلن لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وقال مايك والتز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الشعب الإيراني يريد الحرية وقد عانى سنوات من حكم رجال الدين.

في إسرائيل، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت على الاحتجاجات الجارية في إيران عبر رسالة مصوّرة نشرها على منصة «إكس»، قال فيها إن المتظاهرين الإيرانيين يستحقون «مستقبلاً أفضل» و«شرق أوسط أكثر استقراراً». واعتبر بينيت أن ما يجري يعكس، على حد تعبيره، فشل السياسات الاقتصادية والسياسية في طهران، موجهاً حديثه مباشرة إلى المحتجين.


إردوغان: قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال غير مقبول وغير مشروع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
TT

إردوغان: قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال غير مقبول وغير مشروع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

كشف ​الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الثلاثاء، أن قرار إسرائيل الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض ‌الصومال المعلَنة ‌من ‌جانب ⁠واحد ​خطوة ‌غير مشروعة وغير مقبولة، مضيفاً أنها تسعى إلى جرّ منطقة القرن الأفريقي إلى ⁠حالة من عدم ‌الاستقرار.

وفي مؤتمر صحافي ‍مع ‍نظيره الصومالي ‍حسن شيخ محمود في إسطنبول، قال إردوغان أيضاً إن ​تركيا تخطط لبدء عمليات تنقيب عن ⁠مصادر الطاقة في البحر قبالة سواحل الصومال عام 2026، بموجب اتفاقية ثنائية، مضيفاً أنها تعتزم إضافة سفينتيْ حفر جديدتين ‌إلى أسطولها.


صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
TT

صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)

نقلت صحيفة «هآرتس» عن الحكومة الإسرائيلية قولها، الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد» و«أوكسفام» بدعوى «صلتها بالإرهاب».

وقالت وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية في بيان نشرته الصحيفة إن الحكومة ستسحب تراخيص هذه المنظمات الإنسانية بسبب ما وصفتها بأنها «انتهاكات لمعايير الأمن والشفافية». وأضاف البيان: «التحريات الأمنية كشفت عن تورط موظفين ببعض المنظمات في أنشطة إرهابية... لا سيما منظمة (أطباء بلا حدود)».