يثير اقتراح بشأن تشكيل لجنة برلمانية لبحث الخطوات التي سيتم اتخاذها، بناء على قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء أسلحته، نقاشاً واسعاً وانقساماً على الساحة السياسية في تركيا.
وبينما رحَّبت غالبية أحزاب البرلمان باقتراح تشكيل اللجنة، الذي طرحه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، من حيث المبدأ، ظهر انقسام في حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومخاوف من بعض الأحزاب من احتمال أن تكون اللجنة أداة لتمرير تعديل الدستور لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح للرئاسة مجدداً، كما يخطط لذلك «تحالف الشعب»، المؤلف بشكل أساسي من حزبَي العدالة والتنمية والحركة القومية.
وأيدت نائبة «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، عضو «وفد إيمرالي» الذي يقود الاتصالات حول عملية حل «العمال الكردستاني»، بروين بولدان، دعوة بهشلي، مؤكدة أن مفاوضات تشكيل اللجنة يجب أن تبدأ في أقرب وقت ممكن. وقالت إن حزب العدالة والتنمية الحاكم يجب أن يعبر عن رأيه أيضاً من دون تأخير.
وأضافت بولدان، في تصريح، الأربعاء: «لطالما عبَّرنا عن وجهة نظرنا بأن الحل الرئيسي لهذه القضية يكمن في البرلمان، ومن المهم جداً تطبيق ذلك من خلال إنشاء لجنة».
اقتراح بهشلي
كان بهشلي اقترح، الأحد، على رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، تشكيل لجنة، وقدم اقتراحاً إلى رئيس البرلمان نعمان كورتولموش لإنشاء لجنة باسم «لجنة الوحدة الوطنية والتضامن» من الأحزاب الـ16 الممثلة في البرلمان بحيث يُمثَّل كل حزب بعضو واحد في اللجنة الرئاسية التي يترأسها رئيس البرلمان، وتشكيل لجان فرعية، على أن يبلغ عدد الأعضاء بالكامل في اللجنة الرئيسية واللجان الفرعية 100 عضو.
وبحسب الاقتراح، تناقش اللجنة الخطوات التي يجب اتخاذها فيما يتعلق بالتحول الديمقراطي، ودمج أعضاء حزب العمال الكردستاني، غير المتورطين في أعمال مسلحة، في المجتمع، وأن تعمل اللجنة، التي ستتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة، على غرار «لجنة التوفيق»، التي أُنشئت في الماضي للتعديلات الدستورية، إلا أنها كانت تتخذ قراراتها بـ«الأغلبية المؤهلة».
ويمكن للجنة المقترحة تلقي جميع الاقتراحات ومناقشتها، لكن لن يكون مسموحاً بالتطرُّق إلى الخصائص الأساسية للجمهورية التركية التي تحددها المواد الأربع الأولى من الدستور، ولن تكون قابلة للنقاش بأي شكل من الأشكال.
تأييد ومخاوف
وأيَّد حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، اقتراح بهشلي، وقال رئيسه، أوزغور أوزيل، عقب لقاء مع وفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، بمقر حزبه، الثلاثاء، إن اقتراح أن يكون البرلمان المنصة التي تناقش فيها عملية حل المشكلة الكردية وتشكيل لجنة خاصة بذلك هو في الأساس اقتراح حزب الشعب الجمهوري.
ويعترض حزب الشعب الجمهوري على الشق المتعلق باتخاذ قرارات اللجنة بالأغلبية البسيطة، ويطالب بأن تعمل وفق قواعد لجنة التوفيق المتعلقة بالتعديلات الدستورية.
في المقابل، كشفت مصادر عن اعتراض أعضاء في حزب العدالة والتنمية الحاكم على هيكل اللجنة الذي اقترحه بهشلي، ويرون أنه من المهم منع تأثر العملية، وضمان اتخاذ القرارات دون تأخير، وأنه لتجنُّب مثل هذه المشاكل، يجب إنشاء هيكل يضم مَن لا يعارضون العملية.
أما حزب الجيد القومي، الذي يعارض العملية برمتها، فأعلن أنه يدعو إلى حل كل شيء في تركيا من خلال الحوار، لكنه لا يعني حواراً يمهد الطريق لمنظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني)، ويرى أنه «ليس هناك أي خير يمكن أن يعود على تركيا من العملية التي بدأها زعيم المنظمة الإرهابية (أوجلان)».
كان رئيس الحزب، مساوات درويش أوغلو، أكد، الأحد، أن حزبه لن يسمح أبداً بأن تتحول القومية التركية إلى جهاز يُستخدم تحت إشراف رجل (أوجلان) أمضى أكثر من 25 عاماً في السجن، ومحكوم عليه بالسجن المشدد مدى الحياة.
ويرى حزب «الجيد» أن العملية التي تصفها الحكومة بـ«تركيا خالية من الإرهاب» فخ منصوب لتركيا، ويصفها بأنها «عملية خيانة».
وتقف أحزاب ما يُعرَف بـ«الطريق الجديد»، التي تضم: «الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو، و«السعادة» برئاسة محمود يريكان، في جبهة التأييد المبدئي لاقتراح بهشلي، لافتة إلى أنها دعت منذ البداية إلى إشراك البرلمان في العملية.
ومع ذلك، ترى هذه الأحزاب أن هيكل اللجنة المقترح من بهشلي يجب أن يُناقش، بسبب مخاوف تتعلق بإمكانية أن يعتمد حزبا «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» على الأغلبية التي ستزداد بتأييد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب لهما، وأن تتحول باقي الأحزاب إلى مجرد ديكور، وتطالب أيضاً بأن تبدأ هذه العملية قبل عطلة عيد الأضحى.
وذكرت وسائل إعلام قريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم أن عمل اللجنة لن يبدأ قبل أن تنتهي عملية نزع أسلحة حزب العمال الكردستاني، التي يجري التشاور بشأنها مع بغداد وأربيل والسليمانية، بإشراف من المخابرات التركية، وأن هذه العملية قد تنتهي في سبتمبر (أيلول) المقبل.