إسرائيل تُنحّي التفاوض جانباً... وتشن هجمات دامية على غزة

أبلغت واشنطن بأنها «ستفتح أبواب الجحيم»

0 seconds of 37 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:37
00:37
 
TT
20

إسرائيل تُنحّي التفاوض جانباً... وتشن هجمات دامية على غزة

فلسطينيون يلتقطون أغراضاً من منزل بمدينة غزة دمرته الغارات الإسرائيلية فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلتقطون أغراضاً من منزل بمدينة غزة دمرته الغارات الإسرائيلية فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

فتحت إسرائيل قبل فجر الثلاثاء «أبواب الجحيم» التي توعد بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب حركة «حماس» إذا لم تفرج عن المحتجزين الإسرائيليين، وقتلت أكثر من 400 بينهم مسؤولون سياسيون وحكوميون وعسكريون في ضربة مفاجئة على قطاع غزة، شكلت بداية استئناف الحرب.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الجيش استأنف الحرب بعدما تلقى أوامر بالتحرك بقوة ضد «حماس» بعد رفضها المتكرر إطلاق سراح الرهائن وجميع العروض التي تلقتها من المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، والوسطاء.

وأكدت رئاسة الوزراء الإسرائيلية: «من الآن فصاعداً، ستعمل إسرائيل ضد حماس بقوة عسكرية متزايدة».

وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بفتح أبواب الجحيم أكثر إذا لم تطلق «حماس» سراح جميع المختطفين، مؤكداً أنها ستواجه: «قوة لم تشهدها من قبل».

وبدأت إسرائيل الثلاثاء ضربات جوية شرسة على مختلف أنحاء قطاع غزة قبيل فجر الثلاثاء.

وجاء في بيان مشترك للجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) أن من بين الأهداف التي هوجمت «خلايا إرهابية ومواقع إطلاق وأسلحة وبنية تحتية عسكرية إضافية استخدمتها المنظمات الإرهابية للتخطيط وتنفيذ أعمال إرهابية، وتشكل تهديداً لقوات الجيش ومواطني دولة إسرائيل».

وقتلت إسرائيل في ضرباتها أكثر من 400 فلسطيني، بينهم رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعاليس، الذي يمثّل منصبه منصب رئيس الحكومة، وياسر حرب عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، وأحمد الحتة وكيل وزارة العدل، واللواء محمود أبو وطفة وكيل وزارة الداخلية، واللواء بهجت أبو سلطان مدير عام جهاز الأمن الداخلي، والناطق باسم «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي» أبو حمزة.

وفيما نعت «حماس» ثلة من قادتها قالت: «إن جرائم الاغتيال التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ضدَّ قيادات الحركة ورموز العمل الوطني وأبناء شعبنا لن تمكّنه من تحقيق أهدافه، ولن تكسر إرادة شعبنا وقوّة تلاحمه مع قياداته ومقاومته».

«انقلاب» على الهدنة

اتهمت «حماس» إسرائيل بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، والتهرب من التزاماته.

وقالت في بيان: «إن الادعاءات التي أطلقها الاحتلال بشأن وجود تحضيرات من المقاومة لشن هجوم على قواته لا أساس لها من الصحة، وهي مجرد ذرائع واهية لتبرير عودته للحرب وتصعيد عدوانه الدموي».

وأضافت: «يحاول الاحتلال تضليل الرأي العام وخلق مبررات زائفة».

وكانت «حماس» ترد على تصريحات وتقارير قالت إن الهجوم على غزة جاء رداً على اكتشاف مخطط هجوم على إسرائيل تحضر له الحركة.

أطفال وسط الدمار الذي أحدثته الضربات الإسرائيلية في جباليا بشمال قطاع غزة قبيل فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)
أطفال وسط الدمار الذي أحدثته الضربات الإسرائيلية في جباليا بشمال قطاع غزة قبيل فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي في إحاطة للصحافيين إن الجيش شن عشرات الغارات مستخدماً عشرات الطائرات بعد أن رصد استعدادات من جانب «حماس» لشن هجمات على إسرائيل، إضافة إلى جهود لإعادة تجميع صفوفها وإعادة التسلح.

وأضاف المسؤول العسكري أن الجيش يعتزم مواصلة الغارات الجوية طالما كان ذلك ضرورياً، وتوسيع نطاق الهجوم المفاجئ إلى ما هو أبعد من حملة جوية إذا ما صدرت الأوامر بذلك.

وأكد أن الجيش منتشر ومتأهب على جميع الجبهات، بما في ذلك رفع حالة التأهب في دفاعاته الجوية.

وقال المسؤول إن خطط عملية يوم الثلاثاء أحيطت بالسرية من أجل الحفاظ على عنصر المفاجأة.

إطلاع الإدارة الأميركية

وقبل الهجوم بيوم واحد، نُشرت تقارير في إسرائيل تؤكد أن «حماس» تخطط لهجوم مباغت على إسرائيل. وتبع ذلك انعقاد اجتماع أمني ترأسه نتنياهو، واتضح لاحقاً أن سببه هو استئناف الحرب.

وقالت قناة «كان 11» إن نتنياهو وجميع قادة الأمن اتفقوا على العودة للقتال، وذلك بعد 58 يوماً من بدء وقف إطلاق النار، وجرى إبلاغ الإدارة الأمريكية بكل التفاصيل قبل العملية.

وقال مسؤول إسرائيلي لقناة «آي 24 نيوز» إنه لم يكن على الجانب الأميركي إعطاء الضوء الأخضر، «ولكن تم إبلاغهم بتفاصيل العمليات».

وجرت المشاورات بمشاركة نتنياهو، وزير الدفاع كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الأركان إيال زامير، ورئيس جهاز «الشاباك» رونين بار، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية شلومو بيندر، بالإضافة إلى مسؤولين كبار آخرين.

وأكدت «كان 11» أن جميع المشاركين في الاجتماع دعموا قرار الهجوم دعماً تاماً.

وأضافت: «في هذه المرحلة، بدأ الجيش هجوماً جوياً، ولكن في إسرائيل يؤكدون أن الهجوم سيتصاعد قريباً ويشمل سلسلة من الإجراءات الأخرى إذا لم يحدث تغيير جوهري في المفاوضات بشأن إطلاق سراح المختطفين».

وظهر زامير، رئيس الأركان الجديد، وهو يدير الهجوم إلى جانب بار من مقر القيادة العامة للجيش الإسرائيلي في تل أبيب. وكان قد تعهد بتفكيك «حماس» بعد توليه منصبه.

قواعد اللعبة «تغيرت»

تراهن إسرائيل الآن على تقديم «حماس» تنازلات في المفاوضات.

وقال رون بن يشاي، المحلل العسكري في «يديعوت أحرونوت» إن الهجوم المفاجئ على غزة له ثلاثة أهداف؛ أولها: خلق ضغط عسكري من شأنه أن يكسر الجمود الذي نشأ في المفاوضات المتعلقة بإطلاق سراح الرهائن، وثانيها: التوضيح للوسطاء ولـ«حماس» أن إسرائيل سوف تتحرك ضد الحركة ليس فقط كجسم عسكري، بل أيضاً كحكومة مدنية، وبأنها تعارض بقاءها ككيان حكومي أو عسكري في قطاع غزة في اليوم التالي.

أما الهدف الثالث فهو ممارسة ضغط عسكري قوي، بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة، على «حماس» والحوثيين وإيران.

وأضاف المحلل: «ينبع هذا من جملة أمور، منها رغبة الإدارة الأميركية في إقناع القوى الإقليمية والقوى العالمية الأخرى بأن تهديد ترمب بفتح أبواب جهنم ليس مجرد كلام فارغ، بل خطوات عملية ستُكلف حماس والحوثيين، بل وإيران نفسها، ثمناً باهظاً».

ويعتقد بن يشاي أن المحور الأميركي الإسرائيلي يريد في النهاية تحقيق أهداف واضحة تشمل طرد «حماس»، واستعادة الرهائن، وفرض ثمن على الحوثيين، وجلب إيران إلى طاولة التفاوض.

ويقر المحلل الإسرائيلي بأن السبب الرابع المعلن، وهو نية «حماس» تنفيذ هجمات، يمكن عدّه «ثانوياً نسبياً» مقارنة بالأسباب الثلاثة الأولى، نظراً لغياب التفاصيل، وهو يهدف إلى تحقيق الشرعية الدولية لاستئناف إطلاق النار.

ويتوقع بن يشاي أن يواصل الجيش العملية في الأيام المقبلة، وأن يكثّف التحركات تدريجياً.

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن إسرائيل أبلغت الوسطاء بأن قواعد اللعبة تغيرت، وأنه لا يمكن وقف إطلاق النار دون إحراز تقدم في مفاوضات إطلاق سراح المحتجزين.


مقالات ذات صلة

عشرات القتلى في غزة... وإسرائيل توسع عملياتها لضمّ مناطق واسعة من القطاع

المشرق العربي أعمدة الدخان تتصاعد من مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي... 2 أبريل 2025 (أ.ف.ب) play-circle

عشرات القتلى في غزة... وإسرائيل توسع عملياتها لضمّ مناطق واسعة من القطاع

أعلنت إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية لضمّ «مناطق واسعة» من قطاع غزة إلى ما تسميه «المنطقة الأمنية» المحيطة بالقطاع حيث قُتل أكثر من ثلاثين شخصا الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص أفراد من حركة «حماس» في مخيم النصيرات مع بدء الهدنة مع إسرائيل في يناير الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص «قتل ثأري»... ما ملابسات التصفية العلنية لشرطي تابع لـ«حماس»؟

لم يكن مشهد القتل «الثأري» الذي نفذه أفراد من عشيرة أبو سمرة في غزة لأحد عناصر شرطة «حماس» عابراً؛ بل كان دليلاً على فوضى أكبر وأخطر تتسلل إلى حياة الغزيين

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا الحكومة الألمانية تعلن دعمها لدعوات إجراء تحقيق في واقعة قتل 8 مسعفين في قطاع غزة (أ.ف.ب)

حكومة ألمانيا تدعم إجراء تحقيق في واقعة مقتل مسعفين في غزة

أعلنت الحكومة الألمانية دعمها لدعوات إجراء تحقيق في واقعة قتل ثمانية مسعفين في قطاع غزة الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (برلين - لندن)
أوروبا تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

ألمانيا: ساعدنا 19 مواطناً وأسرهم على مغادرة غزة

قال متحدث رسمي ألماني إن برلين ساعدت 19 من مواطنيها وأسرهم على مغادرة قطاع غزة والسفر جوا إلى ألمانيا بعد التفاوض مع إسرائيل على ذلك.

«الشرق الأوسط» (برلين )
المشرق العربي مقاتلو «حماس» يؤمّنون شاحنات مساعدات في رفح (أ.ب)

«حماس»: محاولات الاحتلال إشاعة الفلتان في قطاع غزة لن تنجح

أعلنت حركة «حماس» أن محاولات «الاحتلال» الإسرائيلي تنفيذ مخططاته، عبر ضرب السلم الأهلي وإشاعة الفلتان في قطاع غزة، لن تنجح.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«البنتاغون» يرسل حاملة طائرات للمنطقة وسط تصاعد التوتر مع طهران

مقاتلة «إف 18» على سطح حاملة الطائرات «كارل فينسون» خلال رسوها قبالة دانانغ في 5 مارس 2018  (أ.ف.ب)
مقاتلة «إف 18» على سطح حاملة الطائرات «كارل فينسون» خلال رسوها قبالة دانانغ في 5 مارس 2018 (أ.ف.ب)
TT
20

«البنتاغون» يرسل حاملة طائرات للمنطقة وسط تصاعد التوتر مع طهران

مقاتلة «إف 18» على سطح حاملة الطائرات «كارل فينسون» خلال رسوها قبالة دانانغ في 5 مارس 2018  (أ.ف.ب)
مقاتلة «إف 18» على سطح حاملة الطائرات «كارل فينسون» خلال رسوها قبالة دانانغ في 5 مارس 2018 (أ.ف.ب)

أمر وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، بإرسال تعزيزات إضافية إلى الشرق الأوسط، تشمل حاملةً وسرباً من الطائرات المقاتلة، مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران على خلفية البرنامج النووي الإيراني، واستمرار الضربات الأميركية على الحوثيين.

ومن المتوقع أن تصل «كارل فينسون» إلى المنطقة فور انتهاء مناوراتها في المحيطين الهندي والهادئ.

كما قرَّرت وزارة الدفاع تمديد نشر مجموعة حاملة الطائرات «هاري إس. ترومان» في المنطقة، وفقاً لما أعلنه المتحدث باسم «البنتاغون»، شون بارنيل، في بيان يوم الثلاثاء.

ويعدّ وجود حاملتَي طائرات في المنطقة في وقت واحد خطوةً نادرةً، تعكس استعراضاً للقوة شبيهاً بذلك الذي قامت به إدارة جو بايدن العام الماضي، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».

وأكد بارنيل أن «وزير الدفاع هيغسيث شدَّد على أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات حاسمة لحماية قواتها ومصالحها إذا تعرَّضت لأي تهديد من إيران أو وكلائها في المنطقة»، مشيراً إلى أن هيغسيث أصدر أوامر بإرسال «أسراب إضافية وأصول جوية أخرى في المنطقة بهدف تعزيز قدرات الدفاعات الجوية».

وقال بارنيل، في بيان، إنّ حاملة الطائرات «كارل فينسون» ستنضم إلى حاملة الطائرات «هاري إس. ترومان» من أجل «مواصلة تعزيز الاستقرار الإقليمي، وردع أيّ عدوان، وحماية التدفق الحرّ للتجارة في المنطقة».

يأتي هذا التطور عقب تهديد المرشد الإيراني علي خامنئي بأن أي هجوم أميركي أو إسرائيلي سيُواجه بـ«ضربة انتقامية قاسية».

وجاء ذلك رداً على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقصف إيران إذا لم توافق على اتفاق تتخلى بموجبه عن برنامجها النووي.

وتشهد العلاقات بين طهران وواشنطن توتراً متزايداً، إذ أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأسبوع الماضي، رفض بلاده إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة ما دامت «التهديدات العسكرية» من إدارة ترمب مستمرة.

وفي مقابلة مع قناة «إن بي سي نيوز» خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال ترمب: «إذا لم يتوصَّلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف لم يروا مثيله من قبل».

وكان ترمب حذّر الحوثيين والإيرانيين، الاثنين، عبر منصته «تروث سوشيال» من أنّ «الآتي أعظم» إذا لم تتوقف الهجمات على السفن. وقال: «هجماتنا ستتواصل حتى يتوقفوا عن تشكيل تهديد لحرية الملاحة».

وحذَّر قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، الاثنين، من أنّ «الأميركيين لديهم ما لا يقلّ عن 10 قواعد في المنطقة المحيطة بإيران، ولديهم 50 ألف جندي». وأضاف أنّ «مَن كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة».

من جانبه، لوَّح علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، باحتمال لجوء إيران لإنتاج سلاح نووي إذا تعرَّضت لهجوم من الولايات المتحدة. وقال في حديث للتلفزيون الرسمي إن «فتوى المرشد تحرِّم السلاح النووي، لكن إذا أخطأت أميركا، قد يضطر الشعب الإيراني إلى المطالبة بتصنيعه». وأضاف لاريجاني: «عقلاؤهم (الأميركيون) أنفسهم أدركوا أنهم إذا هاجموا إيران، فسيدفعونها نحو السلاح النووي».

ونقلت صحيفة «واشنطن فري بيكون» عن جيمس هيويت، مدير الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي أن «الرئيس ترمب وإدارته لا يتهاونان مع التهديدات العسكرية».

وتخشى القوى الغربية من تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، بعدما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة بات يكفي لإنتاج 6 قنابل، إذا أرادت طهران رفع نسبة التخصيب إلى 90 في المائة المطلوب لإنتاج الأسلحة.