طهران تشترط استقلالية «الذرية الدولية» للتعاون معها

«الخارجية» الإيرانية: الرسائل التي تلقيناها من أميركا متناقضة

صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024
صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024
TT
20

طهران تشترط استقلالية «الذرية الدولية» للتعاون معها

صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024
صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024

صرح نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، يوم الاثنين، بأن بلاده «ملتزمة» بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، وذلك بعد لقائه مديرها العام رافائيل غروسي.

ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن غريب آبادي قوله إن من الممكن حل الخلافات مع وكالة الطاقة الذرية بشرط ألا تكون الوكالة الأممية خاضعة للضغوط وأن تتخذ «نهجاً مستقلاً». وأضاف غريب آبادي أن لدى إيران والوكالة «سجلاً طويلاً من التعاون مما يمكّنهما من حل الخلافات القليلة المتبقية، شريطة القضاء على الضغوط السياسية الخارجية على الوكالة، واعتماد الوكالة نهجاً مستقلاً وفنياً ونزيهاً ومهنياً»، حسب تعبيره.

وشدد المسؤول الإيراني على أن بلاده ملتزمة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات. وأضاف غريب آبادي، في منشور على منصة «إكس»، أن المحادثات في فيينا مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت «صريحة وبناءة». وتابع قائلاً: «في الوقت الذي تحمي إيران فيه أمنها ومصالحها الوطنية، فهي ملتزمة بالتعاون مع الوكالة في إطار التزاماتها المتعلقة بالضمانات»، في إشارة إلى بروتوكولات الوكالة التي تهدف إلى ردع انتشار الأسلحة النووية.

من ناحيته، قال غروسي، في منشور آخر: «لقد جاء اللقاء مع نائب وزير الخارجية غريب آبادي في الوقت المناسب». وأضاف أن التعاون «لا غنى عنه لتوفير ضمانات موثوقة للطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني».

وفي وقت سابق الاثنين، قال الناطق باسم «الخارجية» الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن الاجتماع «جزء من تعاوننا المتواصل مع الوكالة». ويأتي اجتماع الاثنين بعد مشاركة غريب آبادي في مباحثات بشأن برنامج طهران النووي مع نظيريه الروسي والصيني في بكين يوم الجمعة.

وشدد بقائي على أنه «مع تزايد التهديدات ضد البرنامج النووي الإيراني السلمي، من الطبيعي بالنسبة لنا أن نكثف المشاورات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

رسالة ترمب

وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى لقائه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الإيراني كاظم غريب آبادي في بكين 14 مارس 2025 (رويترز)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى لقائه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الإيراني كاظم غريب آبادي في بكين 14 مارس 2025 (رويترز)

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد كشف في السابع من مارس (آذار) عن أنه بعث برسالة إلى القيادة الإيرانية يضغط فيها للتفاوض بشأن الملف النووي، أو مواجهة عمل عسكري محتمل. وأكدت إيران تسلم الرسالة، لكن بقائي قال إن طهران سترد «بمجرد اكتمال التقييم».

ويثير البرنامج النووي الإيراني خشية الدول الغربية التي يتهم بعضها طهران بالسعي إلى تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران.

وأبرمت إيران والقوى الكبرى اتفاقاً في عام 2015 أتاح فرض قيود على برنامجها النووي وضمان سلميته، في مقابل رفع عقوبات اقتصادية. لكن الولايات المتحدة انسحبت منه في عام 2018 خلال الولاية الأولى لترمب، وأعادت فرض عقوبات صارمة على إيران.

وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، تراجعت طهران عن التزاماتها بالاتفاق، وأعلنت في مطلع ديسمبر (كانون الأول)، أنها بدأت بتغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو «ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60 في المائة»، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60 في المائة، تقترب إيران من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع سلاح نووي. وأجرت إيران والدول الأوروبية الأطراف في الاتفاق (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) جولات مباحثات عدة خلال الأشهر الماضية بشأن الاتفاق الذي لم تثمر محاولات إحيائه المتكررة.

الرسائل الأميركية «متناقضة»

نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة إكس)
نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة إكس)

وسلّمت سلطنة عُمان الرسالة الموجّهة من ترمب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء الماضي، وفي اليوم ذاته استبعد خامنئي عقد محادثات مع الولايات المتحدة، وأفاد بأن المفاوضات المقترحة «لن تؤدي إلى رفع العقوبات بل ستتسبب في تشديدها».

ونفى متحدث وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي التكهنات التي أحاطت برسالة الرئيس الأميركي، قائلاً: «زيارة وزير الخارجية (عباس عراقجي) إلى عُمان ليست لها علاقة بهذه الرسالة»، وشدد على أن إيران سترد بحزم على أي تهديد لسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية، وفق ما نقلت وكالة «مهر» الإيرانية.

وأكد أنه ليس هناك حالياً أي أسس لنشر هذه الرسالة، لافتاً إلى أن ما نُشر في وسائل الإعلام مجرد تكهنات في معظمها، مضيفاً أن محتوى الرسالة لا يختلف كثيراً عن التصريحات العلنية التي أدلى بها ترمب «وسنقوم بالرد على عليها بعد إكمال دراستها»، مشدداً على أن إيران سترد بحزم على أي تهديد لسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية.

وقال بقائي، في مؤتمر صحافي، إن الرسائل التي تلقتها إيران من الولايات المتحدة «متناقضة»، مضيفاً أن واشنطن تعلن استعدادها للتفاوض ولكن في الوقت نفسه تفرض مقاطعة واسعة على قطاعات عدة في إيران.

الضغوط القصوى

مفاعل بوشهر النووي الإيراني الرئيسي على بُعد 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)
مفاعل بوشهر النووي الإيراني الرئيسي على بُعد 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)

وفرض ترمب، الذي عاد إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير (كانون الثاني)، سياسته للعقوبات القائمة على «الضغوط القصوى» ضد إيران، في استكمال لنهجه في ولايته الأولى. وتهدف هذه المقاربة الأميركية إلى منع إيران من امتلاك قنبلة ذرية، وهو أمر تنفي طهران سعيها إليه. وكانت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة قد قالت، الأربعاء، إن واشنطن ملتزمة بمواصلة تنفيذ استراتيجية «الضغوط القصوى» التي ينتهجها الرئيس ترمب «لحرمان النظام الإيراني من الموارد التي يستخدمها لتعزيز أنشطته المزعزعة للاستقرار في أنحاء العالم». وأضافت البعثة، في بيان بشأن اجتماع لمجلس الأمن بخصوص إيران: «أوضح الرئيس ترمب أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين». وتابع بيان البعثة الأميركية أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أفاد بأن طهران تواصل تسريع إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، «وهي أيضاً الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتنتج يورانيوم عالي التخصيب وليس لديها غرض سلمي موثوق به من ورائه».

وفي وقت سابق هذا الشهر، قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إن إيران لا تنتظر أي رسالة من الولايات المتحدة، معرباً عن الاعتقاد بأن رفع العقوبات ممكن من خلال تقوية إيران وتحييد العقوبات. وأضاف قاليباف: «من الواضح أن أي مفاوضات في ظل التهديدات والإذلال مع الأمر بفرض تنازلات جديدة لن تؤدي إلى رفع العقوبات ولن تصل إلى أي نتيجة».


مقالات ذات صلة

ترمب يهدد بقصف إيران إذا أخفق في التوصل لاتفاق

شؤون إقليمية صورة فضائية من شركة بلانت لبس ترصد قاذفات بي-2 الشبحية بدييغو غارسيا، مع استمرار الضربات الأمريكية ضد الحوثيين (أ.ب)

ترمب يهدد بقصف إيران إذا أخفق في التوصل لاتفاق

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن سلوك الولايات المتحدة يحدد مسار المفاوضات غير المباشرة، مؤكداً رفض طهران «فكرة التفاوض غير المباشر بين الطرفين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الخارجية الإيرانية من حوار عراقجي مع موقع «خبر أونلاين»

إيران ترد رسمياً على رسالة ترمب عبر عُمان

أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن طهران أرسلت ردا عبر سلطنة عمان على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي حثها فيها على إبرام اتفاق نووي جديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عناصر أمنية في أمستردام تقوم بحماية مقر المحكمة أثناء محاكمة رئيس عصابة مرتبط بإيران في فبراير العام الماضي (إ.ب.أ)

البرلمان الهولندي يناقش تدابير جديدة ضد «تهديدات» إيران

يناقش البرلمان الهولندي التدخلات الأجنبية وتأثيرها على اللاجئين السياسيين، وسط تحذيرات استخباراتية من استهداف الإيرانيين أكثر من غيرهم من قبل حكوماتهم السابقة.

«الشرق الأوسط» (لندن - لاهاي)
الولايات المتحدة​ صورة مأخوذة من فيديو كاميرا المراقبة يظهر احتجاز روميساء أوزتورك طالبة دكتوراه في جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس 25 مارس 2025 (أ.ب)

أميركا: اعتقال طالب دكتوراه إيراني بجامعة ألاباما

أعلنت جامعة ألاباما في بيانٍ لوسائل الإعلام، يوم الأربعاء، أن سلطات الهجرة الاتحادية الأميركية احتجزت طالب دكتوراه إيرانياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مستشار المرشد الإيراني في حوار سابق مع وكالة «أرنا» الرسمية

إيران بشروطها تفتح باب التفاوض «غير المباشر» مع واشنطن

قال كمال خرازي، مستشار المرشد الإيراني، الخميس، إن طهران لم تغلق جميع الأبواب لحل خلافاتها مع الولايات المتحدة، وإنه مستعدة لإجراء محادثات غير مباشرة مع واشنطن.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

ترمب يهدد بقصف إيران إذا أخفق في التوصل لاتفاق

صورة فضائية من شركة بلانت لبس ترصد قاذفات بي-2 الشبحية بدييغو غارسيا، مع استمرار الضربات الأمريكية ضد الحوثيين (أ.ب)
صورة فضائية من شركة بلانت لبس ترصد قاذفات بي-2 الشبحية بدييغو غارسيا، مع استمرار الضربات الأمريكية ضد الحوثيين (أ.ب)
TT
20

ترمب يهدد بقصف إيران إذا أخفق في التوصل لاتفاق

صورة فضائية من شركة بلانت لبس ترصد قاذفات بي-2 الشبحية بدييغو غارسيا، مع استمرار الضربات الأمريكية ضد الحوثيين (أ.ب)
صورة فضائية من شركة بلانت لبس ترصد قاذفات بي-2 الشبحية بدييغو غارسيا، مع استمرار الضربات الأمريكية ضد الحوثيين (أ.ب)

هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران اليوم الأحد بقصف «لم يروه من قبل»، وتشديد الضغوط الإقتصادية، إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع واشنطن يضمن عدم تطويرها سلاحاً نووياً.

وقال ترمب في مقابلة هاتفية مع شبكة (إن.بي.سي) مساء السبت «إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف... لكن هناك احتمال، إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، أن أفرض عليهم رسوما جمركية ثانوية مثلما فعلت قبل أربع سنوات».

وصرح ترمب إن «هناك محادثات مستمرة» بين المسؤولين الأميركيين ونظرائهم الإيرانيين، وفي وقت لاحق، قالت طهران إن المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة على جدول الأعمال.

و قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن سلوك الولايات المتحدة يحدد مسار المفاوضات غير المباشرة، مؤكداً رفض طهران «فكرة التفاوض غير المباشر بين الطرفين».

ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن بزشكيان قوله، خلال اجتماع الحكومة الأحد، إن «رد الجمهورية الإسلامية على رسالة رئيس الولايات المتحدة قد سُلِّم إليهم عبر سلطنة عمان».

بزشكيان يترأس اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يترأس اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)

وأرسل ترمب في وقت سابق من هذا الشهر رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، محذرا من أن «هناك طريقتين للتعامل مع إيران: عسكريا أو عبر إبرام اتفاق».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الجمعة إن رسالة ترمب، وإن تضمنت تهديدات، فإنها تركت الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية. دون أن يقدم المزيد من التوضيح بهذا الشأن.

في هذا الصدد، أفاد بزشكيان، أنه «تم التأكيد على أن مسار المفاوضات غير المباشرة لا يزال مفتوحاً»، لافتاً إلى أن رسالة بلاده «شددت على أن إيران لم ترفض مبدأ التفاوض يوماً».

وتابع «يجب تعويض نكث العهود الذي تسبب في العوائق التي تواجه هذا المسار وإعادة بناء الثقة». وصرح: «نوعية السلوك الأميركي هو الذي يحدد استمرار مسار المفاوضات».

وهذا أول تعليق يصدر من الرئيس الإيراني بعدما أعلنت طهران الخميس إنها ردت رسمياً عبر الوسطاء العمانيين على رسالة ترمب.

في وقت سابق الأحد، قالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمه مهاجراني إن «المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن تم إدراجها على جدول الأعمال».

وأضافت على منصة «إكس» تم إعداد رد إيران على الرسالة المرسلة وتسليمه». وأضافت: «في هذا السياق، تم إدراج مسار المفاوضات غير المباشرة مع أميركا على جدول الأعمال، حيث تستمر العملية الدبلوماسية بشكل متواصل».

ولم يعلق البيت الأبيض بعد حول موقف ترمب من الرد الإيراني، خصوصاً إصرار طهران على المفاوضات غير المباشرة حول البرنامج النووي.

ووجه ترمب رسالته الخطية إلى طهران، بعد أسابيع من إعادة العمل بإستراتيجية الضغوط القصوى على طهران. وحذرت إسرائيل والولايات المتحدة من أنها لن تسمحا لإيران بتطوير سلاح نووي، مع تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيادة كبيرة في توسع إنتاج طهران من اليورانيوم عالي التخصيب القريب من مستويات الأسلحة.

والجمعة، حذر ترمب الإيرانيين من «عواقب وخيمة» إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة، بما فيها النووي، مؤكداً أنه يفضل حل النزاع مع إيران بالدبلوماسية، لكن الفشل سيجلب لها «أموراً سيئة» لطهران.

وهددت إيران باستهداف القوات البريطانية في جزر تشاغوس إذا تعرضت لهجوم أمريكي. ونقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية عن مسؤول عسكري إيراني أن طهران ستقصف القاعدة البحرية في دييغو غارسيا رداً على أي اعتداء أميركي.

وأضاف: «لن يكون هناك فرق بين الجنود الأميركيين أو البريطانيين إذا انطلق الهجوم من قاعدتهم».