هدنة غزة إلى «الفراغ» بعد انتهاء المرحلة الأولى دون اتفاق

إسرائيل تريد تمديد المرحلة الأولى 42 يوماً... و«حماس» توزّع صوراً لأسراها

فلسطينية تسير في مخيم مترامي الأطراف بجوار منازل وأبنية مدمرة في مدينة غزة خلال اليوم الأول من شهر رمضان المبارك (أ.ب)
فلسطينية تسير في مخيم مترامي الأطراف بجوار منازل وأبنية مدمرة في مدينة غزة خلال اليوم الأول من شهر رمضان المبارك (أ.ب)
TT

هدنة غزة إلى «الفراغ» بعد انتهاء المرحلة الأولى دون اتفاق

فلسطينية تسير في مخيم مترامي الأطراف بجوار منازل وأبنية مدمرة في مدينة غزة خلال اليوم الأول من شهر رمضان المبارك (أ.ب)
فلسطينية تسير في مخيم مترامي الأطراف بجوار منازل وأبنية مدمرة في مدينة غزة خلال اليوم الأول من شهر رمضان المبارك (أ.ب)

دخلت الهدنة في قطاع غزة مرحلة «الفراغ»، مع انتهاء المرحلة الأولى من وقف النار، السبت، دون الاتفاق على تمديده، أو الانتقال إلى المرحلة الثانية، وبعد فشل الوسطاء في دفع حل وسط حتى الآن.

وبينما انخرط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مباحثات أمنية واسعة ومستمرة لمناقشة «العودة إلى الحرب»، أكد مصدر في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، أن الحركة ترفض تمديد المرحلة الأولى وتصر على الدخول في المرحلة الثانية وفق اتفاق وقف النار. وقال المصدر إن «إسرائيل تحاول التحايل بطريقة واضحة ومفضوحة على الجميع، مفترضة حصولها على كل أسراها مقابل تمديد وقف النار فقط، وهو اقتراح مرفوض، وطُرح كثيراً حتى قبل اتفاق وقف النار».

وأضاف المصدر: «إنه مبدأ مرفوض لدى الحركة. إذا أرادوا الاستمرار بالحصول على أسراهم فعليهم الدخول إلى مرحلة إنهاء الحرب (المرحلة الثانية)».

وكان يُفترض أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى المكونة من 42 يوماً، لكن نتنياهو عطّل ذلك.

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي كل تدخلات الوسطاء، من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية، ولم يناقش حتى المسألة في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت).

وتريد إسرائيل تمديد المرحلة الأولى 42 يوماً، لتجنّب المرحلة الثانية التي يفترض أن تنتهي بانتهاء الحرب.

وكان من المفروض أن تبدأ إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا (حدود غزة مع مصر) بنهاية المرحلة الأولى (السبت)، وذلك بمقتضى اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن مصدراً سياسياً في إسرائيل أوضح أن ذلك لن يحدث، مؤكداً «لن نسمح للقتلة من (حماس) بإعادة التعاظم من خلال تهريب الأسلحة».

وتناقش المرحلة الثانية الوقف التام لإطلاق النار، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وقال مصدر إسرائيلي مطلع لهيئة البث الإسرائيلية «كان»، إن إسرائيل تريد تمديد اتفاق وقف إطلاق النار 42 يوماً إضافياً دون الخوض في وقف الحرب. وأضاف: «نسعى خلال هذه الفترة إلى الإفراج عن ثلاثة مخطوفين أسبوعياً مقابل إطلاق سراح سجناء أمنيين وتمديد وقف النار».

وحصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي للاقتراح، وناقشه الوسطاء مع وفد إسرائيلي كان في القاهرة، ومع «حماس». لكن الحركة رفضت بشدة الاقتراح وفشلت الجولة.

وقال مصدر «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد أي اتفاق حول المرحلة الأولى أو الثانية، لكن المناقشات مستمرة مع الوسطاء.

ونشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، السبت، مقاطع فيديو قالت إنها لرهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة. وأظهر الفيديو عدداً من الرهائن مجتمعين في غرفة محاطة بأغطية، ويجلسون على حصائر، ثم يعانقون بعضهم بعضاً، وأرفقت الفيديو بعبارة باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: «أخرجوا الجميع ولا تفرقوا بين العائلات... لا تدمّروا حياتنا جميعاً»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

مواطنون في سوق بمدينة غزة في أول أيام الشهر الفضيل (أ.ف.ب)

وبعد 15 شهراً من الحرب في غزة بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني)، وانتهت في مرحلتها الأولى السبت، وهي واحدة من ثلاث مراحل يتضمنها الاتفاق.

وخلال المرحلة الأولى حصلت إسرائيل على حصتها من الأسرى (33)، وبذلك تبقّى لدى «حماس» 59 محتجزاً آخرين، من بينهم نحو 34 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يُطلق سراحهم جميعاً في المرحلة الثانية.

والسبت (اليوم) هو في الواقع الأول منذ خمسة أسابيع لا يوجد فيه تبادل أسرى.

ومع رد «حماس» السلبي على محاولة إسرائيل تمديد المرحلة الأولى، بدأ نتنياهو، الجمعة، مشاورات موسعة بمشاركة رؤساء الأجهزة الأمنية، بمن في ذلك وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، وزعيم حزب «شاس» أرييه درعي، ووصفها مسؤول كبير بأنها استثنائية، كونها انتهكت «حرمة السبت» عند اليهود.

وحسب وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة، فإن نتنياهو يفترض أن يجري في وقت متأخر من ليلة السبت مشاورات أخرى.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن نتنياهو أمر بالاستعداد فعلاً لاستئناف القتال، «بعد أن تبيّن خطأ التقييم بأن (حماس) تشعر بالتوتر وسوف توافق على تمديد المرحلة الأولى خوفاً من أن نعود إلى القتال، وقد ثبت خطأ ذلك». وتشير التقديرات إلى أن «حماس» لن تستجيب إلى الإنذار الإسرائيلي القاضي بأن «أعيدوا الرهائن وإلا ستُستأنف الحرب». وأكدت الصحيفة أنه تقرّرت مواصلة المحادثات في إسرائيل مع عدم توجه فريق التفاوض إلى القاهرة (عاد الجمعة).

وكتب إيتمار إيشنر في «يديعوت» أنه من المفهوم عدم حدوث شيء حتى يتدخل الوسيط الأميركي ستيف ويتكوف من أجل قلب الأمور. وأضاف: «في إسرائيل يعوّل الناس على ويتكوف، ولكنهم لا يرون أنه يتصرف بالطريقة والشدة المطلوبتَيْن للتوصل إلى حل. ومن وجهة نظر (حماس)، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بالمرحلة الثانية».

وعملياً فإن الولايات المتحدة على الخط، لكن بخلاف ما تريد «حماس»، وهي تضغط على الوسيطَيْن المصري والقطري لتحقيق استمرار المرحلة الأولى، بحسب ما تريد إسرائيل. وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الأميركيين يريدون مثل إسرائيل الوصول إلى «فترة زمنية مستدامة»، تضمن استمرار وقف إطلاق النار الفعلي كما هو منصوص عليه في الاتفاق، مع مناقشة المرحلة التالية.

وقال مسؤول إسرائيلي للقناة: «نحن مستعدون لمواصلة وقف إطلاق النار، ولكن فقط في مقابل مناقشات سريعة وواضحة ومحددة زمنياً، من أجل استمرار إطلاق سراح الرهائن الأحياء في الأيام المقبلة»، موضحاً: «لا يوجد وقف لإطلاق النار مجاناً». وأضاف: «لن تكون هناك موافقة على إطار اتفاق (نهائي) دون اتفاقات واضحة حول مستقبل غزة، وتفكيك (حماس) وإبعادها عن السلطة».

وعلى النقيض من المراحل السابقة من المفاوضات، فإن المحادثات يديرها الآن ديرمر المقرب من نتنياهو، وليس رئيس الموساد دافيد برنياع، وفريق تفاوضي جديد يضم نائب رئيس «الشاباك» المتقاعد، ومسؤول المفقودين في الجيش، جال هيرش.

ويقدّر مسؤولون أمنيون أن فرص سد الثغرات خلال فترة قصيرة ضئيلة.

ومع دخول الاتفاق إلى الفراغ لم توضح إسرائيل ولا «حماس» ما هي الخطوة التالية، لكن «القناة 12» قالت إنه سوف يتضح في الأيام المقبلة ما إذا كان هذا تكتيكاً تفاوضياً صعباً أم أزمة حقيقية.


مقالات ذات صلة

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.