دعا الرئيس الإصلاحي السابق، محمد خاتمي، ضمناً إلى إجراء محادثات مع الولايات المتحدة، معارضاً تصريحات سابقة للمرشد الإيراني علي خامنئي.
ونقل موقع «جماران» التابع لمؤسسة المرشد الإيراني (الخميني) عن خاتمي قوله في اجتماع مع ناشطين إصلاحيين إن «المفاوضات والحوار لا تعني الرضوخ لابتزاز العدو وسلطته»، وذلك دون أن يتطرق إلى اسم الولايات المتحدة.
وقال خاتمي إن «وضع البلاد ليس على ما يرام»، لكنه رفض إلقاء اللوم على الرئيس المدعوم من الإصلاحيين مسعود بزشكيان. وصرح: «بالطبع بزشيكان ليس من أوجد هذا الوضع».
وأوضح خاتمي أن الوضع الراهن في البلاد «ثمر نهج وتوجه اتُّخذ منذ سنوات مضت وهو الآن يظهر ويتجلى». وأضاف: «مع الأسف الشديد، فإن الذين خسروا السلطة يحاولون تحميل هذا الوضع السيئ لحساب حكومة مدعومة من الإصلاحيين».
وأعرب خاتمي عن اعتقاد أن «تدخُّل الأعداء، الطموحات الزائدة، الرغبة في الانتقام، وغيرها، قد أثرت في تدهور الأوضاع في هذا النظام والشعب». ومع ذلك قال: «يجب أن ننظر إلى أنفسنا أيضاً. ماذا فعلنا؟ إلى أي مدى كنا نستطيع منع هذا الوضع من الحدوث، ومع ذلك سمحنا بحدوثه؟».
وقال: «يجب أن نكون مستعدين للتفاوض والتفاعل (مع العالم) عندما تكون مصلحة النظام على المحك. وقال خاتمي إن التفاوض والتفاعل لا يعنيان الاستسلام لابتزاز وعدوان العدو، بل هو لجلب الإمكانات لتقدم البلاد، وما يحقق المصلحة الوطنية والخير العام يجب أن يتم تأمينه».
ورأى خاتمي أن «السعي نحو المثل العليا لا يتعارض مع الواقعية، بل تجب رؤية الحقائق ومع وجود الحقائق تكون المثل العليا قابلة للتحقيق. يجب التخطيط لتحقيق المثل العليا. المثل العليا ليست شعارات، وبعض الشعارات ليست مبررة أو منطقية على الإطلاق». وأضاف أن «هناك أشياء تُقال وهي غير قابلة للتحقيق. إنفاق كل الموارد في هذا المسار والحصول على نتائج عكسية، ليس منطقياً ولا حكيماً».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال المرشد علي خامنئي، إن المحادثات مع الولايات المتحدة «ليست من الفطنة أو الحكمة أو الشرف»، في تصريحات تفسَّر في الفضاء السياسي الإيراني بأنها أوامر لحظر أي محادثات مباشرة مع إدارة دونالد ترمب.
على خلاف إصرار الجناح الإصلاحي في السلطة، سارع أعضاء الفصائل محافظة في إيران، إلى توجيه انتقادات لمحاولات الانفتاح إلى الغرب، وتساءلوا عن نيات الولايات المتحدة.
وقال المنظر المحافظ محمد جواد لاريجاني إن «الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات الرئيسية عبر التفاوض إلا إذا قدمت إيران تنازلات تمس استقلالها»، لافتاً إلى أن «الادعاء بأن عدم التفاوض سيؤدي إلى الحرب لا يستند إلى دليل قوي».
وأضاف لاريجاني في حديث لوكالة «إيلنا» الإصلاحية أن إيران قادرة على تقليل تأثير العقوبات تدريجياً وربما إلغائها بالكامل دون الحاجة للتفاوض... لدينا كثير من الخيارات، لكن علينا أن نكون أذكياء في استخدامها»، مضيفاً أن «استمرار العقوبات سيجعل واشنطن تدرك عدم جدوى هذا النهج».
كما وصف لاريجاني اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع روسيا أنها إنجاز كبير للحكومة، وأشاد بالعلاقات مع بكين مشدداً على أهمية استغلال البدائل المتاحة بعيداً عن التفاوض مع أميركا.
ولفت لاريجاني إلى أن سياسة الجوار تعد أحد البدائل لمواجهة الضغوط الاقتصادية الأميركية، مشيراً إلى أن «هذه السياسة كانت ثابتة في إيران، لا سيما خلال حكومة إبراهيم رئيسي»، متوقعاً أن يدفع مسعود بزشكيان هذه السياسة «بقوة».
وأضاف: «علينا أن نستفيد من الإمكانات الأخرى لتقليل تأثير العقوبات تدريجياً، وربما إلغاؤها تماماً في المستقبل. وعندما تدرك الولايات المتحدة أن هذه السياسة غير مجدية، فستعيد النظر فيها. هل هذا ممكن؟ من الناحية الفنية، أعتقد أنه كذلك».
في الأثناء، قال حسين طائب، مستشار قائد «الحرس الثوري»: «إن أولئك الذين يدعمون إجراء محادثات مع الولايات المتحدة يجب أن ينظروا إلى مصير أوكرانيا».
ونقلت وكالة «إيسنا» عن طائب قوله: «يجب على من يرون في المفاوضات مع الولايات المتحدة حلاً مثالياً أن يركزوا على الوضع في أوكرانيا. لقد طلب الأوكرانيون الحماية من الولايات المتحدة واليوم، ورغم الآلاف من الضحايا والبنية التحتية المدمرة، يعدون أنفسهم مدينين للولايات المتحدة».
وأشار طائب الذي كان رئيساً لجهاز استخبارات «الحرس الثوري»، إلى أن واشنطن كانت تهدف منذ وقت طويل إلى إضعاف إيران وقوى المقاومة في الشرق الأوسط بحلول عام 2024 من خلال شن حروب هجينة، ثم تزويد أوكرانيا بالأسلحة لمهاجمة روسيا، وتايوان لمهاجمة الصين.
وتساءلت صحيفة «كيهان» المقربة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، عما إذا كان خاتمي يهتم حقاً بالشعب الإيراني، أم أنه يتصرف «كأداة وممثل لمصالح فريق (الرئيس الأمريكي دونالد) ترمب».
