وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر إطلاق النار في الضفة الغربية بما يسمح باستهداف المدنيين دون أن يكونوا ضالعين في القتال، ما أدى إلى زيادة عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين في الفترة الأخيرة.
وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن المبادرة جاءت بإيعاز من قائد المنطقة الوسطى آفي بلوط، وقائد فرقة الضفة الغربية، ياكي دوليف.
ونقلت الصحيفة عن قادة في الجيش أن بلوط أعطى أوامر بقتل كل من «يعبث في الأرض» في مناطق العمليات في الضفة الغربية، بينما سمح دوليف بإطلاق النار على كل سيارة تخرج من مناطق العمليات في الضفة الغربية.
وجاءت هذه التعليمات الأحدث بديلة لأخرى كانت تطلب من القوات اتخاذ إجراءات لاعتقال مشتبهين.
ووسَّع كيان الاحتلال الإسرائيلي حملته العسكرية المستمرة على الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، لتشمل مناطق جديدة، منها مخيما نور شمس والفارعة، بعد هجمات مماثلة أسفرت عن مقتل العشرات في جنين وطولكرم منذ 21 يناير (كانون الثاني).
مزاعم الألغام
وعلى الرغم من أن الجيش يزعم أن هدف هذه التعليمات هو منع ناشطين فلسطينيين من زرع ألغام في مناطق توغله؛ فإن مصادر في الجيش أكدت أن «التعليمات الفضفاضة جعلت أيدي الجنود خفيفة على الزناد، وتسببت في قتل كثير من المدنيين».
وذكر ضباط مجموعة من الأحداث قالوا إنها نتجت عن تعليمات إطلاق النار الجديدة، وآخرها، عندما تم قتل رجل وزوجته الحامل في الشهر الثامن، يوم الأحد على حاجز قريب من مخيم نور شمس في طولكرم، عندما وصلا بسيارتهما إلى حاجز عسكري للجيش الإسرائيلي.
وأظهرت التحقيقات أنه على الرغم من أن الزوجة سندس شلبي (23 عاماً)، خرجت من السيارة دون أن تحمل أي أسلحة أو تشكل أي تهديد، أطلق الجنود النار عليها 3 مرات في منطقة الصدر.
وزعم الجيش الإسرائيلي في تحقيقه الأولي أن سندس «نظرت بصورة مريبة إلى الأرض».
وبحسب ضباط وجنود في الجيش فإنهم في قيادة المنطقة الوسطى، قرروا في الضفة الغربية نسخ أساليب العمل التي طُبقت في قطاع غزة.
واشتبك مسلحون، الاثنين، مع الجيش الإسرائيلي في مخيمات طولكرم وطوباس وفي طمون القريبة.
وبينما أجبرت قوات الاحتلال عدداً من العائلات على الخروج من منازلها في مناطق عدة تجري فيها عمليات في جنين وطولكرم وطوباس، وحولتها إلى ثكنات عسكرية، قالت «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد» إن مقاتليها خاضوا اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال في هذه المناطق.
اعتقالات مستمرة
في الوقت الذي تركز فيه إسرائيل عمليتها في شمال الضفة، وتقوم بقتل وتدمير وتهجير الفلسطينيين، فإنها تشن حملات اعتقال واسعة في مناطق أخرى في الضفة.
وقالت مؤسسات الأسرى في بيان مشترك، الاثنين، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت نحو 580 حالة اعتقال في الضفة خلال شهر يناير 2025، كانت أعلاها في جنين ومخيمها.
وأشارت مؤسسات الأسرى إلى أن عدد حالات الاعتقال من النساء بلغ 17، وبلغ عدد الأطفال دون سن 18 عاماً ما لا يقل عن 60 طفلاً، كما طالت عمليات التحقيق الميداني المتصاعدة المئات من المواطنين.
وبحسب البيان فإنه «حتى تاريخ وقف إطلاق النار في 19 يناير 2025، بلغ عدد حالات الاعتقال خلال حرب الإبادة في الضفة 14,500، وهذا المعطى لا يشمل عدد حالات الاعتقال من غزة والتي تقدر بالآلاف». ومع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية، طالبت «حماس» بتصعيد المواجهة.
وقال القيادي في الحركة عبد الرحمن شديد إن «استمرار عمليات المقاومة الفلسطينية في طولكرم وجنين، رغم العدوان الواسع من قوات الاحتلال، يحمل رسائل تحدٍّ وصمود من الشعب الفلسطيني».
وأضاف: «نجاح المقاومة في جنين بتنفيذ عمليات إطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة بعد 3 أسابيع من العدوان على المدينة ومخيمها، مدعاة للفخر بشعبنا الفلسطيني وشبابه المقاوم الذي يرفض الخنوع والخضوع للمحتل».
تهجير 40 ألفاً
من جهة أخرى، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الاثنين، إن العمليات الإسرائيلية في الصفة الغربية المحتلة تسببت في تهجير 40 ألف فلسطيني حتى الآن من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة، مشيرة إلى أن التهجير القسري للفلسطينيين في شمال الضفة يتصاعد بوتيرة «مثيرة للقلق».
وأضافت الوكالة في بيان أن القوات الإسرائيلية بدأت في تنفيذ عمليات واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة منتصف عام 2023، ومنذ ذلك الحين، تم تهجير آلاف العائلات قسراً. وأكدت «الأونروا» أن العمليات الأمنية الإسرائيلية المتكررة والمدمرة أدت إلى جعل مخيمات اللاجئين «غير صالحة للسكن»، ودعت مجدداً إلى ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في جميع الأوقات، مشيرة إلى أن «العقاب الجماعي غير مقبول على الإطلاق».