صحوة في إسرائيل من نشوة «خطة ترمب» تُقلق حكومة نتنياهو

مطالبة بإقالة رئيس الاستخبارات العسكرية لأنه حذر من انفجار فلسطيني

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن سبتمبر 2020 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن سبتمبر 2020 (رويترز)
TT

صحوة في إسرائيل من نشوة «خطة ترمب» تُقلق حكومة نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن سبتمبر 2020 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن سبتمبر 2020 (رويترز)

لا يكتفي اليمين الإسرائيلي الحاكم بقرار وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، توبيخ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، شلومي بايندر، على خلفية تصريحات نُسبت له ضد خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بشأن ترحيل أهل غزة، بل يطالبه بإقالة هذا الجنرال حتى يصبح نموذجاً لمن يجرؤ على معارضة هذه الخطة وما تنطوي عليه من فرص تاريخية لتصفية القضية الفلسطينية.

وقال رئيس حزب «عظمة يهودية»، إيتمار بن غفير، إن الجنرال بايندر يمثل شريحة كبيرة في الجيش الإسرائيلي تسمح لنفسها بفرض إملاءات سياسية على الحكومة، وعلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن يضع حداً لتماديها. وعاد بن غفير ليلمح بأنه مستعد للعودة إلى الحكومة، التي استقال منها في الشهر الماضي على خلفية إقرارها اتفاق وقف النار. لكنه يلمس معارضة لعودته لدى بعض الأوساط السياسية في حزب «الليكود».

ويذكر أن الجنرال بايندر، وبصفته مسؤولاً عن استشفاف الأجواء السياسية المؤثرة على الأوضاع الأمنية لإسرائيل، كان قد حضر اجتماعاً أمنياً رفيعاً لغرض تقييم ردود الفعل الفلسطينية والعربية على خطة ترمب، وكيف ستنعكس على التطورات الميدانية، فقال إنه يرى أن أحد الدروس المستفادة من الإخفاقات في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، هو أن من واجب جهاز الاستخبارات العسكرية أن يكون يقظاً ولا يستخف بأي تقديرات يتوصل إليها حتى تكون الصورة شاملة أمام الحكومة. وهو يرى أن خطة ترمب، إذا ما أصبحت ذات طابع جدي وبوشر العمل على تطبيقها بشكل فعلي، فستثير موجة غضب عارمة لدى الفلسطينيين خصوصاً في الضفة الغربية. وحذر من أن شهر رمضان سيشهد بذور هذا الغضب. وحذر من أن الغضب سيمتد إلى العالم العربي، وربما ينعكس بتقوية «حماس» و«الإخوان المسلمين» في الأردن وغيرها. وأكد أن هذا كله سيترك أثره على الأوضاع الأمنية في إسرائيل.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (الجيش الإسرائيلي)

وفي أعقاب تسرب هذه التصريحات، ليلة الخميس - الجمعة، أعلن الوزير كاتس، في بيان لوزارته، الجمعة، أنه توجه إلى رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، بطلب توبيخ الجنرال بايندر. وقال: «لن يكون هناك واقع يتحدّث فيه ضباط الجيش الإسرائيلي، ضدّ خطة الرئيس الأميركي، ترمب، المهمة بشأن غزة، وضد توجيهات المستوى السياسي». وأضاف: «لقد أمرت الجيش بالاستعداد للمضيّ قدماً في خطة المغادرة الطوعية لسكان غزة المهتمين بالمغادرة إلى أماكن مختلفة في العالم؛ وهذا بالضبط ما يتعيّن على الجيش الإسرائيلي أن يفعله، وسوف يفعله». وعلم أن كاتس طلب أن يتاح لمن يرغب من أهل غزة بالهجرة أن يستخدم موانئ ومطارات إسرائيلية.

وقال كاتس إن «حركة (حماس) ستمنع السكان من المغادرة، وتستغلهم كدروع بشرية. فهي أقامت بنى تحتية إرهابية في قلب المجتمع، وهي الآن تحتجزهم كرهائن، وتبتز الأموال منهم باستخدام المساعدات الإنسانية، وتمنعهم من مغادرة غزة». ولذلك، قال، أوعزت للجيش الإسرائيلي بـ«إعداد خطة تسمح لأي شخص في غزة يرغب في المغادرة إلى أي مكان في العالم يوافق على استقباله، وذلك بالخروج عبر المعابر البرية بالإضافة إلى ترتيبات خاصة للخروج عن طريق البحر والجو».

جنود إسرائيليون خلال قتالهم في قطاع غزة... من مقطع فيديو غير مؤرخ تم إصداره في 26 فبراير 2024 (رويترز)

وجاء تصرف كاتس السريع، ضمن التوتر الذي يسود الحكومة الإسرائيلية اليمينية من جراء ما بات يعرف بالصحوة من نشوة الحماس الأولي من خطة ترمب. ففي إجمالي الردود في إسرائيل، ظهر حماس غير عادي، لكنه بعد ساعات بدأ يتبدد. وبحسب عاموس هرئيل، المحرر المتخصص في الشؤون الاستراتيجية في صحيفة «هآرتس»، فإن «غالبية الردود الإسرائيلية جاءت متحمسة، وغاب تقريباً التطرق إلى العامل الأخلاقي - الطرد الفعلي لمليوني شخص، أجدادهم وآباؤهم عاشوا هنا - ليس في دولة وصاية في شرق أفريقيا. اليمين تحمس من إمكانية أن الفلسطينيين سيختفون فجأة من أفق القطاع. الوسط في إسرائيل، بقدر ما بقي منه، غير بعيد عنه. يصعب التفريق بين رد نتنياهو ورد رئيس المعسكر الرسمي، عضو الكنيست بني غانتس، على اقتراح ترمب. هذا جزء من الصدمة التي تسببت بها فظائع المذبحة في 7 أكتوبر، لكن الردود تعكس أيضاً انغلاقاً متزايداً للرأي العام هنا تجاه خطوات جارفة تريد تغيير حياة الملايين بشكل قسري. لكن، حتى الآن احتمالية تطبيق فكرة ترمب ضعيفة جداً. كل ما هناك أنها جاءت لتساعد نتنياهو على الحفاظ على حكومته وتهدئة الوزير بتسلئيل سموتريتش حتى لا ينفذ تهديده وينسحب منها، عند بدء المرحلة الثانية من اتفاقية وقف النار. فالوهم بالطرد هو قطعة حلوى مغرية جداً بالنسبة لسموتريتش كي لا ينسحب الآن».

وقالت الأديبة كارولينا ليندسمان إن الوقت الذي سيصحو فيه الإسرائيليون من نشوة خطة ترمب قريب وقريب جداً. فمن يراجع كيف صمت نتنياهو عندما أعلن ترمب أمام كل العالم بأن «الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة»، ولكن فقط بعدما نقوم بأداء مهمة الترحيل، يفهم كل شيء. كان صمتاً خجولاً لكنه فاضح. فما فعله ترمب بنتنياهو هو القول بما معناه: أيها الولد الصغير، اترك لوالدك ترتيب هذه الفوضى التي أحدثتها هنا في غيابي.

وأضافت ليندسمان: «المهين أكثر هو أن الأميركيين يقولون صراحة بأنهم لا يريدون لجيشهم أن يدير الترانسفير الكبير، فالسيد (أميركا أولاً) لا يقبل بأن تتسخ الجزمة العسكرية بوحل غزة؟ يجب على الجيش الإسرائيلي تطهيرها من أجله من العرب، بدماء وأرواح أبنائه وبناته. الزنجي الإسرائيلي سيقوم بالتطهير العرقي، بعد ذلك يمكنه الذهاب. الولايات المتحدة ستبقى مع ميناء استراتيجي في الشرق الأوسط، والجيش الإسرائيلي سيكون المسؤول عن التنسيق الأمني».

وكتب الوزير الأسبق، يوسي بيلين، في صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، مقالاً حذر فيه من الأوهام ورأى أن فكرة ترمب لن تتحقق. على الأقل من في محيط ترمب يعرفون هذا جيداً. وقال: «لن تنقل أي شاحنات سكان فلسطينيين من هذا القطاع المكتظ والمدمر إلى دول الخليج وبالتأكيد ليس إلى دول مثل مصر والأردن الفقيرتين. خطوة ترمب هي ضرر صاف لإسرائيل أيضاً، وليس فقط للفلسطينيين. وإذا كان ترمب يريد حقاً أن يساعدنا في أن يعالج بجدية النزاع الطويل - نقترح عليه أن يبذل جهوده في إبعاد حكم «حماس» عن غزة وإقناع نتنياهو باقتراح أفق سياسي والعودة إلى إقامة دولة فلسطينية. أولئك بيننا ممن يعتقدون أنه جاء لنا الخلاص، وأن ترمب يوشك على تحقيق أحلام اليمين المتطرف بتوزيع الفلسطينيين على 22 دولة عربية، لا يفهمون أن هذه رؤيا ليس لها أي احتمال للتحقق. لكن لما كان لا شك للفلسطينيين بأننا نقف خلفها، فإن من شأنها أن تشدد الكراهية بين الشعبين وتكلفهما الدم».


مقالات ذات صلة

السعودية تدين قصف إسرائيل بلدة كويا السورية

الخليج دخان القصف الإسرائيلي يتصاعد من بلدة كويا السورية (أ.ف.ب)

السعودية تدين قصف إسرائيل بلدة كويا السورية

أعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية بلدة كويا السورية، الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الأبرياء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو يعلن بدء إجراء مقابلات لاستبدال رئيس جهاز الأمن الداخلي

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، أنه سيبدأ غداً الأربعاء إجراء مقابلات لاستبدال رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لحاكم ولاية آركنسو السابق مايك هاكابي خلال فعالية في بنسلفانيا (أ.ب)

هل يفتح تعيين مايك هاكابي سفيراً لإسرائيل فصلاً جديداً في الدبلوماسية الأميركية؟

شهدت جلسة تثبيت تعيين مايك هاكابي، مرشح الرئيس الأميركي لمنصب سفير لدى إسرائيل، الثلاثاء، كثيراً من الجدل والأسئلة حول الدور الذي سيؤديه حال تعيينه.

هبة القدسي (واشنطن)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يقفون على دبابة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع غزة، 11 فبراير 2025 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يقدّر مقتل 150 مسلّحاً بعد تجدد العمليات العسكرية بغزة

قدّر الجيش الإسرائيلي أنه قتل أكثر من 150 عنصراً من «حماس» وأعضاء في جماعات مسلّحة أخرى منذ استئناف هجومه على قطاع غزة قبل أسبوع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس مع رئيس الأركان زامير خلال حفل تعيين المدير العام لوزارة الدفاع في تل أبيب يوم الاثنين (د.ب.أ)

خلاف كاتس وزامير... صراع على «تسييس» الجيش الإسرائيلي

دخل رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، أول مواجهة علنية مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، على نحو يعكس إلى حد بعيد الصراع الدائر من أجل السيطرة على الجيش.

كفاح زبون (رام الله)

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)

في غضون أيام قليلة، مدَّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يده لإيران، لكنه في الوقت نفسه حذَّر طهران من أنها تتحمل مسؤولية أية هجمات يشنها الحوثيون في اليمن. وبينما شددت إدارته على ضرورة وقف البرنامج النووي الإيراني، أبدت أيضاً بعض المرونة.

لطالما اعتمد ترمب على التهديد بالقوة بوصفه أداة تفاوضية، لكن بالنسبة لإيران، يرى بعض المراقبين أن نهجه يعكس رسائل متضاربة أكثر من كونه استراتيجية واضحة، ما يعكس حالة من الجدل داخل إدارته حول كيفية التعامل مع خصم تاريخي للولايات المتحدة منذ ما يقرب من نصف قرن.

وقال دبلوماسي غربي، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «هناك تناقضات كبيرة داخل إدارة ترمب بشأن إيران، وفي النهاية، لا بد أن تصل هذه التناقضات إلى ذروتها»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

والتز وويتكوف يتحدثان للصحافيين خارج البيت الأبيض في 4 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

في 7 مارس (آذار)، أعلن ترمب أنه بعث برسالة إلى المرشد علي خامنئي، يقترح فيها محادثات بشأن البرنامج النووي المثير للجدل، لكنه في الوقت ذاته حذَّر من إمكانية اللجوء إلى العمل العسكري في حال رفضت إيران، وهو تهديد كررته إسرائيل أيضاً.

كان ترمب قد انسحب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما، وعاد إلى البيت الأبيض متعهّداً بإعادة استراتيجية «الضغوط القصوى» من خلال العقوبات. لكنه أشار علناً إلى أن هذا النهج جاء تحت ضغط من مستشاريه المتشددين.

من جهته، أشار ستيف ويتكوف، صديق ترمب الذي أصبح مبعوثه العالمي، إلى احتمال التوصل إلى حل وسط مع إيران. ففي مقابلة حديثة مع المعلق المحافظ تاكر كارلسون، تحدَّث ويتكوف عن إمكانية تبنّي «آلية للتحقق»، يضمن عدم سعي إيران لامتلاك سلاح نووي؛ وهو نهج يتوافق مع اتفاق أوباما الذي حظي بدعم الحلفاء الأوروبيين.

لكن مستشار الأمن القومي لترمب، مايك والتز، سارع إلى تأكيد أن الهدف الأساسي لا يزال يتمثل في «التفكيك الكامل» للبرنامج النووي الإيراني.

ورغم أن ترمب هو صاحب القرار النهائي، فإنه لم يظهر تركيزاً واضحاً على الملف الإيراني، في حين أن ويتكوف منشغل أيضاً بالمفاوضات المتعلقة بغزة وأوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الثلاثاء، إنه «لم نردّ بعد على رسالة رئيس الولايات المتحدة، والردّ قيد الإعداد، وسيتم تقديمه قريباً بالطريقة المناسبة».

وأشار عراقجي مرة أخرى إلى موقف طهران الرافض للتفاوض المباشر، في ظل استراتيجية «الضغوط القصوى والظروف الحالية التي تشهد تهديدات عسكرية وزيادة العقوبات الاقتصادية من واشنطن».

وحذَّر علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، الولايات المتحدة من التفكير في السيناريو العسكري، قائلاً: «إذا كانت تهديدات ترمب جدية، فهو يُغامر بحياة الجنود الأميركيين». ونقلت مواقع إيرانية عن لاريجاني قوله في مقابلة صحافية: «إذا التزم ترمب بالسلام بدلاً من لغته الحالية، وأحدث تغييراً في سلوك الولايات المتحدة، فبإمكانه فتح مسار جديد مع إيران»، لكنه أضاف أن «سلوك ترمب متناقض».

ويواجه خامنئي تحدياً كبيراً في قبول التفاوض مع ترمب، خاصة في ظل تاريخه الحافل بالإجراءات العدائية تجاه طهران، بما في ذلك إصداره أمراً بتوجيه ضربة قضت على مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني عام 2020.

لكن ألكس فاتانكا، الباحث في معهد الشرق الأوسط، عبَّر عن نظرة أكثر تفاؤلاً، مشيراً إلى أن إيران قد تسعى إلى إبرام صفقة تتماشى مع أسلوب ترمب التفاوضي، مثل تقديم تنازلات اقتصادية، كشراء منتجات أميركية بعد سنوات من العقوبات.

وأضاف: «إذا تصرَّفت إيران بذكاء فقد تستغل هذه الفرصة لتُبرم صفقة جديدة، إذ لدينا رئيس أميركي لا يبدو منخرطاً بعمق في التفاصيل، بل يسعى فقط لتحقيق إنجاز سياسي يفوق ما أنجزه أوباما في 2015».

يأتي عرض ترمب في وقت صعب بالنسبة للجمهورية الإسلامية، إذ تعرضت انتكاسات لنفوذها الإقليمي وسخط داخلي كبير بسبب الاقتصاد.

ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترمب، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة»؛ نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الإقليمي الرئيسي لإيران، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

ويرى ترمب أن تراجع القوة العسكرية الإيرانية جعلها في موقع دفاعي ضعيف؛ ما يزيد من احتمال لجوئها إلى طاولة المفاوضات، بدلاً من التصعيد العسكري.

ترمب يرد على أسئلة الصحافيين خلال اجتماع في البيت الأبيض أمس الثلاثاء (إ.ب.أ)

في الأيام الأخيرة، كثّف ترمب ضرباته العسكرية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذين استهدفوا سفناً في البحر الأسود بحجة التضامن مع الفلسطينيين.

وقال ترمب إنه سيُحمل إيران مسؤولية أي هجمات تنفذها جماعة الحوثي.

وفي الأفق، يظل خيار العمل العسكري الإسرائيلي قائماً، خصوصاً بعد أن استهدفت إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية بضربات مكثفة العام الماضي.

وحذَّرت أجهزة الاستخبارات الأميركية من أن إسرائيل تدرس تنفيذ ضربات كبيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال النصف الأول من العام الحالي، مستغلّة حالة الضعف التي تمر بها إيران.

وقال بهنام بن طالبلو، الباحث في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، إن «التهديد العسكري الأميركي والإسرائيلي الجاد ضروري» لإجبار طهران على تقديم تنازلات حقيقية.

وأضاف: «هناك إدراك متزايد داخل الإدارة بأن طهران تُحاول كسب الوقت بالمناورات الدبلوماسية؛ لذا يجب فرض معايير صارمة إذا كان من المقرر أن يكون الحل الدبلوماسي مطروحاً بجدية».