كشفت حركات الاستيطان والتهويد بالقدس الشرقية عن عدد من المخططات الرامية لبناء 10 آلاف وحدة سكنية جديدة لليهود، على حساب المواطنين العرب في المدينة. وقال مصدر مقرَّب منها إن هذه المشاريع كانت مقررة في السابق، إلا أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن اعترضت عليها وتسببت في تجميدها. لكن مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، تجدها فرصة لإطلاقها من جديد.
ووفق المداولات، التي جَرَت في اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء، تُشكل هذه المشاريع ما يلي:
أولاً إقامة مدرسة دينية في مبنى يتكون من ثمانية طوابق في حي الشيخ جراح، أُطلق عليها اسم «أور سيمح (نور فرح)»، في أرض عامة يستخدمها سكان الحي الفلسطينيون الآن موقفاً للسيارات. وهي أرض جَرَت مصادرتها في الماضي للأغراض العامة وسُجّلت بملكية سلطة أراضي إسرائيل. والمنطقة مخصصة لمبانٍ عامة مثل مؤسسات تعليمية وصحية، لكن جرى تخصيصها للجمعية الدينية.
ووفق تقرير للصحافي نير حسون في «هآرتس»، فإن هذه هي الأرض العامة الكبرى في حي الشيخ جراح والمخصصة لمبان عامة. وقد اتخذ القرار في اللجنة، رغم أن الاستطلاع الذي أجرته بلدية القدس أظهر نقصاً في المباني العامة للسكان العرب بالحي.
وقد اعترض نائب رئيس بلدية القدس يوسي حفيليو، من قائمة الاتحاد المقدسي، على القرار، وقال إن المصادقة على خطة إقامة المدرسة الدينية بمثابة «عدم معقولية كبيرة وظلم فظيع يصرخ إلى عنان السماء». ووفق قوله، فإن «الخطة ستؤدي إلى الاحتكاك وستضرُّ القدس وسكانها».
وثانياً خطة كبرى ناقشتها اللجنة تشمل إقامة 9 آلاف وحدة سكنية لليهود في منطقة مطار قلنديا، الذي يطلق عليه الاسم العبري «عطروت»، قرب جدار الفصل وكفر عقب الفلسطينية، التي يعيش فيها 10 آلاف فلسطيني تقريباً. الحي المخطط لإقامته في عطروت هو الحي الأكبر الذي جرى تخطيطه في القدس منذ إقامة جبل أبو غنيم في تسعينات القرن الماضي. وهذا المطار في شمال شرقي القدس توقَّف عن العمل في بداية الألفية الجديدة، عند اندلاع الانتفاضة الثانية. ومنذ ذلك الحين وهو متروك.
ضغط أميركي
الحكومة بدأت الدفع قدماً هناك بحي لليهود، قبل عشر سنوات تقريباً، لكن الخطط تأخرت، ضمن أمور أخرى؛ بسبب الضغط من قِبل الإدارات الأميركية على إسرائيل. قبل ثلاث سنوات، جرى تجميد الدفع قدماً بالخطة من أجل القيام بمسح بيئي في منطقة عطروت، التي اشتهرت بسجنها الرهيب وتُعد من الأماكن الملوَّثة في البلاد بسبب المنطقة الصناعية القريبة. وستناقش اللجنة هذا المخطط، مرة أخرى، في الشهر المقبل، للدفع قدماً بالخطة.
وثالثاً خطة أخرى جرت مناقشتها في اللجنة، وهي توسيع خطة سابقة جرت المصادقة عليها لإقامة حي باسم «جفعات شكيد»، قرب قرية شرفات في جنوب القدس. في هذا الحي، يجري التخطيط لبناء 700 وحدة سكنية. وفي الاجتماع الأخير ناقشت إضافة 400 وحدة. خطة جفعات شكيد واحدة من الخطط التي جرى تقديمها والدفع بها قدماً على يد القيِّم العام في وزارة العدل، والتي توجد خلف الخط الأخضر.
ويقول البروفسور أفيف سترسكي، الباحث في جمعية «عير عاميم»، إن «الخطط في اللجنة اللوائية تُثبت إلى أي مستوى يجري تشويه إجراءات التخطيط لاعتبارات سياسية وديمغرافية ضد سكان شرق القدس». وأضاف: «بناء أحياء كبيرة إسرائيلية في مناطق حضرية فلسطينية، ولا سيما إقامة مدرسة دينية للحريديين في الشيخ جراح، يأتي على حساب الحقوق الأساسية للفلسطينيين بالسكن والتعليم».
حكم قضائي
في غضون ذلك، فإنه، في الأسابيع الأخيرة، فازت جمعية الاستيطان «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية بعدة أحكام في محكمة الصلح بالقدس، في إطار العملية التي تدفع بها قدماً لإخلاء مئات السكان الفلسطينيين من بيوتهم في حي بطن الهوى في سلوان. الإخلاء جرى بسبب حقيقة أنه قبل عام 1948 كانت في المنطقة أراضٍ تعود لليهود. القاضية مريام كسلسي وافقت على ادعاءات الجمعية في خمسة ملفات منفصلة، وحكمت لصالحها. المعنى هو أنه إذا لم يجرِ تأجيلها في الاستئناف للمحكمة المركزية، فسيجري إخلاء 26 عائلة، تضم 140 فرداً، تعيش في الحي منذ الستينيات، خلال نصف سنة. القاضية فرضت أيضاً على العائلات الفلسطينية رسوماً قضائية بمبلغ 50 ألف شيقل (الدولار يساوي 3.55 شيقل) لكل ملف من الملفات الخمسة.
والمعروف أن هناك آلاف البيوت الفلسطينية في القدس الغربية، كانت السلطات الإسرائيلية قد سطت عليها، ولم تسمح لأصحابها بالعودة إليها، مع أنها تدَّعي أنها تريد للقدس أن تكون مفتوحة وموحدة.