إسرائيل تعد «ملفاً» لتبرير استئناف الحرب في غزة

مصادر فلسطينية تقول إن مظاهر سيطرة الحركة جزء من الاتفاق مع تل أبيب

TT

إسرائيل تعد «ملفاً» لتبرير استئناف الحرب في غزة

مسلحون من «حماس» يسلمون رهينة كانت محتجزة في غزة إلى اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» (رويترز)
مسلحون من «حماس» يسلمون رهينة كانت محتجزة في غزة إلى اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» (رويترز)

في الوقت الذي ذكرت فيه مصادر سياسية مقربة من الحكومة الإسرائيلية أن طاقماً خاصاً في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعد للرئيس الأميركي دونالد ترمب «ملفاً بالخروقات التي تقوم بها (حماس) لاتفاق وقف النار وتبادل الأسرى حتى يساند إسرائيل في احتمال استئناف الحرب»، كشفت مصادر في تل أبيب ورام الله أن هذه التصريحات جاءت لتغطي على حقيقة أخرى يتضح منها أن نتنياهو يعود إلى سياسته القديمة بتعزيز الانقسام الفلسطيني الداخلي بواسطة تعزيز قدرات «حماس» على الحكم.

وبحسب مسؤول في السلطة الفلسطينية، وُصف بأنه «مطَّلع على آليات تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة (حماس) في قطاع غزة»، فإن المظاهر الاستعراضية التي قامت بها «حماس» بخروج عدد كبير من المسلحين بالزي العسكري في شوارع غزة قبيل تسليم المحتجزات الإسرائيليات، مساء الأحد، هي أمر متفَّق عليه بين الطرفين. وقال إن «الاتفاق بين (حماس) وإسرائيل يتضمن ملحق بروتوكول أمني غير معلن، تسمح إسرائيل بموجبه للشرطة المدنية التابعة لحكومة (حماس) بالعمل باللباس الأزرق الرسمي داخل مناطق محددة ذات الكثافة السكانية، ومتفق عليها في قطاع غزة فور دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ، صباح الأحد».

وأضاف أن «الشرطة ستتولى المسؤولية الكاملة عن إدارة حركة وتنقُّل النازحين من جنوب قطاع غزة إلى مدينة غزة وشمال القطاع، وقوات (حماس) هي التي تتسلم المساعدات الدولية، وتشرف على توزيعها على السكان». وأكد أن الاتفاق ينص على ألا تقترب الشرطة وغيرها من القوات المسلحة التابعة لـ(حماس) من المواقع التي توجد فيها قوات الجيش الإسرائيلي، والتي وفق الاتفاق، ستبقى على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع.

تأكيد إسرائيلي

وفي إسرائيل، أكد هذا الموقف أيضاً مسؤولون سياسيون. وبحسب موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الضجة التي أقامها مسؤولون في الحكومة حول المظاهر المسلحة لرجال «حماس» هي ضجة مفتعلة. وبحسب المحرر العسكري للموقع، رون بن يشاي: «لقد استخدمت (حماس) تحرير المحتجزات الثلاث فرصةً لإجراء استعراض للقوة في غزة، وهو بالمناسبة لم يكن مبهراً؛ فقد كان هناك فقط بضع عشرات من المسلحين، ويبدو أنهم لم يكونوا منظَّمين وبقيادة كما ينبغي، ما شكَّل خطراً على حياة المخطوفات الإسرائيليات».

هذا طلب يجب طرحه على الوسطاء كي يطرحوه على «حماس» و«الصليب الأحمر»: «نقل المخطوفين والمخطوفات يجب أن يتم في مكان خفي، وليس في قلب جمهور معربد».

كابوس تلو كابوس

وفي الصحيفة نفسها، كتب المتخصص في الشؤون الفلسطينية آفي يسسخروف، أن إسرائيل وصلت إلى اليوم التالي، حتى إن كان مؤقتاً، لتستيقظ من كابوس وتدخل الكابوس نفسه. ففي الجانب الآخر من الحدود ستواصل «حماس» الحكم، بناء أنفاق وتجنيد مزيد من الناس، دون أن يقوم لها بديل محلي. يبدو أن من رأى في «حماس» ذخراً ذات مرة لم يعد يمكنه أن يُشفى من هذا.

وأضاف أن صور المخطوفات الثلاث وهن يُنقلن إلى مركبات «الصليب الأحمر» في قلب غزة محوطات بآلاف الفلسطينيين، وبينهم مئات المسلحين مع ربطات رأس خضراء، تجسد حجم الهزيمة السياسية لدولة وحكومة اختارتا عن وعي تخليد حكم «حماس» في غزة حتى بعد 15 شهراً من الحرب. «حماس» بقيت على حالها. وقد كان هذا الهدف الأعلى لـ«حماس» فور بدء الحرب، ورغم أن الحكومة برئاسة نتنياهو أعلنت أنها ستعمل على تصفيتها، إذ إن المنظمة لم تنجُ عسكرياً فقط، بل حكمها بقي على حاله، وهذا بقدر غير قليل بفضل حكومة إسرائيل.

مراسم دفن جندي إسرائيلي قُتل في غزة (رويترز)

شعارات فارغة

ولفت الكاتب إلى أنه «على مدى أشهر، رفض نتنياهو ووزراؤه بحزم خوض نقاش معمق على إقامة بديل سلطوي لـ«حماس»، وذلك رغم أنه يوجد عدد لا يحصى من محافل الأمن الذين حذروا من أنه من الواجب عمل ذلك، وإلا فإن هذه الحرب ستكون عبثاً، عدد لا يحصى من المحللين والخبراء حذروا، لكن نتنياهو لم يرغب في ذلك. لقد فهم رئيس الوزراء أن كل نقاش سيؤدي في نهاية الأمر إلى استنتاج واضح – بديل سلطوي لا يمكنه أن يقوم في غزة إلا مع السلطة الفلسطينية وحركة «فتح». وقد رفض نتنياهو ذلك لاعتبارات سياسية، والخوف الأكبر لديه كان من الثنائي سموتريتش وبن غفير. الشعارات الفارغة عن أن السلطة الفلسطينية سيئة مثل «حماس» ومحظور «السماح للنازيين بأن يحلوا محل النازيين» انكشفت عندما رأينا أنه بدلاً من جسم فلسطيني يمكنه أن يعمل إلى جانب إسرائيل، ويساعدها مثلما يحدث في الضفة الغربية، تلقينا أمس دليلاً آخر على أنه لا توجد خيارات جيدة في الشرق الأوسط – فقط سيئة وأسوأ. وحكومة إسرائيل اختارت عن وعي الخيار الأسوأ – استمرار حكم حماس».

وحتى وزير المالية المتطرف، بتسليئيل سموتريتش، انتبه إلى ذلك من زاوية أخرى، وقال إن «حماس» ربحت في الحرب نحو مليار دولار، من سيطرتها على المساعدات الإنسانية في غزة والاتجار بها. وعاد ليهدد بإسقاط الحكومة إذا لم تخرج إلى الحرب لتصفية «حماس» بالكامل.

وكان نتنياهو قد أقنع سموتريتش بالبقاء في الحكومة بالقول إنه واثق بأن «حماس» ستخرق الاتفاق، ما سيبرر لإسرائيل أن تعود إلى القتال. وأوضح له أنه يقيم في مكتبه دائرة تتابع نشاط «حماس»، بل تنصب لها الكمائن حتى تقع فيها، وتظهر سيطرتها على قطاع غزة بعد الحرب. وتطرح الملف أمام الرئيس ترمب ليوافق على استئناف القتال.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخطط لبناء نحو ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية

المشرق العربي صورة تُظهر إنشاءات في مستوطنة رامات شلومو بالقدس الشرقية (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل تخطط لبناء نحو ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية

قالت منظمة مراقبة مناهضة للاستيطان، الاثنين، إن إسرائيل طرحت مناقصة لبناء ما يقرب من ألف وحدة للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلّة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي آليات تابعة لقوات «اليونيفيل» تتجه نحو منطقة كفرشوبا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مقتل لبنانية وإصابة آخرين برصاص الاحتلال الإسرائيلي

قبل يومين من الموعد المفترض لانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، شهدت الحدود الجنوبية توتراً مع استهداف الجيش الإسرائيلي للمدنيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية نتنياهو يستمع إلى روبيو خلال مؤتمر صحافي مشترك في تل أبيب اليوم (أ.ف.ب) play-circle 00:48

روبيو من إسرائيل: لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي

أكد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، عزم الولايات المتحدة على منع إيران من امتلاك أسلحة دمار شامل.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

رئيس الأركان الإسرائيلي إلى واشنطن للقاء مسؤوليين عسكريين

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الأحد) إن رئيس الأركان المنتهية ولايته اللفتنانت جنرال هرتسي هاليفي سيسافر إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية غداً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال حضوره اجتماع ميونيخ مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك يوم السبت (رويترز)

روبيو يبدأ من إسرائيل جولة شرق أوسطية

يبدأ وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، من إسرائيل أول جولة له في منطقة الشرق الأوسط تشمل السعودية والإمارات.

إيلي يوسف (واشنطن)

«الخارجية» الإيرانية: طهران لن تتهاون في الدفاع عن برنامجها النووي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس (أ.ب)
TT

«الخارجية» الإيرانية: طهران لن تتهاون في الدفاع عن برنامجها النووي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس (أ.ب)

قال إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الاثنين، إن طهران تدافع عن برنامجها النووي، ولن تسمح بأي تهاون في هذا الصدد.

جاء ذلك بعد يوم من تعهد إسرائيل والولايات المتحدة بالتصدي لطموحات إيران النووية. وأضاف بقائي «برنامج إيران النووي السلمي مستمر، وهو قائم على مدى العقود الثلاثة الماضية على أساس حقوق إيران بصفتها عضو في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية... بالتأكيد لن نظهر أي تهاون في هذا الصدد»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد قال إن استراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترمب في الشرق الأوسط تركز، بشكل لافت للنظر، على النظام الإيراني. وأضاف روبيو، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «العامل المشترك في كل هذه التحديات هو إيران، إنها المصدر الأعظم لعدم الاستقرار في المنطقة. وراء كل جماعة إرهابية، ووراء كل عمل من أعمال العنف، ووراء كل نشاط مزعزع للاستقرار، ووراء كل ما يهدد السلام والاستقرار لملايين البشر الذين يسمّون هذه المنطقة موطنهم، هي إيران»، وفق شبكة «سي إن إن».

وتابع روبيو: «أعني بإيران آية الله، وأعني بإيران نظامها؛ النظام الذي لا يؤيده شعبه، بالمناسبة. الشعب الإيراني ضحية لهذا النظام. لذا أعتقد أنه من المهم أن نشير باستمرار إلى أنه - سواء تحدثنا عن (حماس) أو (حزب الله) أو العنف في الضفة الغربية أو زعزعة الاستقرار في سوريا أو الميليشيات في العراق أو أي من هذه القضايا، فإنهم جميعاً لديهم عامل مشترك واحد؛ إيران». وأضاف: «يجب معالجة هذا الأمر، ولا يمكن أن تكون هناك إيران نووية أبداً. إيران النووية التي يمكنها بعد ذلك أن تحمي نفسها من الضغوط والإجراءات. لا يمكن أن يحدث ذلك أبداً».