«هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

مصر تؤكد ضرورة وقف إطلاق النار وتحذر من «حرب شاملة»

أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وسط تكتم شديد حول أجواء مفاوضات هدنة قطاع غزة، التي تستضيفها الدوحة، تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً»، فيما جددت القاهرة مطلب الوقف الفوري لإطلاق النار والتحذير من «حرب شاملة».

ووفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن الاتفاق بات في مراحله الأخيرة «في ظل ضغوط» أبرزها استعادة إسرائيل جثتي رهينتين من غزة، وترقب انتهاء مهلة تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإحداث «جحيم» في الشرق الأوسط، حال عدم إخراج الأسرى قبل موعد تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري.

ويعتقد الخبراء أن تعطيل إعلان الصفقة «التي تبدو جاهزة متعمداً في ظل التقدم المعلن والضغوط الجارية» من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و«حماس»، لجني «مكاسب ونيل ضمانات أكثر».

واستعرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، «جهود مصر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة»، مشدداً على الدور المنوط بالمجتمع الدولي للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة، في ظل «خطورة تصعيد الصراع في المنطقة وتحوله إلى (حرب شاملة)»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

أشخاص ينتشلون جثث قتلى من تحت أنقاض مبنى دمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

جهود الوسطاء المستمرة يؤكدها ما نقلته صحيفة «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي بارز، الخميس، بالقول إن «التكتم على تفاصيل مفاوضات الصفقة يشير لالتزام الأطراف كافة باستمرار المحادثات بجدية»، منوهاً إلى أن إسرائيل تنتظر تحديثات من وفدها في الدوحة لتتخذ قراراً بشأن إرسال رئيس الموساد، ديفيد برنياع، لحضور المناقشات، خاصة أنه خلال الأيام الأخيرة حدث «تقدم» في المحادثات.

هذا التقدم أكده وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحافي بباريس، الأربعاء، بقوله إن الوسطاء «قريبون للغاية»، معرباً عن أمله في «إنجاز الاتفاق» قبل تسليم إدارة ترمب، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس»، وصحيفة «تايمز أوف» إسرائيل.

«الحديث عن تقدم دون بلورة اتفاق قريب» يؤكد، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن ثمة تعطيلاً متعمداً من نتنياهو بتقديم أسماء جديدة وبناء حواجز؛ لمزيد من الضغط على «حماس»، وعدم تقديم الاتفاق الذي تتحدث واشنطن عن جاهزيته بوصفه هدية لإدارة جو بايدن.

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن كلاً من نتنياهو و«حماس» يعطلان الاتفاق، الأول يرى أهمية تأخيره رغبة في الحصول على مكاسب أكبر من حليفه ترمب، والثانية تسعى للحصول على ضمانة لإنهاء الحرب والحصانة لقياداتها ورغبة بدور في اليوم التالي، وتنتظر وصول الرئيس الأميركي.

طفل يقف وسط الدمار في أعقاب غارة إسرائيلية أصابت خياماً يستخدمها النازحون بوصفها ملاجئ مؤقتة (أ.ف.ب)

وبخلاف أنباء التقدم، هناك حديث يتواصل عن ضغوط، أكدها المبعوث الجديد لترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في حديث لـ«قناة 12» الإسرائيلية، الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي المنتخب أصدر تعليماته «بممارسة الضغط من أجل تحقيق الصفقة، وإذا لم يحدث ذلك ستكون هناك عواقب وخيمة»؛ في إشارة لتجديد ترمب، الثلاثاء، تحذيره الذي أطلقه أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من «الجحيم في الشرق الأوسط إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن بحلول موعد تنصيبه».

ويعتقد رخا أن تحذيرات ترمب ومساعديه، إنذار للجميع ولـ«حماس» بالدرجة الأولى، لكن ماذا ستفعل أكثر مما نراه في أرض الواقع من تدمير وإبادة، لذا يمكن النظر إلى هذه التهديدات على أنها محاولات لتسريع الاتفاق.

ونشرت «هآرتس»، الخميس، أن أسر 837 جندياً إسرائيلياً بعثوا برسالة إلى نتنياهو، طالبوا فيها بوقف الحرب وعودة جميع الرهائن، مشيرين إلى أنهم «سينظمون في الأيام المقبلة تحركات تدعو إلى إنهاء الحرب».

وجاءت المطالب الإسرائيلية، غداة إعلان وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، استعادة جثتي رهينتين كانتا محتجزتين في قطاع غزة.

رد فعل مشيعين على مقتل سيدة في غارة إسرائيلية على مخيم إيواء النازحين بمستشفى ناصر في خان يونس (رويترز)

ويستبعد مطاوع وجود ضغوط حقيقية وذات ثقل على رئيس الوزراء الإسرائيلي رغم مطالبات العالم وأسر الرهائن، موضحاً أن تلك الانتقادات التي جاءت نتيجة العثور على رهائن قتلى، صداها في الشارع لا يتجاوز أكثر من ذلك، ونتنياهو تعرض لضغوط كبرى من إدارة بايدن ومن الجيش الإسرائيلي بعهد وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، ولم تسفر عن شيء، وحتى الآن لم تضغط إدارة ترمب بشكل جاد عليه.

ويتوقع عدم حدوث اختراق مع عودة رئيس الموساد إلى الدوحة الأيام المقبلة، وبالتالي لا إعلان لصفقة وشيكة في ضوء ذلك التقدم وتلك الضغوط، بل ستمتد المراوحة إلى حين تنصيب ترمب وربما ما بعده.

أما رخا الذي يرى أن «استعادة جثث الرهائن قتلى سلاح ذو حدين»، فيعرب عن تفاؤل حذر بإمكانية أن يحدث الاتفاق قبيل تنصيب ترمب بيوم أو في اليوم التالي لتنصيبه بحد أقصى.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

رغم تسريبات عن «شروط جديدة» فإن عدة مؤشرات تشي بأن الاتجاه نحو «صفقة» في قطاع غزة يزداد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

تحليل إخباري مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

وسط حديث يتصاعد عن خطط «لليوم التالي» في غزة، جددت مصر رفضها وجود قوات أجنبية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«الحرس الثوري» يستعرض قوته في شوارع طهران

عناصر من «الباسيج» في عرض عسكري بطهران 10 يناير 2024 (أ.ب)
عناصر من «الباسيج» في عرض عسكري بطهران 10 يناير 2024 (أ.ب)
TT

«الحرس الثوري» يستعرض قوته في شوارع طهران

عناصر من «الباسيج» في عرض عسكري بطهران 10 يناير 2024 (أ.ب)
عناصر من «الباسيج» في عرض عسكري بطهران 10 يناير 2024 (أ.ب)

شارك آلاف من عناصر «الحرس الثوري» الإيراني في طهران، الجمعة، بمسيرة «السائرون إلى القدس» عارضين خلالها مركبات عسكرية وأسلحة ثقيلة بهدف إظهار استعدادهم لمواجهة التهديدات التي تستهدف إيران. وانطلقت المسيرة صباحاً في شوارع العاصمة بمشاركة مجموعات من قوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس».

وقال المسؤول في «الحرس الثوري»، الجنرال محمد رضا نقدي، في خطاب خلال العرض، إن الولايات المتحدة «هي المسؤولة عن كل مصائب العالم الإسلامي». وأضاف: «إذا تمكنا من تدمير النظام الصهيوني وسحب القواعد الأميركية من المنطقة، فإن إحدى مشاكلنا الكبرى سوف تُحل»، في إشارة إلى إسرائيل العدو اللدود لإيران.

وسار رجال يرتدون الزي العسكري فيما استقل آخرون دراجات نارية ومركبات، وحمل بعضهم قاذفات صواريخ أمام حشود رفعت أعلام إيران وفلسطين و«حزب الله» اللبناني المدعوم من طهران. وحمل مشاركون أيضاً صوراً للمرشد الإيراني علي خامنئي وشخصيات في «محور المقاومة» المشكل من فصائل مسلحة في دول مختلفة مدعومة من إيران.

وعُرضت نماذج من صواريخ ومسيّرات إيرانية الصنع، ومعدات عسكرية أخرى في شوارع العاصمة طهران. وقال قائد «الحرس الثوري» في العاصمة، الجنرال حسن زاده، في تصريح تلفزيوني إن «أحد أهداف المسيرة هو دعم شعب غزة وفلسطين». وأضاف: «نسعى أيضاً إلى إظهار أن قوات الباسيج مستعدة لمواجهة أي تهديد من أعداء الثورة الإسلامية». ولا تعترف إيران بدولة إسرائيل، وجعلت دعم القضية الفلسطينية إحدى ركائز سياستها الخارجية منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

صاروخ باليستي في عرض «الحرس الثوري» بطهران 10 يناير 2024 (أ.ب)

من جانبه، صرح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي أنه «سوف يتم قريباً الكشف عن مدن الصواريخ والمسيّرات وسيرى الجميع قوة إيران وعمقها غير المرئي»، مضيفاً أن إيران «لم تضعف ولم تتراجع عن مواقفها السياسية».

ونقلت وكالة «إرنا» عن سلامي قوله: «لم نطلق حتى رصاصة واحدة من الأراضي السورية واللبنانية باتجاه الكيان الصهيوني، لكننا رددنا على هذا الكيان بشكل رسمي وواضح وصريح بصواريخنا ومن أرضنا». وتابع: «نحن لا نجعل أي دولة أو منطقة أخرى ساحة لمعركتنا، لأننا كبيرون إلى حد نستطيع فيه الرد على أي تهديد من أراضينا. وعندما يدمرون سفننا في البحر، يعرف الصهاينة أين أصيبت سفنهم».

وبالإشارة إلى ادعاءات الأعداء بأن إيران أصبحت ضعيفة بعد سقوط سوريا، قال سلامي: «نحن لا نستخدم سوريا عسكرياً، وأنه مع سقوطها يجب أن نقلق بشأن ردعنا... يريد الأعداء أن يقولوا إن إيران أصبحت ضعيفة، فهل نحن أقوى في إغلاق المضايق اليوم أو في الأعوام السابقة؟».

وأضاف سلامي أنه سوف يتم قريباً الكشف عن مدن الصواريخ والمسيّرات «وسيرى الجميع قوة إيران وعمقها غير المرئي».

«لم نضعف ولم نتراجع عن مواقفنا السياسية، بل قادرون على تدمير القواعد الإقليمية للأعداء». وتابع أنه «من المؤكد أن الدول التي تفرض العقوبات على إيران ستنهار بنفسها ما إذا تعرضت لعقوبات مثل العقوبات التي تعرضت لها إيران، لكن إيران ما زالت صامدة».

وكان المستشار الأعلى للقائد العام لـ«الحرس الثوري»، حسين طائب، قال، الخميس، إن عملية «الوعد الصادق 3» ستنفذ عندما يكون تأثيرها الاستراتيجي أكبر من عملية «الوعد الصادق 2»، مضيفاً أن «السلاح الاستراتيجي يجب استخدامه في الوقت المناسب وبشكل مدروس».

مسيرة إيرانية ضمن عرض «الباسيج» في طهران 10 يناير 2024 (إ.ب.أ)

ووفقاً لما نقلته وكالة «انتخاب»، أشار طائب خلال كلمة ألقاها في ندوة بمدينة قم، إلى المطالبات المتعلقة بتنفيذ عملية «الوعد الصادق 3»، قائلاً: «في الوضع الحالي، إذا قيل إن الميدان يجب أن يتبع الرأي العام، فهذا كلام خاطئ». وأضاف، بحسب «وكالة الأنباء الإيرانية» (إرنا)، أنه لا توجد خلافات داخل المجلس الأعلى للأمن القومي بشأن القضايا الدفاعية والأمنية، مشيراً إلى أنه «من وجهة نظر الأميركيين، لا يوجد فرق بين عمليات (الوعد الصادق 1) و(2)».

وأوضح أنه عندما كانت عملية «الوعد الصادق 1» على وشك التنفيذ، أرسل الأميركيون رسالة عبر وزير خارجية بريطانيا إلى وزير الخارجية الإيراني، مفادها: «لا تهاجموا إسرائيل، نحن سنضغط عليها لإنهاء الحرب مع حركة (حماس)». وتابع أن إيران ردت على طلب الولايات المتحدة بالقول: «نحن نفعل كل ما نستطيع لإنقاذ الشعب الفلسطيني المظلوم. والأميركيون كانوا يحاولون تأجيل عملية (الوعد الصادق 1)، لكننا أفشلنا خططهم ونفذنا العملية في الوقت المناسب».