إيران تترقب سياسة ترمب بشأن برنامجها النووي

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)
رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)
TT

إيران تترقب سياسة ترمب بشأن برنامجها النووي

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)
رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)

إحدى القضايا المعقدة في السياسة الخارجية التي سيرثها دونالد ترمب عندما يتولى منصبه في البيت الأبيض هي إيران التي تقف على أعتاب أن تصبح قوة نووية، مع استمرار برنامجها الصاروخي الباليستي القوي في التقدم، وهي تعد الولايات المتحدة العقبة الرئيسية أمام سيطرتها على الشرق الأوسط. فكيف سيرد ترمب؟

وقال «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركية، وهو مؤسسة بحثية مستقلة، إن الإجابة عن هذا السؤال قد تبدو سهلة؛ لأن ترمب كان متسقاً في خططه إبان سنوات حكمه الأولى، وهو الآن يُتوقع أن يعود إلى سياسته السابقة القائمة على مبدأ فرض «أقصى درجات الضغط» على إيران.

وكانت تلك السياسة تهدف إلى تشديد الخناق الاقتصادي على إيران من خلال توسيع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وتشديد تطبيق العقوبات القائمة. فالهدف لم يكن تغيير النظام، بل إجبار طهران على الحد من برامجها النووية والباليستية وكبح دعمها للميليشيات الإقليمية التي تشكل ما يسمى بـ«محور المقاومة».

ورغم أن سياسة أقصى الضغط قد نجحت في تقليص الاقتصاد الإيراني، فإنها فشلت في إجبار طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. فحتى مع تعثر اقتصادها وتراجع احتياطاتها الأجنبية، استمرت طهران في برامجها النووية والباليستية، ووسّعت دعمها لحلفائها الإقليميين، بل شنّت هجوماً صاروخياً على قاعدة أميركية في العراق عام 2020.

وقال المجلس: «إن السؤال الآن هو: هل ستنجح سياسة أقصى الضغط في السياق الجيوسياسي المختلف اليوم؟». وأوضح أن الأدلة على هذا الصعيد مختلطة، فحروب إسرائيل ضد «حماس» و«حزب الله»، وسقوط نظام الأسد في سوريا، أضعفت موقف إيران في المنطقة. كما أن حلفاءها أقل عدداً وأضعف مما كانوا عليه قبل ستة أشهر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضربات الجوية الانتقامية التي نفذتها إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) دمرت جزءاً كبيراً من الدفاعات الجوية الإيرانية، مما جعلها أكثر عرضة للهجمات العسكرية.

البرنامج النووي

المفاعل النووي الإيراني في بوشهر جنوب العاصمة طهران (أرشيفية - أ.ب)

هذا الضعف، إلى جانب المشكلات الاقتصادية والاضطرابات الداخلية في إيران، قد يكون السبب وراء تصريح وزير الخارجية الإيراني بأن إيران تتطلع لاستئناف المحادثات النووية. ومع ذلك، فإن استراتيجية أقصى الضغط تحتاج إلى وقت لتحقيق النتائج، وهو ما قد يكون محدوداً فيما يخص البرنامج النووي الإيراني.

والمعروف أن إيران كثّفت جهودها لتخصيب اليورانيوم بعد أن ألغى ترمب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة الرئيس الأميركي الأسبق أوباما. ووفقاً لمعظم التقديرات، يمكن لإيران الآن بناء عدد قليل من الأسلحة النووية في غضون أسابيع من اتخاذها قرار عبور العتبة النووية.

وأشار «مجلس العلاقات الخارجية» إلى أن القوى الكبرى الأخرى ستضعف أيضاً سياسة أقصى الضغط. فالصين وروسيا تجاوزتا أو تجاهلتا العقوبات الأميركية متعددة الأطراف المفروضة على إيران. ومن غير المرجح أن تمتثل إيران لها الآن ما لم تحصل على شيء كبير من الولايات المتحدة في المقابل.

كما أن ترمب قد يكون غير راغب أو غير قادر على تقديم ذلك الحافز. فإذا اعتقدت طهران أن بكين وموسكو تدعمانها، فستكون المقاومة استراتيجية أكثر من كونها قابلة للتطبيق. ويمكن أن تستخدم طهران المفاوضات وسيلة لشراء الوقت لمعالجة نقاط ضعفها.

مفاوضات بنوايا حسنة

خامنئي خلال لقائه قدامى المحاربين (إ.ب.أ)

حتى لو دخلت إيران في مفاوضات بنوايا حسنة، فقد تتعثر جهود ترمب بسبب الخلافات حول ماهية الصفقة المناسبة. فالتنوع الآيديولوجي داخل فريقه، المكون من متشددين وأنصار سياسة «أميركا أولاً»، يجعل من المحتمل أن يتجادلوا حول ما يجب أن تتنازل عنه طهران ليكون الاتفاق مجدياً. هذا الانقسام الداخلي قد يقوّض الجهود للوصول إلى اتفاق.

كل هذا يثير التساؤل حول ما سيحدث إذا لم تبدأ المحادثات أو، وربما الأكثر احتمالًا، إذا لم تحقق المحادثات أي نتائج. من المحتمل أن تتصاعد الدعوات للولايات المتحدة لضرب المواقع النووية الإيرانية إذا لم تسفر حملة أقصى الضغط عن نتائج سريعة. كما أن ترمب سيواجه دعوات لتشجيع إسرائيل على مهاجمة إيران، على الرغم من أن إسرائيل تفتقر إلى القدرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض.

من جانبها، ستقيّم طهران استعداد ترمب لاستخدام القوة العسكرية، بالإضافة إلى قدرات إسرائيل العسكرية، عند التفكير في المفاوضات. ويعرف القادة الإيرانيون أن ترمب أمر باغتيال قاسم سليماني في عام 2020، وتحدث أثناء حملته الانتخابية عن «إبادة» إيران، وقال إن على إسرائيل ضرب المواقع النووية الإيرانية. لكنهم يعلمون أيضاً أنه خاض حملته ضد «حروب أميركا الأبدية» في الشرق الأوسط بينما تفاخر، بشكل غير صحيح، بأنه «الرئيس الوحيد خلال 72 عاماً الذي لم يخض حروباً».

ويرى «مجلس العلاقات الخارجية» أن اللجوء إلى القوة العسكرية، سواء من خلال عمل أميركي مباشر أو عن طريق تشجيع إسرائيل على الهجوم، سيكون مقامرة كبيرة. قد تنجح أكثر مما يتوقع المخططون، وتفتح فصلاً جديداً أكثر سلماً في الشرق الأوسط. أو، مثل غزو العراق، قد تفتح المقامرة باباً من المشكلات التي ستطارد المنطقة والولايات المتحدة لسنوات. ولكن السماح لإيران بمواصلة برامجها النووية والباليستية بينما تعيد بناء «محور المقاومة» له تكاليفه الخاصة أيضاً. لذا، يأمل البعض أن تنجح العودة إلى استراتيجية أقصى الضغط.


مقالات ذات صلة

طهران: «وعد الصادق 3» ستُنفذ عندما يكون تأثيرها كبيراً

شؤون إقليمية المفاعل النووي الإيراني في بوشهر جنوب العاصمة طهران (أرشيفية - أ.ب)

طهران: «وعد الصادق 3» ستُنفذ عندما يكون تأثيرها كبيراً

قال المستشار الأعلى للقائد العام لـ«الحرس الثوري»، حسين طائب، إن عملية «وعد الصادق 3» ستنفذ عندما يكون تأثيرها الاستراتيجي أكبر من عملية «وعد الصادق 2».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

انتحار مواطن سويسري في أحد سجون إيران

ذكرت وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية‭ ‬في إيران أن مواطناً سويسرياً اعتُقل في إيران بتهمة التجسس، انتحر في السجن.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة بزشكيان إشارات إلى إمكانية التواصل مع إدارة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها قناة «إيران إنترناشيونال» بعد تشديد الحراسة حول مقرها السابق في غرب لندن نوفمبر 2022 (أرشيفية)

اعتقال ثالث متهم في قضية الاعتداء على صحافي إيراني في لندن

قالت الشرطة البريطانية، الأربعاء، إنها ألقت القبض على متهم ثالث فيما يتعلّق بطعن صحافي يعمل لدى مؤسسة إعلامية ناطقة بالفارسية في لندن خلال مارس العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان play-circle 01:29

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجدداً إن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»، معرباً عن أمله في أن يتم «إنجازه» قبل تسليم الدبلوماسية الأميركية إلى الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وقال بلينكن، خلال محطة له في باريس لحضور اجتماعات يوم الأربعاء: «في مجالات متعددة، نقوم بتسليم أمور، بعضها لم نتمكن من استكماله، ولكنها تخلق فرصاً حقيقية للمضي قدماً بطريقة أفضل»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

أقارب وأنصار رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بعودتهم في تل أبيب في 8 يناير 2025 (أ.ب)

وأشار بلينكن إلى أنه حتى إذا لم تتحقق خطط إدارة الرئيس جو بايدن بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل و«حماس» قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، فإنه يعتقد أن هذه الخطط سيتم تنفيذها بعد ذلك.

أشخاص يبحثون بين أنقاض مبنى دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في وسط قطاع غزة في 8 يناير 2025 مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

وأضاف: «أعتقد أنه عندما نصل إلى هذا الاتفاق، وسنصل إلى هذا الاتفاق، سيكون على أساس الخطط التي قدمها الرئيس بايدن للعالم».