نواب ائتلاف نتنياهو يطالبونه بتطبيق خطة الجنرالات في غزة

نقاشات حادة في تل أبيب حول المشاريع المطروحة للتسوية

مبان مدمرة جراء القصف الإسرائيلي على غزة الخميس (رويترز)
مبان مدمرة جراء القصف الإسرائيلي على غزة الخميس (رويترز)
TT

نواب ائتلاف نتنياهو يطالبونه بتطبيق خطة الجنرالات في غزة

مبان مدمرة جراء القصف الإسرائيلي على غزة الخميس (رويترز)
مبان مدمرة جراء القصف الإسرائيلي على غزة الخميس (رويترز)

في الوقت الذي تبث فيه أنباء متناقضة حول صفقة التبادل مع «حماس» تشهد الساحة السياسية في إسرائيل نقاشات حادة؛ إذ ينشط قادة اليمين الحاكم لأجل إجهاض أي محاولة للانفراج، غير آبهين لمصير المحتجزين لدى «حماس»، وللقتلى الذين يتساقطون في الحرب، من الطرفين، مع أن غالبية الجنرالات يؤكدون أنه لم تعد هناك حاجة لسفك الدماء.

وذكرت مصادر سياسية في تل أبيب أن «حماس» قدمت تراجعاً جديداً يتيح إنجاز صفقة فوراً؛ إذ إنها وافقت على تأجيل مطلبها بوقف نار دائم إلى المرحلة الثانية من الصفقة. وبحسب هيئة البث الرسمية (ريشت بيت)، قالت تلك المصادر إن «حماس» أزالت بذلك عقبة أساسية في المفاوضات. وأوضحت بأن الكرة باتت في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. ورأت أنه في حال قرر المضي قدماً في الصفقة، ووقف ضده نواب اليمين المتطرف، سيحظى بدعم جماهيري غير مسبوق في إسرائيل ودعم أميركي وأجنبي.

إسرائيليون يتظاهرون ضد نتنياهو ويطالبون بالعمل على إطلاق الأسرى لدى «حماس» بتل أبيب (أرشيفية - أ.ب)

ويبدو أن هذا التطور هو الذي دفع ثمانية من أعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية من حزب «الليكود» وحزبي «عظمة يهودية» (برئاسة إيتمار بن غفير) و«الصهيونية الدينية (برئاسة بتسلئيل سموتريتش)، للتوقيع على عريضة تطالب وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، بتغيير خطة العمليات الحربية في غزة، وتطبيق «خطة الجنرالات» في أقرب وقت ممكن.

وخطة الجنرالات المقصودة كان قد وضعها عدد من كبار الجنرالات السابقين بقيادة غيورا ىيلاند، وتقضي بمحاصرة وإخلاء السكان من شمالي غزة، وبعد ذلك التدمير من بعيد لكل مصادر الطاقة (الوقود، المنشآت الخلوية وما شابه)، وتدمير كل مصادر الغذاء بما في ذلك المخازن وخزانات المياه وكل وسيلة ذات صلة، والتصفية من بعيد لكل من يتحرك في المجال، ولا يخرج مع علم أبيض على مدى أيام الحصار. وفقط بعد هذه الأعمال وأيام الحصار على من تبقى، على الجيش الإسرائيلي أن يدخل بالتدريج للتطهير الكامل لأعشاش العدو بشكل لا تكون فيه حياة جنود الجيش في خطر عابث المرة تلو الأخرى.

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وادعى هؤلاء النواب أن التقارير السرية التي يطلعون عليها في لجنة الخارجية والأمن، حول نشاط الجيش في غزة، تؤكد أن «حماس» ترمم نفسها بسرعة في كل منطقة يخرج منها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك حيازة السلاح، ضمن مناطق أخرى في خان يونس وفي النصيرات. والأعمال التي ينفذها الجيش منذ بدء عملية الاجتياح البري في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، «لا تحقق أهداف الحرب كما حددها المستوى السياسي؛ أي تقويض القدرات السلطوية والعسكرية لـ(حماس)، رغم أن هذا العدو لا يملك أدوات وقدرات جيش حديث. لذلك لا بد من اللجوء لإجراءات أخرى أقسى».

وبادر إلى كتابة العريضة النائب عميت هليفي، من «الليكود»، ووقع عليه نواب من كل كتل الائتلاف. وجاء في الكتاب نقد شديد لسير الحرب حتى الآن.

وخرج البروفسور مئير بن شبات، أحد كبار مستشاري نتنياهو السابقين، ورئيس معهد القدس للبحوث الاستراتيجية، بمقال في صحيفة «يسرائيل هيوم»، الخميس، بعنوان «الحرب في غزة بعيدة عن الحسم»، يقول فيه إن «الضربة التي تلقتها (حماس) من إسرائيل في أثناء الحرب هي قاسية وأليمة، لكنها ليست قاضية، ولا يزال تحت تصرفها آلاف عديدة من المقاتلين والنشطاء الذين حتى وإن كانوا لا يعملون الآن في أطر عسكرية منظمة، فإنهم يلحقون ضرراً وخسائر لقواتنا في عمليات حرب عصابات محلية».

بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)

ويقترح بن شبات خطة من خمس نقاط للعمل الآن، هي: أولاً، تشديد أعمال الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، وتدمير ليس فقط وحوش النخبة، بل أيضاً قادتهم، ومساعديهم وتلاميذهم، ومخازن السلاح ووسائل القتال. وثانياً، تصفية القادة وكبار المسؤولين في غزة وفي الخارج. وثالثاً، مصادرة السيطرة التي في يد «حماس» على المساعدات الإنسانية. ورابعاً، ضرب الأجهزة والقدرات الحكومية التي تسيطر عليها «حماس». وخامساً، استنفاد النفوذ الأميركي على الوسطاء في قناة المفاوضات.

بالمقابل، يحذر العديد من الشخصيات المعارضة والكتاب والمعلقين، من أن هذه الهجمة اليمينية تلحق أضراراً استراتيجية فادحة لإسرائيل.

وفي مقال افتتاحي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، يقول آفي شيلون، إن «الحرب في غزة، التي كانت أكثر الحروب عدالة، تصبح الآن الحرب الأكثر سياسية وحزبية التي شهدتها الدولة. لكن، لا يوجد أي مبرر حقيقي لاستمرار هذه الحرب. فحركة (حماس) باتت مسحوقة منذ أشهر طويلة، بوصفها قوة عسكرية منظمة، ولم تعد لها قدرات قائمة لمهاجمة إسرائيل بشكل ذي مغزى. هذه حقيقة. وعملياً، ما يحصل في غزة في الأشهر الأخيرة هو حرب عديمة التفسير، عديمة المنطق، يسقط فيها كل أسبوع المزيد فالمزيد من الجنود. إسرائيل تلاحق مئات قليلة من رجال (حماس) ممن تبقوا في الميدان أو انضموا مؤخراً، في ملاحقة عبثية لا تنتهي، هدفها الوحيد إبادة (حماس) حتى الرجل الأخير. وقد يكون غريباً، إلا أن الطرفين الوحيدين اللذين يواصلان الرغبة في استمرار القتال هم الحوثيون ونحن. هذا يحصل لأنه رغم الفرق بالطبع، لقيادتنا وقيادتهم، يوجد في هذه اللحظة قاسم مشترك: سياسة عديمة المنطق وعديمة الغاية، كل واحد لأسبابه السياسية الداخلية».


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية الإمارات وإسرائيل يناقشان وقف النار في غزة

الخليج الشيخ عبد الله بن زايد مستقبلاً الوزير جدعون ساعر في أبوظبي (وام)

وزيرا خارجية الإمارات وإسرائيل يناقشان وقف النار في غزة

استقبل الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الثلاثاء في أبوظبي، جدعون ساعر وزير خارجية دولة إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون (أ.ف.ب) play-circle 00:52

هوكستين: الجيش الإسرائيلي سينسحب من كامل الأراضي اللبنانية

أكد المبعوث الأميركي آموس هوكستين أن الجيش الإسرائيلي سينسحب من كامل الأراضي اللبنانية لكنه أقرّ بأن تنفيذ اتفاق وقف النار ليس سهلاً.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يجلس أمام متعلقاته التي تم انتشالها من أنقاض مبنى مدمر في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

تململ في إسرائيل حول «صفقة غزة» بعد «قائمة الـ34» المثيرة للجدل

يبدو أن الزخم الذي أخذته «مفاوضات الدوحة» الرامية إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والأسرى، تراجع قليلاً.

كفاح زبون (رام الله) كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية قوات أمن إسرائيلية تتجمع في موقع هجوم بالضفة الغربية يوم 6 يناير 2025 (أ.ف.ب)

نتنياهو يصادق على إجراءات هجومية ودفاعية جديدة بالضفة الغربية

عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو اجتماعاً أمنياً لتقييم الأوضاع بالتركيز على الوضع في الضفة الغربية وصادق على عمليات للقبض على منفذي عملية إطلاق نار الاثنين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».