نتنياهو يرفض نقل أسلحة للسلطة الفلسطينية... متجاهلاً طلباً أميركياً

مقتل صحافية في اشتباكات مخيم جنين يعمّق خطاب التحريض والتخوين

مشيعون حول جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ التي أصيبت برصاصة خلال اشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (رويترز)
مشيعون حول جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ التي أصيبت برصاصة خلال اشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (رويترز)
TT

نتنياهو يرفض نقل أسلحة للسلطة الفلسطينية... متجاهلاً طلباً أميركياً

مشيعون حول جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ التي أصيبت برصاصة خلال اشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (رويترز)
مشيعون حول جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ التي أصيبت برصاصة خلال اشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (رويترز)

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلباً من الولايات المتحدة بنقل أسلحة وذخيرة إلى السلطة الفلسطينية، على الرغم من عمليتها المستمرة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية والتي تعتبر إسرائيل أن نجاحها يمثل مصلحة أمنية لها.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن نتنياهو قرر صد الضغوط الأميركية، وحسم نقاشاً حول الأمر، معلناً أنه لن يتم نقل أي ذخيرة للسلطة الفلسطينية في رام الله، رغم طلب واشنطن. وأيّد نتنياهو توصية من رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، بعدم المصادقة على نقل أسلحة إلى السلطة، وأيّده في ذلك أيضاً وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

وجاءت مواقف نتنياهو والجيش المتطابقة على الرغم من أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً على تل أبيب من أجل نقل أسلحة إلى السلطة الفلسطينية، تشمل بنادق «كلاشينكوف» ومركبات مصفحة وذخيرة، باعتبار أن ذلك مهم من أجل مواصلة عملياتها في جنين، وتوسيعها لاحقاً إلى مناطق أخرى.

وتشن السلطة عملية في جنين ضد مسلحين في المخيم، كلفت الفلسطينيين خلال أيام معدودة 10 قتلى، نصفهم من الأجهزة الأمنية، وآخرهم الصحافية شذى الصباغ التي أصيبت برصاصة في الرأس؛ مما وسّع خطاب الكراهية والتحريض الداخلي.

وأعلن ناطق باسم الأجهزة الأمنية أن المسلحين هم الذين قتلوا الصباغ، في حين رد المسلحون باتهام الأجهزة الأمنية بتعمد قتلها. كما اتهمت عائلتها الأجهزة الأمنية بذلك، ونعتها نقابة الصحافيين الفلسطينيين، وطالبت بلجنة تحقيق مستقلة للوقوف على الحقيقة ومحاسبة القتلة.

وبدأت السلطة قبل نحو 3 أسابيع عملية واسعة في جنين ضد مسلحين في المخيم الشهير، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع منذ سنوات طويلة، ويفترض أن يطال مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة، لكن المسلحين في المخيم رفضوا تسليم أسلحتهم وأنفسهم؛ ما حوّل العملية إلى تكلفة بشرية ومثار جدل داخلي.

وتملك السلطة الفلسطينية أسلحة قديمة، في حين يملك المسلحون أسلحة شخصية أحدث. ودعمت حركة «فتح» العملية في جنين، في حين نددت بها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى.

وانتقل الخلاف الواسع إلى مواقع التواصل الاجتماعي بين فريق يؤيد عملية السلطة وآخر يعارضها، وتحول إلى مناسبة للتخوين والتهديد. ويخشى الفلسطينيون من أن تنتقل أحداث جنين المتوترة إلى مناطق أخرى في الضفة على غرار أحداث الاقتتال الفلسطيني الداخلي في عام 2007.

مسلحون خلال تشييع جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ في مخيم جنين (رويترز)

ومع تطور الخطاب العدائي الداخلي، دعت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان «ديوان المظالم الفلسطيني» إلى وقف خطاب الكراهية، ودعت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية التي تضم 135 منظمة غير حكومية بالضفة وغزة، إلى «اعتماد الحوار طريقاً لمعالجة أزمة جنين»، مؤكدة استعدادها للعب دور في إزالة العقبات التي تحول دون نزع فتيل التوتر.

وأعلنت شخصيات سياسية وعشائرية ووطنية وحقوقية ومؤسسات أهلية استعدادها للمساهمة في إطلاق مبادرة لاحتواء الموقف في جنين. وترفض السلطة وقف العملية حتى الآن، باعتبار أنها تستهدف «خارجين عن القانون يأتمرون بأمر إيران من أجل جرّ الضفة إلى الفوضى». كما ترفض «كتيبة جنين» تسليم سلاحها للسلطة بحجة أنها «تتقاسم دوراً وظيفياً مع إسرائيل ضد المقاومة».

وهددت السلطة بأنها ستسيطر على المخيم، في حين هدد المسلحون بأن ما فشلت فيه إسرائيل ستفشل فيه السلطة أيضاً. وتنظر السلطة إلى العملية باعتبارها اختباراً مهماً لاستعادة دورها في حفظ الأمن والسيطرة على الموقف. كما تراقبها إسرائيل باعتبارها دليلاً على التغير في المشهد في الضفة الغربية، في حين تعتبرها الولايات المتحدة اختباراً لقدرة السلطة على الحكم.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إنهم في إسرائيل يخشون من أن العملية بدأت تخرج عن السيطرة. وبحسب القناة، فإنهم في إسرائيل «يراقبون عن كثب تصرفات السلطة الفلسطينية في جنين، ووضعوا إنذاراً نهائياً في محادثات مغلقة مع كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وأبلغوهم أنه إذا لم تأخذ السلطة زمام الأمور ولم تتمكن من التصرف، فإن إسرائيل ستدخل إلى مخيم جنين وتتصرف». وترفض السلطة ربط العملية بإسرائيل، وتقول إنها مهمة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني، ولتجنيبه إبادة أخرى في الضفة الغربية.


مقالات ذات صلة

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

شؤون إقليمية مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بالتجاوب مع جهود تشكيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي جنود إسرائيليون يظهرون في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين في نابلس بالضفة الغربية (أرشيفية - أ.ب)

قتيل وتسعة جرحى بعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل شاب وإصابة تسعة فلسطينيين آخرين، بينهم أربعة جروحهم خطرة، في عملية نفّذها الجيش الإسرائيلي في مخيّم بلاطة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية أنصار حركة «فتح» يلوحون بالأعلام الفلسطينية وأعلام الحركة خلال مسيرة لدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس والأجهزة الأمنية الفلسطينية في مدينة جنين بالضفة الغربية

استمرار الاشتباكات والاتهامات في الضفة

عمَّقت السلطة الفلسطينية عمليتها في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وسط اشتباكات متصاعدة مع مسلحين بداخله.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي ضباط أمن فلسطينيون خلال مداهمة على مسلحين في مخيم جنين للاجئين (أرشيفية - د.ب.أ)

اشتباكات جنين تتواصل وتنذر بتوسع الانقسام الفلسطيني

بدأت السلطة قبل نحو 3 أسابيع عملية واسعة في جنين ضد مسلحين، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي آلية لقوات الأمن الفلسطينية في مخيم جنين (أ.ب)

مقتل ضابط من الحرس الرئاسي الفلسطيني بإطلاق نار في مخيم جنين

أعلن الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطينية العميد أنور رجب، اليوم (السبت)، مقتل ضابط في الحرس الرئاسي بإطلاق نار في مخيم جنين بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
TT

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)

عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «هزيمة» الجيش السوري والإطاحة بنظام بشار الأسد «جرس إنذار» لبلاده وقواتها المسلحة، مشدداً على ضرورة التركيز على العمل الإعلامي بموازاة العمل الدبلوماسي والميداني.

ودعا عراقجي في مؤتمر لقوات «الحرس الثوري» إلى التنسيق بين الأنشطة الميدانية لـ«الحرس» والمهام الدبلوماسية لوزارة الخارجية، وهي المرة الثانية التي يتحدث فيها عن ذلك في غضون أسبوع.

وقال إن جزءاً من نهج المقاومة هو «دبلوماسية المقاومة»، وأضاف في السياق نفسه: «الميدان والمقاومة يكملان بعضهما، ولا يمكن فصلهما عن بعض».

وأعرب عراقجي عن دعمه لأنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، قائلاً إن «الميدان بقوته يفتح الطريق للدبلوماسية»، وأضاف: «لقد شاهدنا تجسيداً عملياً للتعاون بين الميدان والدبلوماسية في الساحة السياسية للبلاد في الأشهر الأخيرة»، حسبما أوردت وسائل إعلام «الحرس الثوري».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وكان قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قد قال، الاثنين، إن «حزب الله» تمكّن من «فرض إرادته» على إسرائيل. وأضاف أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، وأردف في خطابه: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب».

وتطرق عراقجي إلى دور الجنرال قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري»، في توسيع أنشطة «الميدان»، خصوصاً دعم «جبهة المقاومة»، قبل مقتله في غارة جوية أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال عراقجي إنه «قام بتحويل مدرسة المقاومة إلى حركة وجبهة مقاومة، وهذه الحركة لا تزال قوية ومشرّفة في المنطقة وتواصل نضالها ضد الكيان الصهيوني والاستكبار».

وقال عراقجي: «لقد شهدت جبهة المقاومة خلال حياتها تطوراً مستمراً، ولا ينبغي لأعدائنا أن يعتقدوا أنه مع الضربات الأخيرة التي تلقوها، ستظهر ضعفاً في هذه الجبهة، بل على العكس، سيصبح هذا النهج أقوى وأكبر».

وأشار بذلك إلى مقتل قيادات جماعات «محور المقاومة»، على رأسهم حسن نصر الله، قائلاً إن مقتله سيجعل من حركة «حزب الله» في لبنان «أقوى وأكثر ثمراً».

وقال عراقجي إن «الضربة التي وُجهت للجيش السوري كانت إعلامية ونفسية قبل أن تكون عسكرية، وفي الواقع، الجيش السوري هُزم قبل أن يخوض المعركة ولم يتمكن من الصمود».

صورة نشرها عراقجي من تناوله العشاء في مطعم بدمشق على منصة «إكس» مطلع الشهر الحالي

وأضاف: «يجب أن تكون هذه الحادثة جرس إنذار لنا، وأن نكون حذرين من البيئة التي يسعى أعداؤنا لخلقها، وألا نسمح لهم بنشر الإحباط واليأس في البلاد».

ولفت إلى أهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على السردية الإيرانية، وقال: «إلى جانب الميدان والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».

ودفع مسؤولون إيرانيون وقادة «الحرس الثوري» بروايات متباينة، حول دوافع حضورهم العسكري في سوريا، بعد سقوط بشار الأسد.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

كان عراقجي آخر مسؤول إيراني كبير التقى الأسد علناً، قبل أيام من سقوطه، بينما كانت فصائل المعارضة السورية تتقدم من حلب باتجاه حمص ومدن سورية أخرى.

وبعد اللقاء، توجه عراقجي إلى مطعم قريب من السفارة الإيرانية في منطقة المزة، لتوجيه رسالة «أمان» من العاصمة السورية، في مسعى للتقليل من أهمية التقارير بشأن احتمال سقوط الأسد.

في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعا قائد «الحرس الثوري» إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا، وقال إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران»، وذلك بعدما تعرضت منشآت عسكرية في سوريا لضربات إسرائيلية متتالية.

وفي نهاية ديسمبر، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».