يعلون يتمسك باتهامه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب

نائب في الليكود يطالب بمحاكمة رئيس أركان الجيش الأسبق بتهمة الخيانة

TT

يعلون يتمسك باتهامه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب

فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

بعد أن رفض وزير الدفاع الأسبق في إسرائيل، موشيه يعلون، الذي شغل أيضاً منصب رئيس أركان الجيش، التراجع عن تصريحاته الحادة بأن بلاده تنفّذ في قطاع غزة عملية تطهير شعب، وزاد عليها تصريحاً جديداً قال فيه إن الجيش الإسرائيلي لم يعد «الأكثر أخلاقية في العالم»، وإنه يرتكب حالياً جرائم حرب ضد الإنسانية، توجه النائب إلياهو رفيفو من حزب الليكود إلى الشرطة يطالب باعتقال يعلون ومحاكمته بتهمة الخيانة، وقال إنه وأمثاله سرطان في جسم الدولة.

في الوقت نفسه، قرر رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، منع حضور يعلون في أي اجتماع أمني أو إلقاء محاضرات أمام الجنود.

وجاء هذا التوجه العدائي ليسجل أوجاً جديداً في العداء المستحكم ما بين اليمين المتطرف وقادة الجيش عموماً، والجنرالات المتقاعدين الذين يظهرون في الإعلام بشكل خاص. ويجعل الكثيرين منهم يقارنون بين تصرف هذا اليمين بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبين الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي قام بتطهير قيادة الجيش من خصومه واستبدل بهم جنرالات يذعنون لسياسته.

إلا أن موشيه يعلون، لم يتكلم في حينه باسم الجيش أو دفاعاً عن قيادته الحالية، بل تعتبر تصريحاته نقدية بشكل حاد وغير مسبوقة أيضاً للجيش، وليس فقط لنتنياهو. وعلى عكس الوضع في تركيا، فإن المعارضة الإسرائيلية التي يعمل معها يعلون ضد نتنياهو، لم تحتمل وصفه الحرب في غزة بأنها «تطهير عرقي»، وصُعقت تماماً من قوله إن الجيش يرتكب هناك جرائم حرب، وراحت تهاجمه بشدة. وبذلك حصل اليمين على وقود جديد للحطب الذي يسعون لحرق يعلون به.

لكن مدافعين عن يعلون يعتبرون أقواله بداية صحوة ضرورية وحيوية للمجتمع الإسرائيلي، الذي أغرقته الحرب وأعمته عن رؤية الجرائم التي تُرتكب في غزة. فالإسرائيليون، يميناً ويساراً، محافظين وليبراليين، سياسيين وعسكريين وإعلاميين، يرفضون رؤية ما يرتكب باسمهم بحق الفلسطينيين (في غزة وفي الضفة الغربية أيضاً) واللبنانيين. وباستثناء صحيفة «هآرتس» وبعض الإعلاميين، يمتنع الإسرائيليون حتى اليوم عن نشر معلومات عن القتل الجماعي للفلسطينيين المدنيين، بما في ذلك نحو 50 ألف قتيل أكثر من نصفهم أطفال ونساء ومسنون ومرضى.

والمشكلة الأكبر هي أن الجيش الإسرائيلي، الذي يقول قادته إن الحرب في غزة انتهت منذ زمن ويجب التوجه إلى صفقة، يواصل هذه الحرب بلا توقف وينفذ سياسة اليمين بمثابرة مذهلة. في كل يوم يقتل ويهدم ويدمر، بلا رحمة. ورئيس الحكومة ووزراؤه يطلقون تصريحات علنية في غاية الوضوح عن خططهم لترحيل أهل غزة وإعادة الاستيطان اليهودي فيها، فضلاً عن توسيع الاستيطان في الضفة الغربية.

ومن هذا المنطلق يبدو أن الغضب من يعلون أن أقواله جاءت بمثابة شاهد من أهل البيت. فهو ابن المؤسسة السياسية والعسكرية على السواء. تاريخه العسكري طافح بالعمليات الحربية، بما في ذلك ضد المدنيين الفلسطينيين. خدم في الجيش 37 عاماً، بينها قائد قوات الكوماندوز التابع للمظليين وقائد وحدة الكوماندوز المختارة «سييرت متكال». وهو الذي قاد بشكل مباشر عملية الكوماندوز التي تم فيها اقتحام تونس واغتيال خليل الوزير (أبو جهاد) فيها، وقد عُرف عنه أنه دخل البيت عندما كان أبو جهاد مطروحاً على الأرض، فأطلق عليه الرصاص مرة أخرى. ثم دخل إلى غرفة نومه، حيث كانت أم جهاد تحمل طفلها، وراح يطلق الرصاص بشكل هستيري على سقف الغرفة والجدران. وفي الانتفاضة الثانية، تم التقاطه وهو يهمس بأذن وزير الدفاع، أرئيل شارون: «حان الوقت للتخلص منه»، وكان يقصد اغتيال الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات.

لذلك؛ فإن يعلون يرى نفسه صاحب أكبر امتياز لإعطاء رأيه فيما يفعله الجيش الإسرائيلي، بيته الثاني، وربما الأول. وقد قرر أن يستخدم هذا الامتياز. ومن وجهة نظره، فإنه بقول هذه الحقائق يخدم أمن إسرائيل ومصالحها الاستراتيجية. وأكثر من ذلك. فعندما سأله المذيع آريه غولان في «هنا شبكة ب»، في هيئة البث، الاثنين، قال: «أنا أتمسك بما قلته، فنحن ننفذ تطهيراً عرقياً. أنا أتحدث باسم قادة عسكريين يعملون في شمال القطاع. هم الذين توجهوا لي وهم يخافون مما يحدث هناك. يعرّضون حياتهم للخطر ويضعونهم في معضلة أخلاقية، وفي نهاية المطاف هؤلاء سيكونون مكشوفين أمام دعاوى في المحكمة الدولية في لاهاي. أنا فقط قمت بوضع مرآة. (بتسليل) سموتريتش يتفاخر بأنه توجد أمامنا فرصة للتخلص من نصف مليون شخص من السكان. ماذا يسمى ذلك؟». وقال أيضاً: «يجب عليّ التحذير مما يحدث هنا وما يقومون بإخفائه عنا. في نهاية المطاف هم يرتكبون هنا جرائم حرب».


مقالات ذات صلة

ترحيب دولي باتفاق وقف النار في غزة

المشرق العربي فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)

ترحيب دولي باتفاق وقف النار في غزة

توالت ردود الفعل الدولية المرحبة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي معبر رفح الحدودي (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو للإسراع في إدخال المساعدات إلى غزة دون عراقيل

رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ ترمب وروبين في حدث انتخابي في كارولاينا الشمالية 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

روبيو... صقر جمهوري لمنصب وزير الخارجية

حرص ماركو روبيو، الذي اختاره دونالد ترمب لوزارة الخارجية في إدارته الجديدة، أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، على مهاجمة الصين.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي رجل يُلوح بالعلم الفلسطيني وسط أنباء عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

احتفالات في غزة باتفاق وقف إطلاق النار (صور)

احتفل آلاف الفلسطينين في قطاع غزة اليوم (الأربعاء) بإعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين بين اسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

إردوغان يطالب أوجلان بحل «العمال الكردستاني» ويرفض إطلاق سراحه

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يطالب أوجلان بحل «العمال الكردستاني» ويرفض إطلاق سراحه

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء (الرئاسة التركية)

أبدى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ترحيباً بالخطوات المتخذة على صعيد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان بهدف إنهاء الإرهاب في تركيا لكنه أكد أنه ليس من الوارد العفو عنه أو إطلاق سراحه ووضعه قيد الإقامة الجبرية.

وفي تعليق على الحوار الذي انطلق بمبادرة من حليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، لحل حزب «العمال الكردستاني» وإلقاء أسلحته وإنهاء الإرهاب في تركيا من خلال دعوى يطلقها أوجلان من خلال البرلمان التركي، مع الوعد بالنظر في إجراءات لإطلاق سراحه، قال إردوغان: في حال «إطلاق الدعوة اللازمة» واتخاذ المسلحين الخطوات اللازمة، فإن تركيا كلها ستفوز.

وأضاف إردوغان خلال كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء أنه «إذا لم تستجب المنظمة الإرهابية حزب (العمال الكردستاني) لمثل هذه الدعوة (حل الحزب)، وإذا لم تظهر الهياكل التابعة لها الإرادة المتوقعة منها، فإننا سنحقق هدفنا المتمثل في (تركيا من دون إرهاب)، من خلال وسائل أخرى... المنظمة الإرهابية تقترب من نهايتها».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء (الرئاسة التركية)

وتابع: «نحن لا نتراجع عن حل مشكلاتنا المزمنة بطريقة بناءة تجاه التطورات في المنطقة، هناك قضية إرهاب مستمرة منذ 40 عاماً، وشهدنا خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من التطورات، إذا استجابت المنظمة فإن ذلك سيكون لصالح الجميع الأتراك والأكراد والعرب والتركمان».

الحوار مع أوجلان

وقال الرئيس التركي «إن هدفنا هو إزالة حواجز الإرهاب وتعزيز روابط الأخوة، ورأينا الاتصالات التي أجريت في الفترة الأخيرة بعد المبادرة التي أطلقها السيد دولت بهشلي رئيس حزب (الحركة القومية) شريك (العدالة والتنمية) في (تحالف الشعب)، وكان موقف غالبية الأحزاب إيجابياً من خلال اللقاءات التي أجريت معها، الجميع، باستثناء بعض الأحزاب، (في إشارة إلى حزبي الجيد والنصر القوميين)، يدعمون تركيا خالية من الإرهاب، ويسعدنا أن نسمع أن الجهات الفاعلة الأخرى تتصرف أيضاً بروح المسؤولية».

وأجرى وفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» على مدى الأسابيع الماضية لقاءات بدأت بالاجتماع مع أوجلان في محبسه بسجن جزيرة إيمرالي في جنوب بحر مرمرة غرب تركيا، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكد خلاله الاستعداد لتوجيه النداء اللازم لـ«العمال الكردستاني» لإلقاء السلاح، على أن يشارك البرلمان والأحزاب السياسية في هذه العملية.

وأجرى الوفد المؤلف من نائبي الحزب، المؤيد للأكراد، لقاءات مع رئيس البرلمان نعمان كورتولموش وقادة وممثلي أحزاب البرلمان، وسياسيين أكراد سجناء، وينتظر أن يعقد لقاء ثانياً مع أوجلان.

مظاهرة لأنصار أوجلان للمطالبة بالإفراج عنه (رويترز)

ونفى إردوغان أن تكون العملية الحالية تتضمن عفواً عن أوجلان، الذي أمضى بالسجن 25 عاماً من عقوبة بالسجن مدى الحياة لتأسيسه وقيادته منظمة إرهابية، قائلاً: «لا يوجد شيء اسمه عفو، لا عفو عن قتلة الأطفال».

وقال إردوغان رداً على أسئلة لنواب الحزب الحاكم، عما إذا كان سيتم العفو عن أوجلان أو الإفراج عنه ووضعه تحت الإقامة الجبرية، إنه «لا يوجد شيء اسمه العفو أو الإقامة الجبرية، الرجل نفسه (أوجلان) لا يريد الخروج من السجن، من أين تأتي هذه الأشياء؟ لا عفو عن قتلة الأطفال».

انتقادات للمعارضة

على صعيد آخر، شن إردوغان هجوماً حاداً على زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، وحزبه، قائلاً إنهم لا يفهمون دور تركيا ولا سياستها الخارجية، ولا يجيد السيد أوزال سوى لعب الأوراق، ورفع «البطاقات الحمراء».

وقال: «لقد شهدنا في الأيام الأخيرة مرة أخرى مستوى المعارضة في بلادنا، عندما يتعلق الأمر بالكلمات، يقول السيد أوزال إنه يجلس في مقعد مصطفى كمال أتاتورك، لكن عندما نأتي إلى الأفعال نجده يتصرف بلا جدية، وكأننا لسنا أمام حزب كبير وإنما مسرحية في مدرسة ابتدائية».

أوزال ونواب حزب «الشعب الجمهوري» رافعين البطاقات الحمراء ضد إردوغان وحكومته في البرلمان التركي الثلاثاء (موقع الحزب)

وفي إشارة إلى حملة «البطاقة الحمراء» التي أطلقها أوزال بهدف إجبار إردوغان على الدعوة للانتخابات المبكرة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ومستوى المعيشة لغالبية الشعب التركي، قال إردوغان: «يقولون إنهم سيظهرون البطاقة الحمراء، لكنهم لا يعرفون شيئاً عن ذلك، هذه وظيفتنا».

وأضاف متهكماً: «(لعبة الورق) تناسب شخصية حزب (الشعب الجمهوري) أكثر لأنها لا تتطلب الكثير من الجهد والمتاعب، السابقون عاشوا حياة الفراشة، وتمكنوا من الاستمرار في ذلك لفترة أطول قليلاً، لكن لا ينبغي لهم أن ينجرفوا وراء هذه اللعبة كثيراً. فهي لها حيلها الخاصة، وخدعها، لديهم العديد من البدائل التي يمكنهم القيام بها باستخدام البطاقات».

وختم إردوغان: «ناخبو حزب (الشعب الجمهوري) هم الأكثر قدرة على تقييم الوضع المزري الذي وصل إلى مستوى المأساة».