محاكمة نتنياهو تُنقل إلى تل أبيب بسبب مخاوف من محاولة لاغتياله

جهاز «الشاباك» وإدارة المحاكم يؤكدان أن مخاوفه على حياته واقعية

صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

محاكمة نتنياهو تُنقل إلى تل أبيب بسبب مخاوف من محاولة لاغتياله

صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وراء القضبان خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في روما يوم 30 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

قدّم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الشاباك» وإدارة المحاكم، الاثنين، وجهة نظر مشتركة يؤكدان فيها مخاوف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أن تجري محاولة لاغتياله عند حضوره للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية في القدس. وأوصيا بنقل المحاكمة إلى قاعة آمنة في مقر المحكمة المركزية في تل أبيب.

وجاء في الطلب، الذي وقّع عليه مسؤولان كبيران في «الشاباك» وفي إدارة المحاكم، تأكيد رسمي على أن مخاوف نتنياهو على حياته صحيحة وواقعية. وكما ورد في نص الرسالة الموجهة إلى المحكمة: «بعد أن درسنا التهديدات المختلفة استناداً إلى معلومات ذات علاقة، ومن ضمنها معلومات وصلت من الجيش الإسرائيلي، واستناداً إلى تقرير مستشار في الحماية الأمنية الذي جرى في الموضوع، فإن موقف (الشاباك) هو أنه يجب الامتناع عن عقد جلسات الاستماع لشهادة رئيس الحكومة، في هذه الفترة، في المحكمة المركزية في القدس، رغم وجود منطقة آمنة في طوابق المبنى».

وأضاف الطلب أنه خلال مداولات بين «الشاباك» وإدارة المحاكم «جرى استعراض معلومات بمستوى (سري للغاية) تتعلق بتهديدات على رئيس الحكومة، على إثر حرب (السيوف الحديدية) (الحرب على غزة ولبنان)، وتضع تحديات تتعلق بحراسته». وأشار طلب «الشاباك» إلى أن «إدارة المحاكم أوصت بإجراء المداولات في شهادة رئيس الحكومة في قاعة محصنة تحت سطح الأرض في المحكمة المركزية في تل أبيب، وهذه التوصية مقبولة لـ(الشاباك)».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في صورة تعود إلى 27 سبتمبر الماضي خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

وكان محامي الدفاع عن نتنياهو، في محاكمته بقضايا الفساد، قد طرح مسألة الخطر على حياة موكله مرات عدة، وزاد إلحاحاً عندما أقدم عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي السابقين على إطلاق ألعاب نارية على بيته في قيسارية في الشهر الماضي، ضمن الاحتجاج على سياسته التي يقول معارضوه إنها تعرقل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، وتهدد بالانقلاب على منظومة الحكم. ومع أنهم اعتبروا تصرفهم «احتجاجاً شرعياً قصدنا فيه الإثارة وليس القتل»، فقد عدّته نيابة الدولة تهديداً خطيراً لحياة رئيس الحكومة لا يجوز التساهل فيه، ووجهت لهم تهمة أمنية قد تصل عقوبة الحكم فيها إلى السجن 20 سنة.

لكن الاستخبارات لم توضح إن كان الخطر على حياة نتنياهو قادماً من معارضين إسرائيليين أو من جهات خارجية، علماً بأن طائرات مسيّرة أطلقت من لبنان استهدفت هي أيضاً بيت نتنياهو. وقد طلب محامي الدفاع، عميت حداد، من المحكمة ألا تستخف بالخطر على موكله، وقال ساخراً: «أذكّركم بأن الحديث يجري عن رئيس حكومة إسرائيل المنتخب. وقد سبق أن قتل رئيس حكومة في إسرائيل (إسحاق رابين)». وطلب أن يجري تأجيل المحكمة حتى تنتهي الحرب. وعندما رفض القضاة الطلب تقدم بطلب ثانٍ لتأجيلها 15 يوماً. وأعلنت المحكمة المركزية في القدس، يوم الثلاثاء الماضي، عن موافقتها بشكل جزئي على الطلب الثاني، وقررت تأجيل بدء الاستماع لشهادته في ملفات الفساد المتهم بها، لمدة أسبوع.

وبناءً عليه حددت جلسة الاستماع لشهادة نتنياهو في 10 الشهر الحالي (يوم الثلاثاء المقبل). وستستمر 3 أيام في الأسبوع، كل مرة 7 ساعات. وعدَّ محامي نتنياهو هذه الكثافة من المداولات ظرفاً يهدد بتسهيل خطورة الاعتداء، فقررت المحكمة سماع رأي «الشاباك». وقد جاءت وجهة نظر «الشاباك»، الاثنين، لتسند موقف نتنياهو بأن حياته في خطر، ولكن مع رفض تأجيل المحاكمة وطرْح بديل يوفر له الحماية من خلال نقل محاكمته إلى تل أبيب. وتوقعت مصادر قضائية أن يفتش نتنياهو الآن عن حجة أخرى يتذرع بها لطلب تأجيل المحاكمة من جديد.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة إسرائيلي من قطاع غزة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د. ب. أ)

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة إسرائيلي من قطاع غزة

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، أن إسرائيل استعادت خلال عملية خاصة جثة رهينة إسرائيلي خطف في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم العربي قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة

أعلن مسؤول في «حماس» وآخر من «فتح» أن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب بين حركة «حماس» وإسرائيل، المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 00:22

نتنياهو يشكر ترمب على تصريحه القوي بشأن الرهائن

شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على «تصريحه القوي بشأن الرهائن».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة لسارة نتنياهو خلال اللقاء مع ترمب نشرتها مارغو مارتن على موقع «إكس»

تقرير: سارة نتنياهو أثارت قضية الرهائن خلال لقاء مع ترمب في منتجعه

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تناول العشاء، مساء الأحد، مع سارة زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجعه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هجوم جديد للمستوطنين في الضفة بعد إلغاء الاعتقال الإداري

سيارة محترقة في قرية حوارة بالقرب من مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين إسرائيليين الأربعاء
سيارة محترقة في قرية حوارة بالقرب من مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين إسرائيليين الأربعاء
TT

هجوم جديد للمستوطنين في الضفة بعد إلغاء الاعتقال الإداري

سيارة محترقة في قرية حوارة بالقرب من مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين إسرائيليين الأربعاء
سيارة محترقة في قرية حوارة بالقرب من مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين إسرائيليين الأربعاء

هاجم مستوطنون قرى فلسطينية في شمال الضفة الغربية، وأضرموا النار في منازل ومركبات ومحالّ تجارية، في أحدث هجوم ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات التي تكثفت منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

وأحرق المستوطنون، الأربعاء، منازل ومركبات ومحالّ تجارية في بلدتي حوارة وبيت فوريك، القريبتين من نابلس. وفوجئ سكان القرى هناك بهجوم مُباغت لعشرات المستوطنين، الذين أضرموا النار في كل مكان استطاعوا الوصول إليه. وأظهرت صور من المكان النيران تلتهم أحد المنازل وأحد المحال وسيارات في حوارة، التي تحولت إلى شاهد على الهجمات الدامية للمستوطنين، إذ كانت قد تعرضت عام 2023 لهجوم واسع قُتل فيه سامح أقطش، وأُصيب نحو 100 مواطن بجروح، في حين كانت النيران تلتهم مساحات من القرية.

وكثّف المستوطنون هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة، منذ فوز ترمب، في محاولة، فيما يبدو، لفرض واقع جديد يقوم على ضم الضفة وإعلان السيادة الإسرائيلية عليها، وهو أمر أصبحت الحكومة الإسرائيلية تعتقد أنه أصبح متاحاً، العام المقبل، بعد تسلم ترمب السلطة.

جنود إسرائيليون يعاينون مكاناً هاجمه المستوطنون في قرية حوارة قرب نابلس الأربعاء (إ.ب.أ)

ومنذ فوز ترمب، أطلق الإسرائيليون سيلاً من التصريحات حول إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة، بما في ذلك تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي انضم إلى وزرائه المُنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، العام المقبل، وقال إنه ينبغي «إعادة مسألة فرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إلى جدول الأعمال».

وعملياً، ثمة خطة جاهزة في إسرائيل منذ عام 2020، في إطار «صفقة القرن» التي وضعها الرئيس ترمب، تستهدف فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة بالضفة وليس كل الضفة، ويشمل ذلك منطقة الأغوار الحدودية، وجميع مستوطنات الضفة الغربية، في المنطقة «ج».

ويوجد في الضفة، بشكل عام، نحو 144 مستوطنة رسمية، وأكثر من 100 بؤرة استيطانية، تجثم على نحو 42 في المائة من مساحة الضفة (المستوطنات ومناطق نفوذها)، ويعيش فيها نحو 600 ألف مستوطن.

ويرتكب المستوطنون المتطرفون أعمال إرهاب بشكل منتظم في البلدات الفلسطينية بالضفة الغربية، منذ سنوات؛ في محاولة لتوسيع المستوطنات ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة، لكن الهجمات الجديدة تكتسب أهميتها في أنها تأتي في سياق محاولة إقامة «دولة المستوطنين»، مستعينين بترمب وفريقه.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن استمرار هذه الهجمات الإرهابية من قِبل المستعمرين، بدعم وحماية قوات الاحتلال، والتي وصلت إلى نحو 30 هجوماً إرهابياً، خلال أقل من شهر، تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأميركية التي توفر الدعم الكامل لسلطات الاحتلال، وتمنع عنها المحاسبة الدولية. وأضاف: «إن الإرهاب الإسرائيلي، الذي يرتكبه المستعمرون بحق شعبنا وأرضنا، يتطلب موقفاً دولياً حازماً يتجاوز العجز الدولي عن تطبيق القانون الدولي».

جنود إسرائيليون يعاينون مكاناً هاجمه المستوطنون في قرية حوارة قرب نابلس الأربعاء (إ.ب.أ)

وقال محافظ نابلس، غسان دغلس، إن هجمات المستوطنين «تأتي ضمن سياسة الاحتلال المُمنهجة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في قرانا وبلداتنا... الاحتلال ومستعمروه يسعون لإرهاب السكان، ودفعهم إلى مغادرة بيوتهم وأراضيهم، عبر شن هذه الاعتداءات المتكررة».

وتحميل الولايات المتحدة مسؤولية هجمات المستوطنين جاء على الرغم من أنها اتخذت إجراءات عقابية بحق مستوطنين وكيانات، وطالبت إسرائيل بإجراء محاكمات لهم. وفي محاولة لإرضاء الولايات المتحدة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته اعتقلت عدداً من المستوطنين الإسرائيليين؛ لقيامهم بأعمال شغب ومهاجمة فلسطينيين في شمال الضفة، ليل الثلاثاء وصباح الأربعاء. وقال بيان للجيش إن قوات من الإدارة المدنية وحرس الحدود عملت، خلال الليل، على هدم بؤرة استيطانية غير قانونية، بالقرب من قرية بيت فوريك الفلسطينية، القريبة من نابلس، وبعد ذلك بوقت قصير اقتحم مستوطنون بيت فوريك، وأضرموا النيران في ممتلكات بالمنطقة، وألقوا الحجارة على القرية، ثم نفذوا هجوماً في بلدة حوارة القريبة، حيث أشعلوا النار في ممتلكات، وقاموا بإلقاء الحجارة. ووفق بيان الجيش الإسرائيلي، فإنه «جرى تفريق الحوادث، واعتقال عدد من الإسرائيليين»، وتسليمهم للشرطة؛ لمزيد من التحقيق. وقدرت هيئة البث الإسرائيلية «كان» عدد الاعتقالات بستة، لكن الفلسطينيين ومنظمات حقوقية يقولون إن الاعتقالات شكلية.

وتعترف إسرائيل بأن الملاحقة القضائية في مثل هذه الحالات نادرة بشكل خاص. وتدعم الحكومة الاستيطان في الضفة الغربية، لذا أنهى وزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، سياسة الاعتقال الإداري (المستخدمة لاحتجاز مشتبَه بهم دون توجيه اتهامات رسمية لهم) ضد المتطرفين الإسرائيليين في الضفة.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن كاتس ألغى الاعتقال الإداري الأول ضد مستوطن يقيم في مستوطنة بالضفة. وتسري صلاحية الأمر الأصلي لمدة ستة أشهر حتى منتصف مارس (آذار) المقبل. والآن مع إلغاء الأمر، من المتوقع أن يجري إطلاق سراح المستوطن من اعتقاله الإداري، في وقت مبكر من يناير (كانون الثاني) المقبل، أو حتى قبل ذلك. واستخدم الوزير كاتس سلطته، بموجب القانون، وأمر بإلغاء الأمر منذ نحو أسبوعين. وقال كاتس إنه لن يوقِّع بعد الآن على اعتقالات إدارية ضد المستوطنين.

وثمة حماس منقطع النظير في إسرائيل منذ فوز ترمب، زاده اختياراته أعضاء فريقه. ويحتفل اليمين الإسرائيلي بفريق ترمب، بوصفه منحازاً بشكل حاد لإسرائيل ويصفونه بأنه «الطاقم الأكثر تأييداً للاستيطان منذ سنة 1967».