«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

«تقرير سري» يكشف نصب 6 آلاف جهاز في مفاعلَي «فوردو» و«نطنز»

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، أن الضربات التي وجهتها بلاده إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها مستقبلا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته اليوم (إرنا)

قائد «الحرس الثوري»: لم نفقد أذرعنا الإقليمية

دافع قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي عن انسحاب قواته من سوريا، وتحدث عن «تغيير الاستراتيجيات بما يتناسب مع الظروف»، نافياً أن تكون طهران قد فقدت أذرعها الإقليمية

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً لنائب الرئيس محمد رضا عارف حول عمل أجهزة الطرد المركزي الأسبوع الماضي (الذرية الإيرانية)

الأوروبيون للأمم المتحدة: مستعدون لتفعيل «سناب باك» مع إيران

أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل آلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خيارات لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية استباقية، مما يشكل خرقاً للسياسة الأميركية القائمة على احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن فريق ترمب الانتقالي يناقش تداعيات ضعف موقف إيران الإقليمي وسقوط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تدمير إسرائيل لميليشيات مثل «حزب الله» و«حماس».

وقال مسؤولون انتقاليون إن ضعف موقف إيران الإقليمي، والكشف عن تقدم الجهود النووية لطهران، قد أديا إلى تفاقم المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، لا تزال جميع المداولات حول هذه القضية في المراحل المبكرة.

تساؤلات حول نوع الضغوط التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وقال شخصان مطلعان على محادثاتهما، إن ترمب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية حديثة، بأنه قلق بشأن اندلاع حرب نووية إيرانية في عهده، مما يشير إلى أنه يبحث عن مقترحات لمنع هذه النتيجة.

ويريد ترمب خططاً تتوقف عن إشعال حرب جديدة، خصوصاً تلك التي يمكن أن تجرَّ الجيش الأميركي، حيث إن الضربات على المنشآت النووية في طهران لديها القدرة على وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادم.

وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وحده لبناء 4 قنابل نووية، مما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج 60 في المائة من المواد الانشطارية التي تقترب من درجة الأسلحة، ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتحويل هذا المخزون إلى وقود نووي صالح للأسلحة.

وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق، إن الأمر قد يستغرق من إيران أشهراً عدة لنشر سلاح نووي.

وقال أشخاص مطلعون على التخطيط إن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يبتكر ما يطلق عليها استراتيجية «الضغط الأقصى 2» ضد النظام الإيراني، وهي استكمال لنهجه في فترة ولايته الأولى، الذي ركز على العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وهذه المرة، يقوم الرئيس المنتخب ومساعدوه بوضع خطوات عسكرية يمكن أن تكون محوريةً لحملته المناهضة لطهران، وإن كانت لا تزال مقترنةً بعقوبات مالية أكثر صرامة.

قال 4 أشخاص مطلعون على التخطيط إن خيارين ظهرا في المناقشات، بما في ذلك في بعض المحادثات التي جرت مع ترمب.

وأحد المسارات، الذي وصفه شخصان مطلعان على الخطة، يتضمَّن زيادة الضغط العسكري من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية والطائرات الحربية والسفن إلى الشرق الأوسط، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً بيع أسلحة متقدمة لإسرائيل، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، مما يعزز قوتها الهجومية لإخراج المنشآت النووية الإيرانية عن الخدمة.

والتهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والتي تنجح في شلِّ الاقتصاد الإيراني، قد يقنع طهران بأنه لا يوجد خيار سوى حل الأزمة دبلوماسياً.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

والمسار البديل هو السعي إلى استخدام التهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة؛ لدفع طهران إلى قبول حل دبلوماسي، وهذه هي الاستراتيجية التي استخدمها ترمب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، على الرغم من تعثر الدبلوماسية في نهاية المطاف.

وليس من الواضح أي خيار سيختاره ترمب، الذي تحدَّث عن تجنب حرب عالمية ثالثة، والتوسط في صفقات مع طهران.

في حين أصرَّ ترمب على أنه يسعى إلى تجنب التصعيد الهائل في الشرق الأوسط، فإنه قال لمجلة «تايم»، في مقابلة نُشرت يوم الخميس، إن هناك فرصةً لأن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن طهران خطَّطت لاغتياله، وقال: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب للغاية».

ولم يقم بعض المسؤولين الجدد في الإدارة بعد بإبداء رأيهم الكامل في هذه القضية، وقد تتغير المقترحات المتعلقة بإيران مع تولي المسؤولين الحكوميين مناصبهم، وتوافر المعلومات السرية، وعقد المناقشات مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.

والأمر الحاسم هو أن ترمب نادراً ما يخوض بعمق في التفاصيل المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية حتى يتم تقديم خيارات نهائية له ويجب اتخاذ قرار، كما يقول مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إجراء 3 مكالمات مع ترمب، قال نتنياهو إنهما «يتفقان على التهديد الإيراني في جميع مكوناته، والخطر الذي يشكِّله».

وقال مسؤولون سابقون إن ترمب درس فكرة توجيه ضربات استباقية للبرنامج النووي الإيراني نحو نهاية ولايته الأولى، بعد وقت قصير من كشف المفتشين الدوليين عن نمو مخزون إيران من المواد النووية لكن ترمب، الذي كان من بين القادة الذين عارضوا بشدة، لم يعلق على هذا الأمر.

وبعد أن ترك منصبه، نفى منذ ذلك الحين أنه فكَّر في العمل العسكري بجدية، مدعياً أن كبار مساعديه وضعوا خطط حرب ودفعوه إلى تفويض ضربة.

وقال مساعدو ترمب والمقربون منه، الذين يدعمون الخيارات العسكرية لولايته الثانية، إن الفكرة الرئيسية ستكون دعم الضربات الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؛ مثل «فوردو» و«أصفهان»، وربما حتى مشاركة الولايات المتحدة في عملية مشتركة.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

يقول كثير من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إن هناك شكوكاً كبيرة حول مدى نجاح إسرائيل في شن هجوم منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، وبعضها مدفون عميقاً تحت الأرض.

ومع ذلك، يصرُّ بعض حلفاء ترمب على أن الأشهر الأولى من عودته إلى منصبه تُقدِّم له فرصةً نادرةً لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، بينما النظام في وضع ضعيف.

وفكرت إسرائيل لسنوات في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تفعل ذلك، جزئياً؛ بسبب الحذر الأميركي ضدها.

وفي عام 2012، حذَّرت إدارة أوباما نتنياهو من شن هجمات، بينما كانت إيران تبني برنامجها النووي قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت إدارة بايدن باستمرار إنها تسعى إلى حل دبلوماسي للتقدم النووي الإيراني.

ستكون المناقشات حول ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية مختلفًة هذه المرة.

وقال غابرييل نورونها، الذي عمل على ملف إيران في وزارة الخارجية خلال إدارة ترمب الأولى: «هناك دعم قوي لإسرائيل لاتخاذ إجراء عسكري كما تراه في مصلحتها، ولا تملك إيران مساحةً كبيرةً قبل أن تصل إلى الخطوط الحمراء لإسرائيل، ولا تزال تبدو عازمة على التصعيد أكثر».

ويقول المسؤولون في فريق ترمب إنهم ينوون فرض العقوبات الحالية وفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك إعادة تصنيف الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ومنع الدول التي تشتري النفط الإيراني من شراء الطاقة الأميركية.

لكن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود أكثر من زيادة الضغوط الاقتصادية والمالية؛ لأن إيران «تحاول بنشاط قتل الرئيس ترمب، وهذا يؤثر بالتأكيد في تفكير الجميع عندما يتعلق الأمر بما ستكون عليه العلاقة في المستقبل».

وقدمت إيران للولايات المتحدة تأكيدات بأنها لن تغتال ترمب رداً على أمره الصادر في عام 2020 بقتل الجنرال قاسم سليماني، وهو العمل العسكري الأكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة ضد إيران منذ سنوات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أنه منفتح على المحادثات الدبلوماسية مع إدارة ترمب المقبلة، التي تصرُّ على أنه لا يمكن مواجهة شبكة وكلاء طهران بالكامل ما لم يتم حرمان إيران من الموارد الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول: «إنها رأس الأخطبوط. لن نحلَّ كل هذه القضايا حيث هي. سنحلها في كيفية تعاملنا مع طهران».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد يستجيب لرغبة ترمب في إبرام اتفاقات رفيعة المستوى، فقد كتب جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في مجلة «فورين أفيرز»، الأسبوع الماضي: «بزشكيان يأمل في إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي... وربما أكثر».

ولكن النهج الدبلوماسي له عيوبه. يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط، وأخبروا المسؤولين الأوروبيين في جنيف، الشهر الماضي، بأنهم لن يتخذوا أي خطوات أحادية الجانب لتقليص برنامجهم النووي.

وفقاً لتقديرات استخباراتية أميركية، صدرت الأسبوع الماضي، تمتلك طهران بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 12 قنبلة نووية، وعلى الرغم من أن إيران لا تبني قنبلة حالياً، فإن التقرير قال إنها مستعدة بشكل أفضل للقيام بذلك بفضل الأبحاث التي أجرتها في الأشهر الأخيرة.

لقد أوضح المسؤولون الإيرانيون، منذ فترة طويلة، أن رد فعلهم على أي ضربة سوف يكون طرد مفتشي الأمم المتحدة، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تلزم إيران بوقف برنامجها النووي.

والدولة الوحيدة التي فعلت ذلك هي كوريا الشمالية، التي بدأت في إنتاج الأسلحة النووية سراً، وهو المسار الذي لمَّحت طهران إلى أنها قد تسلكه.