إيران: لن نتفاوض بشأن البرنامج النووي «تحت الضغط والترهيب»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يلتقي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران (الخارجية الإيرانية)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يلتقي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران (الخارجية الإيرانية)
TT

إيران: لن نتفاوض بشأن البرنامج النووي «تحت الضغط والترهيب»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يلتقي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران (الخارجية الإيرانية)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يلتقي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران (الخارجية الإيرانية)

استقبل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، في طهران، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، لإجراء مباحثات بشأن برنامج طهران النووي، وفق صور بثّتها وكالة «إرنا» الرسمية.

وذكرت «إرنا» أن «رافائيل غروسي الذي وصل إلى طهران الليلة الماضية (الأربعاء) على رأس وفد للتفاوض مع كبار المسؤولين النوويين والسياسيين في البلاد، التقى وزير الخارجية عباس عراقجي»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ووصف غروسي الاجتماع على منصة «إكس» المحظورة في إيران بأنه «ضروري». وشغل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عام 2015 منصب كبير المفاوضين عن الجانب الإيراني في المحادثات النووية مع القوى العظمى.

من جهته، كتب عراقجي على المنصة نفسها: «اتفقنا على التصرف بشجاعة وحسن نية»؛ لكنه أكّد في الوقت ذاته أن إيران لن تتفاوض «تحت الضغط والترهيب» بشأن برنامجها النووي.

كذلك، التقى غروسي الذي وصل إلى طهران مساء الأربعاء، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، ومن المقرر أن يجتمع أيضاً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وفقاً لوكالة «إرنا».

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الخميس، إن المحادثات مستمرة مع إيران من أجل اتخاذ «إجراءات ملموسة»، مشدداً على ضرورة إتاحة الفرصة للوكالة للتحقّق من صحة المعلومات حول نشاط طهران النووي.

وأضاف غروسي، في مؤتمر صحافي مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في طهران، أنه يسعى لأن تكون زيارته الحالية لإيران «مثمرة» في ظل الظروف الحالية بالمنطقة.

ونقل عنه التلفزيون الإيراني الرسمي القول: «نحن اليوم في طهران للتوصل إلى حل مناسب للمشكلات القائمة».

من جانبه، قال إسلامي: «أجرينا مباحثات مثمرة وإيجابية مع غروسي». وحذّر المسؤول الإيراني من أن «صدور أي قرار تحت ضغط الآخرين سيواجه رداً فورياً، ولن نسمح لأحد بأن يضغط علينا». وتُعدّ هذه المحادثات إحدى الفرص الأخيرة للدبلوماسية قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. واعتمد الجمهوري خلال ولايته الأولى (2017 - 2021) سياسة «ضغوط قصوى» حيال إيران، تمثّلت على وجه الخصوص بالانسحاب الأحادي عام 2018 من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي.

وأُبرم «الاتفاق النووي» بين طهران وست قوى كبرى عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.

إلا أن ترمب أعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة بعد انسحابه من الاتفاق في 2018، وردّت طهران ببدء التراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو وتوسيع برنامجها النووي بشكل كبير.

ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3.67 في المائة، وهو السقف الذي حدّده «الاتفاق النووي»، إلى 60 في المائة، وهو المستوى القريب من 90 في المائة المطلوب لتطوير سلاح ذري.

البحث عن حلول

وكانت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قالت، الأربعاء، إن «الولايات المتحدة وليس إيران مَن انسحب من الاتفاق»، مشيرة إلى أن سياسة «الضغوط القصوى» التي مارسها دونالد ترمب «لم تكن فعّالة».

وبعد زيارته الأولى التي أجراها إلى إيران في مايو (أيار)، يعود غروسي إليها في ظل مناخ من التوتر الحاد بين إيران وإسرائيل، وبعد يومين من تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن طهران باتت «أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية».

وتتهم إسرائيل منذ سنوات إيران بالسعي لحيازة السلاح النووي، وهو ما تنفيه طهران التي تتهم بدورها الدولة العبرية بالوقوف خلف عمليات اغتيال علماء وتخريب منشآت نووية.

وتبادل العدوان اللدودان، خلال الأشهر الماضية، ضربات مباشرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع بينهما، وذلك على خلفية الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد تنظيمين حليفين لطهران، هما: حركة «حماس» في قطاع غزة، و«حزب الله» في لبنان.

وأثار ذلك مخاوف من انخراط إيران وإسرائيل في حرب مباشرة بعد أعوام من العمليات الخفية وضربات غير مباشرة في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط.

وأثار فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأميركية مخاوف من تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

وقال غروسي، الثلاثاء، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على هامش مؤتمر «كوب 29» للمناخ الذي تستضيفه باكو، إن على السلطات الإيرانية «أن تفهم أن الوضع الدولي يزداد توتراً، وأن هوامش المناورة بدأت تتقلّص، وأن إيجاد سبل للتوصل إلى حلول دبلوماسية هو أمر ضروري».

كميات كبيرة من المواد النووية

وقال غروسي، في مقابلة الثلاثاء، مع قناة «سي إن إن» الأميركية، إن الإيرانيين «يملكون كميات كبيرة من المواد النووية التي يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة نووية»، مضيفاً: «ليست لديهم أسلحة نووية في هذه المرحلة».

وخفّضت إيران من تعاونها مع «الوكالة» منذ عام 2021، وأزالت بعض كاميرات المراقبة من المنشآت، وسحبت اعتمادات عدد من مفتشيها.

وتعود جذور البرنامج النووي الإيراني إلى خمسينات القرن الماضي حين وقّعت واشنطن اتفاق تعاون مع طهران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. وفي السبعينات، صادقت إيران على معاهدة الحد من الانتشار النووي.

ومع تصاعد التوتر الإقليمي، بدأت بعض الأصوات في طهران تطرح بشكل علني إمكان إعادة النظر في العقيدة النووية. وحضّ أعضاء في مجلس الشورى (البرلمان) المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسة العليا للجمهورية، على إعادة النظر في فتواه بشأن السلاح النووي.

ويعدّ خامنئي، في فتواه التي نُشرت للمرة الأولى عام 2010، استخدام أسلحة الدمار الشامل «حراماً، ونرى السعي لحماية أبناء البشر من هذا البلاء الكبير واجباً على عاتق الجميع». وغالباً ما يعدّ المسؤولون الإيرانيون أن هذه الفتوى هي بمثابة ضمانة لسلمية البرنامج النووي.


مقالات ذات صلة

على غرار البيجر... إيران تكتشف جهازاً مفخخاً في برنامجها النووي

شؤون إقليمية ظريف على هامش اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

على غرار البيجر... إيران تكتشف جهازاً مفخخاً في برنامجها النووي

كشفت إيران عن إحباط عمل تخريبي في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، بواسطة عمود «مفخخ» لأجهزة الطرد المركزي.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)

الجيش الإيراني يدشن مدمرة للرصد المخابراتي

أعلنت البحرية الإيرانية عن تدشين أول مدمرة للرصد المخابراتي ورصد الذبذبات، وذلك بعد أيام قليلة من تسلم الجيش ألف طائرة مسيرة جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من مقابلة بزشكيان مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية

بزشكيان: مستعدون للتفاوض مع ترمب ولم نخطط لاغتياله

حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الولايات المتحدة من خطر اندلاع حرب ضد الجمهورية الإسلامية، معلناً استعداد طهران للتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب (أ.ف.ب)

دعوات لترمب لاستثمار «فرصة فريدة» لردع إيران

أوصى تقريران جديدان الرئيس دونالد ترمب باتخاذ خطوات جذرية لإعادة فرض أقصى العقوبات على نظام الحكم في إيران واستغلال حالة الضعف التي يعاني منها.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية بزشكيان ونائبه محمد رضا عارف خلال اجتماع الحكومة... الأحد (الرئاسة الإيرانية)

إيران توجه رسالة «خفض تصعيد» للغرب قبيل اتفاق استراتيجي مع روسيا

يوجِّه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مساء الأربعاء، «رسالة مهمة» لإجراء مفاوضات «عادلة»، قبل ساعات من التوجه إلى موسكو، حيث سيوقِّع مع بوتين اتفاق شراكة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

صفقة غزة: بن غفير يهدد نتنياهو بالاستقالة... ولابيد «يمنحه الأمان»

بنيامين نتنياهو في حديث مع إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)
بنيامين نتنياهو في حديث مع إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

صفقة غزة: بن غفير يهدد نتنياهو بالاستقالة... ولابيد «يمنحه الأمان»

بنيامين نتنياهو في حديث مع إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)
بنيامين نتنياهو في حديث مع إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)

أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، اليوم الخميس، أنه سيستقيل من الائتلاف الحكومي بزعامة بنيامين نتنياهو في حال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في الوقت الذي كشفت فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو سيجتمع مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإقناعه بعدم الانسحاب من الحكومة.

وقال بن غفير، وهو أيضاً زعيم حزب «عوتسما يهوديت» اليميني المتطرف، إنه وحزبه سيستقيلان من الكنيست إذا تمت المصادقة على الاتفاق، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق سيقضي على ما تحقق من إنجازات بفضل الحرب على غزة.

ودعا بن غفير إلى «وقف كامل» لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بهدف الضغط «للإفراج عن الرهائن» المحتجزين في القطاع.

وقالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن المؤشرات تتجه إلى أن مجلس الوزراء الأمني المصغر والحكومة بكاملها سيصادقان على اتفاق غزة حتى لو صوت سموتريتش وبن غفير ضده.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة قد تحاول استرضاء سموتريتش بالتأكيد على استمرار الحرب ضد حركة «حماس» حتى تدميرها عسكرياً، فضلاً عن قرارات أخرى «بتدمير الإرهاب في الضفة الغربية».

من جانبه، عرض زعيم المعارضة يائير لابيد على نتنياهو «شبكة أمان سياسية» لحماية الائتلاف الحكومي من الانهيار في حالة انسحاب بن غفير منه، رداً على إقرار اتفاق غزة.

ونقلت «تايمز أوف إسرائيل» عن لابيد قوله لنتنياهو إن «الصفقة التي تم التوصل إليها لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين في غزة أكثر أهمية من أي خلاف حدث بيننا».

وقالت صحيفة «هآرتس» إن وفداً إسرائيلياً سيتوجه إلى القاهرة، غداً الجمعة، للتنسيق اللوجيستي، تمهيداً للبدء في تنفيذ الاتفاق.

وتوصلت إسرائيل وحركة «حماس» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل المحتجزين أُعلن عنه، أمس الأربعاء، بعد مفاوضات شاقة توسطت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل.