«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

أحدثها يسمح بترحيل عائلات المتهمين بـ«الإرهاب» إلى غزة

احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)
احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)
TT

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)
احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى التخلص من القوانين الظلامية ذات الطابع «العنصري، أو العرقي، والتي تكمم الأفواه»، يواصل ائتلاف اليمين الحاكم في إسرائيل سن تشريعات خاصة ضد المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 1948) بهدف ترهيبهم وتكريس اضطهادهم.

والحلقة الأحدث من تلك القوانين جاءت في مصادقة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، فجر الخميس، بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون يقضي بـ«معاقبة أفراد عائلات من مواطني إسرائيل العرب بجريرة مخالفات أمنية لم يقترفوها وترحيلهم إلى غزة»، أو إلى وجهة ترحيل أخرى يحددها وزير الداخلية الإسرائيلي، حسب الظروف.

ويلاحظ أن هذه القوانين تُطرح أيام الأربعاء، الذي يعد آخر يوم عمل في كل أسبوع، للهيئة العامة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ويكون التداول فيها طويلاً، ويمتد إلى ساعات الفجر الأولى، من أيام الخميس.

ويتعلق القانون الأحدث بمعاقبة عائلات مواطنين، حال قيام أحد أفرادها بتنفيذ عملية مسلحة ضد إسرائيليين، فبالإضافة إلى معاقبة منفذ العملية نفسه، ينص القانون الجديد على معاقبة أهله؛ والدته أو والده أو شقيقه أو أيٍّ من أقاربه، ممن يُشتبه بأنه كان على علم مسبق بنية الشخص تنفيذ العملية، ولم يبذل كل الجهود اللازمة لمنعه.

لماذا يعاقبون العائلة؟

وحسب القانون، بإمكان وزير الداخلية أن يأمر بطرد فرد من عائلة منفّذ عملية إذا كان قد «علم مسبقاً بخطته لتنفيذ عمل إرهابي، أو عبَّر عن تماثل مع العمل الإرهابي، أو نشر مديحاً له، أو إعجاباً أو تشجيعاً للعمل الإرهابي». ويقضي بأن يكون «الإبعاد إلى خارج إسرائيل والأراضي المحتلة في عام 1967، لمدة سبع سنوات إذا كان منفّذ العملية مواطناً يحمل الجنسية الإسرائيلية، ولعشر سنوات إذا كان من سكان الأراضي المحتلة في عام 1967 أو يقيم في إسرائيل على أنه مواطن بلا جنسية».

متظاهرون في إسرائيل خلال أغسطس 2023 احتجاجاً على انتشار الجريمة في البلدات العربية (أ.ف.ب)

وجاء في تفسير القانون أن «أبحاثاً عدة أجراها (مجلس الأمن القومي) و(الجيش الإسرائيلي) على مر السنين حول عشرات المخربين الانتحاريين، أظهرت أن التخوف الوحيد لديهم (أي المنفذين) سيكون مصير أفراد عائلاتهم بعد العملية». وأن «مخربين كثيرين سيمتنعون عن تنفيذ العملية إذا علموا أن أفراد عائلتهم سيعاقبون بسببه».

ومع أن هناك قانوناً سبق أن سنّه الكنيست في الماضي يقضي بهدم البيت الذي يعيش فيه هذا الشخص، حتى لو لم يكن ملكاً له، فإن معدي القانون الجديد ادعوا أن هدم البيت لا يكفي ولا يشكل رادعاً ملائماً، وأن طرد أفراد العائلة سيكون عنصراً ضرورياً لإكمال عملية الردع.

وقد أيَّد هذا القانون 61 عضواً بالكنيست، بينهم محامون ومحاضرون بالجامعات وأطباء، وعارضه 41 نائباً.

استهداف المدارس العربية

كان الكنيست قد أقر أيضاً فجر الثلاثاء الماضي، وبعد مداولات استغرقت أكثر من 13 ساعة متواصلة مشروع قانون آخر يسمح لوزير التربية والتعليم بفصل معلم أو بالإيعاز بمنع تحويل ميزانيات إلى مدارس بادعاء أنه «تجري فيها أو يُسمح فيها بمظاهر تماثل مع عمل إرهابي».

ويسمح القانون لمدير عام وزارة التربية والتعليم بإقالة المعلمين بإجراءات سريعة ومن دون بلاغ مسبق، «إذا تماهى مع منظمة إرهابية» أو «نشر مديحاً أو إعجاباً أو تشجيعاً لعمل إرهابي».

وأيَّد هذا القانون العنصري، الذي يستهدف المدارس العربية والمعلمين العرب أو المعلمين اليهود اليساريين، 55 نائباً، وعارضه 45.

مواطنون عرب في إسرائيل يُحيون ذكرى يوم الأرض شمال الجليل مارس 2022 (أ.ف.ب)

الائتلاف المتطرف

تأتي هذه القوانين، ضمن سلسلة قوانين أخرى عدة، طرحها نواب من حزب الليكود الحاكم، الذي يرأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وغيره من أحزاب اليمين المتطرف، هدفها «ردع العرب في إسرائيل عن الانضمام إلى المجهود الحربي لحركة (حماس) و(حزب الله) اللبناني وإيران، ضد إسرائيل».

لكنَّ مركز «عدالة» الحقوقي في حيفا، يقول إن اليمين الحاكم يأتي بهذه المقترحات ضمن القيود على المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، وتقليص مساحة الديمقراطية الضيقة أصلاً.

وشرح المركز أنه «في نهاية المطاف يتم التذرع بـ(مكافحة الإرهاب) من أجل إحكام القبضة على المجتمع الفلسطيني في الداخل عن طريق هذه التعديلات في القوانين»، محذراً من أن «صلاحيات الشرطة هي أيضاً واسعة جداً قبل التعديلات الجديدة، وتستطيع من خلالها أداء عملها في مكافحة كل الآفات المجتمعية، ومنها الجريمة المنظمة وفق القانون، دون توسيع صلاحيات الشرطة».

احتجاج أمام مقر للشرطة في تل أبيب نوفمبر 2023 رفضاً لاعتقال قادة في المجتمع العربي داخل إسرائيل (أ.ف.ب)

كما وجَّه «عدالة» رسالة إلى السلطات الإسرائيلية القضائية والبرلمانية والسياسية شدد فيها على أن «مشاريع القوانين المقترحة خطيرة». وقبلها حذر من «قوانين أخرى معادية للفلسطينيين، مثل قانون إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومقاطعتها».

وحذرت جمعيات حقوقية إسرائيلية من أن «هذا الإسهال في سن القوانين، التي تبدو في الظاهر مفهومة، باعتبار أنها تُحارب الإرهاب، لكنها في الحقيقة تستهدف التراجع الحاد عن احترام حقوق الإنسان وإذا كانت موجهة اليوم إلى صدور الفلسطينيين فإنها سترتدّ بمختلف الأشكال إلى نحر المجتمع الإسرائيلي كله باليهود وبالعرب الذين يعيشون فيها». ورأوا أنها «في الواقع قوانين ظلامية، وأهدافها عدوانية».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

قالت صحيفة «نيويورك تايمز»، إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ بسبب الحرب في غزة، أثارت غضباً عارماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية  قوات إسرائيلية تقيم إجراءات أمنية في البلدة القديمة للخليل تحمي اللمستوطنين اليهود (د.ب.أ)

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
TT

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

توقع مسؤول إيراني بارز تغير المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا، وشدد على أن «حزب الله» لم يستخدم أسلحته المهمة حتى الآن.

وقال علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد خامنئي، إن «حزب الله» اللبناني «لم يستخدم أسلحته المهمة، وإذا فعل ذلك فإن المعادلة ستتغير إلى حد كبير».

وأوضح لاريجاني، في مقابلة أجرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن بلاده «واثقة تماماً من انتصار (حزب الله) على إسرائيل».

وأضاف كبير مستشاري لاريجاني: «الأحداث الأخيرة واسعة النطاق لدرجة أنها يمكن أن تؤثر على أمن المنطقة بأكملها، أي أن ما يفعله اليوم (حزب الله) والمقاومة في لبنان سيترك تأثيراً على أمن المنطقة برمتها».

ولفت لاريجاني إلى أن رسالة خامنئي التي سلّمها الأسبوع الماضي إلى الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري «بالتأكيد ستترك تأثيراً». وقال: «بعد الرسالة، نأمل أن نرى نتيجة ذلك في سلوك قوى المقاومة (...) وإلى حد كبير يمكننا رؤية ذلك... لأن المعادلة قيد التغيير».

وأشار لاريجاني أيضاً إلى أن «الأسد وبري يعتبران خامنئي الشخص الذي يقود المنطقة، وهو معني بحل مشاكلها وأزماتها»، لذا فإن الرجلين «التقطا رسالته بالتفاعل المطلوب، بعدما وجدا في مضمونها ما تحتاجه المنطقة في هذا الوقت».

وعلق كبير مستشاري خامنئي على الوضع الميداني لـ«حزب الله» اللبناني، وقال إن «إسرائيل اعتقدت بعد ضربة (البيجر) واغتيال نصر الله، أن الأمر انتهى، لكن الحقيقة أن المقاومة وجدت طاقة جديدة، وأعادت تنظيم قيادتها، وهو ما أدى إلى تغيير الوضع في الميدان».

من لقاء الأسد ولاريجاني الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

الانتقام من إسرائيل

بالتزامن، قال قائد «الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي، إن «على الشعب الإيراني أن يكون متأكداً من أن طهران ستنتقم من إسرائيل».

ونقلت وكالة «تسنيم» عن سلامي، خلال كلمة له في محافظة خوزستان الإيرانية، الجمعة، إن «استمرار هذه الحرب لن يؤدي إلا إلى القضاء التام على إسرائيل».

وجاءت تصريحات سلامي بالتزامن مع مناورات عسكرية لقوات «الباسيج» (التعبئة)، بمشاركة 60 ألف عنصر في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران.

وأفادت «تسنيم» بأن المناورات الـ15 تشمل 250 كتيبة من كتائب «إلى بيت المقدس»، وكتائب «كوثر»، وكتائب «الإمام علي»، وكتائب «الإمام الحسين»، بالإضافة إلى قوات التعبئة من الشرائح المجتمعية.

وبدأت المرحلة الأولى من هذه المناورات بتنفيذ تدريبات تكتيكية، ودفاع مدني، وأعمال مساعدة شعبية، وعمليات الإغاثة والإنقاذ في حالات الطوارئ.

وتقول السلطات الأمنية الإيرانية إن هذه المناورات تأتي «تلبية لتوجيهات المرشد خامنئي للحفاظ على قوة النظام وتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد، بالإضافة إلى رفع مستوى الاستعداد والكفاءة القتالية لقوات التعبئة».

تأتي هذه المناورة، أيضاً، وسط تصاعد حدة التوترات بين إيران وإسرائيل وتبادل الدولتين الهجمات على أراضي كل منهما.