بدء محاكمة المتهمين في جريمة قتل بشعة لطفلة هزَّت تركيا

التحقيق مع رئيس حزب معارض حرَّض الأكراد على العصيان

الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)
الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

بدء محاكمة المتهمين في جريمة قتل بشعة لطفلة هزَّت تركيا

الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)
الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

عقدت محكمة الجنايات العليا في ديار بكر، جنوب شرقي تركيا أولى جلسات الاستماع في قضية مقتل وإخفاء جثة الطفلة نارين غوران التي هزَّت البلاد وشغلت الرأي العام لأشهر.

وفرضت الشرطة طوقاً مشدداً حول مقرّ الدائرة الثامنة للمحكمة التي تشهد جلسات القضية، قبل انطلاق الجلسة الأولى، الخميس، ومنعت الصحافيين من الدخول، وتم إحضار المتهمين من السجن وسط إجراءات أمنية مشددة.

وشهد الجلسة نواب من أحزاب العدالة والتنمية الحاكم، والشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، إلى جانب أعضاء نقابات المحامين ومنظمات حقوقية ومدنية تتابع القضية من كثب.

وحددت النيابة العامة المتهمين في القضية وغالبيتهم من عائلة الطفلة نارين (8 سنوات)، هم والدتها يوكسل، وعمها سالم، وشقيقها الأكبر أنس غوران، إلى جانب نوزات بختيار، الذي تولى عملية دفن جثة نارين، التي جرى تقطيعها إرباً، في مجرى أغيرتوتماز، المائي في قرية تاوشان تبه، التابعة لمقاطعة باغلار في وسط ولاية ديار بكر.

لحظة إحضار المتهمين إلى قاعة المحكة وسط إجراءات أمنية مشددة (إعلام تركي)

ووجهت النيابة العامة، التي لم تتمكن من تحديد القاتل الرئيسي، إلى المتهمين تهمة «الاشتراك في القتل العمدي»، مطالبة بعقوبة السجن المؤبد بحقهم. وتصدرت محاكمة قتلة نارين منصات التواصل الاجتماعي في تركيا مع وسم «اعثروا على قاتل نارين»

والمتهمون الأربعة، الذين انتهت التحقيقات معهم ومثلوا أمام المحكمة بعد قبول لائحة الاتهام ضدهم في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هم من بين 23 مشتبهاً تم التحقيق معهم بمعرفة مكتب المدعي العام في ديار بكر، وتم توقيف 12 منهم.

ويتكون ملف القضية من مئات المستندات والمحاضر تقع في 10 مجلدات، وتم خلال التحقيقات الاستماع إلى إفادات 250 شخصاً إجمالاً في الجريمة البشعة التي تردد أن مدبرها الأصلي هو سالم غوران عم الطفلة نارين بسبب اكتشافها إقامته علاقة غير مشروعة مع والدتها.

لافتة في أحد شوارع تركيا تطالب بالعدالة للطفلة نارين (إعلام تركي)

واعترف نوزات بختيار، وهو جار لعائلة غوران، بأنه أخفى جثة نارين بعد تقطيعها في المجرى المائي، بناءً على طلب من عمها سالم، وهو مختار قرية تاوشان تبه، مقابل مبلغ كبير من المال.

ولا يوجد في لائحة الاتهام، المكونة من 14 صفحة، اعتراف أو دليل ملموس حول من قتل نارين ولماذا، وكانت الاعترافات المتناقضة والمواقف المشبوهة والسلوك غير المتسق لأقاربها من بين الأسس الرئيسية للائحة الاتهام في الجريمة العائلية.

ووُجد والد نارين، عارف غوران، في قاعة المحكمة بصفته «مشتكياً»، في حين تستمع المحكمة إلى 26 شخصاً، بصفة شهود، ومحامين من وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية ونقابة المحامين في ديار بكر بصفتها مؤسساتٍ مشتكية.

وتم العثور على جثة نارين غوران، في 8 سبتمبر (أيلول) بعد 19 يوماً من اختفائها في 21 أغسطس (آب) الماضيين، بعد خروجها لحضور درس تحفيظ القرآن الكريم في مسجد قرية تاوشان تبه وتم العثور على جثتها مقطعة ومغلفة في كيس بلاستيك وملقاة في منطقة وعرة على حافة المجرى المائي، وتمت تغطيتها بالأحجار وأغصان الأشجار للتمويه.

وأكدت الفحوص الأولية أنها تعرّضت للخنق ولكسر في قدمها، بينما أشارت التحقيقات إلى أن الجثة قضت 15 يوماً في الماء؛ ما صعّب من تحديد الوقت الفعلي للوفاة.

وفتحت السلطات التحقيقات مجدداً في وفاة شقيقتها الكبرى، التي كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفيت عندما كانت في التاسعة من عمرها، وقيل حينها إن سبب موتها هو سقوطها من سلم المنزل.

وفجَّرت الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها نارين غوران غضباً حاداً في الشارع التركي، وتعالت الأصوات التي طالبت بإعادة عقوبة الإعدام، التي تم إلغاؤها في إطار مفاوضات تركيا للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، لردع قتلة الأطفال والنساء.

متظاهرات يرفعن صورا للطفلة نارين يطالبن فيها بالقبض على قتلتها (إعلام تركي)

وانتقدت المعارضة التركية صمت السلطات والتعتيم على الجريمة لمدة 19 يوماً. ونظمت جمعيات نسائية وقفات احتجاجية في ولايات تركية عدة تنديداً بمقتل الطفلة نارين غوران، واحتجزت الشرطة عشرات المشاركين في الوقفات.

وقال الرئيس، رجب طيب إردوغان، إنه سيتابع شخصياً الإجراءات القضائية «للتأكد من أن أولئك الذين أخذوا طفلتنا الرقيقة منا سينالون أقصى عقوبة يستحقونها».

على صعيد آخر، فتحت وزارة الداخلية التركية تحقيقاً ضد الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان، بسبب خطاب ألقاه في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في ولاية ماردين، جنوب شرقي تركيا، في تجمع للتنديد بعزل رؤساء بلديات ماردين وبطمان وهالفيتي التابعة للحزب، بتهمة الارتباط بالإرهاب وحزب العمال الكردستاني وتعيين الحكومة أوصياء عليها، لوَّح فيه بأن يلجأ الأكراد إلى العصيان في مواجهة الظلم الذي يتعرضون له.

الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» تونجر باكيرهان متهم بتحريض الأكراد على العصيان (إكس)

ويشمل التحقيق أيضاً، رئيس فرع الحزب في ماردين محمد مهدي تونش.

في الوقت ذاته، رفضت محكمة تركية في إسطنبول الطلب المقدم من محامي رئيس بلدية أسنيورت المعتقل، أحمد أوزار، الذي اعتقل الأربعاء قبل الماضي، وتم تعيين وصي على البلدية بدلاً منه، بتهمة الإرهاب والاتصال مع قيادات في حزب العمال الكردستاني أيضاً.

وواصلت الشرطة، التي تفرض طوقاً على بلدية أسنيورت، منع نواب حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه أوزار، وأعضاء مجلس البلدية من الحزب من دخول مبنى البلدية.


مقالات ذات صلة

اتهام روسي بـ«الخيانة العظمى» بعد سجنه لإحراقه نسخة من المصحف

أوروبا نيكيتا جورافيل (وسائل إعلام روسية)

اتهام روسي بـ«الخيانة العظمى» بعد سجنه لإحراقه نسخة من المصحف

أعلنت محكمة روسية، الجمعة، ملاحقة روسي بتهمة «الخيانة العظمى»، وحددت جلسة أولى لمحاكمته في 14 نوفمبر، علماً أنه سبق أن سُجن لإحراقه نسخة من المصحف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تكنولوجيا شيفون راف وزوجها آدم (بي بي سي)

قصة زوجين كلفا «غوغل» غرامة قيمتها 2.5 مليار دولار

تعد الأيام الأولى أو أيام الإطلاق أياماً «مثيرة ومرعبة» بالقدر نفسه بالنسبة لمؤسسي الشركات الناشئة، لكنها كانت أسوأ بكثير من المعتاد بالنسبة لشيفون راف وزوجها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أميركا اللاتينية رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو خلال جلسة محاكمته (رويترز)

السجن 20 عاماً لرئيس بيرو السابق توليدو بعد إدانته بتلقي رشى

أدين رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو بتلقي رشى من شركة البناء البرازيلية العملاقة «أودبريخت»، وحكم عليه بالسجن 20 عاماً وستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (ليما)
أوروبا نيكيتا زورافيل (تاس)

روسيا: توجيه تهمة الخيانة لسجين مدان بحرق نسخة من المصحف

وجّه الادعاء الروسي تهمة الخيانة إلى روسي يقضي عقوبة سجن منذ فبراير لإدانته بإحراق نسخة من المصحف، واتهموه بتسليم مقاطع مصورة لتحركات عسكرية إلى أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم أوقف جوزيف تاتر في منتصف أغسطس بعد شجار في أحد فنادق موسكو (أ.ف.ب)

أميركي يُعلن تخليه عن جنسيته أثناء جلسة محاكمته في روسيا

أعلن مواطن أميركي موقوف في روسيا بتهمة تعنيف شرطي، أمام محكمة في موسكو، الخميس، تخليه عن جنسيته قائلاً إنه ضحية للاضطهاد السياسي في بلاده.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

أفادت تقارير إعلامية عبرية بأن وزير الدفاع الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، أبلغ عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في القطاع.

ووفقاً لتقارير في وسائل الإعلام العبرية، قال غالانت للعائلات: «إنه ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي، متشككان في مزاعم وجود مبررات أمنية أو دبلوماسية لترك القوات في القطاع»، وفق صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ونقلت عنه «قناة 12» الإخبارية قوله: «أستطيع أن أخبرك... أنا ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي قلنا إنه لا يوجد سبب أمني للبقاء في ممر فيلادلفيا»، في قطاع غزة.

وأضاف، وفقاً للتقرير، الذي يبدو أنه يستند إلى روايات من العائلات التي حضرت الاجتماع: «قال نتنياهو إنه كان اعتباراً دبلوماسياً، وأنا أقول لك إنه لم يكن هناك اعتبار دبلوماسي» (للبقاء في فيلادلفيا).

ونُقل قول غالانت: «لم يتبقَّ شيء في غزة للقيام به. لقد تم تحقيق الإنجازات الرئيسية... أخشى أننا نبقى فقط لأن هناك رغبة في الوجود».

وقال غالانت أيضاً إن فكرة بقاء إسرائيل في غزة لخلق الاستقرار كانت «غير مناسبة للمخاطرة بحياة الجنود»، وفقاً للتقارير.

وهذه التعليقات هي الأكثر وضوحاً حتى الآن، والتي تُسلط الضوء على الاختلافات بين غالانت، الذي أيّد اتفاق وقف إطلاق النار لإعادة الرهائن إلى إسرائيل، ونتنياهو، الذي أقال وزير دفاعه يوم الثلاثاء، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتؤكد هذه التصريحات أن نتنياهو لم يحقق مراده من جلب وزير دفاع جديد مثل يسرائيل كاتس الموالي له والذي يوافق معه على الاستمرار في الحرب «حتى تحقيق الانتصار الكامل» فالموقف السائد في المؤسسة العسكرية هو ضرورة وقف الحرب، وما ينفذه الجيش من عمليات حربية في قطاع غزة، هو مجرد انتقام بلا هدف سياسي أو فائدة، وينفذها بحكم وجوده في القطاع وتعرضه لعمليات انفرادية ممن بقي من عناصر (حماس) تستنزف قواته».
وكان نتنياهو قد أقال وزير الدفاع غالانت، في محاولة لإخافة النواب العشرة في ائتلافه الحكومي، الذين يعارضون سن قانون جديد يتيح منح رواتب للشبان اليهود المتدينين الذين يرفضون الخدمة العسكرية أو سن قانون يتيح العفو عن رافضي الخدمة، غير أن غالبية النواب تمسكوا بموقفهم حتى بعد إقالة غالانت، ولم تجد الأزمة حلاً بعد.

خسارة مؤيدين

وفي الوقت ذاته، أظهرت نتائج ثلاثة استطلاعات للرأي العامّ الإسرائيليّ، أن نتنياهو لم يحقق أي مكسب سياسي من قرار اقالة غالانت، بل بالعكس، فقد خسر بضع عشرات ألوف الأصوات من مؤيديه. وبيّنت أنه إذا جرت الانتخابات اليوم، فسوف يخسر الحكم لأحزاب المعارضة.
وجاء في استطلاعين للرأي، نشرت نتائجهما هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة ("كان 11")، والقناة الإسرائيلية، 12، مساء الأربعاء، أن 52 بالمائة يعارضون إقالة غالانت، بينما قال 27 بالمائة إنهم يؤيّدونها، بينها أجاب 21 بالمائة بـ «لا أعلم».
ورأى 55 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع، أن إقالة غالانت، تضرّ بأمن إسرائيل، بينما قال 23% منهم إن الخطوة تساهم في أمن إسرائيل؛ وفي المقابل، ذكر 22% من المستطلعة آراؤهم أنهم لا يعرفون تأثير هذه الخطوة على أمن إسرائيل.

وحينما سُئل المشاركون في الاستطلاع، عن المعيار الرئيسي الذي دفع نتنياهو لاتّخاذ قرار إقالة غالانت، ذكر 56 بالمائة من المشاركين أن القرار جاء كي يحافظ على استقرار ائتلافه الحكوميّ، فيما قال 27 بالمائة منهم إن القرار متعلّق بـ «أمن الدولة»، بينما أجاب 17 بالمائة بـ «لا أعلم»

ورأى 58 بالمئة من المستطلعة آراؤهم، أن وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، الذي عيّنه نتنياهو، خلفا لغالانت، لا يستحق الثقة ليتولّى هذا المنصب، فيما ذكر 21 بالمائة أنه يمكن «الاعتماد عليه» لتوليّه، بينما أجاب 21 بالمائة بـ «لا أعلم».

وأظهر الاستطلاع أن 58 بالمائة من المؤيدين لقرار إقالة غالانت، هم ناخبو كتلة نتنياهو، و87 بالمائة من المعارضين للقرار، هم ناخبو المعسكر المناوئ لنتنياهو.