مباحثات تركية - أميركية على خلفية التصعيد في شمال سوريا ضد «قسد»

تعزيزات جديدة في حلب وإدلب وسط توتر بين الجيش السوري و«تحرير الشام»

جنود أميركيون يتفقّدون آثار القصف التركي على حقل الرميلان للنفط في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
جنود أميركيون يتفقّدون آثار القصف التركي على حقل الرميلان للنفط في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

مباحثات تركية - أميركية على خلفية التصعيد في شمال سوريا ضد «قسد»

جنود أميركيون يتفقّدون آثار القصف التركي على حقل الرميلان للنفط في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
جنود أميركيون يتفقّدون آثار القصف التركي على حقل الرميلان للنفط في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

بحث وزير الدفاع التركي يشار غولر، مع نظيره الأميركي لويد جيمس أوستن، قضايا الدفاع والأمن، والتطورات الأخيرة في المنطقة.

وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان مقتضب عبر حسابها في «إكس»، إن غولر وأوستن، تبادلا خلال اتصال هاتفي، الثلاثاء، وجهات النظر حول قضايا الدفاع والأمن الثنائية والإقليمية.

وجاء الاتصال الهاتفي في أعقاب تصعيد مكثّف من جانب تركيا لضرباتها الجوية والبرّية على مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بشمال وشرق سوريا، التي ركّزت بشكل أساسي على محطات النفط والطاقة، والبنى التحتية، والمنشآت الصحية والخدمية، إلى جانب الضربات الجوية على مواقع «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق.

الهجوم على شركة «توساش» في أنقرة الذي تبنّاه «حزب العمال الكردستاني» (أ.ف.ب)

وصعّدت القوات التركية من عملياتها الجوية والبرية بشمال سوريا والعراق، في أعقاب هجوم إرهابي تبنّاه «حزب العمال الكردستاني» على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) بأنقرة، الأربعاء الماضي.

وقالت السلطات التركية إن انتحارييْن (من أكراد تركيا) نفّذا الهجوم على الشركة بالقنابل والأسلحة، جاءا من سوريا.

وتطرقت مباحثات وزيرَي الدفاع التركي والأميركي، بحسب مصادر، إلى التصعيد الإسرائيلي، وتوسيع نطاق الحرب من غزة إلى لبنان إلى سوريا وإيران، والمخاطر الأمنية الناجمة عن ذلك.

عملية ضد «قسد»

في الوقت نفسه بدأت القوات الأميركية تسيير دوريات حول حقول النفط في شرق سوريا، وتفقّدت عناصرها المناطق التي تعرّضت للقصف التركي، ومنها حقل نفط الرميلان في الحسكة.

وتطالب تركيا الولايات المتحدة بالتخلّي عن دعمها لـ«وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قسد» التي تُشكّل تهديداً لأمنها، حيث تعدّها أنقرة امتداداً في سوريا لـ«حزب العمال الكردستاني»، المصنّف من جانبها وحلفائها الغربيين منظمةً إرهابية.

آليات عسكرية أميركية في مناطق قصفتها تركيا في مواقع سيطرة «قسد» شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولوّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عقب الهجوم الإرهابي على شركة «توساش»، بشنّ عملية عسكرية موسّعة على مواقع «قسد» في شمال وشرق سوريا، إذا لزم الأمر، من أجل القضاء على الإرهاب في منبعه.

وتوقّعت وسائل إعلام قريبة من الحكومة السورية أن تنفّذ تركيا «عملية برّية محدودة ضد (قسد)»، لكنها أشارت إلى عدم توصلها إلى تفاهمات مع أميركا وروسيا لشن الهجوم، برغم الحشود والتعزيزات التي استقدمها الجيش التركي إلى مناطق التماسّ مع «قسد»، والضربات الجوية المكثّفة على مواقعها في الأيام الأخيرة.

ورأت صحيفة «الوطن» السورية، أن الظروف الإقليمية والدولية غير مواتية حالياً كي تنفذ تركيا عملية برّية في شمال سوريا، لا سيما في ظل انشغال أميركا بالانتخابات الرئاسية، ورغبتها في وقف التصعيد بغزة ولبنان، وبين إيران وإسرائيل. مضيفةً، أن تسيير القوات الأميركية دوريةً على طول الشريط الحدودي في الحسكة يحمل رسالة لتركيا، ويدل على رفض واشنطن إضعاف «قسد».

تعزيزات مكثفة

ووقّعت تركيا مع كل من أميركا وروسيا تفاهُمَين منفصلين، في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وافقت بموجبهما على وقف عملية «نبع السلام» العسكرية ضد «قسد» في شرق الفرات، مقابل إبعادهما «قسد» عن حدودها الجنوبية مسافة 30 كيلومتراً.

دورية عسكرية أميركية في مناطق التماسّ بين القوات التركية و«قسد» (المرصد السوري)

وفي شأن متصل، دفعت القوات التركية بتعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاطها العسكرية في ريفَي حلب الغربي وإدلب الشرقي، تكونت من رتل عسكري ضم أكثر من 17 شاحنة مغلقة محمّلة بالعتاد العسكري واللوجيستي، بالإضافة إلى شاحنات لنقل المحروقات، ونحو 30 مدرّعة ناقلة للجند، وآليات متطورة متخصصة في تحديد ورصد مواقع المدفعية، دخلت، فجر الثلاثاء، من معبر «باب الهوى» شمال إدلب.

جاء ذلك في الوقت الذي تُواصل فيه قوات النظام الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة باتجاه محاور ريفَي حلب وإدلب، تزامُناً مع تعزيزات من «هيئة تحرير الشام»، التي تواصل الاستعداد لعملية عسكرية موسّعة ضد الجيش السوري في حلب وإدلب، على الرغم من تحذيرات تركيا لها بإغلاق المعابر، وقطع طرق التمويل والإمداد، ومخاوفها من موجة نزوح جديدة من إدلب، ومزيد من تدهور الوضع الإنساني في المحافظة التي تُؤوي أكثر من 4 ملايين نازح من مناطق الحرب في سوريا.

تركيا تكثّف تعزيزاتها العسكرية وسط احتمال مواجهة عسكرية بين القوات السورية و«هيئة تحرير الشام» (إعلام تركي)

ودفعت تركيا بتعزيزات قبل يومين من معبر «باب السلامة» الحدودي إلى نقطة «مريمين» في عفرين بريف حلب الشمالي، ضمن منطقة «غصن الزيتون»، التي تُعَدّ إحدى النقاط في خطوط التماس مع مناطق انتشار «قسد» والقوات السورية، وسط تحليق لطيران الاستطلاع التركي على الحدود، حسبما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

واستهدفت القوات السورية بـ4 مسيرات سيارتين مدنيتين في بلدة آفس بريف إدلب الشرقي، كما استهدفت بصاروخ موجه سيارةً مدنية أخرى في قرية منطف بمنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، الثلاثاء.

كما استهدف فصيل «جيش النصر» المنضوي ضمن غرفة عمليات «الفتح المبين»، مواقع للقوات السورية على محور سهل الغاب في ريف حماة الغربي، ضمن مناطق خفض التصعيد بشمال غربي سوريا المعروفة بمنطقة «بوتين - إردوغان».


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

في وقت تواصل فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية، باستثناء حالات قليلة، تنفيذ سياسة التعتيم على ما يقوم به الجيش في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان من ممارسات معادية للإنسانية، حسب رأي منظمات حقوقية، نشرت صحيفة «هآرتس»، الجمعة، مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في السنة الأخيرة في كل من لبنان وقطاع غزة. وقرر أن يروي للإسرائيليين ما الذي يجري هناك بفعل ممارسات الجيش. وجاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو الجمهور العام إلى الاستيقاظ والتحرك لوقف الحرب، معتبراً أن الممارسات التي يقوم بها الجيش يمكن أن تؤثر على الإسرائيليين لأجيال عدة.

وجاء في المقال:

«الأمر المفاجئ وبحق هو السرعة التي أصبح فيها كل شيء طبيعياً ومنطقياً. بعد بضع ساعات تجد نفسك تحاول رغم إرادتك التأثر بأبعاد الدمار والقول لنفسك أقوالاً مثل (ما هذا الجنون؟). ولكن الحقيقة هي أننا نتعود بسرعة كبيرة على ذلك. هذا أصبح أمراً تافهاً. موجة أخرى من الحجارة. هذا يبدو مبنى لمؤسسة رسمية، هذه كانت أبنية سكنية. هذه المنطقة كانت حياً. في كل اتجاه تنظر إليه، أكوام من الحديد والرمال والباطون والطوب. (...) العين تنظر إلى مبنى معين ما زال قائماً. لماذا بالذات هذا المبنى لم يتم هدمه؟ تساءلت شقيقتي على (واتساب) بعد أن أرسلت إليها الصورة. وأضافت: لماذا دخلت إلى هناك، بربك؟

لماذا أنا هنا، هذا أمر أقل أهمية. أنا لست القصة هنا. وهذا أيضاً ليس لائحة اتهام ضد الجيش الإسرائيلي. لهذا يوجد مكان في أماكن أخرى. في مقالات هيئات التحرير، في المحكمة الدولية في لاهاي، في الجامعات الأميركية وفي مجلس الأمن. المهم هو أن نجعل الجمهور الإسرائيلي يشاهد. حتى لا يقولوا لاحقاً بأنهم لم يعرفوا. أنا أردت أن أعرف ما الذي يحدث هناك. هذا ما قلته لأصدقائي الكثيرين، الذين سألوني: لماذا دخلت إلى غزة؟

الدمار في كل مكان. يقفز أمام العيون عندما نقترب مما كان أحياء سكنية. حديقة تم الاعتناء بها بشكل جيد وحولها سور مهدم وبيت مدمر، طاولة، أرجوحة، كوخ صغير له سقف من الصفيح وراء الزقاق، نقاط قاتمة في الرمال، قرب بعضها، كما يبدو كان هنا حقل، ربما كرم زيتون. هذا هو موسم قطف الزيتون.

كلما اقتربنا من المحاور اللوجستية (نتساريم، كيسوفيم، وفيلادلفيا) فإن عدداً قليلاً من المباني بقيت قائمة. الدمار الكبير هنا من أجل أن يبقى. ها هو ما يجب أن تعرفوه، هذا لن يتم محوه في المائة سنة المقبلة. مهما حاولت إسرائيل إخفاء ذلك وطمسه فإن الدمار في غزة سيقرر حياتنا وحياة أولادنا. نحن هائجون بلا كوابح. أحد الأصدقاء كتب على حائط غرفة العمليات: هدوء، مقابل هدوء. حفلة نوفا مقابل نكبة. قادة الجيش الإسرائيلي تبنوا المكتوب.

بنظرة عسكرية الدمار أمر لا مناص منه. القتال في منطقة مدنية مكتظة أمام عدو مزود بشكل جيد يعني دماراً بحجم كبير جداً للمباني، أو موتاً مؤكداً للجنود. إذا كان يجب على قائد اللواء الاختيار بين حياة الجنود الذين تحت مسؤوليته وتسوية الأرض، فإن طائرة (إف 15) محملة بالقنابل ستسير على المدرج في (نفاتيم)، وبطارية مدافع ستوجه الفوهات. لا أحد سيخاطر، هذه هي الحرب.

أمهات مع أولادهن يمشون ببطء على طول الشارع. إذا كان يوجد لدينا مياه نحن نعطيهم. القدرات التكنولوجية التي طورها الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب هي قدرات مثيرة. قوة النيران، استخدام النار الدقيقة وجمع المعلومات بواسطة الطائرات الحوامة. هذه تعطي وزناً مضاداً للعالم السفلي الذي قامت (حماس) و(حزب الله) ببنائه خلال سنوات.

أنت تجد نفسك تنظر من بعيد لساعات إلى مواطن وهو يجر حقيبة لمسافة بضعة كيلومترات على شارع صلاح الدين. أشعة الشمس تحرقه وأنت تحاول الفهم: هل هذا عبوة ناسفة؟ هل هذ ما بقي من حياته؟ أنت تنظر إلى أشخاص وهم يتجولون قرب منشأة خيام في وسط المخيم. أنت تبحث عن عبوات وترى رسومات على حائط بلون رمادي من الفحم. مثلاً صورة فراشة.

جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

أنا قمت في هذا الأسبوع بمراقبة من حوامة فوق مخيم للاجئين. رأيت امرأتين وهما تسيران معاً. رأيت شاباً دخل إلى بيت شبه مدمر واختفى. هل هو أحد أعضاء (حماس) الذي جاء لنقل نبأ لنفق مخطوفين من خلال فتحة نفق سرية؟ تابعت من ارتفاع 250 متراً شخصاً يركب على دراجة ويسافر على ما كان ذات يوم شارعاً في حي؛ نزهة بعد الظهر في داخل كارثة. في أحد المفترقات توقف راكب الدراجة قرب بيت، خرج منه عدد من الأولاد، بعد ذلك واصل إلى داخل المخيم نفسه.

جميع الأسطح مثقبة بسبب القنابل، عليها كلها توجد براميل باللون الأزرق لجمع مياه الأمطار. إذا لاحظنا برميلاً على الشارع يجب نقله إلى غرفة العمليات، واعتباره عبوة ناسفة محتملة. ها هو رجل يقوم بخبز الأرغفة وقربه شخص مستلقٍ على فرشة. بقوة أي شيء تستمر الحياة؟ كيف يستيقظ شخص في ظل ذعر كهذا ويجد لديه القوة للنهوض والبحث عن الطعام ومحاولة البقاء؟ أي مستقبل يقدمه له هذا العالم؟ درجة حرارة مرتفعة، ذباب، قذارة، مياه ملوثة، وها هو يوم آخر انقضى.

أنا أنتظر كاتباً كي يأتي ويكتب عن ذلك، ومصوراً لتوثيق ذلك. ولكن لا يوجد إلا أنا. جنود آخرون، إذا كانت لديهم أفكار كافرة فهم يحتفظون بها لأنفسهم. لا يتحدثون عن السياسة لأنه طُلب منهم ذلك، لكن الحقيقة هي أن ذلك ببساطة لم يعد يهم لمن قضى 200 يوم في خدمة الاحتياط في هذه السنة. جهاز الاحتياط ينهار، من يأتي أصبح لامبالياً، يقلق لمشكلات شخصية أو أمور أخرى مثل الأولاد، الإعفاء، الدراسة، الزوجة، إقالة (يوآف) غالانت، عيناف سنغاوكر (والدة جندي محتجز لدى حماس)، وصول خبز مع شنيتسل. الوحيدون الذين ينفعلون هنا من شيء هم الحيوانات. الكلاب، الكلاب. الكلاب تهز الذيل وتركض بمجموعات، وتلعب مع بعضها، تبحث عن بقايا الطعام التي تركها الجيش. هنا وهناك تتجرأ على الاقتراب في الظلام من السيارة، وتحاول جر صندوق، ويتم صدها بالصراخ. يوجد أيضاً الكثير من الجراء.

في الأسابيع الأخيرة اليسار في إسرائيل يقلق من تمركز الجيش الإسرائيلي على محاور العرض في القطاع مثل محور نتساريم. ما الذي لم نقله عنه؟ أنه تم شقه وتوجد عليه قواعد خمس نجوم، وأن الجيش الإسرائيلي موجود هناك ليبقى، وأنه على أساس هذه البنى التحتية ستتم إعادة مشروع الاستيطان في القطاع. أنا لا أستخف بهذه التخوفات. هناك ما يكفي من المجانين الذين فقط ينتظرون الفرصة. ولكن محاور نتساريم وكيسوفيم هي مناطق قتال، توجد بين تجمعات كبيرة للسكان الفلسطينيين، كتلة حاسمة لليأس والجوع والضائقة. هنا ليست الضفة الغربية. الوجود في المحور هو تكتيكي، أكثر من هدف الاحتفاظ المدني في منطقة، هو يهدف إلى ضمان وجود روتيني وحماية الجنود المتعبين. القواعد والمواقع العسكرية تتكون من مبانٍ غير ثابتة يمكن تفكيكها وإخراجها خلال بضعة أيام، وتحميلها على الشاحنات. هذا يمكن أن يتغير بالطبع.

جميعنا، بدءاً بالذي يخدم في غرفة العمليات في القاعدة وحتى آخر جندي، واضح لنا أن المستوى السياسي لا يعرف كيفية مواصلة الطريق إلى جهنم. لا توجد أهداف من أجل التقدم نحوها، وهم غير قادرين سياسياً على الانسحاب. باستثناء جباليا، تقريباً لا يوجد قتال. وفقط على مداخل المخيمات، هذا جزئي أيضاً، خوفاً من وجود مخطوفين. المشكلة هي سياسية، ليست عسكرية أو تكتيكية. لذلك، من الواضح لنا جميعاً بأنه سيتم استدعاؤنا لجولة أخرى ولنفس المهمات. حتى الآن يأتي رجال احتياط ولكن بشكل أقل.

أين تمر الحدود بين معرفة (التعقيد) وبين الخضوع الأعمى؟ متى يكون لك الحق في رفض أن تكون جزءاً من جريمة الحرب؟ هذا أقل أهمية. الأكثر أهمية هو متى سيستيقظ التيار العام في إسرائيل. متى سيقوم زعيم ويشرح للمواطنين أي مؤامرة فاسدة نحن نعيش فيها. ومن سيكون من يرتدي القبعة المنسوجة الأول الذي سيطلق عليه (خائن)، لأنه قبل (قرار محكمة) لاهاي، والجامعات الأميركية (المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين)، والإدانة في مجلس الأمن، هذا قبل أي شيء هو شأننا الداخلي، نحن والمليونا فلسطيني».